باحثون في طوكيو ‏يطورون «محكمة» ‏إلكترونية تتقبل ‏المداخلات الإنسانية ‏وتصدر الأحكام بناء ‏على الخوارزميات

باحثون في طوكيو ‏يطورون «محكمة» ‏إلكترونية تتقبل ‏المداخلات الإنسانية ‏وتصدر الأحكام بناء ‏على الخوارزميات
TT

باحثون في طوكيو ‏يطورون «محكمة» ‏إلكترونية تتقبل ‏المداخلات الإنسانية ‏وتصدر الأحكام بناء ‏على الخوارزميات

باحثون في طوكيو ‏يطورون «محكمة» ‏إلكترونية تتقبل ‏المداخلات الإنسانية ‏وتصدر الأحكام بناء ‏على الخوارزميات

تمكّن الباحثون في ‏جامعة طوكيو من ‏تطوير آلية تعمل ‏بنظام البيانات ‏المتسلسلة في تسوية ‏النزاعات القضائية. ‏بمعنى آخر، نجح ‏الباحثون في تطوير ‏آلية «المحكمة ‏الإلكترونية» ‏باستخدام نظام ‏التعاقدات الذكية ‏القائم على تقنية ‏البيانات المتسلسلة.‏
ويستعين الباحثون ‏بمجموعة مختارة من ‏العقود الذكية ‏والسلوكيات التحفيزية ‏في إنشاء آلية «ذاتية ‏التنفيذ» يمكن ‏استخدامها عوضاً عن ‏المحاكم القانونية ‏التقليدية.‏
وأنشأ الباحثون من ‏جامعة طوكيو ‏اليابانية، وجامعة ‏بريتيش كولومبيا ‏الكندية ما يُعرف ‏بـ«المحكمة ‏الإلكترونية» ‏باستخدام تكنولوجيا ‏البيانات المتسلسلة، ‏التي يمكن استخدامها ‏في تسوية النزاعات ‏القضائية، وإنفاذ ‏التعاقدات المبرمة، ‏عوضاً عن المحكمة ‏القانونية التقليدية. ‏وتستند «المحكمة ‏الإلكترونية» الجديدة، ‏التي أشرف على ‏تصميمها البروفسور ‏‏«هيتوشي ‏ماتسوشيما» من ‏قسم الاقتصاد في ‏جامعة طوكيو رفقة ‏البروفسور، شونيا ‏نودا، من كلية ‏فانكوفر للاقتصاد في ‏جامعة بريتيش ‏كولومبيا، إلى فكرة ‏التقاعدات الذكية.‏
وهي عبارة عن أجزاء ‏من الأكواد التي ‏تتدفق عبر منصة من ‏البيانات المتسلسلة، ‏ويجري تنفيذها ‏بالأكواد فقط. ويمكن ‏استخدام «المحكمة ‏الإلكترونية» الجديدة ‏في تسوية النزاعات ‏القضائية ذات الصلة ‏بالمزادات، وعقود ‏الأعمال، والمبيعات، ‏من دون اللجوء إلى ‏المحاكم القانونية ‏التقليدية.‏
- كيفية عمل «المحكمة ‏الإلكترونية» الجديدة
يقول البروفسور ‏هيتوشي ماتسوشيما ‏إن «المحكمة ‏الإلكترونية» تعمل ‏على تحديد ومعاقبة ‏الأطراف الذين ‏يحيدون عن ‏الالتزامات القانونية ‏المعلنة، مثل الأنشطة ‏التجارية، ولكن من ‏المحتمل لها النظر أيضاً ‏في أي نوع من أنواع ‏الاتفاقات المبرمة.‏
وتستعين «المحكمة ‏الإلكترونية» الجديدة ‏بالعقود الذكية في ‏إنشاء آلية ذاتية ‏التنفيذ تلك التي لا ‏تستند إلى الإنفاذ ‏القانوني التقليدي، ولا ‏إلى العلاقات طويلة ‏الأمد، وذلك وفقاً ‏لدراسة أصدرها المركز ‏المتقدم لأبحاث ‏التمويل.‏
وأوضح البروفسور ‏هيتوشي ماتسوشيما ‏أنه في حالة الاشتباه ‏في انتهاك بنود ‏الاتفاق، تقوم ‏الأطراف المعنية بنشر ‏آرائها لدى «المحكمة ‏الإلكترونية». ومن ثم ‏تقوم «المحكمة ‏الإلكترونية» ‏باستخدام ‏اللوغاريتمات في جمع ‏آراء الأطراف المعنية ‏قبل الوصول إلى ‏النتيجة النهائية بشأن ‏انتهاك بنود الاتفاق.‏
وأضاف البروفسور ‏يقول: «إذا قررت ‏المحكمة الإلكترونية أن ‏أحد الأطراف قد ‏تعمّد انتهاك بنود ‏الاتفاق، يصدر الأمر ‏بالغرامة عن طريق ‏حجب أو حجز ‏الإيداع المقدم خلال ‏الاتفاق المبدئي».‏
