رفع منع التجول في السعودية يُسهم في عودة 30 % من القوة الاقتصادية للقطاع الخاص

مختصون يرصدون حاجة لمعالجة التخمة في بعض الأنشطة التجارية ووضع خطط لمواجهة الطوارئ

عودة متدرجة للحياة التجارية بعد قرار رفع منع التجول جزئياً في المملكة (الشرق الأوسط)
عودة متدرجة للحياة التجارية بعد قرار رفع منع التجول جزئياً في المملكة (الشرق الأوسط)
TT

رفع منع التجول في السعودية يُسهم في عودة 30 % من القوة الاقتصادية للقطاع الخاص

عودة متدرجة للحياة التجارية بعد قرار رفع منع التجول جزئياً في المملكة (الشرق الأوسط)
عودة متدرجة للحياة التجارية بعد قرار رفع منع التجول جزئياً في المملكة (الشرق الأوسط)

قدر اقتصاديون سعوديون أن يساهم رفع منع التجول الجزئي الذي أقرته السعودية بدءاً من الأسبوع الجاري، في إعادة ما لا يقل عن 30 في المائة من القوة الاقتصادية للقطاع الخاص، في ظل وجود قطاعات لم تباشر أعمالها بعد منها: النقل، والسياحة، والإسكان، والترفيه، موضحين أن العودة الكلية للقطاع الخاص لن تستغرق وقتاً طويلاً، في ظل الاحتياطات التي قامت بها الأجهزة المعنية في السعودية لمحاصرة الفيروس في المدن كافة.
وستدفع عودة الحياة الاقتصادية التدريجية في السوق السعودية، إلى ترتيب أوضاع العديد من المنشآت في مختلف القطاعات والأنشطة التجارية، وإعادة هيكلة شاملة أو محددة في بعض أقسامها، ووضع خطة مالية تضمن لها البقاء في حال وجود أي إشكاليات مستقبلية، خاصة أن الحكومة السعودية في هذه المرحلة وقفت بشكل قوي واتخذت حزمة من المبادرات لحماية ودعم القطاع الخاص من أي آثار جانبية لجائحة فيروس كورونا.
وحدد المختصون 4 نقاط رئيسية يجب التعامل معها في المرحلة المقبلة مع عودة النشاط الاقتصادي تدريجياً، تتمثل في معالجة التخمة الزائدة في بعض الأنشطة التجارية التي تقبل عليها المؤسسات المتوسطة والصغيرة، ووضع خطط بعيدة المدى لمواجهة الطوارئ والحالات الاستثنائية، والبحث عن العمالة المدربة التي يحتاجها السوق المحلي، وإيجاد حلول تطويرية لعمل المنشأة.
وقال محمد المعجل، نائب رئيس لجنة السياحة في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض عضو مجلس مركز الرياض لتنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة، إن رفع التجول جزئياً سيكون له عوائد اقتصادية كبيرة بإعادة نشاط الأعمال لجزء من حيويته للعديد من المنشآت المتوسطة والصغيرة التي تعتمد على أنشطة تجارية تقليدية.
وأشار المعجل في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك 3 أنشطة اقتصادية مختلفة تتباين تفاعلاتها مع القرار الحكومية بالفتح الجزئي للاقتصاد، هي: الأولى تأثراً بقوة من جائحة كورونا وتحديداً قطاع السياحة والترفيه بكل مجالاته وكان له تبعات سلبية على هذا القطاع، وهناك نشاط تأثر بشكل طفيف حيث تمكن من مواجهة التحديات بدعم من الحكومة، ونشاط لم يتأثر من الجائحة بل استفاد منها، لافتاً إلى أن العودة التدريجية ستساعد هذه القطاعات من استعادة نشاطها وترتيب أوراقها من جديد.
وأضاف: «هناك عاملان رئيسيان في النشاط الاقتصادي تعتمد عليهما أي منشأة يتمثلان في الوظائف والسيولة النقدية، وهنا سارعت الحكومة في دعم المنشآت وبشكل سخي، لذلك لا بد أن يكون نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مكملاً لحاجة السوق السعودية وتوفير ما تعجز عنه الشركات الكبرى»، مشيراً إلى أن السوق المحلية لا بد أن تعيد النظر في عمل المنشآت التجارية وتقليص التخمة الزائدة في بعض الأنشطة التجارية.
إلى ذلك، قال الدكتور لؤي الطيار، الخبير في المجال الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط» إن العودة التدريجية ستقلل من حجم الخسائر التي تكبدها القطاع الخاص في هذه الفترة، وهذا سيعيد الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها مع الوقت، مع ضرورة الالتزام والتقيد بالإجراءات الاحترازية التي ستمكن من استمرارية فك الحجر بنسبة أكبر عما هو عليه الآن.
وأردف الطيار أن القرار جاء في وقت مهم وتحديداً للمنشآت التجارية العاملة في بعض القطاعات منها الملابس والأغذية والسلع التي تعتمد على المبيعات الموسمية والفصلية التي منها شهر رمضان، الذي يكثر فيها الطلب على المنتجات الاستهلاكية استعداداً للعيد وبعض أنواع المنتجات الغذائية.
وزاد الطيار أن إعادة السماح للمراكز التجارية وتجار الجملة والتجزئة لها الأثر الإيجابي في إعادة الحياة الاقتصادية، مفيداً بأن رفع منع التجول جزئياً سيعيد ما نسبته 30 في المائة للقطاع الاقتصادي، حيث ستصعد هذه النسبة تدريجياً.



في تحول عن خطط حملته... ترمب يناقش فرض تعريفات جمركية على الواردات الحيوية فقط

مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)
مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)
TT

في تحول عن خطط حملته... ترمب يناقش فرض تعريفات جمركية على الواردات الحيوية فقط

مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)
مع البيت الأبيض في الخلفية... الرئيس دونالد ترمب يتحدث خلال تجمع بواشنطن الاثنين (أ.ب)

يستكشف مساعدو الرئيس المنتخب دونالد ترمب، خططاً لفرض تعريفات جمركية على جميع البلدان، ولكنها ستغطي فقط الواردات الحيوية، وفقاً لثلاثة أشخاص مطلعين على الموضوع، وهو تحول رئيسي عن خطط ترمب خلال حملته الرئاسية لعام 2024. وإذا تم تنفيذ هذه الخطط الناشئة، فإنها قد تؤدي إلى تقليص بعض العناصر الأكثر شمولاً في خطط حملة ترمب الانتخابية، ولكنها قد تؤدي على الأرجح إلى تقويض التجارة العالمية وتخلِّف عواقب وخيمة على الاقتصاد الأميركي والمستهلكين، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وانخفض مؤشر الدولار الأميركي بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 108.14، بعد نشر تقرير الصحيفة، وذلك بعد أن كان قد سجل صباحاً 108.44، متراجعاً من أعلى مستوى له في أكثر من عامين، والذي بلغ 109.54 يوم الخميس الماضي.

وفي حملته الانتخابية، كان ترمب قد دعا إلى فرض «تعريفات شاملة» تصل إلى 10 أو 20 في المائة على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة. وحذر الكثير من الاقتصاديين من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى صدمات سعرية قد تُزعزع استقرار الأسواق، كما أن الكثير من الجمهوريين في الكونغرس قد ينتقدون هذه الخطط.

وقبل أسبوعين من توليه منصب الرئيس، لا يزال مساعدو ترمب يناقشون فرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من جميع الدول، وفقاً للمصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها نظراً للخصوصية التي تحيط بهذه المناقشات. ولكن، بدلاً من فرض التعريفات على جميع الواردات، تركز المناقشات الحالية على تطبيقها فقط على بعض القطاعات الحيوية التي تُعد ضرورية للأمن الوطني أو الاستقرار الاقتصادي. ويُعد هذا التحول تخلياً عن أحد جوانب تعهدات ترمب الانتخابية في الوقت الحالي، حسبما أشارت المصادر التي حذرت من أن القرارات النهائية لم تُتخذ بعد وأن التخطيط لا يزال في مرحلة عدم الاستقرار.

يعكس هذا التحول المحتمل اعترافاً بأن الخطط الأولية لترمب، التي كانت ستؤثر بشكل ملحوظ على أسعار واردات الطعام والإلكترونيات الاستهلاكية الرخيصة، قد تكون غير شعبية سياسياً وقد تزعزع الاستقرار. ومع ذلك، لا يزال الفريق الحالي لترمب مصمماً على تنفيذ تدابير صعبة يصعب التلاعب بها من خلال شحن المنتجات عبر دول ثالثة.

وحتى الآن، لم يتضح بعد أي الصناعات أو الواردات التي ستواجه الرسوم الجمركية. ومع ذلك، قالت المصادر إن المناقشات الأولية تركزت بشكل كبير على قطاعات رئيسية يسعى فريق ترمب إلى إعادتها إلى الولايات المتحدة. وتشمل هذه القطاعات سلاسل توريد الصناعات الدفاعية (من خلال فرض رسوم جمركية على الفولاذ والحديد والألمنيوم والنحاس)، والإمدادات الطبية الحرجة (مثل الحقن والإبر والقوارير ومواد الأدوية)، وإنتاج الطاقة (مثل البطاريات والمعادن النادرة وحتى الألواح الشمسية).

من غير الواضح أيضاً كيف تتقاطع هذه الخطط مع نية ترمب المعلنة بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على المكسيك وكندا، و10 في المائة إضافية على الصين، في حال عدم اتخاذها خطوات للحد من الهجرة والاتجار بالمخدرات. ويرى كثير من قادة الأعمال أن من غير المرجح تنفيذ هذه التدابير، لكنَّ بعض المطلعين على الموضوع قالوا إنه من الممكن أن تُنفَّذ هذه الرسوم إلى جانب فرض تعريفات جمركية شاملة على بعض القطاعات الحيوية.

قد تعكس القائمة القصيرة للتعريفات الجمركية الأولية أيضاً القلق المتزايد بشأن التضخم المستمر في العام المقبل. ففي ديسمبر (كانون الأول)، أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أن المسؤولين يتوقعون خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام بسبب استمرارية الزيادات في الأسعار التي تجاوزت التوقعات.

ومن بين القادة الرئيسيين الذين يقودون التخطيط المحلي في فريق ترمب، يوجد فينس هيلي، أحد كبار مساعدي الحملة الذي من المتوقع أن يدير مجلس السياسة المحلية في البيت الأبيض؛ سكوت بيسنت، الذي جرى ترشيحه لمنصب وزير الخزانة؛ وهاورد لوتيرنيك، الذي جرى ترشيحه لمنصب وزير التجارة. وقال أحد المطلعين على الأمر: «إن فرض تعريفات جمركية تستهدف قطاعات معينة سيكون أسهل قليلاً على الجميع قبوله في البداية. الفكرة هي أنه إذا كنت ستفرض تعريفات، فلماذا لا تبدأ بتلك التدابير المستهدفة؟ وهذا سيمنح الشركات حافزاً كبيراً للبدء في إنتاج منتجاتها داخل البلاد».

ورغم إعادة صياغة هذه الخطط، تظل الإجراءات عدوانية للغاية. إذا تم تنفيذ هذه السياسات، فقد تشكل واحداً من أكبر التحديات التي تواجه النظام التجاري العالمي في العقود الأخيرة. ويرى مستشارو ترمب أن هذه الجهود ضرورية لإعادة وظائف التصنيع إلى الاقتصاد الأميركي، ولكنها قد تؤدي إلى ردود فعل انتقامية من دول أخرى، مما يرفع الأسعار للمستهلكين والشركات على حد سواء.

وقد حذر الكثير من المطلعين على هذه المناقشات من أن ترمب قد يغير رأيه بسرعة، وأن السياسات الجمركية لم تُحدد بعد. وقال بريان هيوز، المتحدث باسم فريق ترمب الانتقالي في بيان: «لقد وعد الرئيس ترمب بسياسات تعريفية تحمي الشركات الأميركية والعمال الأميركيين من الممارسات غير العادلة من الشركات والأسواق الأجنبية». وأضاف: «كما فعل في ولايته الأولى، سينفذ سياسات اقتصادية وتجارية لجعل حياة الأميركيين أكثر يسراً وازدهاراً».

ويقول المنتقدون من مختلف الأطياف السياسية إن النسخ الأكثر اعتدالاً من خطط ترمب التجارية لا تزال متطرفة، معتبرين أن التعريفات الجمركية الشاملة سترتفع بأسعار المنتجات للمستهلكين والمصنعين الأميركيين. بينما يقول ترمب وحلفاؤه الحمائيون إن هذه الرسوم تدعم التصنيع المحلي من خلال تقديم حوافز مالية للشركات للاستثمار داخل البلاد. ويشير خبراء اقتصاديون من كلا الحزبين إلى أن هذه الخطط قد تؤدي إلى زيادة تكاليف المدخلات.

وقالت كيمبرلي كلاوسينغ، الخبيرة الاقتصادية في وزارة الخزانة في عهد الرئيس جو بايدن، التي تعمل الآن في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس ومعهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن: «إذا فرضنا رسوماً جمركية على جميع دول العالم، فلن يكون لدينا مكان نستورد منه سوى المريخ». وأضافت أن الغالبية العظمى من الواردات الأميركية هي سلع وسيطة تُستخدم في سلاسل الإمداد الخاصة بالشركات، وليست سلعاً نهائية. وأضافت: «وبذلك سنجعل من الصعب جداً على الشركات الأميركية التنافس مع أي شركات أخرى في العالم، لأن شركاتنا ستكون مضطرة إلى دفع أسعار أعلى للواردات».

وتسلط خطط التعريفات الجمركية الناشئة الضوء على ما من المرجح أن يكون أولوية رئيسية للإدارة المقبلة. خلال فترة ولايته الأولى، فرض ترمب رسوماً جمركية على سلع تقدَّر قيمتها بأكثر من 360 مليار دولار من الصين، خصوصاً الصلب والألمنيوم. وقد ركزت تهديداته التجارية في البداية على بكين، لكنَّ هذه السياسات أدت إلى زعزعة استقرار التجارة العالمية وتسببت في توترات مع حلفاء أميركا الجيوسياسيين.

وقد أدى فرض ترمب الرسوم الجمركية على الصين إلى زيادة كبيرة في واردات الولايات المتحدة من دول مثل فيتنام، حيث حوّل المصنعون البضائع لتجنب الرسوم الجمركية. وأعرب مستشارو ترمب وبايدن عن قلقهم من إمكانية استخدام الصين للمكسيك بوابةً للأسواق الأميركية. وفي الوقت الحالي، تمثل المكسيك أكثر من 87 في المائة من واردات الولايات المتحدة من الصلب، وهي زيادة تقترب من 500 في المائة عن المعدل التاريخي، وفق البيانات التي جمعها «التحالف من أجل أميركا المزدهرة»، وهي مجموعة تدعم القيود التجارية.

وقال تشارلز بونو، المحامي التجاري في التحالف، إن الحكومة الأميركية تجمع بالفعل معلومات مفصلة حول القطاعات الخاصة بالواردات، مما يجعل إضافة الرسوم الجمركية أمراً سهلاً نسبياً. وأضاف بونو: «إن فرض تعريفة جمركية بنسبة 20 في المائة على جميع البلدان يعد أمراً ممتازاً بالنسبة للإيرادات، ولكن إذا أرادوا تخصيصها قليلاً، فإن ذلك سيكون سهلاً في جدول التعريفات الجمركية، ولا توجد تكاليف إضافية في الامتثال أو الحاجة لإعداد قواعد جديدة».

وفي الأيام الأخيرة، كرر ترمب تفضيله الرسوم الجمركية، التي وصفها خلال حملته الانتخابية بأنها «أجمل كلمة في القاموس». ويوم الأربعاء، نشر على منصته «تروث سوشيال»: «الرسوم الجمركية، والرسوم الجمركية فقط، خلقت هذه الثروة الهائلة لبلدنا... الرسوم الجمركية ستسدد ديوننا وتجعل أميركا غنية مرة أخرى!».