4 أشهر تهوي بتجربة الريال الإلكتروني بمناطق سيطرة الحوثيين

صعوبة في التعامل... وترجيحات لاستخدامه سلاحاً ضد الحكومة اليمنية

بائع في متجر حبوب وسط صنعاء (رويترز)
بائع في متجر حبوب وسط صنعاء (رويترز)
TT

4 أشهر تهوي بتجربة الريال الإلكتروني بمناطق سيطرة الحوثيين

بائع في متجر حبوب وسط صنعاء (رويترز)
بائع في متجر حبوب وسط صنعاء (رويترز)

وصف خبراء اقتصاديون تجربة قرار الحوثيين منع تداول وحيازة العملة المطبوعة الجديدة واستبدال الريال الإلكتروني بها بأنها هوت وفشلت، وأن أربعة أشهر من التداول الضئيل كانت كافية لإثبات ذلك.
كما ذكر الخبراء الذين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أن القرار حمل معه تبعات ونتائج سلبية وتسبب بحرمان الموظفين في مناطق الشرعية من رواتبهم التي كانت تدفعها الحكومة الشرعية عبر شركات الصرافة وذلك بعد عجز شركات الصرافة عن تسديد التزاماتها بالطبعة القديمة، إضافة إلى رفع رسوم التحويلات الداخلية، وقرأوا إصرار انقلابيي اليمن على ذلك بأنه سلاح مصوّب نحو الشرعية للضغط عليها أو الحصول على تنازلات.
وبعد نحو أربعة أشهر من القرار الحوثي لا يزال المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وحتى من هم في مناطق الشرعية يعانون من تبعات القرار جراء تعميم الحوثيين على وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء وعلى جميع المخابز والبقالات والمحال التجارية ووسائل النقل الداخلية حتى بائعي القات، عدم التعامل مع الطبعة الجديدة، وهددت الميليشيات من يخالف تعميمها بغرامات مالية، ما جعل سكان المناطق التي تسيطر عليها الجماعة ترفض العملة النقدية الجديدة.
ويعيش اليمنيون في ظل بؤس ومعاناة ونزوح داخلي جراء حرب تشهدها البلاد منذ خمسة أعوام بسبب انقلاب جماعة الحوثي على حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في سبتمبر (أيلول) 2014، الحكومة المعترف بها دولياً.
في 19 ديسمبر (كانون الأول) أصدر البنك المركزي بصنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، قراراً يمنع حيازة وتداول الإصدار الجديد من العملة النقدية، التي طبعتها الحكومة الشرعية في سبتمبر 2016 في عهد أول محافظ للبنك المركزي في عدن منصر القعيطي وتسلمتها على عدة دفعات آخرها في عهد حافظ معياد، واستبدال النقد الإلكتروني بها، وهي التجربة التي يعدها خبراء اقتصاديون «فاشلة».
وحددت الجماعة للمواطنين مهلة لتسليم العملة النقدية من الطبعة الجديدة خلال ثلاثين يوماً وفرضت ثلاثة مصارف تجارية تقدم خدمات الريال الإلكتروني لسحب الإصدار الجديد من العملة النقدية، وهي خدمة «موبايل ماني» التي يديرها بنك التسليف والتعاون الزراعي، وخدمة «إم فلوس» ويديرها بنك الكريمي، وخدمة «فلوسك» ويديرها «بنك اليمن والكويت»، متسببةً بذلك في حرب اقتصادية تضاف إلى الحرب التي صعّدتها منذ نقل البنك المركزي من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن.

- تداعيات وإشكالات
لشرح أبعاد القرار الحوثي، يذهب مصطفى نصر وهو رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى أن «قرار منع تداول الإصدار النقدي الجديد في تصوري كان إجراءً تعسفياً وغير موفق وكارثياً وسلبياً للغاية وحمل تبعات كبيرة جداً، وكانت له نتائج سلبية كبيرة على حياة الناس وأبرزها ما يتم خصمه الآن من عمولة نقدية عالية في سعر التحويلات (من مناطق الشرعية إلى مناطق الحوثي) تصل إلى 11 و12% في حال التحويل من مناطق إلى أخرى، وهذا أيضاً له تبعات سلبية على صعيد الجانب الإنساني والاقتصادي والسياسي».
وأضاف: «في الحقيقة خلق إشكاليات كبيرة فيما يتعلق بعمولات إضافية: عمولات التحويل، وخصميات على المبالغ المحولة سواء في الجانب الإنساني أو الجانب الاقتصادي، والآن حدث نوع من التهريب للعملة واللجوء إلى الطرق غير الرسمية لانتقال العملة، كل هذه تبعات لهذا القرار».
ويأمل نصر، خلال حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «يتراجع الحوثيون عن القرار لأنه لا يمكن الفصل بين العملة الواحدة، فهذا صعب للغاية وخلق صعوبات كبيرة لتعامل المواطنين بالعملة، لا سيما أنه ما زالت العملة موحدة في جميع مناطق اليمن، ومن الصعب فصلها». كما يرى أن «الحل هو الاتفاق على سياسة اقتصادية موحدة على أسس رئيسية للحفاظ على العملة والحفاظ على أداء السياسة المالية بحيث إنه يتم الاتفاق على عدم طباعة عملة جديدة وفي نفس الوقت التعامل بعملة موحدة في إطار سياسة مالية واقتصادية موحدة تحافظ على سعر العملة، ويكون همها بالدرجة الأولى الحفاظ على المواطنين ومعيشتهم».

