إسرائيل تواجه معارضة غربية لمشروع ضم أراضٍ من الضفة

ترمب يدعو نتنياهو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية أولاً

TT

إسرائيل تواجه معارضة غربية لمشروع ضم أراضٍ من الضفة

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن إسرائيل تواجه ضغوطاً في الآونة الأخيرة، للجم مشروعها ضم أراضي غور الأردن وشمالي البحر الميت ومستوطناتها في الضفة الغربية. وقالت إن هذه الضغوط لا تأتي من أوروبا فحسب؛ بل أيضاً من واشنطن: «حيث يطلب الرئيس دونالد ترمب منها أن تعترف أولاً بحق الفلسطينيين في إقامة دولة لهم، قبل اتخاذ قرار بالضم».
وأضافت المصادر أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أوضحت لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومستشاريه، أن البيت الأبيض سيعطي الضوء الأخضر للضم الإسرائيلي في الضفة الغربية، شريطة أن تقبل إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية، وتتبنى بشكل كامل خطة «صفقة القرن» التي يقترحها ترمب للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين». وأكدت أن رسالة تضمنت هذا الموقف تم توجيهها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي وإلى المقربين منه، عبر عدة قنوات، إحداها السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي أوضح في الاجتماع الأول للجنة رسم الخرائط الإسرائيلية الأميركية الذي عقد قبل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، أن الولايات المتحدة تناقش مع إسرائيل «تنفيذ خطة سلام، وليس تنفيذ خطة الضم».
وذكر مسؤولون أميركيون في تل أبيب، أمس، أن رسائل واشنطن أكدت لنتنياهو ورفاقه أنه «لا يمكنهم أن يأخذوا من خطة الرئيس ترمب المقاطع التي يحبونها فقط، وإنما يجب عليهم قبولها كلها كحزمة واحدة». وقال أحدهم: «سنكون مستعدين للاعتراف بالضم الإسرائيلي، كجزء من خطوة واسعة، توافق إسرائيل بموجبها على إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، وفقاً لمبادئ خطة ترمب. فالضم يجب أن يكون جزءاً من مشروع شامل يتضمن إقامة دولة فلسطينية، على أساس ظروف محددة ونطاق محدد، ومساعدات مالية سخية للفلسطينيين».
وقالت هذه المصادر إن البيت الأبيض ينتظر حالياً تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة حتى يستأنف جهوده للتسوية. وفي الأسبوع الماضي أُجريت محادثة هاتفية بين كبير مستشاري الرئيس ترمب وصهره، جاريد كوشنر، وبين زعيم حزب «كحول لفان»، بيني غانتس الذي سيكون رئيس الحكومة الإسرائيلية البديل، إلى جانب نتنياهو، لضمان تأييده هو أيضاً لموقف واشنطن.
وكان سفير الاتحاد الأوروبي وسفراء تسع دول أوروبية في تل أبيب، قد وجهوا احتجاجاً رسمياً لنتنياهو وغانتس، وراحوا يحثونهما على إبطال خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. ووفقاً لمصادر سياسية إسرائيلية، فإن هذه الدول هي: بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وآيرلندا، وإيطاليا، وإسبانيا، والسويد، وبلجيكا، بالإضافة إلى سفير الاتحاد الأوروبي.
وجاء الاحتجاج الرسمي خلال اجتماع على الإنترنت ضم السفراء ونائبة مدير قسم أوروبا في وزارة الخارجية الإسرائيلية، آنا أزاري. وأوضح الدبلوماسيون الأوروبيون أن قلقاً شديداً يساور حكوماتهم من البند الوارد في الاتفاق بينهما على الائتلاف الحكومي، وهو البند الذي ينص على ضم أجزاء من الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، مؤكدين أن «ضم أي جزء من الضفة الغربية يشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي، وأي خطوات أحادية الجانب كهذه ستضر بجهود تجديد مسار السلام، وسيكون لها تأثير بالغ الخطورة على الاستقرار في المنطقة وعلى مكانة إسرائيل في الساحة الدولية».
وذكرت المصادر أن السفراء عبروا أيضاً عن قلقهم من نية حكومة نتنياهو الإعلان عن مناقصات جديدة، غداً (الأحد)، لبناء وحدات استيطانية في «جبعات همتوس» الواقعة جنوب القدس الشرقية المحتلة، وطالبوا بتجميد نشره.
وفي أريحا، رحب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، بالموقف الأوروبي، قائلاً إنه «يشكل رسالة مهمة في الجهود لمنع التدهور في المنطقة». وأضاف عريقات أن القيادة الفلسطينية تواصل اتصالاتها الدولية الدبلوماسية وعلى كافة الأصعدة والمستويات، لمنع إسرائيل من تنفيذ إعلانها بضم الأراضي ووضع مخططات وخرائط لهذا الضم، بدعم من إدارة الرئيس الأميركي ترمب.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.