القتال يتجدد في طرابلس... وقوات السراج تقصف «الوطية»

مصادر «الجيش الوطني» قالت إن الهجوم نفذته طائرات تركية مسيّرة

ليبي يعاين آثار قصف تعرضت له منطقة زناتة خلال المعارك التي شهدتها طرابلس أمس (أ.ف.ب)
ليبي يعاين آثار قصف تعرضت له منطقة زناتة خلال المعارك التي شهدتها طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

القتال يتجدد في طرابلس... وقوات السراج تقصف «الوطية»

ليبي يعاين آثار قصف تعرضت له منطقة زناتة خلال المعارك التي شهدتها طرابلس أمس (أ.ف.ب)
ليبي يعاين آثار قصف تعرضت له منطقة زناتة خلال المعارك التي شهدتها طرابلس أمس (أ.ف.ب)

تجددت، أمس، المعارك على أكثر من جبهة بين «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة «الوفاق»، المعترف بها دولياً في العاصمة طرابلس، برئاسة فائز السراج، على الرغم من دعوة بعثة الأمم المتحدة مجدداً إلى استئناف المحادثات العسكرية بينهما، إلكترونياً، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية ووقف دائم لإطلاق النار.
وكثف سلاح الجو، التابع لقوات عملية «بركان الغضب» الموالية لحكومة السراج، من ضرباته الجوية على قاعدة الوطية الجوية فجر أمس. بينما قصف «الجيش الوطني» تجمعاً لقوات «الوفاق» جنوب صرمان، كان يستعد للهجوم على الوطية.
وقالت مصادر بـ«الجيش الوطني»، أمس، إن القاعدة تعرضت لهجوم نفذته طائرات «تركية مسيرة»، ما أدى إلى مقتل خمسة من قوات الجيش، مشيرة إلى معلومات تتحدث عن تحشيدات كبيرة للميليشيات الموالية لحكومة «الوفاق»، لشن هجوم بري، خلال الساعات المقبلة.
ووفقاً لما أعلنه المتحدث باسم قوات «الوفاق»، العقيد محمد قنونو، فإنها شنت خمس غارات قتالية، استهدفت تمركزات أفراد وآليات مسلحة لـ«الجيش الوطني» بالقاعدة، التي تبعد 125 كيلومتراً إلى الغرب من طرابلس، مشيراً إلى تنفيذ قواته 6 غارات أخرى بالقرب من وادي مرسيط في الطريق بين القريات ونسمة، استهدفت رتل آليات مسلحة وأفراداً تابعين لـ«الجيش الوطني».
وأعلنت «الكتيبة 134»، التابعة للجيش والمكلفة تأمين وحماية قاعدة الوطية، أن جميع أفراد الجيش في جاهزية تامة بانتظار ما وصفته بـ«الاكتساح الكامل والشامل»، مشيرة إلى خروج صواريخ «غراد» والمدفعية الثقيلة من مشروع الموز ومنطقة السبعة.
وفى العاصمة طرابلس، أعلنت قوات «الوفاق»، أمس، مقتل مواطنين، وإصابة اثنين آخرين في قصف بصواريخ «غراد» لـ«الجيش الوطني» على منطقة زناتة المكتظة بالسكان داخل العاصمة طرابلس. فيما قالت وسائل إعلام محلية إن قوات «الوفاق» نجحت مساء أول من أمس في الالتفاف على قوات الجيش بالعاصمة طرابلس، وبسط سيطرتها على شارع المطبات بالكامل. كما قالت قوات «الوفاق» إن سلاح الجو التابع لها قصف شاحنة وقود في منطقة القرية الشرقية، وسيارتين مسلحتين في وادي مرسيط، كانت في طريقها لإمداد «الجيش الوطني».
وتشير خريطة سير المعارك إلى عودة قوات «الوفاق» لتنفيذ خطتها العسكرية، التي تستهدف تحييد، أو انتزاع السيطرة على قاعدة الوطية، الواقعة على بعد 140 كيلومتراً، جنوب غربي طرابلس، التي يسيطر عليها «الجيش الوطني»، بالإضافة إلى الهجوم على بلدة ترهونة، التي تمثل قاعدة إمداد رئيسية ومهمة لقوات الجيش الوطني، وتوفر قوة بشرية لهجومها على طرابلس.
وتقدم «الجيش الوطني» في الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس، قبل أن يتم وقف هجومه الذي بدأه العام الماضي لانتزاع السيطرة عليها. بينما نجحت قوات حكومة السراج المدعومة من تركيا، مؤخراً، في انتزاع السيطرة على مدينتي صبراتة وصرمان الاستراتيجيتين في الغرب، وتطوق حالياً ترهونة، أكبر قاعدة خلفية لقوات الجيش. كما دفعت الجيش الوطني للتقهقر من بعض المناطق في الشمال الغربي، وهاجمت خطوط إمداداته مراراً بمساعدة من طائرات تركية مسيرة.
في غضون ذلك، جددت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، مساء أول من أمس، دعوتها أطراف النزاع لوقف جميع العمليات العسكرية على الفور، وإتاحة المجال للسلطات للتصدي لتهديد جائحة «كورونا».
وحثت البعثة على اغتنام الفرصة لاستئناف محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) عبر الاتصال المرئي، إذا لزم الأمر، بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، استناداً إلى مسودة الاتفاق الذي اقترحته البعثة في 23 فبراير (شباط) الماضي.
كما طالبت البعثة، جميع الأطراف، بالامتناع عن أي أعمال، أو تصريحات استفزازية، تهدد احتمالات تحقيق هدنة حقيقية واستدامتها، ويشمل ذلك محاولات استغلال فترات الهدوء من طرف أو آخر لتعزيز موقفه.
وفى رد مباشر على مطالبة حكومة السراج بالحصول على «ضمانات دولية» للانخراط في الهدنة، رأت البعثة الأممية أن «ضمان وقف إطلاق النار الدائم لا يتوقف في نهاية الأمر على حسن نية أطراف النزاع فحسب، بل أيضاً على التزام المجتمع الدولي بالتقيد بالتزاماته بالسعي إلى تحقيق السلام والأمن، والحفاظ عليهما في ليبيا».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.