أطلقت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة الجمعة، مبادرة «تاريخيّة» تجمع عدة دول، بينها فرنسا وألمانيا، لتسريع إنتاج اللقاحات والعلاجات والفحوص الخاصة بفيروس كورونا المستجد، مع ضمان تكافؤ الفرص في الحصول عليها.
وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدانوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحافي افتراضي شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن ذلك يمثل «تعاوناً تاريخياً لتسريع تطوير وإنتاج وتوزيع متكافئ للقاحات والفحوص التشخيصية والعلاجات ضد كوفيد-19». وأضاف أن «العالم بحاجة إلى هذه الأدوات ويحتاجها بشكل سريع... نواجه تهديداً مشتركاً لا يمكننا هزيمته إلا باتباع نهج مشترك».
من جهته، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن هزم وباء كوفيد-19 يتطلب «أقصى جهود في التاريخ على صعيد الصحة العامة». وتابع متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو: «العالم بحاجة إلى تطوير وإنتاج لقاحات وعلاجات وطرق تشخيص آمنة وفعالة ضد كوفيد-19، وتوزيعها بشكل عادل. لا لقاح أو علاج لدولة أو منطقة أو نصف من العالم، بل لقاح وعلاج يكون معتدل السعر وآمناً وفعالاً، يمكن إعطاؤه بسهولة ويكون متوافراً في كل أنحاء العالم، للجميع في كل مكان».
أما الرئيس الفرنسي، فقال بنبرة تفاؤل: «سنواصل الآن تعبئة جميع دول مجموعة السبع ومجموعة العشرين لدعم هذه المبادرة. ويحدوني الأمل في أن نتمكن من التوفيق بين الصين والولايات المتحدة حول هذه المبادرة المشتركة، لأن المعركة ضد (كوفيد) مصلحة مشتركة، ولا ينبغي أن يكون هناك انقسام حتى نكسب هذه المعركة».
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية أنها لن تشارك في هذه المبادرة، وقال متحدث باسم البعثة الأميركية في جنيف لوكالة «رويترز»: «لن تكون هناك مشاركة رسمية أميركية... نتطلع لمعرفة المزيد عن المبادرة لدعم التعاون الدولي في تطوير لقاح لكوفيد-19 في أقرب وقت ممكن». وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب منظمة الصحة العالمية، واتّهمها بالبطء في رد الفعل على تفشي المرض و«تركيز اهتمامها بالصين»، وأعلن تعليق التمويل لها.
من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن هدف الجهد العالمي هو جمع تبرعات تقدّر بـ7.5 مليار يورو (8.1 مليار دولار) لتعزيز العمل في مجال الوقاية والتشخيص والعلاج. وأضافت: «هذه خطوة أولى فقط، لكن ستكون هناك حاجة إلى المزيد في المستقبل».
بينما أشاد سيريل رامافوسا، رئيس الاتحاد الأفريقي «بالإدارة الممتازة» لمنظمة الصحة العالمية في مكافحة مرض كوفيد-19 الذي اجتاح العالم. وحذر من أن القارة الأفريقية «معرضة بشدة لويلات هذا الفيروس وتحتاج إلى الدعم».
وتسارع مختبرات العالم إلى تطوير لقاح للفيروس الذي أصاب أكثر من 2.7 مليون شخص بمرض كورونا المستجد، وأودى بحياة أكثر من 190 ألف إنسان منذ ظهوره في مدينة ووهان بوسط الصين في أواخر العام الماضي. وبدأت تجارب سريرية واعدة على البشر في كل من ألمانيا وبريطانيا هذا الأسبوع، فيما يقيّم العلماء فاعلية عشرات الأدوية في تخفيف أعراض المرض.
- لقاح فعال على القردة
في هذا السياق، أعلن مختبر صيني أن لقاحاً تجريبياً أجري على القرود وفّر «حماية كبيرة» لهذه الحيوانات ضد فيروس كورونا المستجد. وأعطي اللقاح الذي استخدمت فيه نسخة خاملة من الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 لثمانية قرود، حقنت بالفيروس بعد ثلاثة أسابيع، وفقاً لبحث نشرته شركة إنتاج الأدوية «سينوفاك بايوتيك»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال المختبر الذي نشر هذه النتائج في 19 أبريل (نيسان) على موقع «بيو آر إكسيف»، إن «القرود الأربعة التي تلقّت جرعة عالية من اللقاح لم يكن لديها أثر للفيروس في الرئتين بعد سبعة أيام من إصابتها به». أما القردة الأربعة الأخرى التي تلقت اللقاح بجرعات أقل، تبين أن كمية الفيروس ازدادت في جسدها لكنها تمكنت من مقاومة المرض.
ولا تزال مراجعة هذه النتائج تتعين من جانب العلماء قبل المصادقة عليها من قبل المجتمع العلمي. وبدأت شركة «سينوفاك» التجارب السريرية للقاح نفسه لدى البشر منذ 16 أبريل. وعلق عالم الفيروسات فلوريان كرامر من كلية أيكان للطب في نيويورك على «تويتر»: «هذه أكثر البيانات ما قبل السريرية جدية التي أراها عن لقاح تجريبي». فيما قالت عالمة المناعة لوسي ووكر من «يونيفرسيتي كوليدج» في لندن، إن «السؤال المطروح يتعلق بما إذا كانت هذه الحماية ستستمر لفترة طويلة، أم لا».
- أشعّة الشمس تضعف الفيروس
أظهر بحث جديد أعلن عنه مسؤول أميركي رفيع، أول من أمس، أن أشعة الشمس تقضي سريعاً على فيروس كورونا المستجد، رغم أن الدراسة لم تُنشر بعد ولا تزال بانتظار إجراء تقييم مستقل لها.
وصرح مستشار وزير الأمن الداخلي للعلوم والتكنولوجيا وليام برايان للصحافيين في البيت الأبيض، بأن علماء الحكومة توصلوا إلى أن للأشعة فوق البنفسجية مفعولاً كبيراً على الفيروس، ما يعزز الأمل بشأن تراجع تفشي كوفيد-19 خلال الصيف. وقال إن «أبرز ملاحظة لدينا حتى الآن تتعلّق بالقدرة القوية على ما يبدو لأشعة الشمس على قتل الفيروس سواء على الأسطح أو في الهواء». وأضاف: «لاحظنا تأثيراً مشابهاً للحرارة والرطوبة كذلك، إذ إن ارتفاع درجة الحرارة أو الرطوبة أو كليهما يعد بشكل عام أقل ملاءمة للفيروس».
لكن البحث لم ينشر بعد لتتم مراجعته، ما يجعل من الصعب على الخبراء التعليق على مدى دقة المنهجية التي اعتمدها. ولطالما عرف بأن لدى الأشعة فوق البنفسجية أثراً تعقيمياً، لأن الأشعة تدمّر التركيبة الجينية للفيروسات وقدرتها على التكاثر، كما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية. لكن السؤال الرئيسي سيكون بشأن شدّة وطول موجة الأشعة فوق البنفسجية التي استخدمت في الاختبار، وإن كانت تشابه بدقة أشعة الشمس الطبيعية خلال الصيف.
وعرض برايان خلاصة لأبرز استنتاجات الاختبار الذي جرى في «مركز التحليلات والإجراءات المضادة الوطني للدفاع البيولوجي» في ماريلاند.
وأظهرت أن نصف عمر الفيروس (أي الوقت الذي يستغرقه خفض كميته إلى النصف) بلغ 18 ساعة عندما كانت درجة الحرارة بين 21 و24 درجة مئوية بنسبة رطوبة 20 بالمائة وعلى سطح غير مسامي، مثل مقابض الأبواب والفولاذ المقاوم للصدأ. لكن نصف عمر الفيروس انخفض إلى 6 ساعات مع ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 80 بالمائة وإلى دقيقتين فقط عند إضافة أشعة الشمس.
وفي الهواء، بلغ نصف عمر الفيروس ساعة عندما بلغت درجة الحرارة بين 21 و24 درجة مئوية مع نسبة رطوبة 20 بالمائة. وانخفضت هذه المدة إلى دقيقة ونصف الدقيقة فقط بوجود أشعة الشمس. وخلص برايان إلى أن الأجواء الأشبه بالصيف «تخلق بيئة قد تخفض انتقال العدوى».
مع ذلك، شدد على أن تراجع تفشي الفيروس لا يعني القضاء عليه تماماً، مستبعداً رفع تدابير التباعد الاجتماعي بشكل كامل. وتابع: «قولنا إننا نشعر بأن الصيف سيقضي تماماً على الفيروس وبأنه يمكن للناس تجاهل الإرشادات سيكون أمراً غير مسؤول». وأظهرت اختبارات سابقة كذلك أن الفيروس ينشط أكثر في الطقس البارد والجاف مقارنة بالطقس الحار والرطب. ولعل انخفاض وتيرة تفشي العدوى في دول جنوب العالم التي لا تزال في موسم الخريف وتنعم بالدفء حتى الآن يعكس ذلك.
فمثلاً، سجّلت أستراليا أقل من سبعة آلاف إصابة مؤكدة و77 وفاة، وهو عدد أقل بكثير من ذلك الذي سجّل في الدول الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. ويعتقد أن سبب ذلك يعود إلى أن قطرات الجهاز التنفسي تبقى في الجو لمدة أطول في الطقس البارد، وأن الفيروسات تتفكك بشكل أسرع على الأسطح الساخنة، نظراً لأن طبقة الدهن الواقية التي تغلّفها تجف بشكل أسرع.