إطلاق مبادرة «تاريخية» لتسريع وتيرة إنتاج اللقاحات رغم المقاطعة الأميركية

غوتيريش يشدد على توزيع عادل للعلاجات... وماكرون يأمل في التوفيق بين واشنطن وبكين

ماكرون لدى مشاركته في إطلاق مبادرة تسريع  وتيرة إنتاج اللقاحات من الإليزيه أمس (رويترز)
ماكرون لدى مشاركته في إطلاق مبادرة تسريع وتيرة إنتاج اللقاحات من الإليزيه أمس (رويترز)
TT

إطلاق مبادرة «تاريخية» لتسريع وتيرة إنتاج اللقاحات رغم المقاطعة الأميركية

ماكرون لدى مشاركته في إطلاق مبادرة تسريع  وتيرة إنتاج اللقاحات من الإليزيه أمس (رويترز)
ماكرون لدى مشاركته في إطلاق مبادرة تسريع وتيرة إنتاج اللقاحات من الإليزيه أمس (رويترز)

أطلقت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة الجمعة، مبادرة «تاريخيّة» تجمع عدة دول، بينها فرنسا وألمانيا، لتسريع إنتاج اللقاحات والعلاجات والفحوص الخاصة بفيروس كورونا المستجد، مع ضمان تكافؤ الفرص في الحصول عليها.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدانوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحافي افتراضي شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن ذلك يمثل «تعاوناً تاريخياً لتسريع تطوير وإنتاج وتوزيع متكافئ للقاحات والفحوص التشخيصية والعلاجات ضد كوفيد-19». وأضاف أن «العالم بحاجة إلى هذه الأدوات ويحتاجها بشكل سريع... نواجه تهديداً مشتركاً لا يمكننا هزيمته إلا باتباع نهج مشترك».

من جهته، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن هزم وباء كوفيد-19 يتطلب «أقصى جهود في التاريخ على صعيد الصحة العامة». وتابع متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو: «العالم بحاجة إلى تطوير وإنتاج لقاحات وعلاجات وطرق تشخيص آمنة وفعالة ضد كوفيد-19، وتوزيعها بشكل عادل. لا لقاح أو علاج لدولة أو منطقة أو نصف من العالم، بل لقاح وعلاج يكون معتدل السعر وآمناً وفعالاً، يمكن إعطاؤه بسهولة ويكون متوافراً في كل أنحاء العالم، للجميع في كل مكان».
أما الرئيس الفرنسي، فقال بنبرة تفاؤل: «سنواصل الآن تعبئة جميع دول مجموعة السبع ومجموعة العشرين لدعم هذه المبادرة. ويحدوني الأمل في أن نتمكن من التوفيق بين الصين والولايات المتحدة حول هذه المبادرة المشتركة، لأن المعركة ضد (كوفيد) مصلحة مشتركة، ولا ينبغي أن يكون هناك انقسام حتى نكسب هذه المعركة».
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية أنها لن تشارك في هذه المبادرة، وقال متحدث باسم البعثة الأميركية في جنيف لوكالة «رويترز»: «لن تكون هناك مشاركة رسمية أميركية... نتطلع لمعرفة المزيد عن المبادرة لدعم التعاون الدولي في تطوير لقاح لكوفيد-19 في أقرب وقت ممكن». وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب منظمة الصحة العالمية، واتّهمها بالبطء في رد الفعل على تفشي المرض و«تركيز اهتمامها بالصين»، وأعلن تعليق التمويل لها.
من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن هدف الجهد العالمي هو جمع تبرعات تقدّر بـ7.5 مليار يورو (8.1 مليار دولار) لتعزيز العمل في مجال الوقاية والتشخيص والعلاج. وأضافت: «هذه خطوة أولى فقط، لكن ستكون هناك حاجة إلى المزيد في المستقبل».
بينما أشاد سيريل رامافوسا، رئيس الاتحاد الأفريقي «بالإدارة الممتازة» لمنظمة الصحة العالمية في مكافحة مرض كوفيد-19 الذي اجتاح العالم. وحذر من أن القارة الأفريقية «معرضة بشدة لويلات هذا الفيروس وتحتاج إلى الدعم».
وتسارع مختبرات العالم إلى تطوير لقاح للفيروس الذي أصاب أكثر من 2.7 مليون شخص بمرض كورونا المستجد، وأودى بحياة أكثر من 190 ألف إنسان منذ ظهوره في مدينة ووهان بوسط الصين في أواخر العام الماضي. وبدأت تجارب سريرية واعدة على البشر في كل من ألمانيا وبريطانيا هذا الأسبوع، فيما يقيّم العلماء فاعلية عشرات الأدوية في تخفيف أعراض المرض.

- لقاح فعال على القردة
في هذا السياق، أعلن مختبر صيني أن لقاحاً تجريبياً أجري على القرود وفّر «حماية كبيرة» لهذه الحيوانات ضد فيروس كورونا المستجد. وأعطي اللقاح الذي استخدمت فيه نسخة خاملة من الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 لثمانية قرود، حقنت بالفيروس بعد ثلاثة أسابيع، وفقاً لبحث نشرته شركة إنتاج الأدوية «سينوفاك بايوتيك»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال المختبر الذي نشر هذه النتائج في 19 أبريل (نيسان) على موقع «بيو آر إكسيف»، إن «القرود الأربعة التي تلقّت جرعة عالية من اللقاح لم يكن لديها أثر للفيروس في الرئتين بعد سبعة أيام من إصابتها به». أما القردة الأربعة الأخرى التي تلقت اللقاح بجرعات أقل، تبين أن كمية الفيروس ازدادت في جسدها لكنها تمكنت من مقاومة المرض.
ولا تزال مراجعة هذه النتائج تتعين من جانب العلماء قبل المصادقة عليها من قبل المجتمع العلمي. وبدأت شركة «سينوفاك» التجارب السريرية للقاح نفسه لدى البشر منذ 16 أبريل. وعلق عالم الفيروسات فلوريان كرامر من كلية أيكان للطب في نيويورك على «تويتر»: «هذه أكثر البيانات ما قبل السريرية جدية التي أراها عن لقاح تجريبي». فيما قالت عالمة المناعة لوسي ووكر من «يونيفرسيتي كوليدج» في لندن، إن «السؤال المطروح يتعلق بما إذا كانت هذه الحماية ستستمر لفترة طويلة، أم لا».

- أشعّة الشمس تضعف الفيروس
أظهر بحث جديد أعلن عنه مسؤول أميركي رفيع، أول من أمس، أن أشعة الشمس تقضي سريعاً على فيروس كورونا المستجد، رغم أن الدراسة لم تُنشر بعد ولا تزال بانتظار إجراء تقييم مستقل لها.
وصرح مستشار وزير الأمن الداخلي للعلوم والتكنولوجيا وليام برايان للصحافيين في البيت الأبيض، بأن علماء الحكومة توصلوا إلى أن للأشعة فوق البنفسجية مفعولاً كبيراً على الفيروس، ما يعزز الأمل بشأن تراجع تفشي كوفيد-19 خلال الصيف. وقال إن «أبرز ملاحظة لدينا حتى الآن تتعلّق بالقدرة القوية على ما يبدو لأشعة الشمس على قتل الفيروس سواء على الأسطح أو في الهواء». وأضاف: «لاحظنا تأثيراً مشابهاً للحرارة والرطوبة كذلك، إذ إن ارتفاع درجة الحرارة أو الرطوبة أو كليهما يعد بشكل عام أقل ملاءمة للفيروس».
لكن البحث لم ينشر بعد لتتم مراجعته، ما يجعل من الصعب على الخبراء التعليق على مدى دقة المنهجية التي اعتمدها. ولطالما عرف بأن لدى الأشعة فوق البنفسجية أثراً تعقيمياً، لأن الأشعة تدمّر التركيبة الجينية للفيروسات وقدرتها على التكاثر، كما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية. لكن السؤال الرئيسي سيكون بشأن شدّة وطول موجة الأشعة فوق البنفسجية التي استخدمت في الاختبار، وإن كانت تشابه بدقة أشعة الشمس الطبيعية خلال الصيف.
وعرض برايان خلاصة لأبرز استنتاجات الاختبار الذي جرى في «مركز التحليلات والإجراءات المضادة الوطني للدفاع البيولوجي» في ماريلاند.
وأظهرت أن نصف عمر الفيروس (أي الوقت الذي يستغرقه خفض كميته إلى النصف) بلغ 18 ساعة عندما كانت درجة الحرارة بين 21 و24 درجة مئوية بنسبة رطوبة 20 بالمائة وعلى سطح غير مسامي، مثل مقابض الأبواب والفولاذ المقاوم للصدأ. لكن نصف عمر الفيروس انخفض إلى 6 ساعات مع ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 80 بالمائة وإلى دقيقتين فقط عند إضافة أشعة الشمس.
وفي الهواء، بلغ نصف عمر الفيروس ساعة عندما بلغت درجة الحرارة بين 21 و24 درجة مئوية مع نسبة رطوبة 20 بالمائة. وانخفضت هذه المدة إلى دقيقة ونصف الدقيقة فقط بوجود أشعة الشمس. وخلص برايان إلى أن الأجواء الأشبه بالصيف «تخلق بيئة قد تخفض انتقال العدوى».
مع ذلك، شدد على أن تراجع تفشي الفيروس لا يعني القضاء عليه تماماً، مستبعداً رفع تدابير التباعد الاجتماعي بشكل كامل. وتابع: «قولنا إننا نشعر بأن الصيف سيقضي تماماً على الفيروس وبأنه يمكن للناس تجاهل الإرشادات سيكون أمراً غير مسؤول». وأظهرت اختبارات سابقة كذلك أن الفيروس ينشط أكثر في الطقس البارد والجاف مقارنة بالطقس الحار والرطب. ولعل انخفاض وتيرة تفشي العدوى في دول جنوب العالم التي لا تزال في موسم الخريف وتنعم بالدفء حتى الآن يعكس ذلك.
فمثلاً، سجّلت أستراليا أقل من سبعة آلاف إصابة مؤكدة و77 وفاة، وهو عدد أقل بكثير من ذلك الذي سجّل في الدول الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. ويعتقد أن سبب ذلك يعود إلى أن قطرات الجهاز التنفسي تبقى في الجو لمدة أطول في الطقس البارد، وأن الفيروسات تتفكك بشكل أسرع على الأسطح الساخنة، نظراً لأن طبقة الدهن الواقية التي تغلّفها تجف بشكل أسرع.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.