خلافاً لحالة القلق التي سادت شوارع العاصمة اليمنية الموقتة، عدن، سادت حالة من الاطمئنان أظهرتها وجوه المارة والمتسوقين والحركة في شوارع المدينة، التي لا تزال تعاني من آثار السيول الجارفة التي ضربتها الأسبوع الماضي، لتنفض غبار «الطوارئ» وتستعد لما هو مقبل.
ولأن سكان عدن شاهدوا المواجهات الدامية تدور رحاها داخل مدينتهم، والتي كان آخرها أحداث أغسطس (آب) الماضي، ساد القلق والترقب، وسيطرا على الوضع لوهلة، زاد من هولها إغلاق شركات الصرافة والبنوك، وانتشار قوات المجلس الانتقالي في محيط المؤسسات الحكومية الرئيسية، ومداخل مدينة عدن، إلى جانب الأحاديث المتداولة عن استعدادات عسكرية في محافظة أبين، وهو ما أشاع أجواء من الخوف.
وعقب بيان تحالف دعم الشرعية الذي شدد على عودة «الأوضاع إلى سابق وضعها» إثر إعلان المجلس الانتقالي لحالة الطوارئ «وتأكيده العمل على سرعة تنفيذ اتفاق الرياض فوراً ودون تأخير، توارت حالة الترقب والاستنفار التي سادت الشارع العدني حيث يعتبر كثيرون مواقف التحالف ضمانة بعدم الانزلاق لدوامة عنف جديدة، وفق ما أكده عبد العزيز محمد عوض الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة في المدينة.
ويضيف عوض: «تعب الناس من الصراعات، ويبحثون عمن يساعدهم بعد الكارثة التي حصلت، والتحالف بالنسبة لنا هو الضمانة ألا تعود الأطراف تتقاتل فوق رؤوسنا».
شركات الصرافة التي أغلقت أبوابها استناداً إلى تعليمات «إدارة حالة الطوارئ» التي أعلنها المجلس الانتقالي عادت هي أيضاً للعمل وتقديم خدماتها للسكان، وزالت مع هذه الخطوة مخاوف واسعة طالت القطاع التجاري والشعبي، إذ إن معظم التحويلات المالية بين مناطق سيطرة الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين تشكل عصب الاقتصاد المنهك، وأثرها سيمتد إلى الموظفين والمتقاعدين في مناطق سيطرة الميليشيات، وأعدادهم بالآلاف ممن يتسلمون رواتبهم الشهرية عبر شركات الصرافة.
ولأن الإعلان الذي أصدره المجلس الانتقالي الجنوبي تبعه قرار السيطرة على المؤسسات الإيرادية، انتشرت قوات الأمن في محيط عدد من هذه المؤسسات وغاب الموظفون عن معظم الدوائر الحكومية في انتظار ما ستؤول إليه الأمور. ويبدو أن ما ترتب على الموقف الذي أعلنه التحالف، أشاع جواً من الطمأنينة، إذ عادت الدوائر الحكومية للعمل بشكل اعتيادي، وتبددت المخاوف، خاصة أن الأطراف اليمنية سارعت إلى الترحيب بما صدر عن التحالف وجددت التزامها بتنفيذ اتفاق الرياض.
ورغم مضي 7 أيام على الأمطار الغزيرة التي شهدتها المدينة، فإن آثار السيول في شوارعها تعكس حجم الكارثة، فالشوارع لا تزال ممتلئة بالمياه التي تبخر جزء كبير منها بفعل الشمس الحارقة، والحفر أيضاً تعيق حركة السيارات في كل الشوارع، فيما تبذل جهود متواضعة في الأحياء التي شهدت أكبر الأضرار لرفع مخلفات السيول وفتح الشوارع التي أغلقتها الحجارة والأتربة، مع تحسن بسيط في خدمة الكهرباء، وإن بقيت بعض الأحياء من دون هذه الخدمة، ما يكشف الحاجة الملحة للدخول الفوري في تطبيق اتفاق الرياض.
وفيما يتطلع سكان عدن إلى إجراءات فعلية للتخفيف من آثار كارثة السيول وتردي خدمات الكهرباء والمياه، فإن المخاوف من أن تؤدي الخطوة التي اتخذها المجلس الانتقالي إلى صدام مسلح، ضاعفت هذه المعاناة، كما أن تأكيد التحالف أنه اتخذ ولا يزال يتخذ خطوات عملية ومنهجية لتنفيذ اتفاق الرياض الذي يمثل الإطار الذي أجمع عليه الطرفان لتوحيد صفوف اليمنيين، وعودة مؤسسات الدولة، والتصدي لخطر الإرهاب، إلى جانب أنه أبعد شبح مواجهة جديدة، فهو يكشف الحاجة الملحة لتجاوز آثار «مواجهات أغسطس» الماضي والانطلاق إلى مرحلة جديدة من الشراكة.
جولة في عدن بلا «طوارئ»
عودة المتاجر وتفاؤل السكان بعد ساعات من الترقب
جولة في عدن بلا «طوارئ»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة