«كورونا» يرغم المخابرات الأميركية على التغيير

مقر وكالة الاستخبارات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
مقر وكالة الاستخبارات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

«كورونا» يرغم المخابرات الأميركية على التغيير

مقر وكالة الاستخبارات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
مقر وكالة الاستخبارات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

شهد تاريخ الولايات المتحدة حدثين كان لهما أثر كبير على مجريات الأمور في البلاد، وهما الهجوم الياباني المباغت على قاعدتها البحرية في بيرل هاربور بجزر هاواي في ديسمبر (كانون الأول) عام 1941، والآخر هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، وأدى الحدثان إلى تغيير شامل في كثير من أجهزة الدولة، ولم تسلم منه أجهزة الاستخبارات الأميركية، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
لكن جائحة فيروس «كورونا» (كوفيد - 19) سوف تؤدي إلى تغيير أجهزة المخابرات بدرجة أكبر بكثير مقارنة بالحدثين السابقين، حيث يقول جريج باركيا، الخبير في شؤون المخابرات، في تقرير نشرته، أمس (الخميس)، مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، إن الولايات المتحدة، ومعظم الدول الغربية، تدرس عوامل مختلفة عندما تقوم بتحديد عدو ما.
وأوضح أنه قضى معظم وقته مستشاراً للخدمات المتعلقة بالمخابرات والأمن من خلال شركته المتخصصة في هذا المجال، في مساعدة عملائه في تحديد أعدائهم؛ إذ إنه من دون تحديد الأعداء وإمكاناتهم بشكل واضح، من المستحيل تنفيذ الإجراءات المضادة الفعالة، ومن هنا تبدأ إجراءات تخفيف شدة أي احتمالات.
وتابع، أن الدول المتقدمة تميل إلى الرغبة في تقييم إمكانات العناصر النشطة الخارجية، والداخلية أحياناً، والتي من الممكن أن تؤثر بصورة سلبية على الاقتصاد أو الصحة العامة، ومن الأمور المهمة أيضاً قدرة الدولة على تصور القوة الضرورية لفرض أهداف سياستها.
ولفت إلى أنه من المهم بالمثل القدرة على الاحتفاظ بسمعة كونها حليفاً يتمتع بالقدرة ويمكن الاعتماد عليه، وهذا هو السبب في أن خمسين دولة تقريباً شكلت «تحالف الراغبين» لغزو العراق في عام 2003، ليس لأنها تريد ذلك، لكن لأنها مضطرة إلى ذلك بسبب المزايا الاقتصادية أو التكتيكية التي تقدمها لها الولايات المتحدة، ويقول جريج إن هذا يذكره بمقولة «عندما تعطس أميركا، يصاب العالم كله بنزلة برد».
وأوضح «تتوفر في جائحة (كورونا) جميع فئات معايير العدو، فالتأثير الاقتصادي كبير للغاية، وقد أدى إلى محو النمو الاقتصادي الذي تحقق خلال الفترة الأخيرة، ورفع معدلات البطالة إلى درجة قياسية»، ولفت إلى أن السيناتور الجمهوري شوك جراسلي توقع أن يفوق إجمالي الخسائر الاقتصادية ما سببته هجمات11 سبتمبر، كما أن التأثير على الصحة العامة صادم أيضاً، ويفوق حصيلة قتلى تلك الهجمات.
وتابع أنه في ظل جبهة داخلية مشتتة التفكير، يعمل أعداء الولايات المتحدة في حرية، عسكرياً واقتصادياً، مستغلين الاستعدادات الأميركية غير الكافية؛ فقد أدى تأثير الفيروس على الاستعداد البحري الأميركي إلى جرأة الصينيين وإغراقهم سفينة صيد فيتنامية في المياه المتنازع عليها.
وذكر أنه سيكون هناك تحول جذري في نموذج العمل؛ لأن هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها أجهزة المخابرات، بشكل جدي، إلى تقييم عدو ليس بشراً، بغض النظر عما إذا كان قد تم تجهيز الفيروسات عن قصد في إطار تعزيز الحرب البيولوجية، وليس لأى فيروس نقاط ضعف سيكولوجية يمكن استغلالها، ولا يخضع أي مرض لانتفاضة شعبية يمكننا التأثير عليها، والعدوى لا تمتلك هواتف يمكن اعتراضها أو تعقبها، وليس لها مجمعات يمكن تصويرها بالأقمار الصناعية، أو تعاملات مالية يمكن رصدها، وليس هناك حارس يمكن تجنيده جاسوساً.
وذكر أنه من المعروف أن القاعدة الأساسية في المخابرات هي أن يفكر مسؤولوها كما يفكر العدو. فكيف يمكن التفكير مثل عدو لا يفكر؟
ويقول جريج، الذي قضى خمسة أعوام في الجيش الأميركي كرجل مخابرات، زار خلالها العراق وأفغانستان، إنه يمكن توقع توسع كبير للغاية في المركز القومي للمخابرات الطبية، التابع لوكالة المخابرات العسكرية التي تنفذ عمليات تجسس لجمع معلومات استخباراتية عن مجموعة كبيرة من القضايا الصحية التي يمكن أن تؤثر على المصالح الأميركية.
وتابع أنه سوف يظهر نوع جديد من أولويات التوظيف للعمل في أجهزة المخابرات، حيث ستكون هناك حاجة إلى توظيف أطباء وعلماء لهم خلفيات تتعلق بعلم الأوبئة والانتشار المستمر للأمراض.
وأوضح أنه في الوقت الحالي، يقوم كثير من الأطباء العاملين في أجهزة المخابرات بتقييم صحة زعماء العالم من خلال تحليل الصور ومقاطع الفيديو التي يظهرون فيها، ومن الممكن أيضاً توقع زيادة التركيز على أحد جهود جمع المعلومات الأكثر تحدياً - وهو الجمع السري للعينات البيولوجية، حيث يتم تحليل هذه العينات للتعرف على دلائل تحذر من انتشار محتمل لأى أمراض.
ويؤكد جريج أن أجهزة المخابرات الأميركية كائن حي، وأنها تعتمد على المعلومات التي ترد إليها من شبكة واسعة النطاق من المصادر، والخبراء، وكذلك البيانات التي يتم جمعها ومعالجتها باستخدام تكنولوجيا أكثر تقدماً من أي تكنولوجيا شهدها العالم، وعندما تحدث حالات فشل، فهي فشل حصري تقريباً، في تحليل المعلومات وليس في جمعها.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
TT