وتجري أغلب مراحل ‏العملية المذكورة خارج ‏منصة البيانات ‏المتسلسلة، وذلك، ‏من جهة، من أجل ‏الإقلال من تكاليف ‏التفاعل على المنصة، ‏ومن أجل حماية ‏الخصوصية من جهة ‏أخرى، حيث إن ‏التعاقدات الذكية ‏المنشورة على منصة ‏البيانات المتسلسلة ‏متاحة لاطلاع ‏الجميع عليها.‏
وأشارت الدراسة ‏سالفة الذكر إلى أنه ‏‏«إذا صاغ الأطراف ‏تعاقداً ذكياً مخصصاً ‏لغرض معين، يمكن ‏للجمهور العام ‏استنتاج تفاصيل ‏الاتفاق المبرم بين ‏الأطراف المتعاقدة».‏
- الحقيقة، كل الحقيقة، ‏ولا شيء سوى ‏الحقيقة
وبطبيعة الحال، ولكي ‏تعمل «المحكمة ‏الإلكترونية» ‏بسلاسة، يتعين على ‏المشاركين الإدلاء ‏بالحقيقة كاملة. ‏ولتسوية «مشكلة ‏أوراكل»، التي يمكن ‏للأطراف المشاركة ‏فيها إدخال معلومات ‏غير صحيحة في ‏التعاقد الذكي، ‏تحفزهم «المحكمة ‏الإلكترونية»، على ‏إدراج المدخلات ‏الصحيحة.‏
وتنفذ «المحكمة ‏الإلكترونية» ذلك من ‏خلال معاقبة المحلفين ‏على التقارير غير ‏المتسقة مع فرض ‏الغرامات، ومن خلال ‏تمكين الوكلاء من ‏التصويت ليس على ‏البراءة أو الإدانة ‏فحسب، وإنما على ‏القيم الجزئية ‏‏«الكسرية» بين ‏الطرفين، مما يشجع ‏الوكلاء الراشدين على ‏الإبلاغ بالبيانات ‏الأكثر صدقا وأمانة ‏من غيرها.‏
يقول البروفسور ‏هيتوشي ماتسوشيما: ‏‏«مع اعتبار وجود ‏مستخدمين أمناء ‏وصادقين مع آخرين ‏غير أمناء ولا ‏صادقين، وهي الحالة ‏الطبيعية المشهودة في ‏العالم الواقعي، فضلاً ‏عن الافتراضي، فإن ‏العقاب لا ينال إلا ‏أولئك الذين يتعمدون ‏انتهاك الاتفاقات أو ‏يتقدمون بمعلومات ‏كاذبة أو مغلوطة. أما ‏المستخدمون الأمناء ‏فلا يتكبدون سوى ‏تكلفة دقائق وجودهم ‏على المنصة واستخدام ‏النظام».‏
وتشير الدراسة ‏المذكورة أيضاً إلى أنه ‏يمكن لأي طرف من ‏الأطراف، بما في ذلك ‏المجرمون، استخدام ‏منصة البيانات ‏المتسلسلة في تشغيل ‏آليات التنفيذ الآلي، ‏ويحدث ذلك رغم ‏مراقبة المنظمين ‏للمنصة باستمرار، ‏فإنهم لا يمكنهم معرفة ‏أي من المحاكم ‏الإلكترونية يجري ‏الاستعانة بها في ‏أغراض مشروعة أو ‏غير مشروعة. وينصح ‏مؤلفو الدراسة بأنه ‏ينبغي على الجهات ‏الرقابية النظر بعناية في ‏استحداث وسيلة تمنع ‏مختلف الأطراف ‏المشاركة من إساءة ‏استخدام التعاقدات ‏الذكية.‏
واستطرد البروفسور ‏هيتوشي ماتسوشيما ‏قائلاً: «تعتبر منصات ‏البيانات المتسلسلة ‏في بعض الأحيان ‏سلاحاً ذا حدين. ‏وينبغي اعتماد ‏واستكشاف النموذج ‏الاقتصادي الجديد ‏بدلا من الخوف منه ‏وتجاهله»، وأضاف ‏يقول: «لقد عثرنا ‏على طريقة لإبرام ‏وإنفاذ الاتفاقات من ‏دون الحاجة إلى ‏تطبيق القوانين ‏بصورتها التقليدية أو ‏اللجوء إلى العلاقات ‏التبادلية طويلة الأمد، ‏والتي قد تحافظ ‏‏(بصورة من الصور) ‏على أمانة ونزاهة ‏الأطراف المعنية. ‏ويمكن للمحكمة ‏الإلكترونية الجديدة ‏العمل على منصات ‏البيانات المتسلسلة ‏الحالية مثل (إيثريوم)، ‏ويمكن تفعيل عملها ‏اعتباراً من الآن».‏

‏- خدمات «تريبيون ‏ميديا»‏


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».