وحيد حامد: بسبب «العُزلة» عقلي معطّل عن الكتابة

قال لـ«الشرق الأوسط»: لا أطيق العمل في الغرف المغلقة

السينارست المصري وحيد حامد
السينارست المصري وحيد حامد
TT

وحيد حامد: بسبب «العُزلة» عقلي معطّل عن الكتابة

السينارست المصري وحيد حامد
السينارست المصري وحيد حامد

بعدما تعاقد الكاتب والسيناريست المصري الكبير وحيد حامد أخيراً على كتابة الجزء الثالث من مسلسل «الجماعة» وشرع في رحلة بحث وتدقيق مهمة قبل كتابة السيناريو والحوار، تسببت جائحة «كورونا» في توقف كل شيء، فحامد الذي اعتاد منذ سنوات طويلة على كتابة أفلامه ومسلسلاته في ركن معروف بأحد الفنادق المطلة على نهر النيل بالقاهرة، في وقت مبكر من الصباح، اضطر للبقاء في بيته بسبب الإجراءات الوقائية الخاصة بـ«كورونا»، وأصبح شبه متوقف عن الكتابة، حيث أثرت الأجواء السلبية على حالته النفسية ومن ثم على مشروعه الفني الجديد.
في بداية الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» معه عبر الهاتف، يقول حامد: «ألتزم بالتعليمات والنصائح الإرشادية، ولا أغادر بيتي تماماً، لكنني لم أعتد العمل في البيت ولا أهوى الكتابة في غرف مغلقة، بل اعتدت الجلوس في مكان مفتوح، تدب فيه حركة الحياة ويتيح لي قدراً من الهدوء، وأمامي نهر النيل باتساعه، هذه الأجواء التي اعتدتها لم تعد ممكنة حالياً، لذا أشعر أن حياتي ينقصها شيئ مهم».
وعن إنجازه اليومي في كتابة الجزء الثالث من مسلسل «الجماعة» يقول: «لم أحقق أي إنجاز يذكر، فأنا لدي مشكلة كبيرة حالياً، إذ إنني لم أعد أستمتع بالقراءة أو الكتابة أو حتى المشاهدة، فعندما أبدأ في الكتابة خلال فترة العزلة الجارية، لا أشعر بطعم ما أكتبه، وحين أشاهد فيلماً أعرف مسبقاً أنه فيلم جيد لا أتحمس له، ومن الواضح أن هذا الاعتكاف بالمنزل يؤثر سلباً على الحالة النفسية للإنسان بشكل كبير».
مسلسل «الجماعة» الذي رصد في جزئه الأول عام 2010 بدايات تكوين جماعة الإخوان المسلمين، على يد مؤسسها حسن البنا، واستعرض في جزئه الثاني 2017 علاقة الإخوان بالسلطة في عهد عبد الناصر، يتناول في الجزء الثالث كيفية تطور الجماعة في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وعن ذلك يقول حامد: «هذا الجزء سيبدأ بوفاة جمال عبد الناصر، وينتهي بحادث اغتيال أنور السادات، وأنا أعتقد أن الإخوان قد عاشوا عصرهم الذهبي في عهد السادات الذي أراد الاستقواء بالتيار الديني لضرب الشيوعيين والناصريين الذين ناصبوه العداء فاغتاله الإخوان الذين استفحل أمرهم فيما بعد في عهد مبارك».
ويؤكد حامد أنه لم يقترب من مرحلة ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وما أعقبها من وصولهم إلى سدة الحكم في عام 2012، خلال الجزء الثالث، قائلاً: «ربما تكون محوراً للجزء الرابع، لكن كل ذلك يعد كلاماً سابقاً لأوانه، لأن عقلي متوقف تماماً وأعيش فترة جمود غريبة».
ويرفض وحيد حامد تقديم الجزء الثالث من العمل في 60 حلقة مرة واحدة، مؤكداً: «60 حلقة تناسب مسلسلات التسالي، لكن (الجماعة) ليس مسلسلاً للتسلية بل هو عمل جاد يتطلب جهداً كبيراً، كما أن الأصل في الدراما أن تكتب في 13 حلقة كما اعتدنا منذ بدايتها، ثم زادت إلى 15 ووصلت إلى 30. ورأيي الشخصي أن المدة الزمنية للمسلسل العادي لا يجب أن تزيد عن 15 حلقة، حفاظاً على إيقاعه وعدم الثرثرة وبعيداً عن المط والتطويل.
مسلسل «الجماعة» الذي يكتبه وحيد حامد، لا يرتبط بتوقيت محدد لعرضه، كما أنه يرفض أي شروط مسبقة تحدد توقيت العرض، بحسب وصفه، مشيراً إلى أنه حينما ينتهي من كتابته، ويتم الانتهاء كذلك من تصويره فإنه وقتها فقط يتحدد موعد عرضه، «هذه هي القاعدة التي أعمل بها منذ سنوات، فلا بد أن يأخذ كل شيء وقته المناسب».
وعن تقييمه لمسلسلات رمضان هذا العام يقول: «أغلب المسلسلات تم تصويرها داخل الشقق والاستوديوهات، وتقلصت فيها مشاهد التصوير الخارجي، ومشاهد المجاميع الكبيرة، وبعض المسلسلات اضطرت لإلغاء هذه المشاهد، فلو أن لدى المخرج مشهداً يحتاج مائة كومبارس مثلاً، فإنه من الممكن أن يكون قد اضطر لإلغائه لصعوبة تنفيذه في ظل هذه الظروف».
في فيلمه «النوم في العسل» يبدو وحيد حامد كما لو كان يتنبأ بهذا الوباء الذي اجتاح العالم، حين يكتشف بطله الفنان عادل إمام الذي جسد شخصية رئيس مباحث بالفيلم بوجود وباء يسبب العجز الجنسي للرجال، ويحاول إثارة القضية، لكن يواجه بصمت وتجاهل من كافة الجهات المعنية، وعن ذلك يقول حامد: «في الحقيقة لم يرد في ذهني هذا الأمر، فالفيلم كتبته عن حادثة حقيقية وقعت بحافظة البحيرة (دلتا مصر) حين تعرضت طالبات بالمرحلة الثانوية لحالات إغماء جماعية، وقد أخذت عنها فكرة الفيلم، وقمت بتطويرها على النحو الذي تم عرضه، مؤكداً أن الأعمال الفنية التي يكون لها قيمة تحتمل أكثر من تفسير، لكن فيما يتعلق بوباء كورونا فإن هناك فيلماً يتلامس بشكل كبير مع ما نعيشه الآن وهو فيلم (صراع الأبطال) للمخرج توفيق صالح، الذي تطرق فيه إلى وباء الكوليرا الذي ضرب مصر في أربعينات القرن الماضي لدرجة تجعله يتطابق مع ما يحدث حالياً بفعل (كورونا)».
مشاهد عدة استفزت وحيد حامد في الشارع المصري خلال مواجهته لفيروس كورونا، ويقول: «سلوكيات الناس في الشارع تبدو وكأنها لم تسمع عن هذا الوباء الذي أغلق البيت الحرام والمساجد والكنائس لكن نجد عندنا من يقيمون صلاة الجماعة فوق أسطح منازلهم بعيداً عن أعين الشرطة ومن يقيمون الأفراح، بجانب تزاحم آلاف البشر في الشوارع».
لا ينفي وحيد حامد شعوره بالقلق والخوف مما يحدثه «كورونا» من نسب إصابات ووفيات مرتفعة، ويقول: «هذا الوباء أعطى للبشرية درساً عميقاً، وأعتقد أنه سيكون فاصلاً بين مرحلتين، فقد أسقط (ورقة التوت) عن كثير من الدول الكبرى التي ملأت الدنيا رعباً بالأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات ولم تستطع مواجهة هذا الوباء، بل لجأت لطلب مساعدات وصلت إلى الكمامات الطبية، وبالتأكيد ستتغير السياسة والاقتصاد والثقافة والفنون بعد انتهاء هذا الوباء».
في سياق مختلف، يعود حامد إلى السينما مجدداً، عبر أحدث أفلامه «الصحبة الحلوة» بطولة يحيى الفخراني، ومحمد سعد في أول عمل يجمع بينهما، وكانت المخرجة ساندرا نشأت قد بدأت في تصويره، ثم توقفت بسبب أزمة «كورونا».


مقالات ذات صلة

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

يوميات الشرق مريم الجندي في مشهد يجمعها بأحد أبطال المسلسل (لقطة من برومو العمل)

«ساعته وتاريخه» مسلسل مصري يجذب الاهتمام بدراما حول جرائم حقيقية

في أجواء لا تخلو من التشويق والإثارة جذب المسلسل المصري «ساعته وتاريخه» الاهتمام مع الكشف عن «البرومو» الخاص به الذي تضمن أجزاء من مشاهد مشوقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مع أبطال «العميل» الذين ألفوا عائلة حقيقية (إنستغرام الفنان)

جاد خاطر لـ«الشرق الأوسط»: تفاجأت بالشهرة التي حققتها مع «العميل»

يُبدي جاد خاطر حبّه للأدوار المركبّة فهي تسمح له بأن يجتهد ويستخدم تجاربه ودروسه في كلية الفنون.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «موعد مع الماضي» يعتمد على التشويق (نتفليكس)

«موعد مع الماضي»... دراما تشويقية تعتمد على الغموض

يعيد المسلسل المصري «موعد مع الماضي» الأحداث التشويقية والبوليسية والغموض مجدداً إلى الدراما المصرية والعربية، من خلال قصة مكوّنة من 8 حلقات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».