«حظر التنقل» يحرم الليبيين من ليالي السمر الرمضانية

سيدة تتسوق استعدادا لشهر رمضان في بنغازي أمس (رويترز)
سيدة تتسوق استعدادا لشهر رمضان في بنغازي أمس (رويترز)
TT

«حظر التنقل» يحرم الليبيين من ليالي السمر الرمضانية

سيدة تتسوق استعدادا لشهر رمضان في بنغازي أمس (رويترز)
سيدة تتسوق استعدادا لشهر رمضان في بنغازي أمس (رويترز)

لا يخفي المواطن الليبي علي إمليمدي حزنه «الشديد» مع اقتراب شهر رمضان؛ لأن الإجراءات الاحترازية المتخذة بحظر التجول بين المدن لمنع تفشي فيروس «كورونا» حرمته من أمور كثيرة كان يخطط لتنفيذها في الشهر الكريم. وقال: «كنت أُرتب لزيارة القاهرة في رمضان؛ لكن (كورونا) منعنا، وها أنا ما بين بيتي في بلدة بنت بيّه، ومدينة سبها» في جنوب ليبيا.
وتشترك ليبيا مع بلدان عربية عدة في طقوس رمضان؛ لكن لديها موروثات لا تزال راسخة في غالبية مناطقها، ربما تُحرم منها هذا العام، مثل اجتماع أفراد العائلة بأصولها وفروعها في بيت الوالدين، وهو ما يعرف بـ«البيت الكبير»، لتناول أول إفطار؛ بينما يحرص كل الرجال والفتيان على صلاة التراويح بالمساجد، وقبل العودة إلى المنزل يتجهون لشراء طبق من «السفنز»، وهي حلوى شعبية من الدقيق والسمن محلاة بالعسل، وتصنع على شكل دوائر منتفخة، ويفضل تناولها ساخنة.
وإمليمدي يرى أن رمضان هذا العام سيختلف عما سواه. ويضيف متحسراً في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «سنُحرم من نفحات صلاة التراويح، ولقاءات الأصدقاء والتسامر معهم في ليل رمضان، والتجمع في الأندية وممارسة الرياضة. لم يعد أمامنا إلا الجلوس في المنازل خلف شاشات التلفزيون».
وتعاني ليبيا من انقسام حاد بين حكومتين متنازعتين في غرب البلاد وشرقها، ما ينعكس بالتبعية على طبيعة وحياة عموم المواطن؛ فضلاً عن القرارات المتعلقة بأوقات حظر التنقل.
وسبق لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي بطرابلس، والمعترف به دولياً، فرض حظر كلي للتجول، مدة 10 أيام، ينتهي في 27 أبريل (نيسان) الجاري؛ لكن الحكومة الموازية بشرق ليبيا التي تخضع لها مدن الجنوب، تقتصر مدة حظرها بين السابعة مساءً والسابعة صباحاً. ويعول الليبيون على انفراجة في مواعيد الحظر، مع ما يرونه انحساراً لموجة «كوفيد- 19»، تسمح لهم بقضاء شهر الصيام على نحو يقلل من إرهاقهم، وتزاحمهم للتبضُّع.
ما ذهب إليه إمليمدي عن استقبال الجنوب لشهر رمضان، وجد صداه في غرب ليبيا وشرقها؛ لكن بدرجات متفاوتة، فالعاصمة التي تعيش غالبية مدنها تحت قصف عشوائي متتالٍ، تقضي أوقاتها متوترة، باستثناء بعض المناطق البعيدة عن القصف.
ورصد أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية لـ«المؤتمر الوطني لتفعيل دستور الاستقلال» جانباً من المتغيرات المترتبة على حظر التجول، وما يواكبها من صعوبات الصيام، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أجواء رمضان ستختلف هذا العام؛ خصوصاً فيما يتعلق بالتسوق، وصلاة التراويح، وتبادل الزيارات، وفتح المحال، وحضور جلسات الوعظ».
ورأى أن لإغلاق المساجد أثراً سلبياً كبيراً على نفوس الليبيين، متابعاً: «إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فستقام صلوات التراويح في البيوت»، مضيفاً: «الأسرة الليبية مترابطة اجتماعياً؛ خصوصاً في رمضان، فتجد (بيت العائلة الكبير) مفتوحاً طوال الشهر للأبناء المتزوجين، والأغلب يفطر بعضهم مع بعض طيلة الشهر، وهذا قد لا يحدث هذا العام، إلا إذا تغيرت الإجراءات الاحترازية».
ويرى كثير من الليبيين أنهم سيُحرمون أيضاً هذا العام من نداء «المسحراتي» الذي كان يطوف شوارع مناطقهم، وهو يصدح: «يا نايم وحِّد مولاك، إللي خلقك ما بينساك، قوموا إلى سحوركم، جاء رمضان يزوركم».
ويتحدث سامي المجبري، الإعلامي الليبي الذي يقطن بنغازي (شرق البلاد)، عن صعوبة ال


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».