ناشطون عراقيون يبشّرون بـ«احتجاجات مليونية»

حذّروا من إزالة الكتل الإسمنتية في ساحات المظاهرات

رجال أمن يغلقون جسراً يؤدي إلى المنطقة الخضراء في بغداد أكتوبر الماضي (أ.ب)
رجال أمن يغلقون جسراً يؤدي إلى المنطقة الخضراء في بغداد أكتوبر الماضي (أ.ب)
TT

ناشطون عراقيون يبشّرون بـ«احتجاجات مليونية»

رجال أمن يغلقون جسراً يؤدي إلى المنطقة الخضراء في بغداد أكتوبر الماضي (أ.ب)
رجال أمن يغلقون جسراً يؤدي إلى المنطقة الخضراء في بغداد أكتوبر الماضي (أ.ب)

لا ينكر ناشطون عراقيون الآثار السلبية التي خلّفتها جائحة «كورونا» على الحراك الشعبي الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاصةً بعد إحرازه نجاحات غير قليلة باتجاه تحقيق أهدافه المعلنة، قبل أن يتراجع وينحسر اضطراراً، بعد اكتشاف أول إصابة بالفيروس في البلاد، نهاية فبراير (شباط) الماضي. ونجح الحراك قبل ذلك التاريخ في إرغام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومجلس النواب على التصويت على قانون الدوائر الانتخابية المتعددة في عموم البلاد.
ورغم توقف الفعل الاحتجاجي الشعبي منذ نحو شهرين، فإن غالبية الناشطين يؤكدون أن «الثورة مستمرة، ولا تنطفئ جذوتها، ما دامت القوى السياسية الحاكمة تسير على طريق التحاصص والفساد وسوء الإدارة الذي سلكته منذ عام 2003». وما زال الناشطون يبشرون بـ«مظاهرات مليونية»، بعد الخلاص من «كورونا»، بل إن بعض الناشطين يدعون هذه الأيام إلى الخروج بمظاهرات حاشدة، الخامس من شهر مايو (أيار) المقبل، طبقاً لما يقوله الناشط محمد سلمان.
ويضيف سلمان لـ«الشرق الأوسط» أن «الناشطين في بغداد وبابل والناصرية يحشدون للموعد بحماسة، رداً على التسويف الذي تمارسه السلطات وقواها، سواء بالنسبة لقضية رئاسة الوزراء، أو بالموقف من الأزمة الاقتصادية التي يخيم شبحها على البلاد، لكني غير متأكد تماماً من خروج المظاهرات في هذه الموعد، والأمر ما زال في طور النقاش». ويتابع: «ثمة شعور عام بالانزعاج من متغير (كورونا)، الذي سمح للسلطة وأحزابها بالتقاط الأنفاس بعد أن أوشكت الاحتجاجات على الإطاحة بهم، ومع ذلك معظم الناشطين مصممون على مواصلة الاحتجاجات لحين تحقيق الأهداف المعلنة، أعتقد أن داء (كورونا) وأعداءهم من الميليشيات والأحزاب لن يثنوهم عن مواصلة المشوار».
ويوكد سلمان أن «ساحات التظاهر التي احتفظت بخيام المعتصمين حتى في ظل جائحة (كورونا)، شهدت في الأيام القليلة الماضية زيادة في أعداد الناشطين بعد أن اقتصر الوجود سابقاً على أعداد قليلة من المعتصمين داخل الخيام، وهذا مؤشر على أن الانتفاضة مستمرة».
وبشأن موقف الحراك من رئيس الوزراء المكلف الجديد مصطفى الكاظمي، يقول سلمان: «لا تفكر جماعات الحراك بالكاظمي أو غيره ما دام من إنتاج ذات الأحزاب والمنظومة السياسية، لا نعول على أي شخصية تأتي طبقاً لمواصفات قوى السلطة».
ورغم تراجع المظاهرات المليونية منذ أسابيع واكتفاء المتظاهرين بالبقاء في خيام الاعتصام التي ما زالت قائمة في معظم ساحات التظاهر في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد، فإن السلطات العراقية وأحزابها، ورغم حالة العداء القائمة بين الجانبين، ما زالت تتعامل مع ساحات الاعتصام والتظاهر بوصفها ظاهرة واقعية فرضتها «انتفاضة تشرين».
لذلك، ورغم فرضها حظراً شاملاً للتجوال قبل أسابيع وعدم السماح بالتجمعات والتظاهرات، فإن السلطات لم تسع إلى فك الاعتصامات وإزالة خيامها بالقوة، بل إنها وفي أوقات غير قليلة سعت إلى مجاملة المعتصمين وإرضائهم، وهذا ما حدث يوم الجمعة 26 أبريل (نيسان)-نيسان 2019، عقب انقطاع التيار الكهربائي في ساحة التحرير وسط بغداد، حيث توجَد خيام المعتصمين. حيث سارع وزير الكهرباء لؤي الخطيب إلى تفسير الأمر بالقول إن «ما حصل من إطفاء الكهرباء في ساحة التحرير هو بسبب عارض لحظي». وأضاف في تغريدة عبر «تويتر»، أن «ملاكاتنا تمكنت من إعادة الخطوط المنفصلة إلى وضعها الطبيعي».
كذلك، وفي مؤشر على أهمية الحراك الاحتجاجي رغم داء «كورونا» وأعدائه من أحزاب السلطة وفصائلها المسلحة، قال رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي في نهاية الشهر الماضي: «الاستقرار قطعاً لن يتحقق إلا بتلبية مطالب المتظاهرين السلميين الذين بذلوا الأرواح ونزفوا الدماء لأجل تصحيح المسار». وأضاف في تغريدة عبر «تويتر» أنه «ينبغي التعامل بإيجابية مع مطالبهم، بل وإشراكهم في اتخاذ القرار لأن استمرار مقابلتهم بالقمع والقتل والتشويه، سيزيد الأوضاع تعقيداً وسيُخرِج العملية السياسية عن أهدافها».
وفي مسعى لتأكيد وجودهم واستمرارهم، حذر المتظاهرون في محافظة بابل السلطات المحلية وقيادة الشرطة من «المساس» بساحات الاعتصام ورفع الكتل الإسمنية المحيطة بها وسط المحافظة.
وقال المتظاهرون في بيان صدر عن ساحات الاعتصام: إن «الرد سيكون قاسياً جداً في حال حاولت القوات الأمنية التقرب من ساحات التظاهر والسعي لرفع خيم الاعتصام واستغلال الأوضاع الحالية».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.