حكومة دياب تقرّ الخطة الاقتصادية تمهيداً للتفاوض مع «النقد الدولي»

عون عدّه «يوماً تاريخياً للبنان»

عون ودياب خلال لقائهما أمس قبل اجتماع الحكومة اللبنانية (دالاتي ونهرا)
عون ودياب خلال لقائهما أمس قبل اجتماع الحكومة اللبنانية (دالاتي ونهرا)
TT

حكومة دياب تقرّ الخطة الاقتصادية تمهيداً للتفاوض مع «النقد الدولي»

عون ودياب خلال لقائهما أمس قبل اجتماع الحكومة اللبنانية (دالاتي ونهرا)
عون ودياب خلال لقائهما أمس قبل اجتماع الحكومة اللبنانية (دالاتي ونهرا)

وافق مجلس الوزراء اللبناني، أمس، بالإجماع على الخطة الاقتصادية الهادفة إلى «إطلاق مفاوضات من خلال المستشار المالي لازرد لإعادة هيكلة الدين السيادي»، وتتوجه بها الحكومة إلى صندوق النقد والجهات الخارجية.
وفي أول رد فعل دولي على إقرار الخطة التي تنتظرها الدول الصديقة للبنان لتبني على أساسها مساعدته، قال منسق الأمم المتحدة يان كوبيش: «لقد خطت الحكومة خطوة مهمة نحو الإصلاحات ومعالجة الأزمة المصيرية الراهنة عبر إقرار خطتها الإصلاحية». وأضاف: «الآن على القوى السياسية والمجتمع المدني إبداء رأيهم بالخطة، مما يمهد الطريق للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وسائر الشركاء الدوليين».
واجتمع مجلس الوزراء أمس برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء، واستكمل البحث في الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية للحكومة التي جرى إقرارها. وعدّ عون أن «هذا اليوم هو يوم تاريخي للبنان؛ لأنه للمرة الأولى تقر خطة اقتصادية - مالية بعدما كاد عدم التخطيط وعدم استشراف المستقبل يوديان بالبلد إلى الخراب». فيما دعا دياب اللبنانيين لاعتبار هذا اليوم «نقطة تحول لمستقبل أفضل».
وقال دياب للصحافيين بعد الجلسة: «نريد استخدام هذه الورقة (الخطة) لنتقدم بها إلى برنامج صندوق النقد الدولي، وعلى ضوء ذلك إذا أخذناه، وإن شاء الله نأخذه، يساعدنا على تمرير المرحلة الاقتصادية الصعبة التي قد تكون 3 أو 4 أو 5 سنوات». وأضاف أن «المبلغ الذي سيعطيه (صندوق النقد) قيد المفاوضات».
وأضاف رئيس الحكومة: «بإقرار الخطة الاقتصادية نكون قد وضعنا القطار على السكة، وقد أشبعناها درساً لأنها ستحدد مسار الدولة لإصلاح الواقع». وتابع: «أهمية هذه الخطة أنها عمليّة، وتتضمن رؤية اقتصادية لمستقبل لبنان، بينما الأرقام السابقة كانت غب الطلب وتخفي العجز الذي كان ناراً تحت الرماد». وقال دياب إن «هدف الخطة إطلاق مفاوضات من خلال المستشار المالي لازرد لإعادة هيكلة الدين السيادي، وهذا الأمر يحتاج من 6 إلى 9 أشهر».
ولم يعلق دياب على البيان المتلفز الذي قدمه حاكم «مصرف لبنان»، مكتفياً بالقول: «إن تحرير سعر الصرف ليس عند الحكومة إنما في (مصرف لبنان)». وأضاف: «لم يرفض أحد في الحكومة طلب مساعدة صندوق النقد الدولي»، وتابع: «إذا كانت الليرة ثابتة من قبل (مصرف لبنان) سابقاً، فكيف ليس له علاقة بالموضوع الآن؟».
وأدخلت تعديلات طفيفة على الخطة قبل إقرارها، وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إن «الخطة الاقتصادية عبارة عن خيارات يتم الأخذ بها على ضوء التطورات، ونحن اليوم كنا أمام مسودة نهائية، وأخذ بعين الاعتبار حماية حقوق المودعين والهدف الأساسي من الخطة التفاوض مع الدائنين في الخارج».
وقالت إنه «يجب أن يكون هناك دوماً تنسيق بين السياسة المالية لوزارة المال والسياسة النقدية لـ(مصرف لبنان)، ولا تحميل مسؤولية لجانب واحد». وأكدت أنه «لا تحرير للعملة في الوقت الحالي، ولكل حادث حديث؛ وفقاً للمعطيات والظروف». وأشارت إلى أن «تحرير سعر الصرف هو بإطار تخطيطي لا تنفيذي، والخطة قابلة للتعديل».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.