السعودية لتفعيل الثروة المعدنية بشركة مساهمة وطنية عملاقة

رئيس برنامج «ندلب» لـ «الشرق الأوسط»‏ : المنشأة المنتظرة لتنفيذ الاستراتيجية الشاملة لتنمية قطاع التعدين

مجلس الوزراء السعودي يوافق مبدئياً على تأسيس شركة تعدين وطنية مساهمة لتنمية قطاع الثروة المعدنية (الشرق الأوسط)
مجلس الوزراء السعودي يوافق مبدئياً على تأسيس شركة تعدين وطنية مساهمة لتنمية قطاع الثروة المعدنية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية لتفعيل الثروة المعدنية بشركة مساهمة وطنية عملاقة

مجلس الوزراء السعودي يوافق مبدئياً على تأسيس شركة تعدين وطنية مساهمة لتنمية قطاع الثروة المعدنية (الشرق الأوسط)
مجلس الوزراء السعودي يوافق مبدئياً على تأسيس شركة تعدين وطنية مساهمة لتنمية قطاع الثروة المعدنية (الشرق الأوسط)

تدخل السعودية مرحلة جديدة في تطوير قطاع التعدين، من خلال التوجه نحو إنشاء شركة مساهمة عملاقة تملكها الدولة لخدمات التعدين، وذلك بهدف تطوير القطاع وجذب المستثمرين، إضافة إلى رفع مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي.
ووافق أول من أمس مجلس الوزراء السعودي من حيث المبدأ على تأسيس شركة مساهمة تملكها الدولة لخدمات التعدين، دون الإشارة إلى تفاصيل عن حجم أو رأسمال أو الإطار الزمني لتأسيس الشركة، حيث تعتبر المملكة التعدين عنصرا رئيسيا في خطة تنويع اقتصادها ومضاعفة مساهمة كقطاع واعد في الناتج الاقتصادي للبلاد إلى أكثر من ثلاثة أمثال بحلول عام 2030.
وبقرار التوجه نحو تأسيس شركة تعدين مساهمة، تضع السعودية يدا أخرى في مجال الصناعة التعدينية، حيث تعد شركة التعدين العربية السعودية (معادن) حاليا الشركة الحكومية الوحيدة في البلاد (يمتلك 65 في المائة منها صندوق الاستثمارات العامة) وتنتج الذهب والنحاس وتوسعت في السنوات القليلة الماضية إلى إنتاج الألمنيوم والفوسفات.
وتمتلك السعودية كل المقومات التي تقودها لتتربع على عرش صناعة التعدين بقطاعاته المختلفة على مستوى العالم، وهذه المقومات ترتكز على عدة عوامل أبرزها اهتمام الحكومة ودعمها لهذا القطاع بشتى الوسائل المتاحة، إضافة إلى ما تمتلكه الأرض من مخزون كبير للعناصر الفلزية واللافلزية.
وبحسب بندر الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية، فقد أكد أنه سيكون للشركة المنتظرة دور فاعل في تنفيذ الاستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين، قائلا عبر حسابه على تويتر، إن الشركة ستعمل على تحفيز القطاع وتنظيمه، وإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية فيه، مقدما شكره لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان للموافقة على إنشاء الشركة.
من جهته أعرب المهندس سليمان بن خالد المزروع، رئيس برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية (ندلب) عن سعادته بموافقة مجلس الوزراء على تأسيس الشركة السعودية لخدمات التعدين، والتي تعد واحدة من أهم مبادرات «ندلب» الخاصة بتطوير قطاع التعدين تحت قيادة وزارة الصناعة والثروة المعدنية.
وقال المزروع لـ«الشرق الأوسط»: «هذا القرار من شأنه أن يسهم في تطوير قطاع التعدين ورفع مساهمة القطاع في الناتج الوطني، إضافة إلى التأثير الإيجابي الذي يمتد إلى القطاع الصناعي بدعم وتمكين من القطاع اللوجيستي في تحقيق لأهم مستهدفات البرنامج الرامية إلى خلق التكامل بين القطاعات».
وسيسهم إنشاء هذه الشركة - بحسب رئيس برنامج (ندلب) - في توفير العديد من الخدمات والحلول لتسهيل رحلة المستثمر وجذب الاستثمار بصفة خاصة لقطاع التعدين، مشيرا إلى أن الشركة الجديدة سيكون لها أثر كبير وإيجابي يوازي تطلعات قيادة المملكة ودعمها غير المحدود لمبادرات البرنامج.
ويمتلك قطاع التعدين في السعودية خططا طموحة واستراتيجية تتوافق مع «رؤية 2030» والتي تركز على تحقيق التطوير والاستثمار الأفضل للثروات المعدنية، وذلك بهدف دفع القطاع ليكون الركيزة الثالثة في الصناعة، معتمدا على توفر الموارد المعدنية والطلب المحلي والاستفادة من الأسواق العالمية.
وبالنظر في استراتيجية قطاع التعدين، فقد حددت العديد من الأولويات والتي تتقدمها رفع مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي من 57 مليار دولار إلى قرابة 74 ملياراً، مع خفض قيمة صافي الواردات بمبلغ 10 مليارات دولار، كذلك زيادة الإيرادات الحكومية السنوية بمبلغ 2.9 مليار دولار، كما يسعى القطاع إلى توفير 265 ألف وظيفة جديدة.
ويقدر إجمالي حجم الاستثمارات في مشاريع البنى الأساسية والمجمعات الصناعية التعدينية أكثر من 216 مليار ريال (57.5 مليار دولار) أسهمت في توليد الفرص الوظيفية ورفع الناتج المحلي، فيما ينتج حاليا العديد من المعادن التي لها دور في سلاسل القيمة المضافة للمعادن الفلزية، «الحديد والألمنيوم والنحاس والزنك والذهب»، وكذلك للمعادن اللافلزية، «الأسمدة والإسمنت والزجاج والسيراميك» في حين تحقق الاكتفاء الذاتي في الأسمدة والألمنيوم والإسمنت الذي يقدر إنتاجه بنحو 61 مليون طن، فيما يبلغ إنتاج الألمنيوم بنحو 840 ألف طن.
ويجري العمل على أن تكون السعودية ضمن أكبر ثلاث دول في إنتاج الفوسفات، والتحوّل إلى دولة رائدة في مجال تصنيع المواد الكيميائية المعتمدة على المعادن، بالإضافة لرفع إنتاج مناجم معادن الأساس الحالية إلى 10 أضعاف، وتحقيق التكامل في سلاسل القيمة المضافة، مع تعزيز كفاءة الطاقة عبر منتجات الوقود، التكنولوجيا، والبوزولان، وأن تصبح المملكة من العشرة الأوائل عالمياً في إنتاج الألمنيوم، مع زيادة إنتاج الذهب 10 أضعاف وزيادة الإنتاج بوجه عام لتلبية الطلب المحلي، مع أهمية التوسّع في سلاسل قيم جديدة.



