«سكر زيادة» جرعة كوميدية مثقلة بصراعات الماضي

نبيلة عبيد ونادية الجندي في لقطة من مسلسل «سكر زيادة»
نبيلة عبيد ونادية الجندي في لقطة من مسلسل «سكر زيادة»
TT

«سكر زيادة» جرعة كوميدية مثقلة بصراعات الماضي

نبيلة عبيد ونادية الجندي في لقطة من مسلسل «سكر زيادة»
نبيلة عبيد ونادية الجندي في لقطة من مسلسل «سكر زيادة»

راهن المنتج صادق أنور الصباح على مسلسل «سكر زيادة» ليخوض به سباق الدراما الرمضانية هذا العام. وهو رهان على وجدان أجيال من المشاهدين تعلقوا لسنوات بالفنانات: نبيلة عبيد، ونادية الجندي، وسميحة أيوب، وهالة فاخر. وأن نرى في عمل فني كوميدي «نجمة الجماهير» نادية الجندي و«نجمة مصر الأولى» معاً لأول مرة، بعد سنوات من التناحر والمنافسة على شباك التذاكر في الثمانينات والتسعينات، لهو أمر مثير حقاً.
«سكر زيادة» يعرض على شاشة «MBC» وقناة «دبي»، وهو مقتبس من المسلسل الأميركي «فتيات من ذهب» أو «ذا غولدن غيرلز» الذي عُرض عام 1985 وحتى 1992، لعدة مواسم حتى الحلقة 180؛ إلا أن نسخته جرى تمصيرها مع تعديل طفيف. صحيح أن بطلاته ظهرن بالشعر الأبيض وظهرن أكبر عمراً من بطلات «سكر زيادة»؛ إلا أنّ طبيعة العصر تبرِّر ذلك، فمن النادر أن نجد الجدة الآن بهيئة الجدة في الماضي؛ بل إن الجدات الآن يرتدين الملابس الرياضية ويذهبن للنوادي وللتريض، وهو ما يجسده المسلسل. من ناحية أخرى، فإن المستوى الاجتماعي لبطلات المسلسل بنسخته المصرية يبرر أيضاً اهتمام بطلات العمل بجمالهن وأناقتهن.
يطرح المسلسل في سياق كوميدي حياة ثلاث سيدات كبيرات السن، تنقلب حياتهن الأسرية ويقعن ضحايا لعملية نصب؛ حيث اشترين جميعاً الفيلا نفسها، وتحاول نادية الجندي وصديقتها هالة فاخر طرد نبيلة عبيد، وتقوم نبيلة أيضاً بذلك بحيل ومقالب.
رسائل ضمنية كثيرة يحملها العمل لمخاطبة فئات عمرية متعددة، ورغم الكوميديا فإنه يتضمن لحظات درامية في حياة كل سيدة من السيدات الثلاث.
بوجه عام، السيناريو يجعل المشاهد يتعرف على سمات كل شخصية بشكل تدريجي عبر المواقف والأحداث، فضلاً عن أن تتابع الأحداث لا يصيب المشاهد بالملل.
انطباعات أولية لا يمكن الفكاك منها أمام «سكر زيادة»، فالنجمة نادية الجندي لا تزال تتمتع بإطلالتها الأنثوية الكاريزمية ونظراتها الحادة، ولم تفقد حيويتها التمثيلية؛ بل تظهر براعتها في التنقل من التراجيدي للكوميدي في لمح البصر. وتلعب دور السيدة القوية الرياضية التي يصدمها زوجها بتطليقها غيابياً بعد 30 عاماً من الزواج من دون سبب واضح، لتجد نفسها مضطرة لترك منزل الزوجية والرحيل مع ابنها المتزوج الذي ترفض زوجته أن تقيم أمه معهما. فتضطر الأم إلى الذهاب لصديقتها الفنانة هالة فاخر «جميلة» السيدة الثرية التي تعيش بمفردها، لنكتشف من الحوار أنها تعيش اضطراب صدمة عقب وفاة زوجها، ولا تصدق أنه رحل عن الدنيا، وتتكلم عنه باعتباره حياً يرزق. تقرر «عصمت» أو نادية الجندي أن يعيشا معاً في مكان جديد للتغلب على النكبات التي ألمت بهما.
أما الفنانة نبيلة عبيد فلم تفقد الدلال الأنثوي الذي يميز إطلالتها على الشاشة، وتعرف كيف تلعب دوراً يترك بصمة لدى جمهورها، فهي تستخدم الإيماءات ولغة الجسد لتحديد سمات الشخصية للمشاهد، وإن كنا نشعر بأنها ليست بكامل لياقتها التمثيلية، وربما كان هذا الحكم مبكراً حتى الآن. وهي تلعب دور أم يواجهها ابنها الوحيد بكبرها في السن، ورغبته في إدارة شركتها رغماً عنها، فتخبره بحسرة أنها تنازلت له بالفعل عن كل ما تملك؛ لكنها لم تتوقع منه كل هذا الجفاء والجشع.
التوليفة ما بين النجمات القديرات والفنانين الشباب والوجوه الجديدة من أهم مميزات العمل، والمخرج وائل إحسان بتاريخه الطويل وبصمته الواضحة في مجال الكوميديا مع محمد سعد ومحمد هنيدي وأحمد حلمي وغيرهم، يتألق مجدداً في هذا العمل، بالحفاظ على إيقاع عصري وخفة ظل عفوية في غالبية مشاهد المسلسل، تجعله وجبة خفيفة تعلق المشاهدين بالفضول لمشاهدة المقالب الطريفة بين «كريمة»، و«عصمت»، و«جميلة».
طالت المسلسل انتقادات وتنمر لبطلات العمل، وسخرية من أعمارهن، في حين أن كثيراً من نجمات السينما داومن على التمثيل في أعمار متقدمة، ومنهن الفنانة القديرة أمينة رزق التي قدمت دوراً كوميدياً لا يُنسى في مسرحية «إنها حقاً عائلة محترمة» مع «عملاق الكوميديا» فؤاد المهندس. والحقيقة أن الوجبة الكوميدية والمباراة التمثيلية بين النجمتين عبيد والجندي تستحق المشاهدة، وهو ما يؤكده الناقد طارق الشناوي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أنا مع عودة النجم في كل مرحلة عمرية، ونظرياً كنت أرى أنه لا بد من عودتهن، فقد شاهدت أمينة رزق على مسرح (الهناجر) وعمرها 90 عاماً،  وكانت على خشبة المسرح وكأنّها ابنة العشرين ربيعاً»؛ لكن الشناوي يرى أن مسلسل «سكر زيادة» به كثير من المشكلات: «النص الذي جعل من المسلسل مسرحية ربما من فصل واحد... الإيقاع سيئ جداً وقاتل للكوميديا، والدراما هنا لا تتحرك، ما صنع مشكلة للمسلسل، وجعل أبطال العمل في محاولات لزرع الكوميديا، والكاميرا لم تتمكن من إصلاح ما أفسده السيناريو»، مشيراً إلى أن «المؤلفين صنعوا (إفيهات) تعتمد على أفلام نادية أو نبيلة، مثل (الباطنية) و(العذراء والشعر الأبيض)؛ وكأنها محاولة لإرضاء الطرفين، حتى فهم الجمهور أن الصراع لم ينتهِ بينهما، وهو ما أثر على الدراما بشكل واضح».
وعمَّا إذا كان «سكر زيادة» يمثل إضافة لرصيدهما الفني، يقول الشناوي: «هذا العمل لا يضيف لرصيدهما الفني الطويل. ننتظر منهما مزيداً في المستقبل؛ بل وننتظر منهما بطولات فردية، وهي من حقهما بكل تأكيد؛ لكن لا بد من تلافي عيوب الكتابة».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».