التونسيون يترقبون غداً نتائج التحقيق في صفقة «الكمامات المشبوهة»

مُتهم فيها وزير الصناعة ونائب برلماني

التونسيون يترقبون غداً نتائج التحقيق في صفقة «الكمامات المشبوهة»
TT

التونسيون يترقبون غداً نتائج التحقيق في صفقة «الكمامات المشبوهة»

التونسيون يترقبون غداً نتائج التحقيق في صفقة «الكمامات المشبوهة»

أعلنت وزارة الوظيفة العمومية التونسية والحوكمة ومكافحة الفساد، التي يقودها محمد عبو رئيس حزب «التيار الديمقراطي» المنضم إلى الائتلاف الحاكم، انتهاء المهمة الرقابية حول قضية «الكمامات الطبية»، التي كُلّفت بها الهيئة العامة لمراقبة النفقات العمومية.
ومن المنتظر نشر ملخص من التقرير الحكومي حول الاختلالات والتجاوزات التي تم التوصل إليها والتوصيات ذات الصلة، غداً (الاثنين).
وأكدت الوزارة أن فريق الرقابة التابع لهذه الهيئة أنهى أبحاثه وقدم تقريراً أولياً تفصيلياً للمهمة ونتائج ما قام به الفريق إلى وزير الدولة المكلف الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد، في انتظار إحالة التقرير إلى رئاسة الحكومة للحسم في مصير «الصفقة المشبوهة»، ومدى مخالفتها للقوانين.
ووفق عدد من المراقبين والمتابعين للشأن المحلي، فإن الوزير المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد، يجد نفسه اليوم في وضع غير مريح وحرج وهو يتولى هذه المهمة الرقابية، خصوصاً أنه قاد حملته الانتخابية السنة الماضية على رأس حزب التيار الديمقراطي، رافعاً شعار «مكافحة الفساد»، وهو الشعار الذي مكّنه من الفوز بـ22 مقعداً برلمانياً لأول مرة في تاريخ حزبه، ولذلك يجد اليوم نفسه مجبراً على الحسم في «صفقة الكمامات الطبية المشبوهة»، علماً بأن إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة، دافع عن وزير الصناعة، ونفى عنه تهمة استغلال النفوذ وتضارب المصالح عند إبرام الصفقة بصفة مباشرة، دون الالتزام بقانون الصفقات العمومية. كما قدم النائب البرلماني اعتذاره إلى لجنة الصناعة، مؤكداً عدم علمه بالجوانب القانونية للصفقة والتزامه بمحتوى مكالمة هاتفية لوزير الصناعة. في حين أن هيئة مكافحة الفساد (هيئة دستورية) عبّرت صراحةً عن مخالفة هذه الصفقة للإجراءات المتعارف عليها، مؤكدةً أن نواب البرلمان لا يمكنهم عقد صفقات تجارية مع الهياكل الحكومية، وفق ما ينص عليه الدستور التونسي، مبرزة أن ذلك يدخل في خانة تضارب المصالح.
ووسط هذا التضارب في المواقف يطرح جل التونسيين السؤال التالي: هل سيناصر محمد عبو رئيس حكومته ويناقض برنامجه ووعوده الانتخابية، أم سينتصر للدستور، ويحرج إلياس الفخفاخ وصالح بن يوسف وزير الصناعة والنائب البرلماني بإعلانه غداً مخالفة صفقة الكمامات الطبية للقوانين؟
يُذكر أن هذه الصفقة خلّفت جدلاً سياسياً واسعاً، وانتقادات حادة لكل من رئيس الحكومة، ووزير الصناعة، والنائب البرلماني جلال الزياتي، لمخالفتها تراتيب عقد الصفقات العمومية.
وكانت «الهيئة التونسية لمكافحة الفساد» قد أحالت ملف هذه الصفقة، التي عدّتها «مشبوهة»، إلى القضاء للتحقيق في عدد من الشبهات التي حامت حول الملف، مؤكدةً وجود قرائن «قوية وثابتة» لشبهات فساد فيما يخص صفقتي اقتناء مليوني كمامة، تعهد بها النائب البرلماني جلال الزياتي، بحكم أنه يملك مصنعاً لخياطة الكمامات، علاوة على تورط عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال في صفقة ثانية تتعلق بـ30 مليون كمامة يُنتظر استعمالها في عموم مدن البلاد، إثر الرفع التدريجي للحظر الصحي الشامل.
على صعيد آخر، شكّك حزب العمل المعارض، الذي يتزعمه حمة الهمامي في الأرقام المتعلقة بفيروس «كورونا» التي قدمها الطرف الحكومي، وطالب وزارة الصحة، التي يقودها عبد اللطيف المكي، القيادي في حركة النهضة، بتدقيق معطياتها وضبط عدد الوفيات والإصابات من خلال تعميم التحاليل المخبرية. ورأى أن عدد التحاليل، التي أُجريت حتى الآن لم تزد على 20 ألف تحليل، لا تعكس حجم انتشار الوباء في تونس. مشيراً إلى أن استقرار نسبة الإصابات في حدود 5% (تقل عن المعدل العالمي المقدر بـ6.8%)، «قد لا يعكس المنحى الفعلي للإصابات».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم