تقرير: السعودية «رابح غير متوقع» من انهيار أسعار النفط

معمل غاز تابع لشركة «أرامكو السعودية» في واسط (أرشيفية - رويترز)
معمل غاز تابع لشركة «أرامكو السعودية» في واسط (أرشيفية - رويترز)
TT

تقرير: السعودية «رابح غير متوقع» من انهيار أسعار النفط

معمل غاز تابع لشركة «أرامكو السعودية» في واسط (أرشيفية - رويترز)
معمل غاز تابع لشركة «أرامكو السعودية» في واسط (أرشيفية - رويترز)

يعاني مليارات الأشخاص حول العالم من الإغلاق التام مع تفشي جائحة «كورونا»، وظهر الطلب على البنزين، ووقود الطائرات، والمنتجات البترولية الأخرى في حالة من التراجع، وكذلك أسعار النفط. وتدنى سعر برميل النفط كثيراً في الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك؛ فإن الاقتصادات المعتمدة على النفط تعاني من أزمة كبيرة.
وفي الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، انخفض عدد الحفارات التي تعمل في التنقيب عن النفط بنسبة 50 في المائة في شهرين فقط، ومن المتوقع أن يخسر 220 ألف عامل في هذا القطاع وظائفهم. وفي جميع أنحاء العالم، حيث تواجه بلدان نفطية مثل نيجيريا، والعراق، وكازاخستان، وفنزويلا الكثير من المصاعب الاقتصادية والاجتماعية، بحسب تقرير لمجلة «فورين بوليسي».
وفي حين أنه سيتم تذكر عام 2020 بصفته بين السنوات الأسوأ للدول النفطية، فمن المرجح أن تخرج دولة واحدة على الأقل من الوباء أقوى، على الصعيدين الاقتصادي والجغرافي - السياسي، وهي المملكة العربية السعودية.
أولاً، تثبت المملكة العربية السعودية أن مواردها المالية يمكن أن تصمد أمام عاصفة كهذه.
ففي الأسبوع الماضي، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن الإنفاق الحكومي سيحتاج إلى «خفض عميق» وستؤجل الدولة بعض أجزاء خطة «رؤية المملكة 2030» للتنويع الاقتصادي.
لكن، على عكس معظم منتجي النفط الآخرين، فإن المملكة العربية السعودية ليس لديها احتياطيات مالية فقط، بل أيضاً القدرة الواضحة على الاقتراض. ففي 22 أبريل (نيسان)، أعلن وزير المالية السعودي، أن المملكة يمكن أن تقترض ما يصل إلى 58 مليار دولار في عام 2020 لأن لديها نسبة منخفضة نسبياً من الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وتبلغ 24 في المائة حتى نهاية عام 2019.
وقال وزير المالية أيضاً، إن السعودية ستسحب ما يصل إلى 32 مليار دولار من احتياطياتها المالية. ومع وجود 474 مليار دولار يحتفظ بها البنك المركزي في احتياطيات النقد الأجنبي، تظل المملكة العربية السعودية بشكل مريح فوق مستوى الـ300 مليار دولار.
ثانياً، ستشهد المملكة العربية السعودية ارتفاعاً بعائدات النفط وستحصل على حصة أكبر من سوق النفط بمجرد استقرار السوق، وذلك بفضل تخفيضات الإنتاج والإغلاق التي فرضها الانهيار الاقتصادي العالمي. ويضع الوضع النفطي الحالي الأساس لطفرة الأسعار في السنوات المقبلة – ومن المتوقع أن تزدهر إيرادات المملكة العربية السعودية. وفي حين أن التوقعات المستقبلية للطلب على النفط غير مؤكدة إلى حد كبير، بمجرد أن تنظر إلى ما بعد الأزمة الحالية، فمن المرجح أن ينمو الطلب بشكل أسرع من العرض.
ودليلاً على مكاسب السعودية، يمكننا النظر إلى صادرات النفط الخام الشهر الماضي. وكانت المملكة العربية السعودية هي المنتج الوحيد من بين أكبر أربعة منتجين في منظمة «أوبك» لزيادة المبيعات إلى الهند في أبريل، وفقاً لوكالة «بلومبرغ».
وقال أحمد مهدي، باحث مشارك في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، مشيراً إلى التنافس في المبيعات «السعوديون في حالة جيدة جداً».
وتابع «عملت شركة (أرامكو السعودية) المنتجة للنفط على حماية حصتها السوقية في آسيا».
وزادت الصادرات السعودية إلى الصين بأكثر من الضعف في أبريل إلى 2.2 مليون برميل في اليوم، وهو أعلى مستوى منذ أن بدأت «بلومبرغ» في تتبع التدفقات في بداية عام 2017، وكانت الشحنات إلى الهند، عند 1.1 مليون برميل في اليوم، وهي الأعلى أيضاً في ثلاث سنوات على الأقل.


مقالات ذات صلة

«أرامكو» تكمل الاستحواذ على 10 % في «هورس باورترين المحدودة» بـ7.4 مليار يورو

الاقتصاد صفقة استحواذ «ارامكو» على 10 % في «هورس باورترين» بلغت 7.4 مليار يورو (رويترز)

«أرامكو» تكمل الاستحواذ على 10 % في «هورس باورترين المحدودة» بـ7.4 مليار يورو

أعلنت «أرامكو السعودية» إكمال شراء 10 في المائة بشركة «هورس باورترين» المحدودة الرائدة في مجال حلول نقل الحركة الهجين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد صورة لممثلي «أرامكو السعودية» و«جالف كرايو» عقب توقيع الاتفاقية (أرامكو)

«أرامكو السعودية» و«جالف كرايو» تتعاونان لاختبار الهيدروجين منخفض الكربون واستخلاصه

وقّعت «أرامكو السعودية» اتفاقية مع شركة «جالف كرايو» لإجراء اختبارات على تقنيات الهيدروجين منخفضة الكربون وتخزينه في ظل الظروف المناخية الخاصة بالسعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
تكنولوجيا «سيبراني» التابعة لـ«أرامكو» الرقمية كشفت عن منتجات تطلق لأول مرة لحماية القطاعات الحساسة (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:27

لحماية الأنظمة محلياً ودولياً... «أرامكو» تطلق لأول مرة منتجات سيبرانية سعودية

أعلنت شركة «سيبراني» إحدى شركات «أرامكو» الرقمية عن إطلاق 4 منتجات سعودية مخصّصة لعوالم الأمن السيبراني.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد شعار «أرامكو» في معرض في باريس (رويترز)

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

تخطط شركة أرامكو السعودية لزيادة مستوى ديونها مع التركيز على تحقيق «القيمة والنمو» في توزيعات الأرباح، وفقاً لما ذكره المدير المالي للشركة زياد المرشد.

«الشرق الأوسط» (بوسطن)

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».