تركيا تفقد عسكريين و«درون» وسط اشتباكات بين ميليشيات الوفاق بطرابلس

TT

تركيا تفقد عسكريين و«درون» وسط اشتباكات بين ميليشيات الوفاق بطرابلس

قالت شعبة الإعلام الحربي للجيش الوطني إن منصات دفاعه الجوي أسقطت طائرة تركية مُسيّرة في منطقة بوقرين، شرق مدينة مصراتة (غرب البلاد). وأوضحت، في بيان مقتضب أصدرته صباح أمس، أن الطائرة التي أقلعت من الكلية الجوية في مصراتة حاولت استهداف تمركزات الوحدات العسكرية للجيش. كما أعلنت الشعبة إسقاط طائرة تركية مُسيّرة أخرى حاولت شنّ غارة جوية على قاعدة الوطية الجوية التابعة للجيش الوطني، مشيرة إلى تزامن ذلك مع إسقاط عدد لم تحدده من الطائرات التركية في محور بوقرين. وتحدثت مصادر عسكرية غير رسمية عن إسقاط طائرتي درون تابعتين لتركيا في أثناء محاولتهما الإغارة على نقاط تمركزات الجيش في محور الوشكة، جنوب شرقي مصراتة.
وفي غضون ذلك، تجاهل طرفا النزاع في ليبيا، أمس، مجدداً دعوات غربية لإبرام هدنة إنسانية جديدة لتمكينها من التعامل مع جائحة «كورونا»، وبمناسبة شهر رمضان، حيث تواصل الحراك الشعبي لتفويض المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، لإدارة شؤون البلاد، بينما اندلعت معارك مفاجئة في العاصمة طرابلس بين القوات الموالية لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج. ولم يصدر أي تعليق رسمي من قوات الجيش أو حكومة السراج، حيال الدعوة التي تضمنها، أول من أمس، بيان مشترك لوزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وممثل الاتحاد الأوروبي الأعلى، لـ«هدنة إنسانية» في ليبيا بمناسبة شهر رمضان، لكن مصادر بالجيش الوطني كشفت في المقابل النقاب لـ«الشرق الأوسط» عن اتصالات غير معلنة لهذه الأطراف الأربعة مع حفتر، قبل صدور هذا البيان، لإقناعه بوقف القتال.
وقالت المصادر التي طلبت عدم تعريفها: «الرد كان باختصار أن الجيش لا يمانع في الاستجابة إلى طلب الهدنة على الفور، شريطة أن تلتزم الميليشيات المسلحة بوقف القتال، وعدم استغلال الهدنة، كما حدث في السابق، لإعادة تسليح نفسها، ومحاولة تحقيق مكاسب ميدانية على الأرض». وأوضحت المصادر أن «الخطاب الذي ألقاه حفتر بشكل مفاجئ مؤخراً، تضمن بالأساس رفضاً ضمنياً لهذه الهدنة، حيث استبق الدعوة إليها بإعادة التأكيد على استمرار القتال لتحرير طرابلس، والقضاء على من وصفهم بالخونة والعملاء في البلاد».
ولليوم الثالث على التوالي، تجمع مواطنون، مساء أول من أمس، بميدان النصر في ساحة الكيش، وسط مدينة بنغازي (شرق البلاد)، لإعلان تفويض حفتر لتسلم السلطة، فيما واصلت مجالس قبلية ومنظمات مجتمع مدني إصدار بيانات رسمية للتأييد، باستثناء عميد بلدية الزنتان ونواب المدينة ومكوناتها السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، الذين أعلنوا في بيان مصور رفض تفويض حفتر لإدارة البلاد، وعدوا دعوته للتفويض التفافاً على الشرعية.
وشهدت طرابلس، أمس، مناوشات محدودة للغاية بين قوات الجيش وميليشيات الوفاق، وفقاً لما أبلغه قائد ميداني بالجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط». وكشف سكان محليون ومصادر عسكرية النقاب عن اندلاع اشتباكات دامت نحو ساعتين على الأقل في وقت متأخر من مساء أول من أمس بين ميليشيات مسلحة موالية لحكومة السراج، وأشاروا إلى حدوث إطلاق نار وقصف متبادل بالأسلحة الثقيلة بين قوات الردع الخاصة وعناصر من ميليشيات كتيبة ثوار طرابلس في منطقة زاوية الدهماني، تزامناً مع انتشار واسع لمئات المقاتلين والمرتزقة السوريين الموالين لتركيا في منطقة أبو سليم وحدود منطقة المشروع.
وأرجعت مصادر محلية هذه الاشتباكات لاعتقال ميليشيات الردع لأحد عناصر ميليشيات كتيبة ثوار طرابلس، بأمر من فتحي باش أغا وزير الداخلية بحكومة السراج. لكن قوة حماية طرابلس التابعة للحكومة نفت، أمس، في بيان لها، وجود مشكلات بين هذه الميليشيات، وعدت أن ما حصل مجرد بعض الحركات البهلوانية من بعض الأفراد الذين لا يمثلون إلا أنفسهم، وأضافت: «الكتيبة لم تدخل في أي نزاع مع أي جهة أمنية أخرى، ولا توجد مشكلات بينها وبين أي من كتائب طرابلس». وبعدما شددت على أنه «لا يوجد أي من منتسبينا أو قادتنا فوق القانون، وعندما نرى خطأ نتعامل معه وفق القانون، ولا نتخاذل أو نتساهل مع أحد، كما هو الحال في كتائب عاصمتنا الأخرى»، تابعت: «ونحن ككتيبة ثوار طرابلس ننفي هذه الأخبار، ونؤكد أننا يداً بيد مع جميع كتائب طرابلس، هدفنا الباغي والعدو القادم من الجيش».
وبدورها، ادعت عملية «بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج أن قوات الجيش واصلت ما وصفته بالقصف المتكرر بقذائف الهاون وصواريخ الجراد على عدة مناطق، من بينها مطار معيتيقة والأحياء السكنية في محيطه وبلدية عين زارة جنوب طرابلس. وقالت وسائل إعلام محلية موالية للحكومة إن قواتها قصفت عبر 3 ضربات جوية مخزناً للذخيرة، وتجمع آليات، وموقع إمداد للجيش الوطني، في منطقة جارف (غرب سرت). وأعلنت، أمس، الكتيبة 134 مشاة التابعة للجيش الوطني، وتتولى حماية وتأمين قاعدة الوطية، مقتل 5 أتراك وأحد القادة الميدانيين لقوات الوفاق، في قصف شنه الجيش الوطني على مواقعها في منطقة أبو قرين أول من أمس.
ونفت الكتيبة مزاعم عن انسحاب قوة عسكرية للجيش الوطني من قاعدة الوطية، وقالت إنها معلومات لا أساس لها من الصحة، مؤكدة في المقابل أن التعزيزات العسكرية لا تزال تصل إلى القاعدة التي تعد كبرى القواعد العسكرية غرب البلاد، وتقع على مسافة نحو 159 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس.
وأعادت عملية «بركان الغضب» التذكير، مساء أول من أمس، بإعلان غرفة عملياتها أن المنطقتين الغربية والوسطى هي مناطق عمليات عسكرية لقواتها، يمنع التحرك فيها من دون إذن مسبق، سواء للآليات العسكرية وشبه العسكرية أو شاحنات نقل البضائع والوقود.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.