«داعش» نجح في تفادي غارات التحالف.. ووضع خطة لحماية أمرائه

يستخدم المدنيين دروعا بشرية على الحواجز ويرفع راياته على منازل خالية

«داعش» نجح في تفادي غارات التحالف.. ووضع خطة لحماية أمرائه
TT

«داعش» نجح في تفادي غارات التحالف.. ووضع خطة لحماية أمرائه

«داعش» نجح في تفادي غارات التحالف.. ووضع خطة لحماية أمرائه

نجح تنظيم داعش في الحدّ من أعداد القتلى بين صفوف جنوده المستهدفين بنيران غارات التحالف الدولي ضدّ الإرهاب، باعتماده على جملة من الإجراءات الأمنية والتكتيكات العسكرية الخاصة بإعادة انتشار مقاتليه وتوزيعهم، لا سيّما منذ انطلاق عمليات طائرات التحالف الدولي ضد الإرهاب في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.
ووفق مصادر ميدانية فإن خطط «داعش» المستحدثة ترتكز بشكل أساسي على اعتماد مراكز قريبة من مواقع تابعة لقوات النظام والبعيدة عن مرمى غارات التحالف، أو اعتماد المدنيين دروعا بشرية على الحواجز ورفع راياته على منازل خالية.
ولم يتعدّ عدد قتلى تنظيم داعش الذين سقطوا بهذه العمليات حتى يوم أمس الـ746 مقاتلا، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو ما يعتبر رقما متدنيا جدا مقارنة مع حجم الآلة العسكرية المستخدمة للقضاء على «داعش» داخل سوريا. وذكر المرصد في تقرير له أمس، أنّ 865 شخصا قتلوا على الأقل في ضربات التحالف الدولي ضدّ الإرهاب في سوريا منذ بدئها قبل 50 يوما، هم 746 مقاتلا من تنظيم «داعش» معظمهم من غير السوريين، و68 مقاتلا من جبهة النصرة (الفرع السوري لتنظيم القاعدة)، و50 مدنيا، ومقاتلا إسلاميا.
وقال مصدر من ريف حلب، لـ«الشرق الأوسط»، إن أهم تكتيكات «داعش» للحد من خسائره كانت باعتماده على خطة إعادة انتشار تقوم على دفع قواته وبقائها في مناطق خط التماس مع قوات النظام السوري، وذلك لكونها بعيدة عن مرمى غارات التحالف الدولي. ولفت المصدر إلى أن تلك المناطق تمتد على مسافة تبلغ 75 كيلومترا، تقع من «خط تل بطال» بالقرب من «اخترين» شمال شرقي حلب، حتى «أثيرة» شرق حماه، وتتراوح مسافة نقاط التماس بين «داعش» وقوات النظام على طول تلك المسافة بعمق يقع بين 25 كيلومترا حتى كيلومتر واحد، بالإضافة إلى أن جميع تلك النقاط لم تشهد سابقا أي حالات اشتباك أو قتال بري بين التنظيم وقوات النظام ولم تتعرض كذلك إلى القصف المدفعي البعيد.
ويحرص التنظيم على تأمين سلامة أمرائه وقادته من خلال إبقاء هذه التحركات سرية قدر الإمكان، كما أنه أوقف العمل في مقراته الكبرى وأهمها في الرقة وريف حلب الشمالي، حرصا على عدم استهداف قادته بغارات التحالف، واستعاض عن ذلك باجتماع قياداته كلما اقتضت الضرورة في مناطق الريف على وجه التحديد على أن يجري ذلك بصورة بالغة السرية.
وكان التنظيم قد استبق استهداف التحالف له في سوريا بإخلائه الكثير من مقراته، مع الإبقاء على تلك الواقعة ضمن المناطق السكنية المزدحمة والحرص على إخلائها ليلا، والإبقاء على عدد قليل من الحراس في تلك المقرات. وأبقى التنظيم على مقراته الخاصة بتسيير شؤونه الإدارية والشرعية التي يديرها موظفون عاديون في غياب أي وجود للقيادات.
ورغم أن «داعش»، بحسب ما هو معروف عنه، لم يكن يعتمد سابقا على أسلوب نشر الحواجز الكثيرة في مناطق سيطرته، ويكتفي بعدد قليل منها يقع على المنافذ الرئيسة للمدن فقط، فإنه اعتمد ومنذ بدء غارات التحالف على تقليص عديد عناصره الموجودين على تلك الحواجز حتى بلغت عنصرا واحدا يتولى تسيير الحركة المرورية عند كل مسرب مروري. ويترافق هذا المخطّط مع افتعال أزمة مرورية مقصودة على تلك الحواجز وذلك ليجعل من المدنيين دروعا بشرية تحمي تلك الحواجز من أي غارة تريد استهدافها.
أما في مناطق دير الزور فيقوم مقاتلو التنظيم بالتنقل على الدراجات النارية بدلا من الانتقال في أرتال عسكرية، كما أنّه يرفع أعلامه على المنازل الخالية من سكانها كخطوة يريد منها التمويه على مقاره الحقيقية. ورغم أن تنظيم داعش كان يعتمد في وقت سابق على الطرق السريعة في انتقال أرتاله المقاتلة، فإنه بات اليوم يسلك طرق البادية في بلاد الشام التي تعتبر مكانا مناسبا لاختباء عناصره وطريقا آمنا يمكنهم من الوصول إلى نقاط تجمع التنظيم قبل انتقالها لمناطق القتال.
ويقدّر عدد مقاتلي «داعش» في سوريا بـ30 ألف مقاتل، بالإضافة إلى 10 آلاف عنصر موظف، جميعهم مزودون بالسلاح، لكن الموظفين لا يقومون بمهام قتالية إلا إذا اقتضت الضرورة واستدعوا بنداءات عاجلة عبر تعبئة عامة تصدر عن قيادات التنظيم. ويجري تأهيل وتدريب كل المنتسبين إلى تنظيم داعش على القتال واستخدام السلاح، سواء كانوا من المقاتلين أو الموظفين، عبر إخضاعهم لدورات خاصة تمتد فترتها الزمنية من شهر حتى 3 أشهر، وتختلف مدتها حسب المهمة القتالية أو الوظيفية.



التصعيد يعيد ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة

نقطة العبور الحدودية في جديدة يابوس من الجانب السوري (أرشيفية - أ.ف.ب)
نقطة العبور الحدودية في جديدة يابوس من الجانب السوري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

التصعيد يعيد ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة

نقطة العبور الحدودية في جديدة يابوس من الجانب السوري (أرشيفية - أ.ف.ب)
نقطة العبور الحدودية في جديدة يابوس من الجانب السوري (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعاد التصعيد الإسرائيلي في لبنان ضد «حزب الله» ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة، مع ازدياد احتمالات توسع الحرب في المنطقة على نحو خطير بعد توجيه إسرائيل ضربات ضد إيران، وإعلان دمشق الوقوف إلى جانب إيران في الدفاع عن نفسها.

وفي زيارته إلى دمشق، اليوم (السبت)، حمل وزير المهجرين في حكومة تسيير الأعمال اللبنانية، عصام شرف الدين، ملف اللاجئين السوريين في لبنان بعدما أضيف إليه ملف الوافدين اللبنانيين إلى سوريا، مع تجاوز أعداد العائدين والوافدين من لبنان إلى سوريا الـ500 ألف شخص خلال شهر، منهم 348.237 عائداً سورياً و156.505 وافدين لبنانيين.

وتعد زيارة شرف الدين إلى دمشق «استكمالاً للزيارات السابقة والتطورات الحاصلة»، وفق ما قاله خلال اجتماعه مع وزير الداخلية السوري محمد الرحمون، إلا أن واقعاً جديداً في هذا الملف سيفرض نفسه على الجانبين. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأن الوزيرين بحثا «عودة اللاجئين السوريين من لبنان، والتسهيلات المقدمة للوافدين اللبنانيين إلى سوريا»، جراء العدوان الإسرائيلي.

وقال الرحمون خلال الاجتماع الذي جرى في مبنى وزارة الداخلية، إن «الدولة السورية قدمت كل التسهيلات اللازمة لتأمين عودة المهجرين السوريين والأشقاء اللبنانيين القادمين إلى سوريا، كما قدمت التسهيلات لجميع القادمين عن طريق المراكز الحدودية، حيث سمحت بالدخول بموجب أي وثيقة تثبت هويتهم، ومعالجة أوضاعهم ضمن المراكز، وكذلك السماح للأشقاء اللبنانيين بالدخول بأي وثيقة سفر صادرة عن السلطات اللبنانية».

كما نقلت «سانا» عن شرف الدين شكره للدولة السورية على «تقديم كل التسهيلات لعودة المهجرين السوريين، واللبنانيين القادمين إلى سوريا».

اجتماع وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين مع وزير الداخلية السوري محمد الرحمون بدمشق السبت (وزارة الداخلية السورية)

وسائل إعلام لبنانية قالت، في وقت سابق، إن شرف الدين، وبتكليف من مجلس الوزراء اللبناني، قام بزيارة رسمية إلى دمشق لبحث «موضوعَيّ استضافة النازحين اللبنانيين في سوريا، وتفعيل ملف عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا، مع وزير الداخلية السوري ووزير الإدارة المحلية»

وزاد التصعيد الإسرائيلي والحرب على «حزب الله» من تعقيد ملف اللاجئين السوريين في لبنان، مع تزايد تدفق الهاربين من القصف في لبنان باتجاه سوريا، و«محاولة الحكومتين اللبنانية والسورية زيادة حصتيهما من المساعدات الإنسانية، الأمر الذي فرض على الجانبين إعادة ترتيب وتنسيق هذا الملف»، وفق ما قالته مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، ورأت في ذلك فرصة لدمشق لتأكيد مطالبها «برفع العقوبات الاقتصادية عنها».

وقالت المصادر إن مماطلة دمشق في إعادة اللاجئين من لبنان خلال السنوات الماضية انقلبت إثر التصعيد إلى «ترحيب وفتح الحدود أمامهم إلى جانب الوافدين اللبنانيين»، إلا أنها كانت «متنبهة إلى ضرورة تنظيم هذا الدخول عبر كل المعابر وتسجيل مَن لا يحمل أوراقاً قانونية من الذين غادروا بطريقة غير شرعية، ما يؤكد عملها على إحكام الإمساك بملف إعادة اللاجئين، وإدارته بما يتناسب مع مطالبها».

هاربون من الحرب في لبنان يسيرون لعبور نقطة المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتقدر الحكومة اللبنانية أعداد اللاجئين السوريين بنحو مليوني لاجئ، بينما تقول المفوضية العليا للاجئين إن عدد المسجلين لديها يبلغ نحو 800 ألف لاجئ. وأعلنت الحكومة اللبنانية عام 2022، عن وضعها خطة لإعادة اللاجئين السوريين بالتنسيق مع الحكومة السورية، تهدف إلى إعادة 15 ألف لاجئ كل شهر، وتمكنت من إعادة عدة دفعات على فترات متقطعة، حيث واجهت الخطة معوقات كثيرة، أهمها إصرار المنظمات الدولية على ضمان عودة آمنة للاجئين، في حين كانت دمشق تصر على ضرورة تأمين التمويل اللازم لإعادة تأهيل البنى التحتية في المناطق المدمرة التي سيعود إليها اللاجئون، والمطالبة برفع العقوبات الدولية وإطلاق عملية إعادة الإعمار. في المقابل كانت الضغوط تزداد حدة في الداخل اللبناني لحل هذا الملف، فيما تتصاعد مخاوف الدول الأوروبية من احتمال ارتفاع موجات الهجرة غير الشرعية إليها في حال تمت إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بشكل قسري.

وجاءت زيارة الوزير اللبناني إلى دمشق بعد ساعات من شن إسرائيل ضربات على إيران وسوريا، فيما عدته دمشق «انتهاكاً وقحاً لسيادة وحرمة الأراضي الإيرانية والسورية»، وفق بيان وزارة الخارجية السورية، اليوم (السبت)، الذي أدان الضربات الإسرائيلية بوصفها «خرقاً فاضحاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة». معلناً تأييد سوريا «حق إيران المشروع في الدفاع عن نفسها، وحماية أراضيها وحياة مواطنيها»، وعن وقوف سوريا إلى جانب إيران في وجه ما تتعرض له من عدوان.

غارة إسرائيلية قرب ممر غير شرعي على الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وشنت طائرات حربية إسرائيلية غارات، فجر اليوم (السبت)، مستهدفة الدفاعات الجوية السورية بكتيبة الرادار في تل القليب بمحافظة السويداء، والفوج 19 دفاع جوي في حمص، كما سمعت أصوات انفجارات قوية غرب العاصمة دمشق، وفق مصادر محلية.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الضربات الإسرائيلية تزامنت مع محاولة الدفاعات الجوية السورية في محافظات دمشق وريف دمشق وحمص وحماة وطرطوس، التصدي للطائرات الإسرائيلية التي هاجمت إيران، أثناء تحليقها في الأجواء قرب الحدود السورية - الأردنية وقاعدة التنف.

كما أعلن مصدر عسكري سوري أن «العدو الإسرائيلي شن عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل والأراضي اللبنانية مستهدفاً بعض المواقع العسكرية في المنطقة الجنوبية والوسطى». وأن وسائط الدفاع الجوي تصدت للصواريخ وأسقطت عدداً منها، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا).