شهدت مصر على مدار اليومين الماضيين سجالاً فكرياً وعلمياً بين الدكتور زاهي حواس وزير الآثار المصري الأسبق، والدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق، عقب تصريحات الأخير التي نسب فيها بناء الأهرامات للنبيّ إدريس عليه السلام.
بدأ الجدل بتصريحات تلفزيونية لجمعة عبر برنامج «مصر أرض الأنبياء»، قال فيها إن «هنالك أقاويل كثيرة يرجحها العلماء، تفيد بأن النبيّ إدريس هو الذي بدأ بناء الأهرامات، وأسس لعلم التحنيط، وأن تمثال أبو الهول جسّد وجه النبيّ إدريس، وأن إدريس هو أوزوريس الذي ورد ذكره في البرديات المصرية القديمة». ورداً على هذه التصريحات؛ أصدر حواس بياناً صحافياً نفى فيه علاقة النبيّ إدريس بالأهرامات، مطالباً جمعة بـ«الاكتفاء بالحديث في الدين وعدم التحدث عن الآثار».
وأغضب ردّ حواس جمعة، الذي أصدر بدوره بياناً صحافياً أمس نشره عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك»، للرد على وزير الآثار الأسبق انتقد فيه «عدم اتصال حواس»، الذي وصفه بالصديق القديم، به «لاستيضاح التصريحات، ولم يشاهد البرنامج، واعتمد على ما تناقلته وسائل الإعلام».
وقال جمعة إن «حواس أراد الظهور بعد غيابه عن الساحة مدة طويلة، لم نستمع فيها إلى صوته ولم نرَ محياه على ما قد كان عوّدنا - عفا الله عنه - ولو أنه اطلع على البرنامج، وأننا قد فرقنا بين الروايات العلمية، وبين الروايات الشعبية، لعلم أنه برنامج يبيَّن مدى انتماء المصريين لبلادهم ومدى حبهم لها، كما أنه يبين موقع مصر التاريخي الذي قد لا يلتفت إليه كثير من الناس».
وعدّ جمعة بيان حواس وما وصفها بالمحاضرة في علم الآثار التي ألقاها على الناس، بمثابة «السقطة التي ترك فيها حواس أولى خطوات النقاش الجاد»، مختتماً بيانه بقوله: «ليس الكلام في روايات شعبية من الفتوى في شيء. أحببت أن أخبرك بما لا تعلم من أن الفتوى بيان للحكم الشرعي، وليست تحليلاً لأخبار الرحالة العرب. تحياتي مستر زاهي».
ولم ينتهِ الجدل عند ذلك، إذ أكد حواس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه شاهد الحلقة التلفزيونية التي تحدث فيها جمعة كاملة، ولم يعتمد على ما تناقلته وسائل الإعلام كما اتهمه مفتي الجمهورية السابق، وقال: «لم أتصل به، وفضلت الرد في بيان صحافي، لأن علي جمعة عندما يتحدث يصدقه الناس، وأن دوري كمتخصص في الأهرامات أن أدافع عنها، وأرد بشكل علمي على ما قاله، فإدريس لم يَبْنِ الهرم، وليس هو أوزوريس».
وأضاف حواس: «هذه ليست سقطة كما يدّعي جمعة، وأنا لا أسعى وراء الظهور الإعلامي، ويبدو أن جمعة لا يعرف اللغة الإنجليزية، وإلا لكان قد عرف مدى حضوري الإعلامي على المستويين العالمي والمحلي، إضافة إلى 3 مقالات أسبوعية أكتبها في أهمّ الصحف وأكبرها»، مشيراً إلى أن «جمعة اعتمد في روايته على كتاب الدكتور سيد كريم في كتابه (لغز الحضارة)، ورددها الراحل الدكتور مصطفى محمود في برنامجه العلم والإيمان، وهو كلام ليس له أساس من الصحة».
وشدد حواس على أنه «لا يوجد دليل علمي في الآثار المصرية على سيدنا إدريس، وأنه هو من علّم المصريين بناء الهرم، فهو هرم مصري بناه المهندس إيمحوتب، كما أن بردية وادي الجرف تتحدث عن كيفية نقل الحجارة لبناء هرم خوفو. أما أبو الهول فقد بُنِي في عهد خفرع، وهذا النوع من التماثيل موجود من قبل خفرع، واستمر حتى نهاية الأسرة الثلاثين، وهناك طريق أبو الهول الذي يربط بين معبدي الأقصر والكرنك. أما بالنسبة لعلم التحنيط، فالمصري القديم تعلم التحنيط على مراحل، وبدأ تجاربه في هذا المجال منذ الأسرة الأولى، ووصل إلى أوج العظمة في عهد الأسرة الثامنة عشرة»، وجدد حواس تأكيده على أنه «لا يوجد في الآثار أي دليل علمي أو ذكر لأنبياء الله موسى ويوسف وإبراهيم وإدريس، لأنهم كانوا خارج البرنامج الديني للمصري القديم».
ووفقاً لعلماء الآثار؛ فإن الملك زوسر هو صاحب أول هرم، بل أول بناء حجري في التاريخ؛ بناه المهندس إيمحوتب، حيث غيّر البناء من الطوب اللَّبِن إلى الحجارة، لبناء هرم زوسر المدرّج في سقارة.
سجال مصري بشأن بناء الأهرامات
عالم أثريات ومفتي مصر السابق يدخلان في خلاف علني
سجال مصري بشأن بناء الأهرامات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة