انقلابيو اليمن يستحدثون جبايات على بائعي اللحوم وتجار المواشي

TT

انقلابيو اليمن يستحدثون جبايات على بائعي اللحوم وتجار المواشي

جددت الميليشيات الحوثية في صنعاء والمناطق الأخرى الخاضعة للجماعة شن حملات تعسفية تستهدف تجار المواشي وبائعي اللحوم، حيث أقامت نقاطا للتفتيش تمنع دخول المواشي إلى المدن إلا بعد دفع إتاوات مرتفعة، وهو الأمر الذي دفع نقابة بائعي اللحوم إلى التهديد بالتوقف عن العمل وإغلاق المحلات.
وشكا تجار وبائعو مواشي في صنعاء من عودة نقاط التفتيش الحوثية التي استحدثتها الجماعة، قبل عامين، في مداخل العاصمة، التي تستهدفهم وسياراتهم المحملة بالمواشي ومنعها من دخول صنعاء إلا بعد دفع مبالغ مالية.
واستنكرت النقابة العامة لبائعي اللحوم والمواشي كل ما تقوم به النقاط الحوثية وموظفو المسالخ في جميع الخطوط والمنافذ المؤدية إلى العاصمة، من المضايقات والتعسفات والاعتداء وإطلاق نار وحجز سيارات نقل المواشي لساعات طوال، وهو ما يؤدي - بحسب النقابة - إلى وفاة كثير من المواشي وإلحاق أضرار فادحة بملاكها.
وأوضحت النقابة، في بيان رسمي، أن العصابات الحوثية في نقاط التفتيش ورغم وجود اتفاق مسبق، فما تزال ترفض وجود مندوبين لها، بحجة صدور توجيهات من المدعو حمود عباد المعين من قبل الميليشيات أمينا للعاصمة.
وشن بيان النقابة هجوما لاذعا على مؤسسة المسالخ، الخاضعة لسلطة الانقلاب بصنعاء، واتهمها بالتهرب من وضع حل جذري لتلك الابتزازات الحوثية، لما من شأنه أن يخدم المصلحة العامة.
وقال البيان إن مؤسسة المسالخ الحوثية بصنعاء تتعمد استهداف بائعي اللحوم وتجار المواشي من أجل جباية المزيد من الأموال والتسبب في رفع أسعار اللحوم التي باتت مطلبا بعيد المنال عن أغلب السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.
وفي الوقت الذي أكدت فيه نقابة بائعي اللحوم والمواشي، أنها جاهزة للقيام بأي خطوات تصعيدية واحتجاجية، «للحفاظ على حقوق وكرامة أعضائها في حال استمرار ابتزاز الجماعة ونقاط التفتيش التابعة لها». وكشف مصدر بنقابة بائعي المواشي عن إحصائية حديثة أكدت مصادرة العصابات الحوثية في نقاط التفتيش خلال العام الماضي 2019 وبطريقة غير مبررة، أكثر من 4 آلاف و200 رأس من الماشية المتنوعة، تعود ملكيتها لتجار.
وقال المصدر في نقابة بائعي اللحوم، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، لدواع أمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات النهب والمصادرة لذلك العدد من المواشي جاءت عقب رفض أصحابها دفع إتاوات مالية للميليشيات الحوثية. وطبقا للمصدر النقابي، فقد صادرت عصابات الجماعة إلى جانب المواشي، في النقاط التفتيشية نفسها خلال الفترة ذاتها، أكثر من 200 ألف دجاجة بالطريقة نفسها التي اعتادت الميليشيات ممارستها بحق من يرفضون دفع جبايات مالية.
ومع تغاضي قادة الجماعة الحوثية عن كل ما يحدث من انتهاكات بحق اليمنيين بمناطق سيطرتها، ومواصلة تسخير كل إمكاناتها وطاقتها في جباية المزيد من الأموال، توقع المصدر النقابي نفسه استمرار التجاهل الحوثي لكل المناشدات والنداءات. الأمر الذي قد يدفع النقابة ومنتسبيها إلى التصعيد ضد حملات الابتزاز وصولا إلى الإضراب الشامل وإغلاق جميع محلات بيع اللحوم والمواشي في العاصمة.
وعلى صلة الموضوع، اشتكى عدد من تجار وبائعي اللحوم والمواشي بصنعاء خلال حديثهم مع «الشرق الأوسط»، من جور وبطش ونهب الميليشيات في نقاط التفتيش المنتشرة على مداخل العاصمة، وأكدوا أن حملات الجماعة التعسفية زادت حدتها في الآونة الأخيرة، حيث يفرض عناصرها دفع مبالغ طائلة تتراوح بين خمسة وسبعة آلاف ريال عن كل رأس ماشية. (الدولار نحو 600 ريال).
من جهته، أكد بائع للحوم الدجاج بصنعاء، استعداده التام لتنفيذ أي خطوات تصعيدية قد تدعو لها النقابة. ودعا عبر «الشرق الأوسط»، جميع المنظمات الحقوقية والمواطنين إلى التضامن معهم والوقوف إلى جانبهم في وجه الحوثيين وأدواتهم وأساليبهم التي تعودوا من خلالها نهب وسلب كل الفئات اليمنية تحت أسماء غير قانونية ولا تمت للقانون بأي صلة.
وتابع بالقول: «أتوقع أن يوصلنا تجاهل الميليشيات وتغاضيها عن معاناتنا إلى الإضراب والإغلاق الشامل لمحلاتنا، وهو ما سيؤثر سلبا بالدرجة الأولى على المواطنين في صنعاء الذين لم يعودوا قادرين على تحمل أي أزمات أو أعباء جديدة».
وتأتي حملات النهب والابتزاز الحوثية بحق مختلف الفئات والشرائح اليمنية، في وقت تشهد فيه صنعاء العاصمة، ارتفاعاً غير مسبوق لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية واللحوم والملابس وغيرها، خصوصا مع قرب دخول شهر رمضان المبارك، وفي ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للسكان في مناطق سيطرة الجماعة.
وكانت نقابة بائعي اللحوم والمواشي بصنعاء، أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن تنفيذ إضراب مفتوح ودعت أعضاءها للتجمع في مداخل صنعاء وعدم إدخال أي مواش نهائياً إلى المدينة، احتجاجا على حملة الاعتقالات التي شنتها جماعة الحوثي في صفوف منتسبيها وفرض الجماعة جبايات ومبالغ مالية خارج إطار القانون بقوة السلاح.
وفي وقت سابق كان عناصر الجماعة المسيطرون على إدارة المسالخ في صنعاء أقاموا نقاط تفتيش على مداخل العاصمة واحتجزوا المئات من السيارات المحملة بالمواشي، وفرضوا على بائعي اللحوم إتاوات كبيرة.
وعلى مدار سنوات الحرب التي أشعلتها الجماعة الموالية لإيران تمكن قادتها من جمع ثروات ضخمة جرّاء الإتاوات المفروضة على السكان في المناطق الخاضعة للانقلاب وهو ما كبّد المستهلكين أعباءً اقتصادية غير مسبوقة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.