«الجبهة الشعبية» تتهم عباس بوقف مخصصاتها المالية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
TT

«الجبهة الشعبية» تتهم عباس بوقف مخصصاتها المالية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس

هاجمت «الجبهة الشعبية» ما وصفته بقرار «القرصنة» على أموالها من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال نائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية» المنضوية تحت إطار منظمة التحرير، أبو أحمد فؤاد، إن «حقوق الجبهة الشعبية هي أموال للشعب الفلسطيني، وليست لجهة أو حزب أو تنظيم». وأضاف: «قرار القرصنة على الحقوق المالية للجبهة ظالم وقمعي وفردي ولا يكسر ظهر الجبهة». ولم يرد أي مسؤول فلسطيني فوراً على الجبهة، فيما يقول مسؤولون إن المنظمة مثل غيرها تواجه أزمة مالية.
وتتهم «الجبهة الشعبية»، الرئيس الفلسطيني، بحرمانها من مخصصاتها التي تتلقاها من الصندوق القومي الفلسطيني التابع للمنظمة. وقال فؤاد إن «الجبهة» ستخاطب الرئيس عباس مجدداً لبحث كافة القضايا السياسية والخلافية معه، وانتقد عدم فاعلية الفصائل الأخرى لرفض الإجراءات ضد الجبهة، قائلاً: «للأسف الشديد، الفصائل ليست فاعلة في المطالبة بوقف هذا الإجراء».
وهذه ليست أول مرة تتهم فيها الجبهة الرئيس عباس بوقف مخصصاتها. وتختلف «الجبهة» مع عباس في القضايا الكبرى، مثل المفاوضات مع إسرائيل، والتنسيق الأمني، والانقسام، إضافة إلى خلافات لها علاقة بمنظمة التحرير وقراراتها، وتقاطع جلسات المنظمة.
ومثل غيرها من فصائل منظمة التحرير، تحصل «الجبهة الشعبية»، منذ عقود، على مخصصات ثابتة من الصندوق القومي للمنظمة، وهو الذراع المالية للمنظمة، ومهمته دعم جميع أجهزة منظمة التحرير بالمال، وتطوير المال التابع للمنظمة، وحمايته. ويحصل الصندوق على الأموال، بحسب نظامه الأساسي، من ضريبة ثابتة على الفلسطينيين تفرض وتجبى بنظام خاص، والمساعدات المالية التي تقدمها الحكومات العربية، وعائدات طابع التحرير الذي تتداوله الدول العربية لاستعماله في المعاملات البريدية وغيرها، والتبرعات والهبات، والقروض والمساعدات العربية، أو التي تقدمها الشعوب الصديقة، وأي موارد أخرى يقرها المجلس الوطني.
وذهبت «الجبهة»، بعيداً، أمس، باتهام السلطة بشن هجوم متوازٍ عليها مع إسرائيل. وهاجم عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة، محمد مكاوي، السلطة، قائلاً «إن الهجمة المسعورة التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي شنها على الجبهة من ملاحقة واعتقال في الضفة المحتلة، ليست بعيدة عن أذرع التنسيق الأمني والمتشعبة بين أجهزة أمن السلطة والاحتلال». وأضاف مكاوي أن هذه الأجهزة وأجهزة الاحتلال كثفت من جهودها الاستخباراتية من أجل ملاحقة الجبهة، وتجفيف مواردها المالية، وقال «هذا النهج المدمر من قبل القيادة المتنفذة، خصوصاً بحق الجبهة وحقوقها التي يجري القرصنة عليها منذ أكثر من عامين، لم ولن تزيد الجبهة إلا صلابة وتمسكاً بمواقفها الوطنية، ويتمترس معها جماهير شعبنا وقواه الحية والمقاومة».
وأكد أن الجبهة مهما اشتد الحصار المالي عليها لن تركع، ولن تساوم، وستواصل نضالها الديمقراطي من أجل إنهاء حالة التفرد والهيمنة، ومواصلة العمل على إنجاز إصلاح شامل لمؤسسات منظمة التحرير، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني الجامع.



آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
TT

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)

«داهموا منزلي واختطفوني بعد إجابتي عن سؤالك إن كان ثمة اختطافات في منطقتنا بسبب الاحتفال بعيد الثورة اليمنية، بنصف ساعة فقط».