- صعوبة العلاج
أحمد القدسي، مواطن من أبناء تعز، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار منع تداول العملة التي طبعتها الشرعية تسبب لنا بمشكلات كثيرة، فقد أصبحنا بين نارين؛ عملتين في بلد واحد، وقد عانيت من هذه المشكلة بعد ثلاثة أشهر من القرار عندما أردت الذهاب إلى صنعاء لعقد قران ابني وكانت لديّ العملة الجديدة الممنوعة في صنعاء، بل إنه إن وجدها الميليشيات الحوثية في حقيبتي خلال سفري سيقومون بنهبها، وأيضاً لا يمكن أن تقبلها عائلة العروس لأنه ممنوع تداولها في صنعاء». يضيف: «لم يقتصر الأمر على ذلك فقط بل إننا والكثير من أهالي تعز، في المدينة والريف، من يرغب الذهاب إلى صنعاء أو الحديدة أو أي مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين لا يستطيع ذلك وحتى إن أراد الذهاب للعلاج، فهي حقاً مشكلة كبيرة». مشيراً إلى أنه «قبل السفر لا بد أن يتدبر مصاريفه من عملة صنعاء عن طريق السوق السوداء من أجل تبديل الفئات النقدية، وإن تم إرسالها عبر صراف من تعز إلى صنعاء فإنه يخسر كثيراً بسبب ارتفاع عمولة الحوالات».
وقال القدسي: «لم نكن نتوقع أن الميليشيات ستمنع التعامل بالطبعة الجديدة لأن الطبعة القديمة كانت تالفة ولا يتم التعامل بها في المحال التجارية ولا حتى وسائل النقل في تعز وفي مناطق الحُجرية، أكبر ثاني قضاء في تعز، كونها تالفة وكان التعامل كله بالطبعة الجديدة لذلك لم يعد لدينا أي طبعة قديمة من العملة».
ومثل القدسي كثير من المواطنين والتجار في جميع المحافظات اليمنية يعدّون القرار تعسفياً وحرباً اقتصادية تشنها جماعة الحوثي ضد المواطن.

- دوافع ونيات
«الميليشيات بقرارها هذا تضغط من أجل الحصول على تنازلات من الحكومة الشرعية فيما يخص آلية استيراد المشتقات النفطية والتي حرم قرار الحكومة بتنظيمها الميليشيات من إيرادات المعونات النفطية الإيرانية، كما أن الموضوع أيضاً يتعلق بمصير البنك المركزي اليمني، والقرار الحوثي يقوّي موقف الوسيط الأممي الذي يسعى لانتقاص القرار الرئاسي بشرعية نقل البنك إلى عدن وفي المقابل يقترح إعطاء بنك صنعاء صلاحيات مستقلة تتعلق بمنح الائتمان لاستيراد السلع وإعادة السويفت الخاص بالتحويلات المالية الخارجية». كان ذلك رأي الخبير الاقتصادي عبد الحميد المساجدي، الذي تحدث مع «الشرق الأوسط» حول القرار الحوثي.
وحول نجاح التعامل بالريال الإلكتروني يشدد المساجدي تأكيده أن «الريال الإلكتروني ومنذ قرار الميليشيات كان ولا يزال تجربة فاشلة نظراً لضعف شبكة الإنترنت وعدم تغطيتها لمناطق واسعة في البلاد وبالتالي استحالة استخدام الريال الإلكتروني كآلية مدفوعات، إضافةً إلى عدم قبول أغلب محلات التجزئة بالريال الإلكتروني لتسديد التزامات الغير، ناهيك بغياب الوعي اللازم وافتقار الجمهور للثقة في القطاع المصرفي بشكل عام نظراً للانتهاكات الحوثية تجاه القطاع المصرفي وما شهده من أزمات ابتداءً من عجز السيولة وتدهور سعر صرف العملة الوطنية، أضف إلى ذلك أن الناس لا يثقون بالميليشيات الحوثية وبإمكانية تعويضهم عن العملات من الطبعة الجديدة، وبالتالي فقد فضّلوا الاحتفاظ بها على تسليمها للحوثيين».
وأوضح أنه «بعد فشل القرارات السابقة عيّنت الميليشيات محافظاً للبنك المركزي في صنعاء والذي بدوره أصدر قراراً بمنع تداول العملة وإنشاء آلية تعويض وإقرار الريال الإلكتروني».
ونوه إلى أن «الميليشيات حاولت مقايضة الحكومة الشرعية والأمم المتحدة التي تقود عملية تفاوض اقتصادي بين الجانبين، إما بالسماح لها بطباعة مبالغ توازي نفس ما طبعه البنك المركزي في عدن وإما بتوريد نصف ما تمت طباعته من أجل السماح بالتداول بالطبعة الجديدة». مؤكداً أنه «منذ قرار نقل البنك المركزي إلى عدن صعّدت الميليشيات الحوثية من حربها على الاقتصاد اليمني فقامت بمداهمة البنوك والمصارف ومحلات وشركات الصرافة واقتحمت عدداً منها ونهبت مبالغ كبيرة واقتادت قيادات مصرفية إلى السجون وأخذت عليها تعهدات بعدم التعامل مع البنك المركزي في عدن مرة أخرى».
وأشار المساجدي إلى أن جماعة الحوثي «فرضت ضرائب خيالية على البنوك بمزاعم ضريبة أرباح، وطالبتها بأرباح رجعية عن عشرات السنوات الماضية، وكلها حملات ابتزاز حوثية لإرغام البنوك على الانصياع لها، كما شددت من الرقابة الأمنية على عمليات التواصل داخل البنوك وتنصتت على أرقام العاملين في البنوك»، وإلى أن «الميليشيات نهبت، بمزاعم تنفيذ هذا القرار، مبالغ مالية تصل إلى خمسين ملياراً وهو ما يوازي 70% من حجم العملة من الطبعة الجديدة التي دخلت مناطق الحوثيين».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.