تراجع اعتماد تونس والدول المغاربية على فرنسا وأوروبا

الصين وروسيا والخليج وأفريقيا على الخط في «معركة البدائل»

تراجع اعتماد تونس والدول المغاربية على فرنسا وأوروبا
TT

تراجع اعتماد تونس والدول المغاربية على فرنسا وأوروبا

تراجع اعتماد تونس والدول المغاربية على فرنسا وأوروبا

تعاقبت رحلات الطائرات التونسية والجزائرية مع الصين مؤخراً، لنقل كميات هائلة من المساعدات الطبية والمشتريات لمكافحة جائحة «كوفيد - 19»، وتوفير المواد الخام لمصانع تونسية. وكشفت مؤسسة الإحصاء الحكومية في تونس (المعهد الوطني للإحصاء)، تراجع حصة الشركاء التقليديين، على رأسهم فرنسا والاتحاد الأوروبي في برامج «التعاون العسكري»، والمبادلات الاقتصادية الخارجية للبلاد، تجارة واستثماراً وسياحة، مقابل تضخم حصة دول الجوار في شمال أفريقيا و«القوى الصاعدة» دولياً، مثل الصين والهند وروسيا ودول شرق آسيا.
سُجل هذا التطور في مرحلة تعاقبت فيها دعوات سياسيين وخبراء في تونس والدول المغاربية إلى تنويع علاقات البلاد الخارجية، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، مواكبةً للمتغيرات الدولية، بينها تراجع حضور فرنسا والولايات المتحدة وغالبية دول الاتحاد الأوروبي في بعض دول جنوب المتوسط، وانفتاح أغلب الدول العربية والإسلامية على مجموعة «بريكس» وعلى الأسواق الأفريقية، خصوصاً مجموعة «كوميسا» لبلدان شرق وجنوب القارة السمراء.

توحي غالبية المؤشرات أن من بين نتائج تفشي جائحة «كوفيد - 19»، عالمياً، تعمق الهوة بين تونس والعواصم المغاربية، من جهة، وشركائها التقليديين في أوروبا والولايات المتحدة من جهة ثانية. وفي المقابل، تزايد الترحيب داخل النخب السياسية بالشراكة مع الصين وغيرها من الدول التي قدمت لها دعماً طبياً ولوجستياً ومادياً، بينما أغلقت الدول الأوروبية الباب، وانشغلت بأوضاعها الكارثية الداخلية.

السيناريوهات المطروحة
70 وزيراً سابقاً للاقتصاد والمالية أو خبيراً دولياً مستقلاً، يتقدمهم وزير الاقتصاد والمالية السابق والخبير لدى البنك الأفريقي للتنمية حكيم بن حمودة، أطلقوا أخيراً مبادرة «اقتصاديون من أجل تونس»، قدموا فيها قراءة لمضاعفات المتغيرات الاقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية الجديدة على تونس، وأكدوا على حاجة تونس وجيرانها المغاربيين لسياسات جديدة في كل المجالات، بما في ذلك تنويع الشركاء الدوليين.
أيضاً صدرت عن عدد من صناع القرار الاقتصادي والسياسي في تونس تصريحات جديدة تجمع على كون مرحلة ما بعد الجائحة تختلف عن المرحلة السابقة والحالية في العلاقات الدولية، بعد 65 سنة من تبني السلطات «سياسة خارجية تقليدية»، على حد تعبير وزير الخارجية السابق أحمد ونيس.
من جهته، اعتبر محسن حسن، وزير التجارة السابق والخبير الاقتصادي الدولي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مرحلة اعتماد تونس والدول المغاربية على فرنسا والدول الأوربية بنسبة تحوم حول 75 في المائة من علاقاتها الخارجية توريداً وتصديراً وسياحة واستثماراً ولت إلى غير رجعة.
ووفق دراسة أعدها رضا الشكندالي، المدير العام لمركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية (سيريس) سابقاً، ستفرض الجائحة مسار الانفتاح أكثر على الأسواق «البديلة»، بما فيها الصين والهند وروسيا والدول العربية والآسيوية، بل وخصوصاً الأسواق الأفريقية، التي تحقق نسب نمو تفوق الـ10 في المائة، بينما أصبحت نسب النمو في أوروبا ضعيفة جداً أو سلبية. واستدل الشكندالي بالمحادثات الهاتفية التي أجراها أخيراً الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس الحكومة إلياس فخفاخ، بعدد من زعماء الدول الآسيوية والعربية والأفريقية، وتنويههم بالمساعدات الصحية الصينية التي وصلت إلى تونس والجزائر وعدة دول أفريقية للحد من أضرار «كوفيد - 19».
أما أحمد كرم، رئيس المنظمة التونسية للبنوك والمؤسسات المالية ونائب محافظ البنك المركزي سابقاً، فرأى أن «هذه التطورات لم تأت من فراغ، لكنها تدعم مساراً بدأ منذ 1983 بين الصين وتونس ودول شمال أفريقيا، وتطور في التسعينات من القرن الماضي». وكانت حصيلة هذا المسار أن تطورت منذ أكثر من 15 سنة المبادلات السياحية والتجارية بنسق سريع جداً، على حساب العلاقات التاريخية مع فرنسا والاتحاد الأوروبي. وأصبحت ثلاثة أرباع الواردات من الصين و«القوى الصاعدة» في قطاعات عديدة، بينها المواد الأولية والملابس والجلود والأحذية، ومكوّنات الصناعات التصديرية، ومكوّنات الصناعات الميكانيكية، والأدوية والتجهيزات الطبية.

نعم... ولكن
في الاتجاه نفسه، توقع الصادق جبنون، الخبير الاقتصادي والناطق الرسمي باسم حزب «قلب تونس» (ليبرالي) أن يتأكد هذا المسار بعد «كوفيد - 19»، خصوصاً إذا أقدمت الصين و«القوى الصاعدة» على رفع قيمة استثماراتها في تونس والبلدان المغاربية والأفريقية، ولم تقصر اهتمامها بتصدير بضائعها إليها بأسعار منخفضة على غرار ما فعلت مع أغلب دول أفريقيا. لكن عياض اللومي، رئيس اللجنة المالية في البرلمان التونسي، سجل في المقابل، أن فرنسا والدول الأوروبية تتميز عن الصين وتركيا و«الشركاء الجدد» بالمزايا الجبائية والجمركية التي توفرها اتفاقيات الشراكة والمنطقة الحرة الأوروبية المتوسطية، بينها «معاهدة برشلونة 1995».
للعلم، يستفيد الحضور الأوروبي في تونس وبقية دول جنوب المتوسط من القرب الجغرافي واللغوي والثقافي والسياسي بين ضفتي البحر المتوسط، ومن إعفاءات تسند إلى المؤسسات الوطنية التصديرية. كذلك تستفيد مؤسسات آسيوية ودولية من حرص المستثمرين الأوروبيين على «إعادة الانتشار» الذي يؤدي إلى توظيف مزايا المنطقة الحرة الأورومتوسطية، والفارق في تكاليف الإنتاج مقابل تصدير كل المنتوج إلى أوروبا والأسواق العالمية، مع إعفاء من الضرائب. وإذا كان الميزان التجاري الخارجي يشكو الآن عجزاً لفائدة الصين وتركيا بنسبة تتراوح بين 70 و85 في المائة، فإن صادرات بلدان مثل تونس والمغرب والجزائر وليبيا إلى أوروبا تفوق بكثير وارداتها، حسب الخبير ورجل الأعمال جمال الدين عويديدي. وهذا المعطى، حسب رئيس البرلمان التونسي السابق عبد الفتاح مورو، قد يعطل مؤقتاً «الزحف الصيني التركي الآسيوي» على تونس وبلدان شمال أفريقيا.

اعتراضات وشكوك ومخاوف
على أي حال، فإن بعض السياسيين والخبراء الاقتصاديين الذين يرجحون الانفتاح أكثر على الأسواق الأفريقية والآسيوية والصين و«القوى الصاعدة»، منهم الأكاديمية جنات بن عبد الله، يشككون في صدقية الإحصائيات الحالية عن حجم الصادرات التونسية والمغاربية نحو أوروبا، ويصفونها بـ«المغلوطة والمزيفة». ويعتبر هؤلاء الخبراء أن الأمر يتعلق بشركات مشتركة أوروبية - تونسية، أو تونسية - عربية، معظم رأسمالها أوروبي، وتستفيد من الإعفاءات الجبائية والجمركية التي تمنح للشركات المحلية، وتصدر بضاعتها، ثم تحتفظ بمرابيحها في البنوك الأوروبية. والسبب أن القوانين لا تجبرها على إرجاع تلك المرابيح، شأنها شأن كثير من «مداخيل شركات تصدير الخدمات والمؤسسات السياحية».
ويذهب سفير تونس السابق إلى إندونيسيا محمود بالسرور، إلى حد اتهام «الشركات التصديرية التونسية الأوروبية (بتبييض أموالها) في شمال أفريقيا، ثم تهريب مرابيحها بطرق (قانونية)»، وبتزييف الإحصائيات الرسمية عبر الخلط بين صادرات المؤسسات الوطنية التي تعيد مرابيحها إلى البلاد والعمليات التجارية للمؤسسات الأجنبية التي يكون لديها شركاء محليون.
في هذا المناخ العام من الأخذ والرد، أعرب رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريّض، عن مخاوف من المضاعفات الاقتصادية لأزمة «كوفيد - 19» بالنسبة لتونس ودول شمال أفريقيا. وتوقع انهيار عدد السياح الأوروبيين الذين كان من المتوقع أن يزوروا تونس في الموسمين الحالي والمقبل. كان وزير السياحة التونسي السابق روني الطرابلسي، قد أورد في مؤتمر صحافي، أخيراً، أن حوالي ربع الـ10 ملايين سائح الذين زاروا تونس عام 2019 كانوا من بين المهاجرين التونسيين في الدول الأوروبية. وأوضح أيضاً أن أكثر من نصف زوار تونس الأجانب في الموسم الماضي، أي حوالي 5 ملايين سائح، كانوا جزائريين وليبيين ومن المغرب الأقصى وموريتانيا. ومعلوم أنه يعتمد كثيرون من السياح المغاربيين على العملات الأجنبية التي يوفرها أبناؤهم المهاجرون في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وبلجيكا. وهذا يعني أن «الأزمة الاجتماعية الاقتصادية في أوروبا ستؤثر سلباً على تونس على كل المستويات»، وفق وزير السياحة والصناعات التقليدية الجديد محمد علي التومي.

أوروبا تنقسم إلى 3 مجموعات
لكن هذه المعطيات، وغيرها، تبرر في نظر عدد من السياسيين والخبراء، بينهم وزير التجارة السابق محسن حسن، دعوة الحكومة الجديدة إلى القيام بخطوات سياسية اقتصادية جريئة تبرهن عن استيعاب المتغيرات في السياسة الدولية، خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصاً منذ انتشار الجائحة الحالية. وتوقع حسن أن تطوى مرحلة «الاتحاد الأوروبي الكبير» بعد خروج بريطانيا، وبروز 3 كيانات جديدة داخل «القارة العجوز»، هي: أوروبا الشمالية أو الإسكندينافية، وأوروبا الغربية القديمة (من دون بريطانيا)، وأوروبا الجنوبية المطلة على البحر المتوسط، وفيها إيطاليا وإسبانيا واليونان وفرنسا. وهذه الأخيرة هي البلدان المعنية بـ«طريق الحرير» الجديدة مع الصين والأسواق الآسيوية، وهي مرشحة أكثر للاقتراب من دول جنوب البحر الأبيض المتوسط الـ12 من البلدان المغاربية إلى مصر والأردن ولبنان وتركيا.
من جانبه، طالب المؤرخ والمفكر عبد الجليل التميمي، مدير مؤسسة الأبحاث الجامعية والدراسات، قادة شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، بمزايا تفعيل «الفضاءات الجهوية الصغيرة»، مثل «كوميسا» و«تجمع بلدان الحوض الغربي للبحر المتوسط 5 + 5»، الذي يضم الدول المغاربية زائد إيطاليا ومالطة والبرتغال وإسبانيا وفرنسا عوض الرهان على «التكتلات الكبرى»، مثل «مسار برشلونة» الذي يضم 27 دولة أوروبية و12 دولة من جنوب المتوسط.
غير أن عبد الفتاح مورو، يعتبر أن ألمانيا يمكن أن تكون بديلاً عن بعض شركاء تونس الاقتصاديين البارزين في أوروبا وخارجها. وتوقع مورو أن تبتعد برلين تدريجياً عن بعض حلفائها في أوروبا والعالم، وأن تقترب أكثر من روسيا ومن شرق أوروبا وآسيا ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط، خصوصاً تونس والدول المغاربية ومصر. كما رأى أن ألمانيا معنية بعلاقات أكثر تطوراً مع تونس وشمال أفريقيا في مجال الهجرة، لأنها ستحتاج انطلاقاً من عام 2030 إلى ملايين الشباب المهاجرين من ذوي الخبرات، بينهم مئات الآلاف من خريجي الجامعات والأطباء والممرضين والتقنيين والمهندسين والمربّين.

الإرادة السياسية
أيضاً توقع مورو أن تتلقى تونس ودول جنوب المتوسط، بعد الجائحة الحالية، عروضاً جديدة في اتجاه تنويع شركائها الدوليين، بعد تراجع دور الاتحاد الأوروبي التقليدي، واتضاح حدود مسارات التنمية غير المتوازنة بين بلدان «الشمال» و«الجنوب» التي تعمقت منذ ربع قرن، أي منذ انطلاق «مسار برشلونة» واتفاقية المنظمة العالمية للتجارة لعام 1995.
إذن، «معركة البدائل» انطلقت، لكنها قد تتعثر لمدة سنة أو اثنتين، خصوصاً، بالنسبة لبلدان صغيرة مثل تونس، لديها التزامات بتسديد قروض قديمة للمؤسسات المالية الأوروبية والدولية، وتستعد منذ مدة لتنظيم مؤتمرات عالمية يؤمل بأن تعود عليها بمنافع كثيرة، من بينها «قمة الدول الفرانكوفونية» المقررة في وقت لاحق من العام الحالي.

مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية «تيكاد 8»

> أعلنت تونس رسمياً أنها ستحتضن قمة رؤساء منظمة طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية «تيكاد 8» (TICAD 8)، وأيضاً مقرّ مركز التميز الأفريقي للأسواق الشاملة (AIMEC)، وذلك خلال عام 2022. وأوضحت وزارة الخارجية التونسية أن هذه القمة الاقتصادية السياسية الدولية ستكون «أكبر اجتماع دولي تحتضنه تونس منذ استقلالها عن فرنسا في 1956»، ومن المقرر أن يشارك فيها حوالي 50 رئيس دولة وحكومة أفريقية، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الياباني وأعضاء حكومته وعدد كبير من رؤساء العالم ومنظمات دولية وأكثر من 11 ألف مشارك من مؤسسات يابانية وأفريقية من القطاعين العام والخاص وخبراء وأكاديميين وممثلي عن المؤسسات المالية الدولية.
وتعتبر قمة منظمة طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية (تيكاد) مبادرة حكومية من اليابان حول التنمية الأفريقية، وكانت قد أطلقت لأول مرة في سنة 1993. وتضم القمة خمسة أطراف رئيسية يطلق عليها مسمى «المنظمون المشاركون»، وهم الحكومة اليابانية، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، ومكتب المستشار الخاص لشؤون أفريقيا التابع للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية والبنك الدولي.
وتسعى «التيكاد» إلى تعزيز الحوار السياسي بين أفريقيا وشركائها، وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية الأفريقية. وتتمحور أشغال القمة والاجتماعات الجانبية التي تلتئم على هامشها حول تطوير الشراكة مع الدول الأفريقية في ظل التحولات الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، من خلال تشجيع الاستثمارات الخاصة والابتكار، وتعزيز الأمن والاستقرار والسلام. وتجدر الإشارة إلى أن اليابان استضافت مؤتمرات «تيكاد» الستة الماضية، وستكون تونس ثاني دولة أفريقية تحتضن هذا الحدث الدولي الكبير خارج اليابان بعد مؤتمر نيروبي بكينيا سنة 2016.

تونس عضو في السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا

> وقعت تونس رسمياً على وثيقة انضمامها إلى منظمة «كوميسا» لدول شرق وجنوب أفريقيا خلال القمة التي عقدها رؤساء هذه الدول في مدينة لوساكا، عاصمة جمهورية زامبيا خلال الصيف الماضي. وبذا أصبحت تونس العضو العشرين في هذه المنظمة الإقليمية الاقتصادية الأفريقية، وبدأت تفعيل هذا الاتفاق واستقبلت وفوداً من الأمانة العامة للمنظمة في سياق بحثها عن «بدائل» للشركاء التقليديين.
هذا، وأوردت الأمينة العامة لمنظمة «الكوميسا» شيليشي كيبوابوي (Chileshe Kepwepwe)، خلال زيارة أدتها إلى تونس أن انضمام تونس إلى تركيبتها «سيعطى الفرصة أمام مجتمع الأعمال والمال في تونس والدول الشمال أفريقية لفتح أسواق جديدة والتعرف على الشركاء المحتملين من بلدان (الكوميسا)، وتجسيم الفرص الاستثمارية والمميزات التنافسية التي تتمتع بها دول المجموعة، وما يمكن أن تقدمه لبعضها البعض وإلى باقي دول العالم».
كذلك، أكدت الأمينة العامة أن دول تجمع شرق وجنوب أفريقيا تعد في طليعة الدول المشاركة في مبادرات التكامل الاقتصادي والسياسي والثقافي في القارة الأفريقية، بما في ذلك دورها الريادي في اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية الأطراف. وهو ما سيساعد البلدان الأفريقية على جني ثمار فتح مزيد من الأسواق، واستغلال الموارد المتاحة، ورفع القدرة التنافسية، والحد من الاعتماد على الشرکاء التجاریین التقلیدیین.
ونبهت كيبوابوي إلى أن القارة الأفريقية تمر بمرحلة تنموية تستوجب تطوير التعاون والتكامل بين بلدانها على مستوى الحكومات فيما بينها، ومع القطاع الخاص الأفريقي والدولي من جهة أخرى.
من ناحية أخرى، اعتبرت الرئاسة التونسية، بمناسبة تفعيل انضمام تونس إلى هذا الفضاء الاقتصادي الإقليمي والدولي، هذه الخطوة «فرصة بالنسبة للقطاعين العام والخاص وأصحاب المؤسسات الصناعية والمالية التونسية الشمال أفريقية، وستستفيد تونس من فرص الانفتاح الاقتصادي على بلدان القارة السمراء، حيث فرص النمو كبيرة جداً خلافاً لغالبية دول العالم. كذلك توقع وزير الخارجية التونسية أن يؤدي انضمام تونس إلى منظمة سوق شرق وجنوب أفريقيا إلى تمكن المستثمرين ورجال الأعمال التونسيين والعرب من بناء شراكات مع نظرائهم ببقية الدول الأعضاء في هذا التجمع الاقتصادي المهم». ووصف هذا التجمع بأنه يعد «سوقاً واعدة لعديد المنتجات وللمؤسسات العاملة في مجالات مثل البنية التحتية وتكنولوجيات المعلومات والاتصال، وأيضاً التعليم والتدريب المهني والتعليم العالي والصحة والصناعات الغذائية والهندسة والمحاسبة والتمويل وغيرها من المجالات».


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».