بهذه العبارة يسرد لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشطين السياسيين واقعة اختطافه من طرف الجماعة الحوثية بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، عقب الإفراج عنه من السجن الذي قضى فيه أسبوعين كاملين، وتعرضه للضرب والتعذيب النفسي والتهديد بإخفائه وإيذاء عائلته.

وبحسب مصادر محلية، أفرجت الجماعة الحوثية أخيراً عن عدد ممن جرى اختطافهم منذ ما قبل منتصف الشهر الماضي، على خلفية احتفالات اليمنيين بالذكرى الثانية والستين للثورة اليمنية ضد الإمامة في ستينات القرن الماضي، بينما لا يزال غالبية المختطفين رهن الاحتجاز، وتقدر مصادر حقوقية أعدادهم بالآلاف.

يتابع الناشط الشاب الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته: «حتى وقت سؤالك لم أظن أن الاختطافات ستصل إلى بلدتنا، كنت أتابع أخبار الاختطافات في المدن الرئيسية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية»، موضحاً أنه لم يكن يتوقع حدوث اختطافات في منطقته، لكنه فوجئ بمسلحي الجماعة يقتادونه رفقة عددٍ من السكان، بينهم جيران له.

ويؤكد أنه، ورغم عدم توقع اختطافه أو اختطاف أحد من أهالي منطقته، فإنه، ومن باب اتباع الاحتياطات اللازمة، آثر أن يؤجل الاحتفال والدعوة إليه إلى ليلة السادس والعشرين من سبتمبر؛ كي لا يفوت على نفسه معايشة احتفالات اليمنيين بها، قبل أن يقضي تلك الليلة في أحد أشهر معتقلات الجماعة الذي تمارس فيه انتهاكات متعددة.

وبيّنت مصادر حقوقية يمنية أن هناك أعداداً كبيرة من المختطفين، تقدر بالآلاف، في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على ذمة الاحتفال بالثورة اليمنية أو الدعوة للاحتفال بها، في ظل ضعف الرصد الحقوقي، وعجز الجهات المعنية عن مواكبة الانتهاكات بسبب القيود المفروضة والإجراءات المشددة.

مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

يضيف الناشط: «تم التحقيق معي منذ الوهلة الأولى لوصولي إلى المعتقل. ولمدة تجاوزت الأربع ساعات ظل المحققون يسألونني عن دوافعي للاحتفال بعيد الثورة، وعن أي تحريض تلقيته من الحكومة الشرعية أو تحالف دعم الشرعية، وعن الأموال التي حصلت عليها مقابل ذلك».

ورغم إنكاره لكل التهم التي وجهت إليه، وإعلانه للمحققين أنه أحد ملايين اليمنيين الذين يحتفلون بالثورة اليمنية؛ لقيمتها التاريخية والمعنوية، فإنهم لم يقتنعوا بكل إجاباته، وهددوه بالإخفاء القسري والتعرض لعائلته، قبل أن يقرروا احتجازه حتى تمر ذكرى الثورة، أو حتى إنهاء التحريات حوله.

اختطافات بالجملة

بينما كانت المعلومات المتوفرة حول أعداد المختطفين خلال الأيام السابقة لذكرى الثورة اليمنية تشير إلى بضع مئات من الشخصيات الاجتماعية والكتاب والصحافيين والناشطين السياسيين والنقابيين، كشف العديد من الناشطين المفرج عنهم أن الاختطافات شملت الآلاف من السكان من مختلف الفئات.

وتعدّ محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) الأولى في إجمالي عدد المختطفين الذين جرى الكشف عن بياناتهم من قبل ناشطين ومهتمين، أوردوا أسماء 960 منهم، تليها محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأكثر من 700 مختطف، فيما لم يعرف أعداد المختطفين في باقي المحافظات.

وتعذر على راصدي الانتهاكات الحصول على معلومات وبيانات كافية حول الاختطافات التي جرت في مختلف المحافظات، بسبب الاحتفال بعيد الثورة.

ووفقاً لبعض الراصدين الذين يتبعون منظمات وجهات حقوقية تعمل من خارج مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن الكثير من المختطفين لا تعلم عائلاتهم سبب اختطافهم، ومنهم من لم يعلن نيته الاحتفال بالثورة.

ويذكر راصد حقوقي مقيم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير ممن جرى اختطافهم لم تعلم عائلاتهم بذلك إلا بعد أيام من انقطاع التواصل معهم، وذلك بسبب إقامتهم وحدهم بعيداً عن إقامة عائلاتهم، وينتمي أغلب هؤلاء إلى محافظات تعز وإب وذمار.

وفي حين شملت الاختطافات الأرياف في محافظات تعز وإب وذمار والبيضاء وريمة، يشير الراصد إلى أن مديريات السدة في محافظة إب، ووصاب في ذمار، وشرعب في تعز، من أكثر المديريات التي ينتمي إليها المختطفون في صنعاء، حيث جرى اختطافهم على مدى الأيام العشرة السابقة لذكرى ثورة «26 سبتمبر»، وفي ليلة الاحتفال تم اختطاف العشرات من الشوارع بحجة المشاركة في تجمعات للاحتفالات أو لمجرد الاشتباه، وبعضهم اختطف لأنه يحمل علم البلاد.

تناقض حوثي

تقدر مصادر حقوقية أعداد المختطفين بأكثر من 5 آلاف. وفي مديرية وصاب العالي في محافظة ذمار ترجح مصادر محلية عدد المختطفين هناك بأكثر من 300 شخص، وجاءت عمليات اختطافهم بعد اعتداء مسلحي الجماعة بالضرب على شباب وأطفال من أهالي المديرية تجمعوا للاحتفال، قبل مداهمة قراهم واختطاف العشرات من أقاربهم.

حي الصالح السكني في محافظة تعز حوّلته الجماعة الحوثية إلى معتقل كبير (إكس)

وبحسب عدد من المفرج عنهم، ممن كانوا محتجزين في سجن «مدينة الصالح» في محافظة تعز، فإن المختطفين هناك بالمئات، والكثير منهم جرى اختطافهم من الأسواق والطرقات والشوارع، إلى جانب من اقتيدوا من منازلهم أو محالهم التجارية أو مقار أعمالهم.

وتقع مدينة «الصالح» في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، وهي مجمع سكني مكون من أكثر من 800 وحدة سكنية في 83 مبنى، حولتها الجماعة الحوثية إلى سجن لاستيعاب العدد الهائل من المختطفين من أهالي المحافظة.

ويروي مختطف آخر ممن تم الإفراج عنهم أخيراً في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي الجماعة وصلوا إلى منزله في أثناء غيابه، واقتحموه عنوة مثيرين فزع عائلته وأطفاله، وأقدموا على تفتيشه باحثين عن أعلام وأموال، وانتظروا حتى عودته إلى المنزل ليقتادوه إلى قسم شرطة، حيث جرى التحقيق معه حول منشورات كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تدخل أحد أقاربه الذي تربطه علاقة عمل تجاري مع أحد القادة الحوثيين، فإنه تم التحفظ عليه حتى ليلة ذكرى الثورة، ليغادر إلى منزله بعد كتابة تعهد بعدم المشاركة في أي احتفال أو تجمع، أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي عن الثورة أو عن سبب اختطافه.

اليمنيون يتهكمون على احتفالات الحوثيين بثورة «26 سبتمبر» ويصفونها بالمزيفة (إعلام حوثي)

ونبه إلى أنه صادف خلال أيام احتجازه العشرات من المختطفين الذين لا يعلم غالبيتهم سبب اختطافهم سوى الشك بنواياهم الاحتفال بذكرى الثورة.

وكانت الجماعة الحوثية دعت إلى مشاركتها الاحتفال الرسمي الذي نظمته في ميدان التحرير في وسط صنعاء، محذرة من أي احتفالات وتجمعات أخرى.

وقوبلت هذه الدعوة بالتهكم والسخرية من غالبية السكان الذين رأوا فيها محاولة لإثنائهم عن الاحتفال الشعبي بالثورة، واتهموا الجماعة بخداعهم بمراسيم شكلية للتغطية على عدائها للثورة، وسعيها إلى طمسها من ذاكرتهم.

واستدل السكان على ذلك بإجراءات الجماعة المشددة لمنع الاحتفالات الشعبية وملاحقة المحتفلين من جهة، ومن جهة أخرى بالمقارنة بين حجم احتفالاتها بذكرى انقلابها على الشرعية التوافقية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، إضافة إلى احتفالاتها بالمولد النبوي وإضفاء صبغتها الطائفية عليه.

ويتهرب كبار القادة الحوثيين من المشاركة في احتفالات الثورة اليمنية أو الإشارة لها في خطاباتهم، ويوكلون هذه المهام لقادة من خارج الانتماء السلالي للجماعة.