ولي العهد: السعودية قدمت 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع إنمائي في 60 دولة

TT

ولي العهد: السعودية قدمت 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع إنمائي في 60 دولة

ولي العهد يلقي كلمته في افتتاح قمة «المياه الواحدة» بالرياض (الشرق الأوسط)
ولي العهد يلقي كلمته في افتتاح قمة «المياه الواحدة» بالرياض (الشرق الأوسط)

أكد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، أن السعودية أدرجت موضوعات المياه «للمرة الأولى» ضمن خريطة عمل «مجموعة العشرين» خلال رئاستها في 2020، بالإضافة إلى تقديم المملكة 6 مليارات دولار لدعم 200 مشروع إنمائي في قطاع المياه في أكثر من 60 دولة نامية حول العالم. وشدد على ضرورة العمل على وضع خطط مشتركة لاستدامة مصادر المياه، داعياً الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والقطاع الخاص إلى الانضمام للمنظمة العالمية التي أنشأتها السعودية لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي.

كلمة ولي العهد جاءت في قمة «المياه الواحدة»، الثلاثاء في الرياض، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس كازاخستان قاسم جومارت توقايف، ورئيس البنك الدولي أجاي بانغا وعدد من الوزراء والمسؤولين.

وتأتي استضافة المملكة للقمة برئاسة مشتركة من ولي العهد والرئيس الفرنسي والرئيس الكازاخي ورئيس البنك الدولي؛ تأكيداً لدور المملكة الريادي دولياً في التصدي لتحديات المياه حول العالم والتزامها بقضايا الاستدامة البيئية، وانطلاقاً مما قدمته على مدار عقود من تجربةٍ عالميةٍ رائدة في إنتاج ونقل وتوزيع المياه وابتكار الحلول التقنية لتحدياتها. كما تأتي تجسيداً لدورها الريادي في إحداث تحول دولي في سبل معالجة قضايا المياه وتوحيد الجهود المتعلقة بتعزيز استدامة الموارد المائية على المستوى العالمي لضمان حياة أفضل للأجيال الحالية، وتأمين مستقبل أفضل للبشرية ضمن مسارات تتقاطع مع «رؤية 2030» وركائزها الخاصة ببناء شراكات عالمية وضمان جودة الحياة والتنمية الاقتصادية المستدامة.

وتعكس هذه الاستضافة التزام المملكة بالعمل على استدامة موارد المياه العالمية وضمان قدرة المجتمعات حول العالم على الوصول لموارد المياه النقية؛ امتداداً لمبادراتها النوعية في هذا المجال، ومنها تأسيس المنظمة العالمية للمياه، فضلاً عن مبادراتها البيئية، مثل إطلاق مبادرتَي «الشرق الأوسط الأخضر»، و«السعودية الخضراء»، والتزامها بتقليل انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2060.

ولي العهد

ورحّب الأمير محمد بن سلمان، في مستهل كلمته خلال افتتاح أعمال القمة في الرياض، بالقادة المشاركين في السعودية، ونقل لهم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وتمنياته لنجاح أعمال القمة التي قال إنها تعكس العزم والإصرار على مواصلة العمل المشترك لمواجهة التحديات البيئية المتعلقة بندرة المياه والجفاف.

ولي العهد أثناء إلقائه كلمته (الشرق الأوسط)

وقال: «تنطلق هذه القمة بالتزامن مع استضافة السعودية مؤتمر الأطراف الـ16 لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر الذي يهدف إلى الحد من تدهور الأراضي والجفاف، حيث تعد الأراضي وعاءً رئيسياً للمياه العذبة، ويواجه العالم اليوم تحديات متزايدة في قطاع المياه، ومن ذلك ارتفاع معدلات الجفاف، وهي تؤدي إلى أزمات متعددة تتمثل في نقص المياه الصالحة للاستخدام وتفاقم مشكلات الصحة وما يتبع ذلك من تهديد حياة الإنسان والمجتمعات».

وشدد ولي العهد السعودي، على ضرورة العمل المشترك لوضع خطط لضمان استدامة مصادر المياه، وقال: «من هذا المنطلق، عملت السعودية على إدراج موضوعات المياه للمرة الأولى ضمن خريطة عمل مجموعة العشرين خلال مدة رئاستها في عام 2020، بالإضافة إلى تقديمها تمويلاً يتجاوز 6 مليارات دولار لدعم أكثر من 200 مشروع في قطاع المياه في اكثر من 60 دولة نامية حول العالم».

وأضاف: «تستعد السعودية لاستضافة المنتدى العالمي للمياه في الدورة الحادية عشرة في عام 2027 بالتعاون مع المجلس العالمي للمياه، كما أعلنت السعودية تأسيس منظمة عالمية للمياه مقرّها الرياض تهدف إلى تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي».

وبيّن ولي العهد السعودي، أن المنظمة العالمية للمياه في الرياض ستعمل على معالجة القضايا المتعلقة بالمياه على مستوى العالم من خلال توحيد الجهود الدولية وإيجاد الحلول الشاملة للتحديات المائية، بما في ذلك تبادل الخبرات والتقنيات المبتكرة وتعزيز البحث والتطوير في هذا المجال، مشيراً في هذا الصدد إلى دعوة السعودية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والقطاع الخاص إلى الانضمام لهذه المنظمة.

وتعدّ مبادرة المملكة لتأسيس «المنظمة العالمية للمياه»، خطوة رائدة في المجال البيئي على المستوى الدولي، حيث تهدف إلى تعزيز العمل الدولي المشترك لمواجهة تحديات الأمن المائي، وتأكيد التزام المملكة بالإسهام في جهود الحفاظ على البيئة والقيام بدور قيادي إقليمياً ودولياً في مجال العمل المناخي.

وختم ولي العهد قائلاً: «في الختام، نأمل أن تسهم جهود المجتمع الدولي لمعالجة تحديات المياه في تحقيق الأهداف التي نصبوا إليها جميعاً في هذا المجال».

الرئيس الفرنسي

من جانبه، أوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن المياه أساسية في كل سياسات التكيف، مشيراً إلى أنه في كل عام يتدهور 12 مليون هكتار من الأراضي، وبالتالي ينعكس على أزمة المناخ والتنوع البيئي، وهي مرتبطة عضوياً بمكافحة التصحر.

وقال الرئيس الفرنسي إن 60 في المائة من المياه العذبة عابرة للحدود، والكثير من النزاعات لها علاقة بالمياه، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان، مضيفاً أن استثمار كل دولار لقدرة المياه على مواجهة الأوضاع السلبية يتم في مقابلها 4 دولارات في النفقات الصحية بفضل زيادة الإنتاجية.

ولي العهد يتوسط الرئيسَين الفرنسي والكازاخي (الشرق الأوسط)

وأوضح ماكرون أن بلاده تبنت خطة وطنية لتخفيض الاستهلاك بنسبة 10 في المائة بحلول 2030، واعتمدت بذلك على العلم والنماذج المناخية لتوقع السيناريوهات كافة.

رئيس كازاخستان

وقال رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توقايف، إن السيول والفيضانات تؤثر في 1.5 مليار شخص في العالم سنوياً. وأضاف أنه لا بد من العمل على حماية موارد المياه ومقاومة الكوارث البيئية لضمان الوصول إلى مياه نظيفة.

وأشار إلى معاناة 4 مليارات في العالم ندرة المياه؛ الأمر الذي يدعو إلى توحيد الجهود لضمان وفرتها.

وأعلن توقايف عن اقتراح لإقامة شراكة تهدف إلى مواجهة فقدان الكتل الجليدية في القطبين وحماية موارد المياه.

وتهدف القمة إلى جمع قادة الدول والمنظمات والمؤسسات المالية والقطاع الخاص لعقد مناقشات دولية حيال الحلول الممكنة لمواجهة التحديات في قطاع المياه وتمويلها في سياق تغير المناخ؛ إذ تزداد أزمة المياه العالمية بسبب عوامل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث، كما تهدف القمة إلى أن تكون حاضنة للحلول الملموسة لمواجهة تحديات قطاع المياه، استعداداً لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه في عام 2026.

وتعدّ قمة «المياه الواحدة» أحد مخرجات «تحالف الكوكب الواحد»، الذي أُطلق بوصفه أبرز مُخرج لـ«قمة الكوكب الواحد»؛ إذ يهدف التحالف لحشد الدعم المالي والسياسي لقضايا البيئة والتغيير المناخي، كما انبثقت من هذا التحالف قمم أخرى مشابهة لقمة «المياه الواحدة».

صورة جماعية للمشاركين في قمة «المياه الواحدة» (الشرق الأوسط)

رئيس البنك الدولي

أما رئيس البنك الدولي أجاي بانغا، فسلّط في كلمته الضوء على الأبعاد المتزايدة لأزمة المياه التي يواجهها العالم، خصوصاً مع تزايد الطلب على المياه الذي قد يرتفع بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2030. وأشار إلى ضرورة العمل العاجل لتحسين إدارة المياه في مواجهة تحديات مثل الجفاف، التلوث، وندرة الموارد المائية.

كما دعا إلى تكثيف جهود تمويل مشاريع المياه، مؤكداً أن البنك الدولي يلتزم بمساعدة البلدان النامية من خلال تقنيات جديدة وحلول مبتكرة.

وشدد على أهمية إشراك القطاع الخاص في التمويل والبنية التحتية للمياه، مشيراً إلى أن القطاع الخاص يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في سد الفجوات التمويلية من خلال شراكات مبتكرة بين الحكومات والمؤسسات المالية. كما تطرق إلى أهمية استخدام الحلول الطبيعية والتكنولوجية للتعامل مع تحديات المياه، مثل تحلية المياه وإعادة التدوير.

وطالب بانغا أيضاً بتسريع العمل لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالمياه والصرف الصحي، خصوصاً في المناطق التي تعاني نقصاً حاداً في المياه أو تلوثاً شديداً في الموارد المائية.

وختم كلمته بالقول: «إن التحدي الذي نواجهه لا يتعلق بالمياه فقط، بل يتعلق بنا اقتصادياً وإنسانياً».