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)
«النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف، اليوم (الأربعاء)، إن فرص تطورها خلال الشهرين ونصف الشهر المقبلة تبلغ 55 في المائة. ويكون لظاهرة «النينا عادة تأثير تبريد على المناخ العالمي».

و«النينا»، وتعني بالإسبانية «الفتاة»، هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات. وهي عكس ظاهرة «النينو» التي تعني «الصبي» بالإسبانية، حيث ترتفع درجة حرارة المحيط الهادئ الاستوائي بشكل كبير.

وهذا يؤثر على الرياح والضغط الجوي وهطول الأمطار، وبالتالي الطقس في كثير من أجزاء العالم. وترفع ظاهرة «النينو» متوسط درجة الحرارة العالمية، في حين أن ظاهرة «النينا» تفعل العكس تماماً.

كانت ظاهرة «النينو» لا تزال قابلة للرصد في بداية هذا العام، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقول إن الظروف المحايدة تسود منذ شهر مايو (أيار) تقريباً، ولا يزال هذا الحال مستمراً. ومن المؤكد بالفعل أن عام 2024 سيكون الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن ظاهرة «النينا» لم تتطور بعد بسبب الرياح الغربية القوية غير المعتادة التي تهب بين شهري سبتمبر (أيلول) وأوائل نوفمبر (تشرين الثاني).