نازحو طرابلس يترقبون «الهدنة الإنسانية» للعودة إلى منازلهم المُهدمة

وسط مخاوف من استهدافهم قبل وصولهم إليها لقضاء رمضان

TT

نازحو طرابلس يترقبون «الهدنة الإنسانية» للعودة إلى منازلهم المُهدمة

استقبل آلاف النازحين الليبيين، المقيمين على أطراف العاصمة الليبية، بفرح وحذر شديدين الإعلان عن الاستجابة لـ«هدنة إنسانية» بين المتحاربين في طرابلس، وعبروا عن أملهم دخولها حيز التنفيذ في أسرع وقت حتى يتمكنوا من الانتقال إلى منازلهم، التي طال بعضها نيران الحرب.
وتقدر أعداد النازحين بسبب العملية العسكرية على العاصمة، وفقاً لوزارة شؤون النازحين والمهجرين التابعة لحكومة «الوفاق»، بأكثر من 345 ألف مواطن، معظمهم من النساء والأطفال، وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ويقيمون بين مراكز الإيواء والبنايات المهجورة.
وتسبب القصف العشوائي بين قوات «الوفاق»، و«الجيش الوطني» في إلحاق أضرار بالغة بالمنازل التي تركها أصحابها مرغمين، ما جعل بعضها مأوى للمقاتلين واللصوص، وعرضة للنهب والسرقة.
لكن رغم ذلك، يأمل جل النازحين في الانتقال إلى ديارهم سريعاً، متجاهلين المخاطر التي قد يتعرضون لها وهم في الطريق إليها، كما حدث مع آخرين خلال الهدنة السابقة.
وأوضح وارث الورفلي، وهو أحد المقيمين في مصنع معطّل على أطراف العاصمة، أن الانتقال إلى منزله في حي وادي الربيع (14 كيلومتراً من العاصمة) «يظل أفضل من إقامته هو أسرته في العراء». لكنه أشار إلى أن «ثلاثة مواطنين قتلوا برصاص قناصة عندما ذهبوا لتفقد منازلهم قبل ثلاثة أشهر».
وأضاف الورفلي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعيش مأساة دائمة، سواء في مراكز الإيواء خارج مناطق القصف أو حتى داخل منازلنا. أما هناك فسنموت في ديارنا»، مستكملاً: «نود أن نقضي ما تبقى من رمضان بين جدرانها، وآمل بأن تتوقف الحرب بشكل نهائي، ويتم حقن دماء الأبرياء».
وتصاعدت الدعوات المحلية والغربية المطالبة بوقف حرب طرابلس، والدخول في «هدنة إنسانية» بعد تردي الأوضاع المعيشية لآلاف المواطنين، الذين يقضون شهر رمضان تحت القصف، والمسارعة بفتح ممرات آمنة لتقديم المساعدات للأسر المتضررة، وخاصة في بني وليد وترهونة، وقصر بن غشير.
وبنبرة يكسوها الحزن، قالت أمينة الحاسية، المتحدثة باسم «مبادرة إنقاذ ليبيا النسوية»، لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في طرابلس «مزر، والشباب يموت في الشهر الكريم، ولا بد من حل سريع يمنع إراقة الدماء».
وخلف القصف العشوائي للمناطق السكينة بين «الجيش الوطني»، وقوات حكومة «الوفاق» في مدن وأحياء العاصمة، أكثر من 600 قتيل من المدنيين، بينهم 50 من الأطقم الطبية، و67 سيدة و86 طفلاً، بالإضافة إلى قرابة 1500 جريح.
ونقل شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن الأسابيع الماضية كانت الأعنف منذ اندلاع الحرب منذ قرابة 13 شهراً، بالنظر إلى عدد القاذفات التي نزلت على منازلهم، ودوي القنابل المتواصل، الذي تسبب في حالة ذعر بين الكبار والصغار.
وقبيل شهر رمضان، دعت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وممثل الاتحاد الأوروبي الأعلى إلى «هدنة إنسانية» في ليبيا بمناسبة حلول شهر رمضان، وذلك في بيان مشترك، جاء فيه: «مع بداية شهر رمضان، نرغب في ضم أصواتنا إلى صوت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وممثلته الخاصة لليبيا بالوكالة ستيفاني ويليامز في دعوتهما إلى هدنة إنسانية في ليبيا».
والحاسية، التي تقيم بالعاصمة، هي واحدة من الليبيات اللواتي يتألمن بشدة بسبب ما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك، بجانب عشرات الآلاف من المواطنين، بينهم أطفال وكبار السن تركوا منازلهم، ونزحوا إلى مناطق أكثر أمناً خارج مناطق الاشتباكات.
وتضيف الحاسية موضحة صعوبة الوضع الإنساني الذين يعيشه النازحون: «هناك عائلات نازحة ووضعها الإنساني صعب جداً... وحقيقة الأمر أن الهدنة يجب أن توقع بين الدول الإقليمية المتدخلة في الصراع».
وحتى تتحقق الهدنة المرتقبة، تمضي الأوقات عصيبة على غالبية الليبيين، سواء الواقعين في مرمى صورايخ الـ«غراد» والطائرات المسيرة، أو حتى المقيمين في العراء. وفي هذا السياق، يقول عسي بورحماني من حي الزهور إنه سبق أن ترك منزله، واصطحب أسرته دون حمل أي أمتعة معهم، وخرج للإقامة في منزل تحت الإنشاء خارج عملية الاشتباكات. لكنه الآن يود العودة إليه في ظل الهدنة».
ونجحت الجهود الدولية في إبرام هدنة بين «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق» في الثاني عشر من يناير (كانون الثاني) الماضي، برعاية الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، لكنها سرعان ما تعرضت للخرق، وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.