الوباء يُقيّد الولايات المتحدة... ويعطي فرصة لخصومها

بعد اقتراب إصابات «كورونا» من مليون وتجاوز الوفيات 50 ألفاً

جنود أميركيون ينقلون رفات عسكري سابق توفي بـ«كورونا» في نيويورك الأحد الماضي (رويترز)
جنود أميركيون ينقلون رفات عسكري سابق توفي بـ«كورونا» في نيويورك الأحد الماضي (رويترز)
TT

الوباء يُقيّد الولايات المتحدة... ويعطي فرصة لخصومها

جنود أميركيون ينقلون رفات عسكري سابق توفي بـ«كورونا» في نيويورك الأحد الماضي (رويترز)
جنود أميركيون ينقلون رفات عسكري سابق توفي بـ«كورونا» في نيويورك الأحد الماضي (رويترز)

بعد سقوط 50 ألف أميركي ضحية لوباء «كوفيد-19» وإصابة نحو مليون، فإنه أصبح جلياً أن هذه الأزمة تحمل عواقب طويلة الأجل على الولايات المتحدة وركائز أمنها القومي. فتلك الأعداد تفوق بكثير ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، التي دفعت الولايات المتحدة لخوض حرب طويلة الأمد في أفغانستان والعراق، كما تتجاوز أعداد ضحايا بيرل هاربر التي أدخلتها الحرب العالمية الثانية.
وفيما تشير إحصائيات جامعة «جونز هوبكنز» إلى بلوغ الإصابات صباح أمس 906.551 حالة، والوفيات نحو 51.322، تزايدت الدعوات إلى إعادة فتح الاقتصاد الذي شلّه الوباء، ورافقتها انتقادات موجّهة للرئيس دونالد ترمب ومعالجة إدارته للأزمة. ولم تمنع قوة وإمكانات الجيش الأميركي بطائراته وصواريخه المتطورة وفرقطاته ومدمراته وتمركز قواته الاستراتيجي في البحار والمحيطات تفشي هذا الفيروس، الذي تسلّل إلى صفوف الجنود الأميركيين وأصاب الآلاف منهم دون أن يطلق رصاصة واحدة، كما أربك البنتاغون وعلّق مهام القوات الأميركية وانتشارها في الخارج.
وانتشر الفيروس بين الجنود الأميركيين على متن المدمرات وحاملات الطائرات وداخل مبنى البنتاغون نفسه. وأعلن البنتاغون تقليص أو إلغاء أو تأجيل المناورات العسكرية الرئيسية بين القوات الأميركية ونظيراتها في أفريقيا وآسيا وأوروبا، كما تمّ تقليص الوجود الأميركي في سوريا والعراق. وحتى الآن، هناك نحو أربعة آلاف حالة إصابة بين العسكريين الأميركيين وفقاً لأرقام البنتاغون (3919 حتى صباح السبت، من بينهم 840 عسكرياً كانوا على متن حاملة الطائرات «يو إس إس تيودور روزفلت» من طاقمها المكون من 4800 جندي)، وبحساب الموظفين المدنيين والمقاولين العاملين مع الجيش والأسر، فإن حالات الإصابة بفيروس كورونا تقفز إلى أكثر من 5700 حالة مع 25 حالة وفاة. وأفادت شبكة «سي إن إن» بأن 26 سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية تعاني من انتشار حالات إصابة بفيروس كورونا.
- الاستعداد للسيناريو الأسوأ
ويخطط المسؤولون العسكريون الأميركيون لمعارك ضد الفيروس حتى بعد أن يهدأ انتشار الوباء، حيث تشير تقارير إلى أن الفيروس قد يكون دورياً، وقد يعاود الظهور في الولايات المتحدة في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) مع عودة الطقس البارد. وقال رئيس أركان القوات الجوية الأميركية، الجنرال ديف غولدفين للصحفيين، إن «التقديرات بأنه لن يكون هناك لقاح لما يزيد على عام، يعني أنه يجب علينا تحسين قدراتنا (...)»، مؤكداً أن القوات الأميركية لا تزال قادرة على الدفاع عن الأمة ومصالحها. وأضاف أن «مهمة الجيش هي الاستعداد لأسوأ السيناريوهات، والتأكد من استعداد الجيش في حال تطلب الأمر التعامل مع التهديدات التقليدية».
ومثلما غيرت هجمات بيرل هاربر وهجمات الحادي عشر من سبتمبر من تعريف الأمن القومي الأميركي وأعادت توجيه مسار سياسة الولايات المتحدة لعدة عقود، فإن العواقب الوخيمة لهذا الوباء، وعدم استعداد الولايات المتحدة لمواجهته وهشاشة وضعف أسلوب الاستجابة سيلقي بظلال طويلة الأمد على سياسات الحكومات الأميركية المتتالية، ومرتكزات وأسلوب إدارة الأمن القومي الأميركي. التعريف الواضح والبسيط لمصطلح الأمن القومي لأي إدارة أميركية هو الحفاظ على سلامة وحياة الأميركيين في وجه أي تهديد. وعرّفه وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت مكنمارا في كتابه «جوهر الأمن»، بأنه يعني «التطور والتنمية سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة، وأن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها».
من هذا المنطلق، فإن الحفاظ على سلامة الأميركيين لا يعني جيشاً وقطعاً حربية وأساطيل منتشرة في قواعد في أرجاء العالم فحسب، وإنما قد يتسع ليعني جيشاً صحياً استكشافياً وتطوير أدوات أفضل للتنبؤ لرسم انتشار مرض أو فيروس، وتعزيز قدرات الاستخبارات الطبية. وتحتم هذه التحديات الجديدة على صناع السياسة الأميركية إنشاء وحدات وكيانات أوسع تقوم بمهام التأهب لحرب من نوع جديد.
ويقول الخبراء والمحللون إن عدم قدرة حكومة الولايات المتحدة على توقع وباء كورونا والاستعداد له بالشكل المطلوب، لم يكن وراءه فشل استخباراتي بل إداري، ويشددون على أن حماية الأميركيين من تهديدات مستقبلية غير متوقعة لا يتطلب إصلاحاً شاملاً لنظام الأمن القومي، وإنما استغلال القدرات الموجودة بالفعل والاستثمار فيها.
ففي استراتيجية الأمن القومي الأميركي لعام 2017، وفي استراتيجية الدفاع البيولوجي لعام 2018 التي أقرّها الكونغرس، حددت الإدارة مواجهة الأوبئة والحرب البيولوجية كعنصر مهم في استراتيجيتها وركزت على احتواء أي وباء في مصدره، ودعم الابتكار الطبي، وتحسين استجابة الطوارئ. إلا أن الإدارة الحالية اتجهت إلى قطع تمويل أبحاث العلوم والصحة، وأضعفت المنظمات الدولية الأساسية للكشف عن الأوبئة واحتوائها. وفي هذا الصدد، ذكر تقييم لمكتب مساءلة الحكومة في شهر فبراير (شباط) 2020، أن استراتيجية الدفاع البيولوجي تفتقد لعمليات وأدوار ومسؤوليات واضحة.

المواجهة الأميركية ـ الصينية
في بداية الأزمة، دخلت الولايات المتحدة في مبارزة لإلقاء اللوم في تفشي وباء «كوفيد-19» على الصين، وأطلقت على فيروس كورونا اسم الوباء الصيني. وتصاعد الخلاف والتوتر بين واشنطن وبكين حول أصل وموطن المرض. وحاول كل طرف إلقاء اللوم على الآخر في كيفية ظهوره. وخرجت تقارير استخباراتية أميركية تشير إلى احتمال أن يكون الفيروس قد تم إطلاقه من مختبر بحثي في مدينة ووهان، حيث نشأ المرض في أواخر العام الماضي. وردت الحكومة الصينية باتهام واشنطن بشن حملات تضليل، وألقت اللوم على الجيش الأميركي في انتشار الفيروس في الصين.
وأشار مسؤول عسكري كبير لشبكة «فوكس نيوز» شريطة عدم الكشف عن هويته، إلى أن الصين مارست لعقود لعبة حرب تجسس مع الولايات المتحدة، مستغلة مجتمع أميركا المفتوح نسبياً واقتصادات السوق الحرة لسرقة المعلومات والأسرار التجارية وأدوات التكنولوجيا، لكنه أكد أن تركيز الصين لا يزال منصباً على سرقة التكنولوجيا والاستعداد العسكري، وأن منطلق اتّهام الصين بنشر الفيروس ستتبعه مطالبات بتعويضات بمليارات الدولارات، وهناك محاولات اختراق صيني لأنظمة الكمبيوتر والقرصنة السيبرانية.
في الجانب الآخر، دق مكتب التحقيقات الفيدرالي ناقوس الخطر من تسلل بكين إلى الأوساط الأكاديمية الأميركية لسرقة الأبحاث المتطورة في الجامعات، خصوصاً أبحاث الطب الحيوي. وأشار المكتب إلى أنه حتى نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، كان هناك أكثر من 200 تحقيق حول هذا النوع من السرقات. وبرزت النبرة العدائية في التصريحات بين أقوى اقتصادين في العالم، وألقت بظلالها على الاقتصاد والأمن العالميين.
واستناداً على هذه الديناميكية، يتوقع خبراء أن يؤدي الوباء إلى تسريع عملية فصل محتمل بين الاقتصادين الأميركي والصيني، خصوصاً أن الشركات الأميركية حذرت بالفعل من تمركز سلاسل التوريد في الصين، وما تحمله من عواقب لحرب تجارية كادت تشتعل بقوة خلال الشهور الماضية. التوتر لا يقتصر فقط على طموحات الصين الاقتصادية بل العسكرية أيضاً، خصوصاً في مناطق بدا فيها انحسار واضح لنفوذ الولايات المتحدة.
وقد يؤدي السجال والتحركات الاستفزازية إلى تسريع الصين في تحقيق هيمنتها على منطقة بحر الصين الجنوبي، إذا رأت أن أميركا تتراجع بالفعل في آسيا. وتتحرك الصين بالفعل تجاه ماليزيا وفيتنام والفلبين، وتحاول السيطرة على الممرات البحرية التي تمثل تريليونات الدولارات في التجارة الدولية. وقد أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها أول من أمس، إلى أن الاتحاد الأوروبي متردّد في توجيه الاتهام للصين في نشر الفيروس، والتزم سياسة الصمت أمام التضليل الصيني. وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يرجع للنفوذ الاقتصادي الصيني الكبير على الاتحاد الأوروبي. وتساءلت الجريدة عن عدد السفن الحربية الأوروبية التي تواجه الإمبريالية الصينية في بحر الصين الجنوبي أو تواجه غزو الغواصات الروسية في البحر المتوسط، مشددة على أهمية دور أميركا في مواجهة الصين.
وتقدم بعض المسؤولين الأميركيين بمقترحات لعرقلة الصين، ومنعها من استغلال تداعيات انتشار كورونا على الاقتصاد الأميركي لمصلحتها التنافسية، ولفتوا إلى إمكانية إعادة تشغيل برنامج من حقبة الحرب الباردة يعتمد على برامج تقنية تستطيع التنبؤ بالأزمات، ووضع حلول بما يشبه لعبة «الشطرنج التكنولوجي» بهدف الحصول على أحدث التقنيات ومنع الآخرين من الحصول عليها.
البعض الآخر قدم مقترحات لتجنب مسار التصادم، بالتركيز على زيادة التعاون بين الخبراء والوكالات الحكومية الأميركية مع نظيراتها الصينية والخروج بتدابير لمواجهة «كوفيد-19». واقترح بعض خبراء الأمن القومي إجراء حوار ثنائي صيني - أميركي أو متعدد الأطراف يشمل كوريا الجنوبية واليابان، ويستهدف الحفاظ على الاستقرار في المنطقة واحتواء الخطر النووي من جانب كوريا الشمالية. وقد استغلت كوريا الشمالية بالفعل هذه التوترات الأميركية - الصينية في المضي قدماً في تدريبات المدفعية، واختبارات الصواريخ قصيرة المدى خلال الشهر الماضي.


مقالات ذات صلة

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

صحتك سجَّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة «كورونا» في أوروبا إذ حصد «كوفيد-19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

يتوقع خبراء استمرار «كوفيد-19» في 2026، مع هيمنة متحوِّرات «أوميكرون» وأعراض مألوفة، محذِّرين من التهاون.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)

دراسة مصرية تثبت قدرة أدوية الالتهاب الكبدي على الحد من وفيات «كوفيد - 19»

كشفت دراسة طبية مصرية عن نجاح دواء يستخدم في علاج مرضى فيروس (التهاب الكبدي الوبائي سي) في الحد من مضاعفات الإصابة بفيروس «كوفيد - 19» المعروف بـ«كورونا»

نصري عصمت (لندن)
أوروبا سجّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة كورونا في أوروبا إذ حصد «كوفيد - 19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

بلغت تكلفة الاحتيال المتعلق ببرامج الدعم الحكومي خلال جائحة كوفيد - 19 في بريطانيا 10.9 مليار جنيه إسترليني (14.42 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

خروج قطار ركاب عن مساره في جنوب المكسيك

مهاجرون يستريحون على عربات السكك الحديدية أثناء انتظار قطار الشحن للسفر إلى الحدود الأميركية في ساحة السكك الحديدية في تشيهواهوا في المكسيك (رويترز)
مهاجرون يستريحون على عربات السكك الحديدية أثناء انتظار قطار الشحن للسفر إلى الحدود الأميركية في ساحة السكك الحديدية في تشيهواهوا في المكسيك (رويترز)
TT

خروج قطار ركاب عن مساره في جنوب المكسيك

مهاجرون يستريحون على عربات السكك الحديدية أثناء انتظار قطار الشحن للسفر إلى الحدود الأميركية في ساحة السكك الحديدية في تشيهواهوا في المكسيك (رويترز)
مهاجرون يستريحون على عربات السكك الحديدية أثناء انتظار قطار الشحن للسفر إلى الحدود الأميركية في ساحة السكك الحديدية في تشيهواهوا في المكسيك (رويترز)

خرج قطار يقل 241 راكباً و9 من أفراد الطاقم عن مساره في ولاية واهاكا في جنوب المكسيك، الأحد، حسبما أعلن سلاح البحرية المكسيكي الذي يشغّل الخط، فيما لم يرد أي إعلان حتى الآن عن وقوع ضحايا.

وقال سلاح البحرية، في بيان، إن «القاطرة الرئيسية للقطار خرجت عن مسارها» و«تم إسعاف الركاب على الفور» من قبل أجهزة الطوارئ، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويربط القطار المكون من قاطرتين و4 عربات ركاب، خليج المكسيك بالمحيط الهادئ ويستخدم عادة في الشحن ونقل الركاب.


إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
TT

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)

تحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه» بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في ملبورن، اليوم (الخميس).

وأُحرقت السيارة الخالية التي وُضعت على سقفها لافتة كُتب عليها «عيد حانوكا سعيد» بينما كانت متوقفة عند منزل، بحسب ما أظهرت صور بثّتها شبكة «إيه بي سي».

وذكرت شرطة فيكتوريا، في بيان، أن «الحريق المشبوه» وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن.

وتم إخلاء المنزل كإجراء احترازي.

وقالت الشرطة إن «المحققين تعرّفوا على شخص قد يكون قادراً على مساعدتهم في تحقيقهم ويجرون عمليات بحث بشأن مكانه».

وشددت السلطات الأسترالية القوانين والعقوبات المرتبطة بجرائم الكراهية بعد إطلاق النار الذي استهدف حفلاً لمناسبة «حانوكا» على شاطئ بونداي في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقال الحاخام إيفي بلوك من كنيس حاباد في سانت كيلدا إنه من الواضح أن حادثة إحراق السيارة تندرج في إطار الاعتداءات المعادية للسامية.

وأفاد لوكالة الصحافة الفرنسية: «نشكر الله لأن أحداً لم يتعرض إلى الأذى... لكن ما يجري هو تصعيد متواصل مع تكرار هذه الأحداث».

وأضاف: «لا يشعر أفراد جاليتي اليهودية في سانت كيلدا وملبورن بالأمان في منازلهم وبلدهم».


تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
TT

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد، الأربعاء، بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا، ومن بينها المفوض السابق تييري بروتون.

كانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الثلاثاء، حظر منح تأشيرات دخول لبروتون وأربعة نشطاء، متهمة إياهم بالسعي إلى «إجبار» منصات التواصل الاجتماعي الأميركية على فرض رقابة على وجهات النظر التي يعارضونها.

وصعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماتها على قواعد الاتحاد الأوروبي بعدما فرضت بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر غرامة على شركة «إكس» التابعة لإيلون ماسك، لانتهاكها بنود قانون الخدمات الرقمية (DSA) المتعلقة بالشفافية في الإعلانات وطرقها، لضمان التحقق من المستخدمين، ومن أنهم أشخاص حقيقيون.

«محاولة للطعن في سيادتنا»

وجاء في بيان صادر عن المفوضية: «لقد طلبنا توضيحات من السلطات الأميركية وما زلنا على تواصل معها. وإذا لزم الأمر، فسنرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلاليتنا التنظيمية ضد الإجراءات غير المبررة».

وأضافت: «تضمن قواعدنا الرقمية بيئة عمل آمنة وعادلة ومتكافئة لجميع الشركات، ويتم تطبيقها بشكل عادل ودون تمييز»، مشددة على أن «حرية التعبير حق أساسي في أوروبا، وقيمة جوهرية مشتركة مع الولايات المتحدة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المفوضية إن «الاتحاد الأوروبي سوق موحدة مفتوحة وقائمة على القواعد، وله الحق السيادي في تنظيم النشاط الاقتصادي، بما يتماشى مع قيمنا الديمقراطية والتزاماتنا الدولية».

بدورها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن «قرار الولايات المتحدة فرض قيود على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين غير مقبول»، وإن «فرض أميركا قيوداً على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين محاولة للطعن في سيادتنا».

وأضافت أن أوروبا «ستواصل الدفاع عن قيمها والقواعد الرقمية العادلة والحق في تنظيم فضائنا الخاص».

«يرقى إلى مستوى الترهيب»

ونددت دول في الاتحاد الأوروبي بالإجراء الأميركي.

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، أن حظر التأشيرات «يرقى إلى مستوى الترهيب والإكراه ضد السيادة الرقمية الأوروبية».

وقال على «إكس»: «تدين فرنسا قرارات تقييد التأشيرات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد تييري بروتون وأربع شخصيات أوروبية أخرى»، مؤكداً أن الأوروبيين سيواصلون الدفاع عن «سيادتهم الرقمية» و«استقلالهم التنظيمي».

بدوره، أعلن متحدث ​باسم الحكومة البريطانية، الأربعاء، أن بريطانيا ملتزمة بدعم الحق في حرية التعبير. وقال في بيان نقلته وكالة «رويترز»: «مع أن كل ⁠دولة تمتلك الحق في ‌وضع قواعد التأشيرات ‍الخاصة بها، إلا أننا ‍ندعم القوانين والمؤسسات التي تعمل على إبقاء (شبكة) الإنترنت خالية من ​المحتوى الأكثر ضرراً».

وأضاف: «يجب ألا تُستخدم ⁠منصات التواصل الاجتماعي لنشر مواد الاستغلال الجنسي للأطفال أو التحريض على الكراهية والعنف أو نشر معلومات زائفة ومقاطع فيديو لهذا الغرض».

وفي برلين، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن القرار «غير مقبول»، مضيفاً: «يضمن قانون الخدمات الرقمية أن أي نشاط غير قانوني خارج الإنترنت، يكون غير قانوني أيضاً عبر الإنترنت».

«إجراءات غير مقبولة بين الحلفاء»

كما دانت وزارة الخارجية الإسبانية حظر التأشيرات، منددة بـ«إجراءات غير مقبولة بين الشركاء والحلفاء».

وقالت في بيان: «تعرب الحكومة الإسبانية عن تضامنها مع المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون وقادة منظمات المجتمع المدني الذين يكافحون التضليل وخطاب الكراهية»، مشددة على أن ضمان «مساحة رقمية آمنة» أمر «أساسي للديمقراطية في أوروبا».

وشمل الحظر بروتون، المسؤول الأوروبي السابق عن تنظيم قطاع التكنولوجيا، الذي غالباً ما تصادم مع كبار النافذين فيه مثل ماسك بشأن التزاماتهم قواعد الاتحاد الأوروبي.

كما استهدف الإجراء عمران أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، وهي منظمة تحارب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والكاذبة، وآنا لينا فون هودنبرغ وجوزفين بالون من منظمة «هايت إيد» (HateAid) الألمانية، وكلير ميلفورد التي تقود مؤشر التضليل العالمي (GDI) ومقره المملكة المتحدة.

«إدارة تحتقر سيادة القانون»

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات ستيفان سيجورنيه، الأربعاء، إن العقوبات الأميركية على سلفه، لن تمنعه من القيام بعمله.

وكتب على منصة «إكس»: «لقد عمل سلفي تييري بروتون بما يخدم المصلحة العامة الأوروبية، ملتزماً بالتفويض الذي منحه الناخبون عام 2019».

وأضاف: «لن تسكت أي عقوبة سيادة الشعوب الأوروبية. تضامني الكامل معه ومع جميع الأوروبيين المتضررين».

ونددت منظمة «هايت إيد» بالعقوبات. ووصفت في بيان الخطوة الأميركية بأنها «عمل قمعي من قبل إدارة تحتقر سيادة القانون بشكل كبير، وتحاول بكل الوسائل إسكات منتقديها».

ويقود ترمب هجوماً كبيراً على قواعد التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي التي تفرض لوائح على ضوابط مثل الإبلاغ عن المحتوى الإشكالي، وهو ما تعده الولايات المتحدة هجوماً على حرية التعبير.

وقد نددت واشنطن بالغرامة البالغة 140 مليون دولار التي فرضها الاتحاد الأوروبي في بداية ديسمبر (كانون الأول) على منصة «إكس» المملوكة لماسك، ووصفها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنها «هجوم على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية والشعب الأميركي من جانب حكومات أجنبية».