يوميات الحرب الليبية (الحلقة الخامسة) خريطة ولاءات القبائل في الصراع مع المتطرفين

(«الشرق الأوسط») تقتحم خطوط النار وترصد يوميات الحرب الليبية

أبناء قبيلة التبو ممن انضموا للجيش الوطني لبسط الأمن في البلاد والحرب ضد المتطرفين («الشرق الأوسط»)
أبناء قبيلة التبو ممن انضموا للجيش الوطني لبسط الأمن في البلاد والحرب ضد المتطرفين («الشرق الأوسط»)
TT

يوميات الحرب الليبية (الحلقة الخامسة) خريطة ولاءات القبائل في الصراع مع المتطرفين

أبناء قبيلة التبو ممن انضموا للجيش الوطني لبسط الأمن في البلاد والحرب ضد المتطرفين («الشرق الأوسط»)
أبناء قبيلة التبو ممن انضموا للجيش الوطني لبسط الأمن في البلاد والحرب ضد المتطرفين («الشرق الأوسط»)

من النادر أن تجد في ليبيا أسرة لا تمتلك سيارة. ومن النادر أيضا ألا تجد في هذه السيارة أسطوانة للشعر الشعبي لأحد شعراء القبائل. وتغص ليبيا بالشعراء الذين تعبّر قصائدهم وأهازيجهم عن المزاج العام في البلاد. وفي الماضي، تعرّض العديد من هؤلاء الشعراء الذين انتقدوا معمر القذافي للاضطهاد، واضطروا للسكوت أو تسريب القصائد دون ذكر لأسماء مؤلفيها. أما في الوقت الحالي، فإن الشعراء الذين يرفضون في قصائدهم حكم جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من المتطرفين، أصبحوا عرضة للقتل. ووصلت تهديدات لأبرز هؤلاء، ويُدعى نصيب السكوري، الذي رد على «الإخوان» و«أنصار الشريعة» وغيرهم من الموالين لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش، بقصائد انتشرت في عموم ليبيا أخيرا، منها قصيدة «يا العين لي زمان»، وقصيدة «غيبة عزيز خسارة»، وقصيدة «يا نسوم سلّم لي على مصراتة.. اللي جميل برقة كلها نسياته».

شاركت قبائل «إقليم برقة»، وعاصمته بنغازي، في شرق البلاد، في إطلاق شرارة الثورة المسلحة ضد نظام القذافي في 2011. وحين لحقت قبائل «مصراتة» الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس، بالثورة، حاصرها القذافي ونشر القناصة في شوارعها ودك مبانيها بالصواريخ والقنابل. وبدأت برقة في تسيير مراكب من ميناء بنغازي لإمداد مصراتة بالسلاح والمؤن والمقاتلين والصحافيين، إلا أن الخلافات دبت بين مصراتة والعديد من القبائل الليبية الأخرى، ليس في برقة فقط، ولكن في مدن وبلدات في طول البلاد وعرضها. وتعكس قصيدة «السكوري»، وهو يخاطب «النسيم» ويقول له «سلم لي على مصراتة التي نسيت ما فعلته لها برقة»، المرارة التي تشعر بها القبائل من جراء الانقسامات والاقتتال فيما بينها، بعد أن كانت تجتمع على هدف واحد، هو إسقاط القذافي وتأسيس دولة ديمقراطية».
والمشكلة لا تتعلق بالحرب بين القبائل التي شاركت في الحرب ضد النظام السابق، ولكنها تتعلق أيضا بالقبائل التي كان لها تحفظات منذ البداية على مسلك «ثوار 17 فبراير 2011» واستعانتهم بحلف الناتو لضرب قوات البلاد العسكرية. ولهذا توجد في ليبيا اليوم 3 جبهات بـ3 ولاءات، كما يقول صابر مبري، أحد نشطاء مدينة بنغازي التي تشهد في الوقت الراهن مواجهات بين قوات الجيش والمتطرفين. وتتوزع هذه الولاءات بين «مصراتة» التي يقود بعض متشدديها قوات «فجر ليبيا»، و«جماعة البرلمان الجديد»، الذي ينعقد في طبرق في أقصى الشرق، و«جماعة القبائل»، والمقصود بهم القبائل التي اتُهمت بعد ثورة فبراير بأنها كانت منحازة لنظام القذافي.
وتعد قوات «فجر ليبيا» التي تسيطر في الوقت الحالي على العاصمة طرابلس، الخصم الصعب أمام الجيش. وهي تتكون من خليط قبلي وديني أغلبه متشدد، وإن كان داخله بعض السياسيين المعتدلين. ويقود «فجر ليبيا» رجل إخواني في العقد الخامس من العمر ومن أصول قبلية مصراتية، يدعى صلاح بادي. ويتميز «بادي» بأن لديه اعتقادا قويا وراسخا بأنه «يدافع عن ثورة فبراير ضد من يريد الانقلاب عليها»، ويُؤخذ عليه أن تفكيره ما زال متوقفا عند مرحلة مقاتلة القذافي، وكأن الزمن لم يتغير، كما يقول مبري. وتحت غطاء من قوات «فجر ليبيا» عاد المؤتمر الوطني (البرلمان السابق) المنتهية ولايته، الذي يسيطر عليه «الإخوان» وحلفاؤهم، للانعقاد في العاصمة، وجرى تشكيل حكومة تسيير أعمال في طرابلس، في تحدٍ للبرلمان الجديد وحكومته وجيشه.
وينخرط في قوات «فجر ليبيا» بالإضافة لـ«الإخوان» والمتطرفين، أبناء عدة قبائل من المدن القريبة من طرابلس ومصراتة، وبعض قبائل الجنوب، ممن لديهم إيمان بأنهم «هم حرّاس الثورة». لكن غالبية القبائل الأخرى موزعة بين أمرين، إما موالاة الجيش، أو الاستمرار على موقف الحياد إلى حين. وتنحاز غالبية قبيلة «المقارحة» لعملية الكرامة والبرلمان الجديد، لكنها لم تُلقِ بكل ثقلها في الصراع الدائر بين الجيش والميليشيات لأن لديها بعض التحفظات أو الشروط.
ويتركز وجود قبيلة «المقارحة» في مناطق سبها والشاطئ في جنوب البلاد، ويمتد وجودها إلى مناطق أخرى في الشمال خاصة في طرابلس وغربها حتى تخوم الزنتان وغريان، إضافة لبعض مناطق الشرق. ويقول أحد شيوخ قادة القبيلة في بنغازي، ويدعى سليمان بوحلومة، إن المقارحة تعرضوا للعسف والضيم من الأحداث التي وقعت منذ الانتفاضة المسلحة ضد القذافي، والحكام الجدد حين تولوا السلطة عملوا على معاقبة أبناء القبيلة بسبب عدد محدود من القيادات التي كانت تعمل في الدولة أثناء حكم النظام السابق، رغم أن القبيلة لم تتبنَّ مواقف تلك القيادات ولم توافق على سياسات القذافي على طول الخط، كما أن عددا من أبنائها شارك، طيلة 8 أشهر، في الثورة ضد حكم معمر الذي استمر 42 سنة.
ومن بين القيادات التي عملت مع القذافي من قبيلة «المقارحة»، عبد السلام جلود، الذي كان يوصَف بأنه الرجل الثاني في ليبيا، وكذا هناك عبد الله السنوسي، الذي ينتمي للمقارحة أيضا، وكان يشغل موقع رئيس المخابرات ويُعد بمثابة الصندوق الأسود لحقبة القذافي، وهو مسجون حاليا.
واقترن اسم «المقارحة» مع اسم قبيلة «القذاذفة» التي ينتمي إليها معمر، وكان مصيرهما مشابها لمصير و«ورفلة» وغيرها، في العزلة التي فُرضت عليهم من جانب الحكام الجدد. وسعت قيادات في «فجر ليبيا» لإجراء مفاوضات لكسب ود تلك القبائل مقابل الإفراج عن قيادات ممن ما زالوا في سجون «الثوار»، خاصة في مصراتة وطرابلس. كما يحتفظ الجيش هو الآخر بسجناء من القبائل المسحوبة على النظام السابق، وله شروطه في فتح أبواب الحوار من أجل الإفراج عنهم وفق آليات شبه رسمية، مثل «لجان العدالة الانتقالية» وغيرها من الإجراءات، لكن تلك القبائل تشكو أيضا مما تسميه «ابتزاز الحكام الجدد لشراء مواقف مساندة لهم في معاركهم حول السلطة».
ويتركز وجود «القذاذفة» في سبها وسرت، أي في الجنوب والوسط، وهي تقف، نظريا على الأقل، مع «عملية الكرامة»، لكن لديها مطالب تشترط الدخول في حوار حولها قبل اتخاذ موقف رسمي ومعلن بمساندة الجيش، ومن أشد هذه الشروط صعوبة، على ما يبدو، معرفة مكان دفن القذافي وتسلمه لإعادة دفنه بمعرفتها. ويعطي كل فريق قبلي في ليبيا أرقاما مبالغا فيها لعدد أبناء قبيلته. ولو جمعت ما تحصل عليه من أرقام من كل قبيلة فيمكن أن يصل عدد أبنائها في ليبيا إلى 60 مليون نسمة، بينما، في الواقع، لا يزيد إجمالي عدد السكان عن 6 ملايين نسمة إلا قليلا، بل إن العدد يتناقص بسبب القتل اليومي المستمر منذ فبراير 2011 حتى الآن.
وعلى كل حال يبدو أن قبيلة «التبو»، التي يتركز وجودها في مدن الجنوب والشرق وبعض مناطق جنوب طرابلس، حسمت أمرها منذ وقت مبكر بالانحياز للجيش. لكن القبيلة تعاني من قلة العتاد والسلاح.
ويقول هاني جمعة، وهو ناشط حقوقي من الجنوب: «التبو يقفون في وجه المدفع. هم موالون للجيش، ولهذا يدفع أبناؤهم ثمن هذا الموقف». ويتقاسم أبناء القبائل الرافضة لحكم المتطرفين ولفتاواهم التي تكفر الخصوم وتدعو لقتالهم، الأهازيج الغنائية الشعبية، التي تنتقل كالبرق بين مدن الشمال والجنوب، وتسخر هذه الأهازيج من قادة «الإخوان» والمتطرفين.
وتقع في كثير من الأحيان مواجهات بين أبناء «التبو» وأبناء قبيلة أخرى لها وجود في جنوب ليبيا وشمال النيجر وكل من جنوب الجزائر وشمال مالي، وهي قبيلة «الطوارق» التي تتخذ من منطقة «الأبيض» مستقرا لها، وهي منطقة تقع بعد مدينة سبها بقليل، ناحية الجنوب والغرب، وتمتد على جانبي الطريق، عبر عشرات الكيلومترات، حتى مدينة أوباري. ورغم أن العلاقة بين «التبو» و«الطوارق» جيدة في معظم الأحيان، فإن انخراط مجموعات من «الطوارق» مع المتطرفين يتسبب في وقوع مناوشات ومعارك مع «التبو» وغيرهم، يسقط فيها القتلى بين وقت وآخر.
وتستمد مجموعات المتطرفين الشجاعة من وجود قطاعات من قبائل أخرى توالي جماعة الإخوان ومن معها من ميليشيات متطرفة، مثل قبيلة «الحساونة»، المنقسمة على نفسها في الموقف من الجيش. ويوجد «الحساونة» في مناطق الشاطئ وسبها، في الجنوب أيضا. ويقول عبد الرحمن علوان، الضابط السابق في الجيش، وهو من «الحساونة»، إنه تعرض لضغوط من قبيلته لترك الخدمة.. «وافقتُ على ذلك، لكنني لم أتورط في الانضمام للمتشددين. وأفكر في العودة إلى الجيش مجددا والانخراط في قوات حفتر.. وكما يوجد لدينا في القبيلة شبان يتبعون الإسلاميين، هناك قطاع يؤيد عملية الكرامة ويعترف بالبرلمان الجديد. لكن المشكلة لدينا في الشباب الذين يستجيبون لإغراءات المتطرفين، رغم أنهم شبان عاديون ولم يُعرف عنهم أنهم متشددون».
ويضيف أن «من بين أبناء القبيلة من يتولى قيادة مجموعات من المسلحين، وهذا أحد أسباب انضمام شبان طامحين لتلك المجموعات»، مشيرا إلى أن أحد قادة هذه الميليشيات، يدعى الشيخ أحمد الحسناوي، و«يعمل آمرا لـ(درع الجنوب) التابع لـ(فجر ليبيا)، إلا أنه، مع ذلك، يوجد لدى الحساونة أيضا مجموعة معتبرة موالية لعملية الكرامة». ويتفاخر أبناء القبيلة بارتباط اسم قبيلتهم بعدة وقائع ومعالم في ليبيا، من بينها سنوات الجهاد ضد «الطليان». ويجاور بعضٌ من قبيلة «الحساونة» قبيلة «أولاد سليمان»، التي يتمركز أغلبها في سبها. والمشكلة أن القبائل تريد أن تتفاخر بوجود ميليشيات يرأسها قادة من أبنائها، وكأنها تريد استعادة التاريخ القديم حين كان التنافس بين القبائل ينصب على عدد ما تملكه من خيول وفرسان حرب.
ويقول علوان: «الفرق هو أن التنافس القديم بين القبائل كان يدور حول مقاومة الاستعمار التركي فالطلياني، أما التنافس هذه الأيام فأصبحت حدوده لا تتجاوز الليبيين بعضهم ضد بعض». ولدى قبيلة «أولاد سليمان»، مثل قبائل ليبية أخرى، تاريخ طويل من «الجهاد» و«التمرد» على سلطات الاحتلال الأجنبي، ولها قادة تاريخيون ما زالوا يُذكرون حتى اليوم، رغم مرور نحو 150 سنة على المعارك الوطنية التي قادوها، مثل عبد الجليل سيف النصر، الذي تزعّم ثورة مسلحة ضد الحكم التركي في بلاده.
وقصم ظهر قبيلة «أولاد سليمان» موقعتان؛ الأولى خسارتهم للمعارك ضد الطليان عام 1929، مما اضطرهم للهجرة مجددا إلى بلدان مجاورة مثل مصر وتشاد والنيجر، والثانية وقوف القذافي، منذ تقلده الحكم عام 1969، ضد طموحاتها في الاستمرار بحكم إقليم فزان. ويقول أحمد الجاولي، وهو ناشط حقوقي وأحد أبناء القبيلة ممن نزحوا من سبها للإقامة في بنغازي، بسبب الاشتباكات الجارية حاليا في الجنوب، إن القبيلة، مثلها غيرها، عملت مع القذافي فيما بعد، وتقلد العديد من أبنائها المشهورين مراكز متقدمة في الدولة لسنوات، من بينهم القائد الأمني في تسعينات القرن الماضي، عبد السلام زادمة، لكن القبيلة أرادات بعد «ثورة 17 فبراير 2011» أن تنفض عن نفسها غبار القذافي، فسارعت بموالاة منظومة الحكم الجديدة، إلا أن هذا الأمر أصبح يقتصر الآن على قطاعات من الشباب المتحمسين فقط، بعد أن اكتشف قادة القبيلة محاولات جماعة الإخوان وإغراءاتها للهيمنة على الدولة.
وحين تريد قبيلة من القبائل إبعاد تهمة اتصالها بالقذافي، تسرد عليك، على الفور، قائمة من أسماء أبنائها الذين أُعدموا أو سُجنوا أو فروا للخارج بسبب ملاحقات النظام السابق، وانضمامهم للمعارضة، مثل ابن قبيلة «أولاد سليمان»، غيث سيف النصر، الذي شغل موقع الرجل الثاني في «جبهة إنقاذ ليبيا» المعارضة للقذافي من المنفى، وجرى الأمر أيضا مع قبيلة «المغاربة» التي ينتمي إليها محمد المقريف، أول رئيس للبرلمان السابق، قبل أن يتسبب المتطرفون في استقالته من منصبه بإصدارهم قانون العزل السياسي، بحجة أنه، قبل أن يكون معارضا، عمل مع النظام السابق، وغيرها من التقاطعات المعقدة التي أصبح يتميز بها المجتمع الليبي، سواء على مستوى القبائل أو الميليشيات.
ويوجد فرع مهم لقبيلة «أولاد سليمان» في منطقة «هراوة» جنوب مدينة سرت بوسط البلاد قرب مناطق نفوذ قبيلة «القذاذفة». لكن محاولات التعاون بين القبلتين في المرحلة الجديدة يبدو أنها باءت بالفشل. ويقول أحد قيادات «أولاد سليمان»، ممن لا يريد الإشارة لاسمه في الصحافة، إن بعض الميليشيات التابعة للقبيلة في محيط سبها جنوبا، موالية للمتطرفين، والبعض الآخر، وهو عدد قليل، ولا يُذكر، مع عملية الكرامة. لكن التخبط في موقف القبيلة يتجلى، وفقا لـ«الجاولي»، من خلال تعاملها مع أحد أبنائها المهمين ممن كانوا يعدون من الأذرع الرئيسية في حكم القذافي، وهو الشاعر عبد الله منصور، الذي لجأ لدولة النيجر المجاورة، عقب سقوط النظام، وجرى تسليمه للحكام الجدد في طرابلس في ظروف غامضة، في فبراير (شباط) الماضي، وذلك أثناء رئاسة الدكتور علي زيدان للحكومة الليبية.
وتغنى بأشعار منصور، طوال نحو 30 عاما، العديد من المطربين المعروفين، ولم يكن يخلو مسجِّل سيارة من كلماته عن «النجع»، و«الإبل»، و«الربيع»، و«رفاق العمر». وكان يشغل، أيام القذافي، موقع رئيس جهاز الأمن الداخلي ومسؤول إذاعات الدولة. وتقول المعلومات المتوفرة إنه حاول جرّ قبيلته، أثناء إقامته في النيجر، لكي تنضم لجبهة مناوئة لحكم المتطرفين في طرابلس، و«قدمت حكومة زيدان للنيجر ما يثبت قيامه بإجراء اتصالات بهذا الشأن، وقامت بتسلمه بعد أن جرى نقله في طائرة من النيجر لطرابلس». ويقبع منصور الآن مع آلاف من أبناء القبائل الأخرى في عدة سجون ومعتقلات سيئة السمعة بعيدا عن سلطة الدولة.
ويكشف أحد قادة الأمن الليبي عن أن جماعة الإخوان قدمت وعودا لفرع قبيلة «أولاد سليمان» في الجنوب، ممن لا يحملون أوراقا ثبوتية بسب هجرتهم الطويلة في تشاد والنيجر، وأبلغهم قادة من الجماعة أن وقوف القبيلة مع قوات «فجر ليبيا»، سيسهل الاعتراف بهم بصفتهم مواطنين ليبيين لاحقا، مشيرا إلى أن مشكلة إثبات الهوية الليبية جعلت جانبا من أبناء هذه القبيلة «يتحركون بحسابات خاصة من أجل الحفاظ على مصالحهم في المستقبل.. إنهم يوالون من يمكن أن يتعهد بالاعتراف بهم ليبيين كاملي الأهلية».
وعلى النقيض من الموقف الملتبس للعديد من القبائل، تبدو قبيلة «ورفلة» التي ينتمي إليها محمود جبريل أول رئيس لحكومة الثورة ضد القذافي، واضحة في موالاتها للجيش، لكن المشكلة التي تحول دون نزول القبيلة بثقلها في غمار الحرب ضد الميليشيات المتطرفة تتلخص في رفضها لكثير من شعارات «ثورة فبراير» التي تسببت في تخريب أحد أهم معاقلها العام قبل الماضي، وهي مدينة بني وليد جنوب سرت، على أيدي ميليشيات «الإخوان» وقادتها المتشددين من مدينة مصراتة.
وتسبب اجتياح الميليشيات للمدينة الواقعة في منخفض داخل الصحراء، في تهجير ألوف المدنيين وقتل وإصابة المئات، وترك مشاعر متعطشة للثأر. ويقول أبناء القبيلة إن هذه الواقعة «لن تُمحى من ذاكرة ورفلة»، ويقول علي عبد الحليم من أبناء القبيلة إنها لم تكن مؤيدة للقذافي على طول الخط، بل عاقبها القذافي كثيرا بعد قيام ضباط منها في الجيش بمحاولة الانقلاب عليه عام 1992 بقيادة الضابط مفتاح قروم.
ولم تقف القبيلة بشكل صريح مع ابنها جبريل حين كان رئيسا لحكومة الثوار في ربيع 2011. ولم يغير أغلب قادتها موقفهم المعادي للحكومات التي جاءت من بعده. وظلت بعض المباني في معقل ورفلة في بني وليد ترفع أعلام القذافي الخضراء حتى وقت قريب. لكن يوجد فرع آخر للقبيلة في جنوب البلاد، وهو فرع صغير يتركز في مدينة سبها، و«ذو موقف غامض حتى الآن فيما يتعلق بتعامله مع الإسلاميين وعملية الكرامة». لكن أحد المصادر الأمنية أفاد بأن المعلومات تقول إنه «يوجد بيت صغير من بيوت ورفلة في سبها يتبع الإسلاميين».
ويبدو أن الخوف من المستقبل يسيطر على العديد من القبائل الصغيرة الأخرى، أو «البيوت»، خاصة في الجنوب، وهي، كما يقول هذا المصدر الأمني.. «لا تريد أن تحسم أمرها إلى حين انتهاء الصراع في الشمال بين المتطرفين والجيش، ومنها بيوت أولاد حضير الذين يميلون إلى التوجه الصوفي، والسهكة، وقبيلة الحطمان، التي تتركز معاقلها في سبها والشاطئ».
وقبل ترك القبائل التي لها ثقل في الجنوب، الذي توجد فيه حقول غنية بالنفط والغاز، لا بد من الإشارة إلى قطاع مهم هناك يُسمى الأهالي، وهم من غير المنتمين للقبائل العربية، لكنهم عبارة عن خليط من أصول ليبية قديمة وأخرى زنجية وأفريقية «ولا ولاء محددا وواضحا لهم حتى الآن حيال طرفي الصراع. وموقفهم يشبه موقف قبيلة الشرفة التي يتركز وجودها في بلدات جنوب سبها وجنوب الجفرة، ومنها بلدة تمسا وهون».
ويُعد الشمال الليبي مركز الثقل للقبائل، ويطلق البعض على مدينة بنغازي «ليبيا المصغرة» بسبب وجود فروع لنحو 280 قبيلة فيها، بمن فيهم قبائل مصراتة والعبيدات والمغاربة والبراعصة والقطعان وقبائل أخرى من أولاد علي، الذين لديهم امتداد قوي داخل مصر. ويقول أحد المتخصصين في هذا الشأن من بنغازي، وطلب عدم ذكر اسمه بسبب الصراع المسلح الدائر في المدينة، إن فروع جميع القبائل موجودة هنا، وحين تحدث مشكلة في بنغازي تتأثر بها كل المدن الليبية.
ويضيف الرجل الذي يدير مركزا للدراسات، وجرى تهديده من قبل متطرفي المدينة: «بنغازي فيها الداء والدواء. القذافي كان يقسم بنغازي لـ4 أقسام قبلية لا بد أن يكون لها ممثلون في السلطة، وهم: العواقير والمصاريت والمرابطين والسعادي. ولو كانت هناك 20 وزارة، فكل قسم من هذه الأقسام يحصل على 5 وزارات، لكن هذه الأقسام الـ4 ليست متساوية في الحقيقة. قبيلة العواقير أكبر ربع في بنغازي.. بينما المصاريت أقلية. وتضم قبائل المرابطين: المنفي والعوامة والشهيبات والفرجان والتراهنة.. أما قبائل السعادي، فمنها البراعصة والعبيدات والحاسة وأولاد علي».
ويضيف أنه من الغريب أن «معظم قادة الميليشيات المتطرفة ليسوا من القبائل الكبرى واسعة الانتشار، وغالبية من يقودون الميليشيات في شرق البلاد وفي الغرب أيضا هم أساسا من مصراتة، مثل القيادي الإخواني علي الصلابي، الذي يقيم في بنغازي، وصاحب فكرة توحيد الإسلاميين في ليبيا مع مصراتة، وتسببت هذه العلاقة في خلافات بين قبائل مصراتة وباقي القبائل»، ومنها قبيلة الزنتان الموالية للجيش، التي تتمركز في الجبل الغربي من العاصمة.
ويقول إن مصراتة شعرت بالغبن بسبب تجاهلها بعد مقتل القذافي.. «قبائل مصراتة لم تحصل على أي مقاعد ذات شأن في حكم الدولة الجديدة، ولم تشغل أي موقع من المواقع الـ26 العليا في البلاد، ولهذا انتفضت حين شعرت بأن بعض القبائل تريد أن تهيمن على السلطة وحدها، بالقوة، وقام بعض قادتها بالتحالف مع (الإخوان) والمتطرفين، وأسست قوة فجر ليبيا.. تريد أن تقول إنها هي أكثر من قدّم شهداء في الثورة، وأنها الأقوى عسكريا».
ومن القبائل المجاورة للعاصمة التي حسمت الأمر وانضم غالبية أبنائها لقوات الجيش ورشفانة التي تتكون من 7 بيوت كبيرة. ويتركز وجودها في جنوب وجنوب غربي طرابلس، وتمتلك مساحات جغرافية واسعة وكبيرة، وتسليحها جيد جدا، مثلها مثل قبيلة العجيلات، التي يوالي أغلبها الجيش، وهي قبيلة كبيرة يتركز وجودها في صبراتة وصرمان، ومشهورة في تاريخ ليبيا بالشجاعة والإقدام والقتال، كما يقول أحد قادة القبيلة، لكن تسليح قبيلة ترهونة القريبة من العاصمة أيضا والموالية للجيش أيضا، غير معروف.
وما زالت ولاءات العديد من القبائل والمناطق الأخرى لم تُحسم بشكل نهائي بعد، ومنها المناطق القريبة من الحدود الليبية - التونسية التي ينحدر منها البغدادي المحمودي، آخر رئيس للحكومة في عهد القذافي، كما لا يُعرف موقف الأصابعة ونالوت وصرمان، وهذه الأخيرة ينتمي إليها اللواء الخويلدي الحميدي، أحد رفاق معمّر، وكذلك ما زال موقف غدامس غامضا، وهي البلدة التي ينحدر منها رئيس الحكومة الليبية الحالي، عبد الله الثني. هذا مع ملاحظة أن بعض المناطق هناك يتحكم فيها المتطرفون بشكل صريح، مثل منطقة صبراتة التي كانت مستقرا، لمدة أسبوعين في مطلع هذا العام، للقيادي الجزائري في تنظيم القاعدة، مختار بلمختار، والتقى فيها مع قيادات من المتشددين الليبيين والتونسيين والجزائريين، وفقا للمصادر الأمنية. كما لوحظ ميل أبناء منطقتي المشاشية ومزدة لـ«قوة فجر ليبيا» لأسباب تتعلق بوجود ثأر قديم مع بعض قبائل معادية للمتطرفين.
وبينما ما زالت مدينة الخُمس منقسمة في الولاء لطرفي الصراع، اضطرت مجموعات من شبان المدن القريبة من طرابلس ومصراتة، مثل زليتن، لمغادرتها والانضمام لقوات الجيش التي تتركز عملياته حتى الآن في المنطقة الشرقية (بنغازي ودرنة). وعلى النقيض من هذا، يقف غالبية الأمازيغ الذين لهم وجود غرب طرابلس مع جماعة الإخوان «بعد أن تلقوا وعودا بمساعدتهم مستقبلا في الاعتراف باللغة الأمازيغية، وأن يكون لهم وجود في البرلمان بنظام الكوتة وحق الفيتو على قرارات المجلس التشريعي، ومن أشهر بيوت الأمازيغ هناك جادو، والقلع، ونالوت، وزوارة الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان السابق نوري أبو سهمين.
أما فيما يتعلق بالتجمعات القبلية الأخرى الواقعة بين طرابلس وبنغازي، فهناك في سرت، قبائل فرجان ومعدان، إضافة للقذاذفة وغالبية هؤلاء ضد المتطرفين، لكن باقي المدينة، كما يقول أحد ضباط الاستخبارات الليبية: «تحولت لأوكار لأنصار الشريعة والجهاديين الأجانب واللصوص وقطاع الطرق»، بينما يوجد في مدينة إجدابيا قبائل المغاربة والفواخر والعوامة والعواقير، وأغلب هذه القبائل منحازة للجيش والبرلمان، لكن «بعض الأطراف الصغيرة تقف ضد عملية الكرامة، وإن لم تكن بالضرورة مع الإسلاميين»، بينما تقف مناطق البيضاء والمرج والقبة بالكامل تقريبا مع الجيش، حيث يقع على تخوم هذه المنطقة الجبلية الخضراء مقر الحكومة ومقر إدارة عمليات الحرب ضد المتطرفين، ومن قبائل المنطقة هناك العرفة والمسامير والدرسة وغيرها، بالإضافة إلى العبيدات التي ينتمي إليها اللواء عبد الفتاح يونس رئيس أركان الجيش الليبي الراحل، الذي يُعتقد أن المتطرفين كانوا وراء عملية اغتياله البشعة، حين كان يقود الحرب ضد قوات القذافي، وهي حادثة ما زالت غامضة، وتثير قريحة الشعراء وهم يؤلفون القصائد والأهازيج الشعبية عن الغدر، وعما آل إليه حال البلاد والعباد.

يوميات الحرب الليبية (الحلقة الرابعة): مقتل قيادات مهمة في أنصار الشريعة بينهم جزائريون ومصريون في معركة «جسر بنينة الأول»
يوميات الحرب الليبية (الحلقة الثالثة): زعيم «إمارة درنة» يتحصن بضاحية «لميس التركية» ويستخدم طيور الكناري لمراقبة هجمات الجيش
يوميات الحرب الليبية (2): «إخوان» ليبيا أسسوا جهاز مخابرات في طبرق.. وسعوا لاغتيال نواب من البرلمان الجديد ترصد خط النار بين مصراتة وبنغازي
يوميات الحرب الليبية (الحلقة الأولى): عناصر الأمن أكثر من المسافرين على حدود ليبيا.. وتحذير من «بوابات» للمتطرفين


اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
TT

اليمن يتجاوز الحالة المدارية الماطرة بأقل الخسائر

السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)
السلطات اليمنية بدأت فتح الطرقات وإزالة آثار السيول في المهرة (إعلام حكومي)

بأقل الخسائر تجاوز اليمن الحالة المدارية التي ضربت الأجزاء الشرقية من البلاد خلال اليومين الماضيين، وأعلن عن تسجيل حالة وفاة واحدة، واقتصرت الأضرار على الطرقات والأراضي الزراعية التي جرفتها السيول المتدفقة، وسط تأكيد مركز الأرصاد الجوية استمرار الحالة المطرية.

يأتي هذا في حين طلبت السلطة المحلية بمحافظة مأرب من السكان الذين يقطنون منازل أو خياما في ممرات السيول الإخلاء الفوري لهذه المواقع خشية تضررها، حيث تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة وتدفق السيول خلال الساعات المقبلة.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وفي محافظة المهرة تفقد المحافظ محمد علي ياسر الأعمال الجارية لفتح الطرقات عقب السيول التي تدفقت في عدد من الأودية إثر المنخفض الجوي الذي تأثرت به المحافظة خلال الأيام الثلاثة الماضية، خاصة في وادي الجزع (المدخل الشمالي لمدينة الغيضة والواقع على الخط الدولي الساحلي).

وأثنى المحافظ على الجهود التي تقوم بها مؤسسة الطرق والجسور ومكتب الأشغال العامة في فتح الطرق وتصفية ممرات السيول أمام حركة السير، وطالب بمضاعفة الجهود في إصلاح وصيانة بقية الطرق المتضررة بما يمكن من انسيابية الحركة وتسهيل تنقل المواطنين. وأكد استعداد السلطة المحلية لتقديم المزيد من الدعم وتذليل الصعوبات التي تواجه عمل مؤسسة الطرق.

وفاة واحدة

في محافظة حضرموت ذكرت السلطات المحلية أن شخصا فارق الحياة في مدينة المكلا عندما جرفته السيول، وهي حالة الوفاة الوحيدة المسجلة حتى الآن، فيما جرفت السيول عددا من السيارات ومساحات من الأراضي الزراعية في وادي حضرموت تحديدا.

وأصدرت غرفة الأرصاد والتنبؤات بحضرموت تنبيها أكدت فيه استمرار تدفق السيول في أجزاء واسعة من مديريات الهضبة الغربية والجنوبية، وأكدت أن الأمطار الغزيرة تتوسع على تلك المناطق مع نشاط للسحب الركامية.

بدوره أكد المركز الوطني اليمني للأرصاد والإنذار المبكر أن 8 من محافظات البلاد شهدت خلال اليومين الماضيين أمطارا متفاوتة الشدة، حيث سجلت محطات الرصد الجوي مستوى الأمطار في بعضها، ومنها مدينة المكلا (56 ملم) ومنطقتي المعافر (10.5 ملم)، والضالع (0.4 ملم)، أما في المناطق خارج نطاق محطات الرصد الجوي فقد هطلت أمطار متفرقة، بعضها غزيرة على ساحل حضرموت وأجزاء من محافظات إب والبيضاء وأبين وشبوه وحضرموت والمهرة.

سيول تتدفق في قلب مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت (إعلام محلي)

ونبه المركز إلى استمرار هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة على أجزاء متفرقة في 12 محافظة يمنية مصحوبة بسيول جارفة، واضطراب بحري في عدد من السواحل، خلال الساعات المقبلة، وذكر أن هطول الأمطار الرعدية متفاوتة الشدة سيؤدي إلى تدفق السيول على صحار وهضاب وسواحل محافظات شبوة وحضرموت والمهرة، إضافة إلى أجزاء متفرقة من محافظات ريمة وذمار وإب وتعز والضالع وأبين والبيضاء ومأرب ومرتفعات لحج.

وبين المركز أن الأمطار المتفاوتة الشدة ستشمل أيضا أجزاء من محافظات صعدة وحجة والمحويت وعمران وصنعاء، في غرب وشمال البلاد، وطالب السكان في المناطق التي ستشهد أمطار غزيرة بعدم الوجود في بطون الأودية ومجاري السيول أثناء وبعد هطول الأمطار، والبقاء بعيدا عن العواصف الرعدية والرياح الشديدة وتساقط حبات البرد، حفاظا على سلامتهم.

كما نبه سائقي المركبات للتدني في مدى الرؤية الأفقية، بسبب هطول الأمطار وتشكل الضباب، وإمكانية حدوث الانهيارات الصخرية خاصة في المناطق الجبلية، ونصح بعدم عبور الجسور الأرضية أثناء تدفق السيول، كما حذر الصيادين ومرتادي البحر من اضطراب البحر وارتفاع الموج على السواحل الشرقية والجنوبية ومضيق باب المندب.

تدابير في مأرب

في محافظة مأرب اليمنية حذرت لجنة الطوارئ من يسكنون في الأودية وبالقرب من ممرات ومجاري السيول ‏من تدفق السيول، ودعتهم إلى الابتعاد الفوري والعاجل عن تلك المناطق، وتجنب البقاء فيها أو الاقتراب منها، حفاظا على الأرواح والممتلكات، وحملت كل من يخالف هذه التعليمات المسؤولية الكاملة.

رجل يتفقد سيارة انقلبت بسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في مدينة المكلا اليمنية (رويترز)

ووفق تقرير أصدره صندوق الأمم المتحدة للسكان مطلع العام الحالي تضرر أكثر من 300 ألف شخص خلال العام الماضي جراء الظروف المناخية القاسية، واستمرار الصراع، وأجبروا على ترك منازلهم في معظم أنحاء اليمن.

وأكد الصندوق الأممي أن تفاقم الصراع والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، مثل الأعاصير والفيضانات والأمطار الغزيرة؛ أديا إلى تضرر 45 ألف أسرة تتكون ممّن 319445 شخصا؛ حيث أجبر هؤلاء على الفرار من منازلهم في 20 محافظة.

وبحسب ما ذكر التقرير فإن الغالبية العظمى أو ما نسبته 75 في المائة من إجمالي المتضررين، كانت بسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ التي أدت إلى نزوح 239 ألف شخص نتيجة الفيضانات ونحو 37 ألف شخص بسبب الأعاصير، كما حدث في محافظات المهرة وحضرموت وسقطرى التي ضربها إعصار «تيج» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
TT

جبايات طاردة للمزارعين ورؤوس الأموال في اليمن

بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)
بضائع المستوردين تتكدس في جمارك الجماعة الحوثية المستحدثة بسبب الضرائب الباهظة (إعلام حوثي)

فرضت الجماعة على مزارعي المحافظة جبايات جديدة، في وقت ينوي فيه التجار ورجال الأعمال الإضراب الشامل وتنظيم احتجاجات على الزيادات الجمركية.

ويعتزم التجار في مناطق سيطرة الجماعة تنفيذ إضراب شامل واعتصامات في المراكز الجمركية بسبب رفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، تطبيقاً لقرار القيادي في الجماعة رشيد أبو لحوم المعين وزيراً للمالية في حكومتها غير المعترف بها.

وكان أبو لحوم منح التجار المستوردين مهلة ستة أشهر لبدء الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، والتوقف عن الاستيراد عبر ميناء عدن الذي يخضع للحكومة الشرعية، وهو القرار الذي يصفه العديد من الباحثين الاقتصاديين بأنه غير قانوني أو دستوري، وسيؤدي إلى رفع أسعار جميع السلع التي تدخل عبر البر من المناطق المحررة.

جبايات على «القات»

أخيراً فرضت الجماعة الحوثية جبايات جديدة على المزارعين وتجار نبتة «القات» (نبتة يتناولها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف بأنها مخدرة في الكثير من الدول) في عدد من المحافظات بنسبة تصل إلى 500 في المائة بمسمى الضرائب، ما أدى إلى توقف الكثير منهم عن مزاولة أنشطتهم.

وذكرت مصادر محلية في محافظات إب والبيضاء والضالع أن تجار نبتة «القات» فوجئوا خلال أيام عيد الفطر بالرسوم الجديدة التي فرضت عليهم، واضطروا لدفعها خشية أن يتم منعهم من البيع، خصوصاً وأن العيد يعد موسماً لازدهار تجارتهم، نظراً لإقبال اليمنيين على الإكثار من تعاطي هذه النبتة خلال الإجازات.

وفي حين تراجعت الجماعة عن هذه الزيادات لاحقاً في محافظة الضالع، أقرتها في بقية المحافظات كرسوم ضريبية بنسبة 500 في المائة، بعد أن توقع التجار والمزارعون أنها ستكون مؤقتة بسبب العيد، وطمع مشرفي وقيادات الجماعة في مقاسمتهم الأرباح التي يحصلون عليها في مثل هذا الموسم.

أسعار «القات» في اليمن ترتفع بسبب الزيادات الضريبية وتباهي أثرياء الحرب بتعاطي أغلى أنواعه (أ.ف.ب)

وفسر الناشط الاجتماعي اليمني جابر اليزيدي، وهو من سكان مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، تراجع الجماعة الحوثية عن هذه الزيادة لتخوفها من تراجع إيراداتها من الجبايات والضرائب المفروضة على نبتة «القات» في محافظة الضالع، إذا ما أوقف مزارعو الأجزاء المحررة من المحافظة بيع «القات» للتجار في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة بسبب هذه الزيادات، حيث لا تستطيع الجماعة معاقبة هؤلاء المزارعين.

وأضاف اليزيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تخشى أيضاً من ردة فعل سكان الأجزاء الواقعة تحت سيطرتها من المحافظة، خصوصاً وأن مديرية دمت شهدت في الأعوام السابقة احتجاجات متنوعة بسبب الجبايات والضرائب المتزايدة والأوضاع المعيشية، وظهرت أخيراً بوادر احتجاج ومطالبة السكان بصرف الرواتب.

هجرة المزارعين

تعد الضالع إحدى أكثر المحافظات اليمنية إنتاجاً لنبتة «القات»، في حين يعد «القات» المزروع فيها من أكثر الأنواع جودةً، ويُباع بأسعار باهظة في مختلف محافظات جنوب البلاد التي تندر زراعته فيها، غير أنه لا يصل إلى المحافظات الشمالية إلا بشكل محدود، حيث تنتشر زراعة أنواع مختلفة منه.

ويقول ناشط اجتماعي في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبايات التي تعمل الجماعة الحوثية على زيادتها بشكل دوري على مختلف المزروعات، خصوصاً «القات»، أجبرت الكثير من المزارعين والباعة على ترك هذه المهنة والتوجه إلى مهن أخرى أو الهجرة خارج المحافظة أو خارج البلاد.

وأشار الناشط، الذي طلب التحفظ على اسمه، إلى أن قرية أقاربه التي لا يزيد تعداد سكانها عن ألف شخص، شهدت خلال السنوات الماضية هجرة ما يزيد على 200 من شبابها ممن كانوا يعملون في زراعة وتجارة «القات» إلى خارج البلاد، بسبب زيادة الأعباء عليهم نتيجة فرض الإتاوات المتزايدة.

الضرائب الحوثية تسببت في الإضرار بالمزارعين وتجار «القات» (أ.ب)

وينبه الباحث الاقتصادي عبد القادر المقطري إلى أن الجبايات والضرائب التي تفرض على زراعة وتجارة نبتة «القات» تؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على العائلات التي ليست لها موارد اقتصادية سوى هذا النشاط، ورغم زيادة أسعار هذه النبتة، فإن الإقبال على تناولها لا يتراجع، نظراً لصعود طبقة تثري من تجارة الحرب والفساد.

ويذهب المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تجارة الحرب والفساد ساهما في زيادة أسعار نبتة «القات»، بعيداً عن الإتاوات والضرائب المفروضة عليها باستمرار، نظراً لأن الطبقات التي نشأت عنهما يتنافس أفرادها في الحصول على أجود الأنواع والتباهي بذلك خلال «جلسات المقيل»، حيث يتم مضغ النبتة.

إلا أن هذه الزيادات الهائلة في الأسعار لا تصل إلا لنسبة محدودة من كبار التجار، وهم في الغالب باعة الأنواع الباهظة الثمن، بينما يعاني صغار التجار والمزارعون من تضاؤل هامش الربح باستمرار نظراً للضرائب والجبايات المفروضة وغيرها من الأعباء المفروضة عليهم.


هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
TT

هيئة بحرية بريطانية: على السفن التجارية في الخليج وغرب المحيط الهندي البقاء في حالة حذر

طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)
طائرات مسيرة تظهر خلال مناورة قتالية للجيش الإيراني في سمنان - إيران 4 يناير 2021 (إيران)

قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري، اليوم (الجمعة)، إنها توصي السفن التجارية في «الخليج العربي وغرب المحيط الهندي»، بالبقاء في حالة حذر تأهبا لزيادة نشاط الطائرات المسيرة في المنطقة.

وقالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم، إنه لا توجد مؤشرات حالياً على أن سفناً تجارية كانت الهدف المقصود للضربة الإسرائيلية ضد إيران.


زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين يتبنّى مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)
صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

تبنّى زعيم الجماعة الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي، الخميس، مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتباهى بالرد الإيراني على إسرائيل، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، جدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي تفنيد هذه السردية الحوثية، متهماً الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

الجماعة الحوثية سخرت الموارد والأموال للتعبئة العسكرية على حساب ملايين الجوعى (إعلام حوثي)

وفي خطبة بثها تلفزيون المسيرة (الذراع الإعلامية للجماعة)، تبنى الحوثي تنفيذ 14 هجوماً في البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي، وفق زعمه باستخدام 36 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، قال إنها استهدفت 8 سفن، ما يرفع عدد السفن المستهدفة إلى 98 سفينة.

وخصص الحوثي مساحة واسعة من خطبته لمديح الرد الإيراني على إسرائيل، مدعياً مشاركة ما يسمى «محور المقاومة» في هذا الرد في إشارة إلى جماعته «حزب الله» اللبناني، والفصائل العراقية الموالية لطهران.

وبخلاف الرواية الإيرانية الرسمية التي أكدت أن ردها على إسرائيل كان بسبب مقتل جنرالاتها في الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، زعم الحوثي أن الرد كان من أجل مناصرة فلسطين.

وشدّد الحوثي على أتباعه للتظاهر والاحتشاد في صنعاء والمناطق الخاضعة للجماعة، الجمعة، كما دعا إلى استمرار عمليات التعبئة والتجنيد، بعد توقفها خلال إجازة عيد الفطر.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

مقاتلة من طراز «إف 18» على متن حاملة طائرات مشاركة في حماية الملاحة من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

في مقابل ذلك، أُصيبت 16 سفينة على الأقل خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما تسبب هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي في مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

نفي سردية الحوثيين

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، عدم وجود أي علاقة بين الحوثيين في البحر الأحمر وادعاءاتهم بمناصرة غزة.

وقال العليمي إن «المليشيات الحوثية وحلفاءها في العراق ولبنان والمنطقة يستخدمون قميص غزة لخدمة المصالح والأجندة الإيرانية، مدللاً على ذلك بالتناغم بين النشاط الذي تقوم به الميليشيات في العراق والنشاط الذي تقوم به الميليشيات في سوريا ولبنان واليمن، وفقاً لمصالح إيران والحوارات غير المعلنة بينها وبين المجتمع الغربي».

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف: «نحن نعرف أن هناك حوارات مستمرة بين الغرب، وبين إيران وهي تطرح شروطها بوضوح بما فيها رفع العقوبات مقابل وقف التصعيد».

وأشار إلى حرص بلاده على إحداث تحول في الاستراتيجيات لصالح المنطقة ولصالح اليمنيين، وضد المشاريع التخريبية والتدميرية في المنطقة، إلى جانب الحرص على تماسك المجتمع الدولي في مجلس الأمن، وإبقاء العلاقات جيدة مع كل الأطراف.

وتابع: «لا نريد أن يدخل اليمن في صراع أو طرف في الصراعات الدولية، فنحن لدينا من الهموم ما يكفي، وبالتالي نحاول أن نحقق نوعاً من التوازن في علاقتنا الخارجية لكي نحقق أهدافنا في استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب، وتحقيق سلام شامل وعادل يعتمد على المرجعيات».

وأوضح العليمي أن الجماعة الحوثية بدأت منذ نشأتها في الثمانينات القيام بأعمال إرهابية، ثم شكلت بعد ذلك ما أطلق عليه الشباب المؤمن، ثم حشدت عناصرها ومونتهم بالأسلحة والأموال من إيران، وبدأت بمواجهة الدولة في عام 2004.

وتعرض رئيس مجلس الحكم اليمني لمشروع الحوثيين السياسي، المتمثل في أحقيتهم بالحكم سواء في اليمن أو في المنطقة العربية، ووصفه بـ«العنصر العقائدي في مشروعهم السياسي»، مشيراً إلى سعيهم إلى إعادة نظام الإمامة في اليمن بدعم إيراني.

مدمرة غربية تشارك في التصدي للهجمات الحوثية (الجيش الإيطالي)

وأعاد التذكير باستغلال الحوثيين لما عرف بالربيع العربي وما تلاه من ترتيبات لمرحلة الانتقال السياسي في اليمن من أجل الانقلاب على الدولة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه المبادرة الخليجية، وشارك فيه الحوثيون بنحو 36 عضواً، وصولاً إلى مشاركتهم في إعداد مشروع مسودة دستور اليمن الجديد.

وقال العليمي إن إيران حققت عبر الحوثيين أهدافها بالقضاء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأدخلت اليمن في النفق المظلم والصراع والحرب الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

واتهم إيران بأنها تستخدم القضايا العربية العادلة لأغراض غير عادلة وغير أخلاقية بما في ذلك زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية، مشيراً إلى أن القضية اليمنية واحدة من هذه القضايا التي تستخدمها إيران لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الشعب اليمني والمصلحة العربية عموماً.

وقال العليمي: «نحن لدينا معلومات عن كيفية استغلال إيران لميليشياتها سواء في اليمن أو في سوريا أو في العراق أو في لبنان لتحقيق مصالحها سواء فيما يتعلق بالعقوبات، وفك الحظر عن الأرصدة، أو فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ومستقبل نفوذها في المنطقة».

وأضاف «أعتقد أن المصالح الإيرانية اليوم هي التي تتحكم بميليشياتها في المنطقة ومنها اليمن، حيث تغلب مصلحة إيران على مصالح هذه الشعوب، وهي الكارثة الكبرى التي يجب أن نواجهها اليوم جميعا». وفق تعبيره.


زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
TT

زعيم الحوثيين: نفّذنا 14 عملية في أسبوعين وصولاً إلى المحيط الهندي

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر يوم 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

قال عبد الملك بدر الدين الحوثي، زعيم جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران، اليوم (الخميس)، إن الحوثيين نفّذوا 14 عملية بالبحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وصولاً إلى المحيط الهندي في غضون أسبوعين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف في خطاب بثه التلفزيون: «لا خطر على الملاحة التابعة للدول الأوروبية التي لا تتجه إلى العدو الإسرائيلي ويمكنها المرور بأمان وسلام».


اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
TT

اليمن: حملات الانقلابيين استهدفت 3200 منشأة تجارية في 40 يوماً

متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)
متجر في صنعاء لبيع المكسرات والحلويات (أ.ف.ب)

شنت الجماعة الحوثية خلال 40 يوماً حملات استهدفت نحو 3200 منشأة تجارية في صنعاء ومدن أخرى، بهدف الابتزاز وفرض الجبايات، وتمكين أتباعها من مفاصل العمل التجاري في مقابل التنغيص على غير الموالين لها.

وكشف تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين في وزارة الصناعة ومكاتبها في المحافظات الخاضعة لهم، عن نزول فرق ميدانية في شهر رمضان الماضي استهدفت أكثر من 2237 منشأة تجارية، بينما استهدفت خلال إجازة عيد الفطر نحو 965 منشأة بحجة تسجيل مُلاكها مخالفات ورفضهم للتعليمات، وعدم التزامهم بقائمة الأسعار التي فرضتها الجماعة.

مركز جباية استحدثه الحوثيون على مقربة من إحدى المدن الخاضعة لهم (إعلام محلي)

وحلت العاصمة المختطفة صنعاء في المرتبة الأولى من حيث عدد المنشآت التجارية التي ضربتها موجة الاستهداف الحوثي بواقع 1672 عملية دهم، تلتها محافظتا الحديدة وعمران بواقع 169عملية استهداف لكل منهما، فيما حلت صعدة (معقل الجماعة) بالترتيب الثالث بعدد 66 عملية استهداف بالجباية خلال إجازة العيد ضد ملاك منشآت تجارية، لتأتي بعدها تباعاً بقية المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرة الجماعة.

ونقلت وسائل إعلام الجماعة تصريحات للقيادي نجيب العذري المعين في منصب مدير العمليات المركزية بوزارة الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، يؤكد فيها أن الحملة الميدانية في رمضان وإجازة عيد الفطر ضبطت أكثر من 3202 مخالفة بمنشآت تجارية متنوعة في عدة مناطق تحت سيطرتهم. زاعماً أن تلك المخالفات التي قيدتها الجماعة تركز أغلبها على عدم إشهار قائمة الأسعار.

لا استثناءات

في ظل استمرار حملات الابتزاز الحوثية، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة تنفذ منذ أيام أعمال جباية لم تستثنِ أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والباعة المتجولين بمناطق متفرقة من صنعاء وضواحيها.

وطالت الحملات الحوثية في اليومين الماضين، عشرات المنشآت التجارية الكبيرة والمتوسطة والأصغر في صنعاء، حيث أفاد تجار لـ«الشرق الأوسط» بأن فرقاً حوثية ميدانية شنت حملات لجمع إتاوات نقدية وأخرى عينية بالقوة، تحت عناوين متعددة؛ أبرزها تمويل مشروعات الجماعة وجبهاتها القتالية.

حوثيون يداهمون مخزناً للأدوية في صنعاء (إعلام محلي)

وأكد نبيل، وهو اسم مستعار لأحد التجار في صنعاء أن ما وصفها بـ«فرق البطش الحوثية» داهمت في الأيام القليلة الماضية عدة محالّ وأسواق تجارية بمناطق متفرقة من المدينة، وباشر عناصرها بالاعتداء على عدد من الملاك واختطاف آخرين، إلى جانب فرض مبالغ مالية بحق مجموعة ثالثة من التجار.

واتهم التاجر وزير الصناعة بحكومة الحوثيين غير المعترف بها محمد شرف المطهر بالوقوف خلف جرائم التعسف والابتزاز والنهب المنظم الذي يتعرض له التجار ولا يزالون.

تعطيل الاقتصاد

مع مواصلة الجماعة الحوثية تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي ووضع العراقيل أمام ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص بمناطق سيطرتها بغية فرض كامل السيطرة عليه، أوضحت المصادر التجارية أن حملات الاستهداف الأخيرة ضد التجار، نُفذت بإشراف مباشر من قادة الجماعة المسؤولين عن قطاع الصناعة والتجارة في صنعاء وبقية المحافظات.

وأكدت المصادر أن حملات الاستهداف بالإغلاق وفرض الجبايات على ما تبقى من النشاط التجاري بمختلف أشكاله في مناطق سيطرة الجماعة يندرج في إطار النهج المنظم والواسع للقضاء على ما بقي من القطاعات الحيوية، وتمكين موالين للجماعة من الهيمنة التجارية.

وجاء تكثيف حملات الابتزاز في مناطق سيطرة الجماعة بالتوازي مع تحذيرات أممية بأن ملايين اليمنيين لا يزالون يعانون من الآثار المعقدة للعنف المسلح والأزمة الاقتصادية المستمرة، وتعطل مختلف الخدمات العامة، واحتياج نحو 21 مليون شخص إلى مساعدة إنسانية وخدمات حماية عاجلة.

العاملون في مختلف المهن يجبرهم الحوثيون على دفع الإتاوات (الشرق الأوسط)

وكان البنك الدولي وضع اليمن في أحدث تقرير له ضمن أكثر البلدان فقراً على مستوى العالم. وذكر أن بيانات الأمن الغذائي المتكامل تضع هذا البلد في مرتبة واحدة مع أفغانستان وهايتي والصومال وجنوب السودان والسودان ودول الساحل الأفريقي.

ووفقاً للتقرير الخاص بتقييم مستوى الفقر، فإن اليمن كان في الأساس بلداً فقيراً قبل اندلاع الحرب، ولهذا خلفت عشر سنوات من الصراع والأزمات آثاراً وخيمة على الظروف المعيشية، حيث يعاني الملايين من الجوع والفقر.


توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
TT

توجّه حوثي لمحاصرة البضائع المقبلة من المناطق المحررة

منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)
منذ أربعة أعوام يحاول الحوثيون ضرب ميناء عدن وإجبار المستوردين على مغادرته (إعلام حكومي)

يعكف الحوثيون على تفعيل قرار سابق بفرض رسوم جمركية على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة لإرغام المستوردين على تحويل بضائعهم إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، وفقاً لمصادر يمنية مطلعة.

تأتي الخطوة الحوثية في الوقت الذي يعمل فيه مبعوث الأمم المتحدة والوسطاء من الإقليم على احتواء تداعيات خطوة الجماعة المتمثلة في سك عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني.

وذكرت مصادر في القطاع التجاري لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء من السعودية وسلطنة عمان يعملون على احتواء تداعيات الحرب الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين عقب قيام الأخيرة بإصدار العملة المعدنية من طرف واحد، ورد البنك المركزي في عدن على ذلك بمنع تداول هذه الفئة، وتوجيهه البنوك التجارية بنقل إداراتها المركزية من صنعاء إلى عدن خلال شهرين.

عائدات ميناء الحديدة يستحوذ عليها الحوثيون بينما يعاني سكان المدينة من الفقر (إعلام محلي)

وبينت هذه المصادر أن جهود الوسطاء مستمرة، وأن هناك أفكاراً تناقش وبمشاركة من الأمم المتحدة لاحتواء المواجهة الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين، وتشمل هذه النقاشات جوانب كثيرة من الوضع الاقتصادي بما فيها استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وقالت إنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهمات واضحة بهذا الخصوص.

وبالتزامن مع هذه الجهود ذكرت مصادر القطاع التجاري أن رشيد أبو لحوم وزير المالية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، وجه المنافذ الجمركية التي استحدثت في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة الاستعداد لبدء تنفيذ قرار سابق برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، على كل البضائع المقبلة من الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وهو القرار الذي أعلن عنه قبل ستة أشهر ومنح بموجبه التجار هذه الفترة لاستكمال تحويل استيراد البضائع إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي أبو لحوم يسعى ومنذ انتهاء فترة الأشهر الستة لتطبيق هذه الخطوة التي تهدف إلى رفع أسعار البضائع والسلع التي يتم استيرادها عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة لصالح البضائع التي يتم استيرادها عبر الموانئ التي تخضع لسيطرة الحوثيين، مع أن القانون اليمني لا يعطي الوزير ولا الحكومة غير المعترف بها حق فرض أي رسوم أو زيادة في الضرائب إلا بقانون، كما يمنع منح الإعفاءات إلا في حالات محددة وبشروط مشددة.

رفض للقرار

وفق المصادر اليمنية، فإن القطاع التجاري في مناطق سيطرة الحوثيين أكد أنه لن يرضخ لهذه الإجراءات التي وصفها بالتعسفية وغير القانونية، حيث يتهم القيادي الحوثي أبو لحوم بأنه كان السبب في ارتفاع أسعار جميع السلع من خلال مضاعفته رسوم ما يسمى بالنظافة والتحسين إلى أكثر من عشرة أضعافها خلال عام واحد، وأنه مستمر في مضاعفتها بمقدار مرتين كل عام، إلى جانب غيرها من الجبايات المرتبطة بالسلع والخدمات.

الحوثيون أغلقوا الطرق الرئيسية مع المناطق المحررة لإرغام التجار على الاستيراد عبر الحديدة (إعلام محلي)

ونبهت المصادر إلى أن قطاعاً كبيراً من التجار غادر إلى مناطق سيطرة الحكومة أو إلى الخارج، وأن هناك ممارسات يومية هدفها خلق طبقة جديدة من التجار مستفيدين من التسهيلات والامتيازات والإعفاءات التي يمنحها الحوثيون لهؤلاء التجار، وغالبيتهم ينحدرون من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.

واتهمت المصادر في القطاع التجاري أبو لحوم ومعه القيادي الآخر محمد المطهر المعين في منصب وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب الحوثية إلى جانب القيادي أحمد حامد الذي يشغل منصب مدير مكتب مجلس الحكم الحوثي، بالعمل على تدمير القطاع الخاص.

ويأتي التدمير الممنهج - وفق المصادر - من خلال فرض الرسوم والجبايات المضاعفة ومصادرة البضائع بحجة مقاطعة الشركات الغربية، بينما يعمل هؤلاء على تقديم التسهيلات والإعفاءات من الرسوم القانونية والجبايات لمجموعة من التجار الذين يعملون لصالح الجماعة أو بالشراكة مع قيادات فيها.

ووفق ما ذكرته المصادر التجارية اليمنية، فإن الخطوة الحوثية المتوقعة ستسبب حالة من الفوضى، وتراكم السلع في المنافذ مع نقص المعروض منها في الأسواق، وإنها لن تجبرهم على الاستيراد عبر موانئ الحديدة، كما أن كميات كبيرة تأتي من دول الجوار عبر البر، وبالضرورة أن تمر عبر مناطق سيطرة الحكومة التي تسيطر على كل المنافذ البرية.

مسلحون حوثيون في تجمع دعا له زعيم الجماعة بصنعاء (رويترز)

وكان الحوثيون أعلنوا في مطلع أغسطس (آب) الماضي رفع الرسوم الضريبية على السلع المقبلة عبر المنافذ البرية مع مناطق سيطرة الحكومة بنسبة 100 في المائة من إجمالي القيمة الجمركية، بعد أن فشلت الجماعة في إقناع المستوردين بالتحول نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم، وبهدف زيادة الأموال التي يتحصلون عليها، والضغط على الجانب الحكومي مالياً بعد أن منعته من تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عند استهداف موانئ التصدير بعدة هجمات.


البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
TT

البحر متنفس النازحين في غزة رغم القصف والدمار

أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)
أهل غزة يقولون «البحر متنفسنا» بعيداً عن خيم النزوح (أ.ف.ب)

دفع ارتفاع درجات الحرارة في دير البلح في قطاع غزة ناجي أبو وسيم وأسرته للهرب إلى البحر وقضاء بعض الوقت بعيداً عن خيم النزوح بعد أكثر من ستة أشهر من حرب مدمّرة متواصلة.

رصد تقرير لوكالة «الصحافة الفرنسية» وصول الآلاف الأربعاء إلى شاطئ بحر دير البلح في وسط قطاع غزة، بعضهم نزل إلى البحر للسباحة، فيما فضل آخرون البقاء على الشاطئ، واصطحب أحدهم حصاناً ركبوه، وأمكن رؤية جمل مع شبان آخرين.

وقال أبو وسيم «البحر متنفسنا الوحيد، أمضيت مع أسرتي ست ساعات على البحر، الأطفال كانوا فرحين».

وأضاف «هذا هدفنا الأول أن نخرجهم من أجواء الدمار، والقتل، والحرب، رغم أنهم يسمعون انفجارات في كل لحظة، والطائرات تجوب الأجواء».

وتابع «إن شاء الله تنتهي هذه الحرب، ونرجع إلى مدينة غزة حتى لو على الركام».

أما محمود الخطيب (28 عاماً) النازح من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة قرب دير البلح، فوصف الخيمة بأنها «مثل الفرن»، في إشارة إلى الحر الشديد.

وأضاف «اليوم كانت فرصة أمامنا أن نتوجه إلى البحر بسبب الحرارة المرتفعة، اصطحبت زوجتي وأولادي... أفضل من الخيمة».

وتخوّف من فصل الصيف المقبل. «نحن مقبلون على فصل صيف حار. درجات الحرارة تقتلنا إلى جانب الحرب. ليس أمامنا سوى شاطئ البحر».

واستدرك «يكفي سبعة شهور من الحرب، لم يبق شيء، لا بيوت، ولا مال، ولا بنية تحتية، لا شكل للحياة، كل شيء معدوم».

ورصدت عدسة وكالة «الصحافة الفرنسية» أطفالاً يلهون على الشاطئ، وآخرين على الرمال، بينما كانت نسوة محجبات يلتقطن الصور.

علبة سردين

بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 33899 شخصاً في قطاع غزة، أكثر من 70 في المائة منهم من النساء والأطفال.

واندلعت الحرب عقب هجوم غير مسبوق نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، وأدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين. فيما خطف أكثر من 250 شخصاً، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ورداً على ذلك، توعدت إسرائيل بـ«القضاء» على «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007 وتصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «إرهابية».

ومن بين الذين هربوا إلى البحر، يونس أبو رمضان الذي اصطحب زوجته وأولاده.

وقال «لا مفرّ أمامنا سوى التوجه إلى البحر، حاولنا أن ننسى ما نحن فيه، لكن الظرف صعب، إطلاق النار والقصف في كل مكان».

وأضاف أبو رمضان الذي نزح مع عائلته المؤلفة من عشرين شخصاً، بينهم أطفال من حي النصر في شمال قطاع غزة إلى دير البلح «نعيش في خوف، ورعب، ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا في غزة».

أما زوجته أم رمضان فقالت إن خيم النزوح «مثل علبة السردين، تكدّس، وازدحام. لا نعرف الراحة، ولا الهدوء، الطيران من جانب، وقلق الأطفال من جهة ثانية».

وأضافت «البحر متنفسنا... شاهدنا كل الناس الموجودة في الخيم وقد نزلوا إلى البحر مثلنا، لأن الجو حار جداً».

ولم تخف السيدة خوفها من القصف الإسرائيلي. وتقول «نحن خائفون أن يتم قصفنا من البحر أيضاً، الزوارق الحربية الإسرائيلية قريبة من الشاطئ، لكن الله سلمنا، ونأمل أن تنتهي الحرب، ونعود إلى منازلنا».


ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيئ في سلطنة عمان إلى 21

غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)
غرق يعض السيارات في إمارة دبي جراء الطقس السيئ (أ.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء العمانية، اليوم (الخميس)، إن عدد الوفيات جراء المنخفض الجوي الذي ضرب السلطنة ارتفع إلى 21، بعد العثور على امرأة عمانية مفقودة في منطقة الشريخة بولاية محوت، ورجل يحمل جنسية دولة آسيوية في ولاية صحم وقد فارقا الحياة.

وأضافت الوكالة الرسمية أن البحث لا يزال جارياً عن مفقودين اثنين آخرين.

كانت اللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة في عمان قد أعلنت في وقت سابق من الأسبوع الحالي تعليق العمل في المدارس في أغلب أنحاء البلاد، واعتمدت حكومة دبي في الإمارات العمل عن بُعد لثلاثة أيام بعد موجة من الطقس السيئ ضربت المنطقة، وشهدت عواصف عاتية وأمطاراً غزيرة غير مسبوقة.

وعطل المنخفض الجوي مناطق واسعة في سلطنة عمان والإمارات وامتد تأثيره أيضاً إلى اليمن.

وأعلنت عمان والإمارات، أمس، انتهاء موجة الطقس السيئ، وأعاد مطار دبي الدولي تدريجياً فتح إجراءات تسجيل المسافرين المغادرين لرحلات طيران الإمارات وفلاي دبي بعد تعليقها بسبب الطقس.


وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
TT

وفرة الموارد الطبيعية في باكستان تفتح الباب لاستثمارات سعودية جديدة

وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)
وزيرا خارجية السعودية وباكستان في صورة جماعية عقب اجتماع مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين (واس)

قال نواف المالكي السفير السعودي لدى باكستان، إن اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عُقد أمس (الثلاثاء) بين الجانبين السعودي والباكستاني، أكّد على «ما تختص به باكستان من وفرة في الموارد الطبيعية مما يجعلها دولة مستهدفة للاستثمار في كثير من القطاعات المتاحة من خلال دراسة العروض المقترحة لإقامة استثمارات مشتركة بين السعودية وباكستان».

ووصل وزير الخارجية السعودي إلى باكستان (الاثنين)، في زيارة استمرت ليومين، على رأس وفد رفيع المستوى يتألّف من وزراء من القطاعات الرئيسية بما في ذلك الاستثمار، والمياه والزراعة، والبيئة، والصناعة، والموارد المعدنية، والطاقة، وقطاعات أخرى، لتسريع متابعة التفاهم الذي تم التوصل إليه بين رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال اجتماعهما الأخير في السابع من أبريل (نيسان) الحالي في مكة المكرمة، ولتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، والتقى خلال زيارته الرئيس الباكستاني، ورئيس الوزراء؛ ووزير الخارجية، ورئيس الجيش الباكستاني. كما ترأس مع نظيره الباكستاني اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص بين البلدين».

وأضاف المالكي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيارة تأتي «امتداداً للعلاقات الدائمة مع دولة باكستان الشقيقة، وهي تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين وتطورها بشكل مستمر، ولتعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري، ودعم المستثمرين من البلدين لتوسيع أعمالهم التجارية في القطاعات كافة». وتابع أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان والوفد المرافق له «جاءت لاستعراض سبل تعزيز علاقات التعاون المتينة في كثير من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التعاون الأمني والاستراتيجي بين البلدين بما يسهم في الأمن والسلم الدوليين».

وتتجه السعودية وباكستان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري ودعم المستثمرين لتوسيع أعمالهم في البلدين، وذلك خلال اجتماع «مجلس تيسير الاستثمار الخاص»، الذي عقد في إسلام آباد، (الثلاثاء)، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، ونظيره الباكستاني إسحاق دار.

القطاعات المستهدفة

وأكد وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار، على الروابط العميقة والمصالح الاستراتيجية المتبادلة بين باكستان والسعودية، وأبرز أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية الثنائية والدور الحيوي للاستثمارات السعودية في تعزيز هذه العلاقة.

وشرح كيف تهدف باكستان من خلال منصة «إس آي إف سي» إلى تبسيط عمليات الاستثمار وضمان اتخاذ القرارات بسرعة، وتعزيز بيئة استثمارية مزدهرة في باكستان.

وعرض فرص باكستان الوفيرة في قطاعات الزراعة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، داعياً المستثمرين السعوديين إلى المشاركة في شراكات مفيدة للجانبين.

وتحدث وزير الخارجية الباكستاني أيضاً عن ثقته بتعزيز الروابط بين البلدين، متصوراً نمواً اقتصادياً كبيراً وفوائد دائمة.

جانب من لقاء وزير الخارجية السعودي والوفد المرافق رفيع المستوى برئيس أركان الجيش الباكستاني (واس)

تحديد الفرص الاستثمارية

إلى ذلك، قدم المسؤولون في «إس آي إف سي» شروحات شاملة تشمل الإمكانيات والفرص الاستثمارية في القطاعات الرئيسية للاقتصاد الباكستاني، وعقد الجانبان جلسات نقاش مكثفة على مستوى الأداء لتحديد فرص الاستثمار في باكستان.

وكشف الجانب السعودي عن أهمية كبيرة واهتمام في تحسين بيئة الاستثمار في باكستان، وقدر دور «إس آي إف سي» في تسوية قضايا الاستثمار / الأعمال السابقة للسعودية بطريقة ودية، مبدياً اهتماماً كبيراً بالاستثمار في القطاعات الرئيسية في باكستان.

أما الجانب الباكستاني فأبدى دعمه وتسهيلاته في تسريع الاستثمارات متعددة المليارات من المملكة في إسلام آباد.

ووضع الجانبان آلية تنفيذ ثنائية لتنسيق وتنفيذ الشؤون المتعلقة بالاستثمار على مستوى الأداء لتحويل التزاماتهما السيادية إلى نتائج اقتصادية ملموسة.