لاجئون سوريون عن «كورونا»: أرقام الوفيات أرعبتنا وتعودنا تجاوز العقبات

سيدة تضع كمامة على وجه طفلة لاجئة (أ.ف.ب)
سيدة تضع كمامة على وجه طفلة لاجئة (أ.ف.ب)
TT

لاجئون سوريون عن «كورونا»: أرقام الوفيات أرعبتنا وتعودنا تجاوز العقبات

سيدة تضع كمامة على وجه طفلة لاجئة (أ.ف.ب)
سيدة تضع كمامة على وجه طفلة لاجئة (أ.ف.ب)

يعتقد كثير من السوريين أنهم طوّروا مناعة ضد الكوارث. وعلى الرغم من أن وباء (كوفيد - 19) الذي يجتاح العالم اليوم يختلف كليا عن الحرب الأهلية التي مزّقت بلدهم على مدى نحو عقد، فإن بعض اللاجئين يبدون واثقين بأن الخبرة التي اكتسبوها في التأقلم مع العنف والمنافي تساعدهم في التعامل مع القلق الناجم عن تفشي الفيروس.
ووفقا لـ«فرنس برس» التي أجرت مقابلات مع أربعة سوريين في فرنسا فقد أكّدوا أن المحن التي عاشوها في الماضي كالسجن والنفي منحتهم مهارة في التعامل مع إجراءات الإغلاق وساعدتهم في إيجاد الأمل والقوة لتجاوز التحديات.
منذ اللحظة الأولى لبدء تطبيق أوامر السلطات الفرنسية للسكان بالتزام منازلهم، عاد محمد حجازي بذاكرته إلى ما تعلّمه من معايشة سني الحرب والأيام الكئيبة في سجون النظام السوري، حيث اعتقل لثلاثة شهور.
ويؤكّد المخرج السينمائي الدمشقي البالغ 31 عاما والذي اعتقل بسبب مواقفه السياسية بين عامي 2012 و2013 أن المحافظة على روتين يومي صارم مفيد للغاية.
ويشير إلى أن تجربته علّمته أهمية التواصل الاجتماعي والغذاء الصحي والتعبير عن النفس «عبر الغناء والرسم والصلاة لكلٍّ طريقته وجميعها تنجح بالدرجة نفسها».
وقال حجازي لفرنس برس متحدثا عبر تطبيق للتواصل عبر الفيديو من باريس، حيث يعيش منذ 2017: «أفترض أن الناس الذين عاشوا تجارب من هذا النوع تدرّبوا أكثر من غيرهم على كيفية المحافظة على رؤية أشمل للوضع». وأضاف «نعود فورا للآليات التي استخدمناها في السابق لتجاوز فترات الأزمة»، مؤكدا «نعرف ما الذي علينا تخزينه».
وأعاد الإغلاق إحياء ذكريات الوحدة التي شعر بها في الأشهر الأولى عقب انتقاله إلى فرنسا. والآن، مع توقف مجال تصوير الأفلام، قرر استخدام معدّاته لتأسيس إذاعة عبر الإنترنت أطلق عليها اسم «معزول»، مشيرا إلى أنها تمكّنه من المحافظة على روح الجماعة وتبقيه متفائلا.
أما يزن الحمصي، فيدرك أن التعرض إلى تجربة الحرب عن قرب لا تجعل من العيش في زمن وباء عالمي أمرا أسهل. ويقول إن الأسبوع الأول من الإغلاق أعاده إلى الفترة المروعة التي قضاها لأكثر من عام تحت الحصار والقصف في مدينته حمص.
وقبل توقّف حركة الطيران إثر انتشار الفيروس، كان صوت إقلاعها وهبوطها في مطار ليون قرب مكان إقامته الجديد يذكّره بالطائرات الحربية التي قصفت مدينته.
ويقول حمصي، الذي طلب استخدام اسم مستعار من أجل سلامة عائلته التي لا تزال في سوريا: «كنت أستيقظ كل يوم متسائلا أين أنا؟ غرقت في هذا الشعور ولم أغادر المنزل لمدة أسبوع».
ويشعر مطور شبكة الإنترنت ومحلل البيانات البالغ 34 عاما بالقلق على والديه المسنَين نظرا «لغياب أي رعاية صحية تذكر في سوريا».
وبعد كل ما مرّ فيه، يقول إن أهم نصيحة يمكن أن يوجّهها للفرنسيين القلقين هي تذكّر بأن «حكومتهم تعمل من أجل سلامتهم» و«لديهم حقوق».
في أوقات صعبة كهذه، يعد العيش في دولة ديمقراطية أمرا مطمئنا بالنسبة لدنيا الدهان، من دمشق.
وتؤكد الدهان، وهي أم لطفلين وطالبة دكتوراه، «هناك منظومة ودولة وهناك أشخاص يعبّرون عن آرائهم».
وتعرب المرأة التي تعيش في باريس منذ العام 2014 عن تقديرها لحرية التعبير. وتعطي مثالا لمقابلة تلفزيونية انتقد خلالها طبيب فرنسي السلطات لعدم استعدادها بالشكل المناسب لمواجهة الوباء. لكنها تقرّ بأن حصيلة وفيات (كوفيد - 19) «أخافتها» ودفعتها لإعادة التفكير في الخسائر الفادحة في الأرواح في سوريا.
وقالت الدهان (40 عاما)، وهي من مؤسسي مبادرة «بورت أوفيرت سور لارت» (أبواب مفتوحة للفن) التي تدعم الفنانين المقيمين في المنفى: «ما أخافني حقا هي الأخبار عن الوفيات وأعدادهم». وأضافت «صدمني الأمر لأنه جعلني أتساءل: كيف كان بإمكاننا تحمّل الأمر عندما كنا نسمع عدد الأشخاص الذين يقتلون في سوريا؟».
وقتل أكثر من 380 ألف شخص منذ اندلع النزاع في سوريا قبل تسع سنوات بينما انهارت معظم البنية التحتية في البلاد.
يحاول الطاهي الدمشقي عماد شوشرة ألا يسمح للإحباط بالتمكن منه، هو الذي اعتاد البدء من الصفر، بعدما تم إلغاء عدة عقود لتقديم خدمة الطعام لموسم الربيع والصيف الذي يعد رابحا عادة.
وكان شوشرة يملك شركة نقل في سوريا لكنه اضطر إلى تغيير مهنته عندما دفعته الحرب إلى الفرار.
وأسس عمله الجديد في باريس عام 2015، حيث تخصص بتقديم الوجبات السورية وباتت لديه لائحة من الزبائن تبدأ بمنظمي أعراس وصولا إلى مسارح وصالات عرض.
لكن فيروس «كورونا» المستجد شكّل ضربة للأعمال التجارية حول العالم، صغيرة كانت أم كبيرة.
واليوم، يقضي شوشرة يومه وهو يحضّر فيديوهات سريعة لوصفات ينشرها على «إنستغرام» على غرار طبق متبل الشمندر. ويؤكد بينما يستعد لتحضير الأخطبوط المشوي «لدينا مثل شعبي يقول: كلما سقطت، تعود للوقوف من جديد».
ويأمل الطاهي البالغ 36 عاما بأن ترفع تسجيلات إعداد الطعام عبر الإنترنت معنويات متابعيه. ويؤكد أن مواجهة المشكلات «ليست سببا للاستسلام» مضيفا «تذكر، أنت على درب الحياة وهناك عقبات. قد تتجاوز هذه العقبة وقد تسقط بسبب التي تليها. لكن مهما حصل، عليك المضي قدما».


مقالات ذات صلة

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.


غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».