كشف علماء أن ما يصل إلى ثلثي سكان العالم قد يضطرون إلى العيش في مناخ غير مناسب للبشر خلال النصف قرن المقبل جراء الاحتباس الحراري وما ترتب عليه من ارتفاع كبير في درجات الحرارة عالميا.
يعيش حاليا أقل من 25 مليون شخص في أكثر مناطق العالم سخونة، غالبيتهم في منطقة الصحراء في أفريقيا، حيث يبلغ متوسط درجات الحرارة السنوية أعلى من 84 درجة فهرنهايت (29 درجة مئوية)، لكنّ الباحثين أفادوا بأنه بحلول عام 2070 من المحتمل أن تشمل الحرارة الشديدة مناطق واسعة من أفريقيا، وكذلك أجزاء من الهند والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية وجنوب شرقي آسيا وأستراليا.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم إلى حوالي 10 مليارات بحلول عام 2070، مما يعني أن ما يصل إلى 3.5 مليار شخص قد يسكنوا المناطق المذكورة، ومن الوارد أن يهاجر بعضهم إلى مناطق أكثر برودة، لكن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب اقتصادي واجتماعي.
وفي هذا الصدد، قال تيموثي إيه كولر، عالم الآثار بجامعة واشنطن ومؤلف الدراسة التي نشرتها «أكاديمية العلوم الوطنية»، إن مناطق العالم التي يمكن أن تصبح ساخنة بشكل يفوق قدرات البشر على الاحتمال «هي نفسها المناطق التي يتزايد سكانها بشكل أسرع».
يعتبر رقم 3.5 مليار نسمة أعلى بكثير فيما يخص تقديرات سكان العالم الذين سيواجهون الآثار الأكثر خطورة لتغير المناخ. على سبيل المثال، قدرت دراسة للبنك الدولي لعام 2018، أن تغير المناخ سيجبر حوالي 140 مليون شخص في أفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية على الهجرة داخل حدودهم بحلول عام 2050.
وقال كولر وزملاؤه في البحث إن الرقم 3.5 مليار أسوأ سيناريو محتمل بناءً على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي استمرت في الزيادة بشكل كبير في العقود القادمة. وقالوا إنه إذا انخفضت الانبعاثات وتباطأ الاحترار، فإن عدد الأشخاص المتضررين قد ينخفض إلى حوالي مليار شخص.
وأفاد باحث آخر في الدراسة، مارتن شيفر، أستاذ علوم النظم المعقدة في جامعة فاغينينغن في هولندا، بأن «النتيجة الأساسية التي نسعى للوصول إليها هي ما يمكن أن نسميه حساسية الإنسان للاحترار».
وقد اختبر الباحثون «نطاقات المناخ على البشر»، أو تباين درجات الحرارة التي عاش فيها معظم سكان العالم بمرور الوقت، وتساءلوا عما إذا كانت المستوطنات البشرية ستقتصر على مناطق ذات نطاق درجة حرارة معينة شأن باقي المخلوقات التي تعيش وتتنقل من مكان لآخر بحسب ملاءمة درجات حرارة لها.
وفي هذا الصدد، قال شيفر: «لم نكن نعتقد أن ذلك سيكون هو الحال لأن الناس لديهم ملابس وتقنيات مثل تكييف الهواء والتدفئة التي كانت ستمكنهم على مدى قرون من التعايش في مناطق ذات درجات حرارة أعلى بكثير».
في حين أنه من الصحيح أن بعض الناس يعيشون في ظروف أكثر تطرفا، فقد وجد الباحثون أن غالبية سكان العالم يعيشون في مناطق ضمن نطاق درجة حرارة متقاربة، بمتوسط درجات حرارة سنوية تبلغ حوالي 50 إلى 60 درجة فهرنهايت، فيما يعيش عدد أقل من الناس في مناطق تتراوح من 68 و77 درجة فهرنهايت.
وبتحليل البيانات حول المستوطنات البشرية منذ 6000 سنة، وجد الباحثون أن معظمها كان في مناطق ذات درجات حرارة متقاربة.
استطرد شيفر قائلا: «اتضح أن تفضيلات البشر كانت متسقة دائما، إذ تركزت الغالبية العظمى من الناس دائما في مجموعات تميزت بعدم التفاوت».
عند البحث في الحال في المستقبل، وجد الباحثون أنه على الرغم من أن الاحترار يمكن أن يتسبب في جعل بعض الأجزاء الأكثر برودة في العالم أكثر ملاءمة للعيش، فإن الأجزاء الكبيرة سترتفع لتسخن إلى ما بعد نطاقات درجة الحرارة المفضلة لدى البشر. وقال شيفر: «لم نصدق تلك النتائج التي توصلنا إليها في البداية، لكننا نظرنا إليها من زوايا مختلفة».
وأضاف «هذه هي الطريقة التي يسير المناخ عليها. وتبين أنه إذا ظل تغير المناخ يسير في مساره الحالي، فإن الكثير سيتغير في الخمسين سنة القادمة أكثر مما تغير في الستة آلاف سنة الماضية».
أضاف شيفر أن الحديث عن الهجرة المناخية قضية محظورة (سياسيا)، لكن احتمالية إجبار مئات الملايين من الناس على الانتقال إلى مناطق أكثر برودة يعني أن المجتمع «بحاجة إلى التفكير في الكيفية التي يمكننا بها استيعاب أكبر قدر ممكن من الهجرات البشرية».
* «نيويورك تايمز»
دراسة: المليارات من سكان العالم قد يعيشون في مناخ شديد الحرارة خلال عقود
دراسة: المليارات من سكان العالم قد يعيشون في مناخ شديد الحرارة خلال عقود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة