كيف غيّر فيروس «كورونا» مفهومنا عن الوقت؟

منذ تفشي فيروس «كورونا» وبقاء ملايين الأشخاص بالمنزل أصبحت جميع الأيام متشابهة (سي إن إن)
منذ تفشي فيروس «كورونا» وبقاء ملايين الأشخاص بالمنزل أصبحت جميع الأيام متشابهة (سي إن إن)
TT

كيف غيّر فيروس «كورونا» مفهومنا عن الوقت؟

منذ تفشي فيروس «كورونا» وبقاء ملايين الأشخاص بالمنزل أصبحت جميع الأيام متشابهة (سي إن إن)
منذ تفشي فيروس «كورونا» وبقاء ملايين الأشخاص بالمنزل أصبحت جميع الأيام متشابهة (سي إن إن)

منذ تفشي فيروس «كورونا» المستجدّ وبقاء ملايين الأشخاص حول العالم بالمنزل طوال أيام الأسبوع، أصبحت جميع الأيام متشابهة، بل عجز كثيرون عن تتبع الأيام ومعرفة اليوم الذي يمرّون به.
وبحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد عبث وباء «كورونا» بشكل كبير بمفهومنا عن الوقت، وأصبحنا ننجز المهام في وقت أطول من المعتاد دون أن ندرك ذلك، كما لو كانت أدمغتنا تعمل ببطء شديد، كما أثر الفيروس أيضاً على قدرة الأشخاص على النوم، الأمر الذي زاد من حدة مشكلة إدراك الوقت.
وبحسب خبراء الصحة، فإن ذلك يرجع إلى أسباب عدة؛ هي:
* اختفاء الروتين اليومي:
تقول إليسا إبل، أستاذة الطب النفسي في جامعة كاليفورنيا، إن أجسامنا مثلما تعتمد كثيراً على الإشارات البيئية، مثل ضوء الشمس، لتنظيم إيقاعاتنا اليومية، فإنها تعتمد أيضاً على بعض الإشارات المادية والاجتماعية.
وتتضمن تلك الإشارات إجراءات روتينية، مثل تنقلات الصباح والمساء، وتحديد أوقات الوجبات خلال اليوم، هذا بالإضافة للذهاب إلى دور العبادة أسبوعياً، حيث يساعدنا ذلك في إدراك الوقت والتركيز في الأيام.
وبالنسبة لأولئك الأشخاص المعزولين في منازلهم، فقد اختفت تلك الإجراءات الروتينية إلى حد كبير، وفقدت الأيام نظامها وبنيتها المعتادة.
وتضيف إبل: «لقد فقدنا روتين الأسبوع النموذجي، والذي يعني وجود عطلات نهاية الأسبوع بوصفها حدوداً أو فصلاً بين الأسبوع والآخر. الآن عطلة نهاية الأسبوع لا تختلف إلى حد كبير عن باقي أيام الأسبوع، خصوصاً بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين لا يعملون من المنزل. وحتى الأشخاص الذين يعملون من المنزل فقد يجدوا أنفسهم يعملون لساعات أطول أو في عطلات نهاية الأسبوع في ظل اختفاء الروتين اليومي».
* القيام بمهام عدة في وقت واحد:
يقوم أغلب الأشخاص بمهام عدة في وقت واحد خلال بقائهم في المنزل، حيث يحاول كثيرون الموازنة بين المسؤوليات المتعددة، كأداء عملهم والعناية بأطفالهم وتعليمهم ورعاية آبائهم من كبار السن وتنظيف المنزل وإعداد الطعام.
وتقول إبل إن تعدد المهام يشكل عبئاً عقلياً وجسدياً على الشخص، الأمر الذي يجعله أقل تركيزاً من المعتاد، ومع مرور الوقت يجعله غير مدرك للأيام والتوقيت الذي يعيش فيه، بل ويجد الشخص نفسه يكافح من أجل تذكر المعلومات الأساسية أو أداء المهام التي اعتادها بالكفاءة نفسها.
وقالت إنغر بورنيت زيغلر، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة نورثويسترن: «عندما يحاول الأشخاص القيام بمهام متعددة، فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على تركيزهم وتخزينهم للمعلومات، والدليل على ذلك أنهم في الأغلب لا يمكنهم تذكر ما كانوا يفعلونه أو يقولونه بعد فعله أو قوله ببضع لحظات».
* الإجهاد والضغط النفسي:
تقول بورنيت زيغلر إن عدم القدرة على تذكر اليوم الذي نمر به عَرَض من أعراض الإجهاد والضغط النفسي.
وأشارت إلى أن الوباء أصبح مصدراً للضغوط المزمنة نظراً لأنه مستمر منذ أسابيع أو حتى أشهر بالنسبة لبعض الناس. وتابعت: «تضعف مستويات الضغوط العالية تركيزنا واهتمامنا، ويمكن أن تؤثر على الذاكرة قصيرة المدى».
وأضافت بورنيت زيغلر: «هذه الضغوط النفسية تؤثر أيضاً بالسلب على قدرتنا على النوم، الأمر الذي يمكن أن يزيد من الضعف الإدراكي ويؤثر على الانتباه والتركيز، بل وقد يؤدي إلى فقدان الذاكرة على المدى القصير».
وفي النهاية، أوصت إبل وبورنيت زيغلر الأشخاص بوضع روتين ليومهم وإنشاء جدول بمواعيد استيقاظهم وتناولهم الطعام وذهابهم إلى الفراش.
كما نصحتا بضرورة أخذ فترات راحة متكررة وممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي والحد من متابعة الأخبار.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
TT

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)
الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» على أنه تراث مشترك بين 16 دول عربية.

ويأتي الملف التراثي نتيجة تعاون مشترك بين وزارتي الثقافة والخارجية المصريتين وسائر الدول العربية التي تعد الحناء من العناصر الثقافية الشعبية المرتبطة بمظاهر الفرح فيها، كما تمثل تقليداً رئيساً لمظاهر احتفالية في هذه المجتمعات وهي: السودان، مصر، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، وقطر.

وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي اجتماعاً يستمر منذ الاثنين الماضي وحتى الخميس 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في أسونسيون عاصمة باراغواي، للبت في إدراج 66 عنصراً جديداً رُشحَت على أنها تقاليد مجتمعية، وفق «اليونيسكو».

وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء): «نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديداً تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف، وتُستعمل أيضاً لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال».

الحنة تراث ينتقل بين الأجيال (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

وعللت «اليونيسكو» إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها «ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات والحكايات».

من جهته أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، عن اعتزازه بهذا الإنجاز، مشيراً إلى أن تسجيل الحناء يُعد العنصر التاسع الذي تضيفه مصر إلى قوائم التراث الثقافي غير المادي منذ توقيعها على اتفاقية 2003، بحسب بيان للوزارة.

وأكدت الدكتورة نهلة إمام رئيسة الوفد المصري أن الحناء ليست مجرد عنصر جمالي، بل تمثل طقساً اجتماعياً عريقاً في المجتمعات العربية؛ حيث تُستخدم في الحياة اليومية والمناسبات المختلفة، كما أشارت إلى «ارتباط استخدام الحناء بتقاليد شفهية، مثل الأهازيج والأمثال الشعبية، وممارسات اجتماعية تشمل زراعتها واستخدامها في الحرف اليدوية والعلاجية».

وسلط الملف الذي قُدم لـ«اليونيسكو» بهدف توثيقها الضوء على أهمية الحناء بأنها عنصر ثقافي يعكس الروح التقليدية في المجتمعات المشاركة، وكونها رمزاً للفرح والتقاليد المرتبطة بالمناسبات الاحتفالية وفق الدكتور مصطفى جاد، خبير التراث الثقافي اللامادي بـ«اليونيسكو»، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تمثل الحناء واحدة من أهم عناصر تراثنا الشعبي، فهي مرتبطة بمعظم مفردات التراث الشعبي المصري والعربي الأخرى؛ وهي وثيقة الارتباط بالنواحي الجمالية والتزيينية، وأغاني الحناء، فضلاً عن الأمثال والمعتقدات الشعبية، والاستخدامات والممارسات الخاصة بالمعتقدات الشعبية، وتستخدم الحناء في الكثير من طقوسنا اليومية، المتعلقة بالمناسبات السعيدة مثل الزواج والأعياد بشكل عام».

الحنة تراث عربي مشترك (بكسيلز)

وأكد جاد أن التعاون العربي تجاه توثيق العناصر التراثية يعزز من إدراج هذه العناصر على قوائم «اليونيسكو» للتراث اللامادي؛ مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وقال: «تثمن (اليونيسكو) عناصر التراث الشعبي المشتركة بين الدول، وقد سبق تسجيل عناصر النخلة، والخط العربي، والنقش على المعادن المشتركة بين مصر وعدة دول عربية؛ مما يؤكد الهوية العربية المشتركة».

وأضاف: «نحن في انتظار إعلان إدراج عنصر آخر مشترك بين مصر والسعودية على القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بـ(اليونيسكو) اليوم أو غداً، وهو آلة السمسمية الشعبية المعروفة».

وكانت بداية الحناء في مصر القديمة ومنها انتشرت في مختلف الثقافات، خصوصاً في الهند ودول الشرق الأوسط، حتى صارت ليلة الحناء بمثابة حفل «توديع العزوبية» في هذه الثقافات، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأدلة الأثرية والتحاليل العلمية وثقت دور الحنة باعتبارها مادة أساسية ذات أهمية كبيرة في الحياة اليومية للمصريين القدماء»، وتابع: «بخلاف استخدامها في الأغراض التجميلية مثل صبغ الشعر، فقد تمت الاستعانة بها في الطقوس الجنائزية؛ إذ يعتقد استخدامها في التحنيط، كما كانت جزءاً من الممارسات الروحية لتحضير المومياوات للحياة الآخرة، فضلاً عن صبغ الأقمشة والجلود».

ارتبطت الحناء بالمناسبات والأعياد (بكسيلز)

الفنان العُماني سالم سلطان عامر الحجري واحد من المصورين العرب الذين وثقوا بعدستهم استخدام الحنة في الحياة اليومية، وسجّل حرص الجدات على توريثها للأجيال الجديدة من الفتيات الصغيرات، يقول الحجري لـ«الشرق الأوسط»: «الحنة في سلطنة عمان هي رمز للفرحة، ومن أهم استخداماتها تزيين النساء والأطفال بها في عيد الفطر، حيث عرفت النساء العربيات منذ القدم دق ورق الحناء وغربلته ونخله بقطعة من القماش وتجهيزه، مع إضافة اللومي اليابس (الليمون الجاف)، لمنحها خضاب اللون الأحمر القاتم، وذلك قبل العيد بعدة أيام، ثم يقمن بعجن الحناء المضاف له اللومي الجاف بالماء، ويتركنه لفترة من الوقت، وقبل النوم يستخدمن الحناء لتخضيب اليدين والرجلين للنساء والفتيات».