دورية روسية ـ تركية في إدلب بعد تهديدات إردوغان لدمشق

القافلة الروسية - التركية قرب سراقب في إدلب (الشرق الأوسط)
القافلة الروسية - التركية قرب سراقب في إدلب (الشرق الأوسط)
TT

دورية روسية ـ تركية في إدلب بعد تهديدات إردوغان لدمشق

القافلة الروسية - التركية قرب سراقب في إدلب (الشرق الأوسط)
القافلة الروسية - التركية قرب سراقب في إدلب (الشرق الأوسط)

سيرت القوات التركية والروسية الدورية المشتركة الخامسة على طريق حلب – اللاذقية الدولي، بعد يوم من تهديد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان النظام السوري و«المنظمات الظلامية» بدفع ثمن باهظ في حال انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الموقع مع روسيا في 5 مارس (آذار) الماضي.
واتهم إردوغان جيش النظام السوري، وبعض المجموعات الأخرى بانتهاك نظام وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد في إدلب. وقال: «تركيا لا تزال ملتزمة باتفاق 5 مارس مع روسيا بشأن إدلب لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون حيال عدوان النظام السوري». وأضاف إردوغان، في كلمة عقب اجتماع للحكومة التركية بالفيديو كونفرنس مساء أول من أمس، أن الحكومة بحثت التطورات في إدلب وليبيا خلال الاجتماع، قائلا إنه «في حال استمرار النظام السوري في انتهاك وقف إطلاق النار في إدلب سنجعله يدفع ثمنا باهظا».
وأشار إلى أن النظام السوري يسعى لاستغلال انشغال العالم وتركيا بمكافحة وباء كورونا المستجد لزيادة اعتداءاته في إدلب وإذا واصل النظام انتهاكه للهدنة والشروط الأخرى للاتفاق مع روسيا، فإنه سيدفع ثمن ذلك بخسائر فادحة جدا. وأضاف: «كما أننا لن نتسامح مع «المنظمات الظلامية» التي تقوم بأعمال استفزازية من أجل إفشال وقف إطلاق النار في إدلب».
وكانت تركيا أعلنت تركيا في 1 مارس (آذار) الماضي، إطلاق عملية عسكرية جديدة أطلقت عليها اسم «درع الربيع» في إدلب ضد القوات الحكومية السورية ردا على «هجمات» الجيش السوري على العسكريين الأتراك في المنطقة في 27 فبراير (شباط) الماضي ما أدى إلى مقتل 36 عنصرا من القوات التركية في غارة جوية قالت دمشق وموسكو إنها استهدفت هيئة تحرير الشام.
وفي الخامس من الشهر ذاته، وقعت تركيا وروسيا اتفاقا في موسكو بين إردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف إطلاق النار في إدلب تضمن أيضا إنشاء ممر آمن بعمق 6 كيلومترات شمال وجنوب طريق حلب – اللاذقية «إم 4» وإطلاق دوريات مشتركة على الطريق، بدأت اعتبارا من 15 مارس.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا بعدم الالتزام بشكل عام بوقف إطلاق النار، فيما تواصل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، التي رفضت هذا الاتفاق، شن الهجمات وعمليات القصف.
في السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية أمس (الثلاثاء) أنه تم تسيير الدورية الخامسة مع الجانب الروسي، على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الموقّع بين أنقرة وموسكو في 5 مارس (آذار) الماضي. وذكرت الوزارة، في بيان، أن الدورية جرى تسييرها بمشاركة قوات برية وجوية من الطرفين التركي والروسي.
ولم تستطع القوات المشاركة في الدورية إكمال كامل المسافة الواردة في اتفاق موسكو، حيث انطلقت من قرية ترنبة بريف سراقب ووصلت إلى بلدة النيرب شرق إدلب بمسافة لا تتعدى 3 كيلومترات. وسبق أن سيرت القوات التركية والروسية 4 دوريات مشتركة منذ 15 مارس الماضي آخرها في 16 أبريل (نيسان) الحالي، إلا أنها لم تستكمل المسار المحدد بالاتفاق الأخير في اتفاق موسكو، والذي يمتد من ترنبة إلى عين الحور في ريف اللاذقية، بسبب احتجاجات أهالي المنطقة على الوجود الروسي ورفضهم الاتفاقات والتفاهمات التركية - الروسية في كل من آستانة وسوتشي وموسكو.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة وزارة الدفاع التركية نديدة شبنام أكطوب، في بيان يوم الأحد الماضي، إن الاتفاقات والتفاهمات مع روسيا تنفذ بشكل جيد، لافتة إلى أن تركيا تراقب عن كثب تطبيق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية، المبرم بين أنقرة وموسكو في 5 مارس (آذار) الماضي.
وأشارت إلى أنه تم تسيير 4 دوريات مشتركة بين القوات التركية والروسية، في منطقة «الممر الآمن» على طريق حلب – اللاذقية الدولي (إم 4) المتفق عليه بين الجانبين، منذ الخامس عشر من مارس الماضي، وحتى 16 أبريل (نيسان) الحالي، مضيفة: «نتابع عن كثب وبتنسيق مع روسيا، جميع ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين، بغرض الحفاظ على وقف إطلاق النار».
وأفاد نشطاء أن القوات العسكرية التركية سيرت دوريتها انطلاقا من نقطة المراقبة التركية المتمركزة في قرية الترنبة قرب مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي المحاصرة من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية له، فيما انطلقت الدورية الروسية من مدينة سراقب شرق إدلب وصولاً إلى قرية الترنبة فقط، وسط تحليق طيران روسي مكثف في أجواء محافظة إدلب واللاذقية.
وواصلت الدورية التركية مسيرها على الطريق الدولي ذهابا وإيابا من قرية الترنبة حتى بلدة مصيبين الواقعة على طرفي طريق حلب - اللاذقية شرق مدينة أريحا 3 كلم ومن ثم إلى منطقة بداما غرب إدلب والحدود الإدارية لمحافظة اللاذقية من الجهة الشرقية.
ويأتي تسيير الدورية عقب أيام من اعتصام آخر للسوريين على الطريق الواصل بين مدينة سراقب وإدلب بالقرب من بلدة النيرب احتجاجاً على فتح معبر تجاري بين المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام وفق اتفاق بين الأخير وهيئة تحرير الشام ويقتصر نشاط المعبر على الحركة التجارية فقط.
في سياق متصل، سيرت القوات الروسية دورية منفردة في ريف الدرباسية الغربي أمس انطلقت من معبر شيريك الحدودي مع تركيا وطافت عددا من القوى قبل أن تعود إلى القامشلي.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القوات التركية امتنعت عن المشاركة في الدورية.
وكانت القوات التركية والروسية سيرت أول من أمس دورية مشتركة في ريف محافظة الحسكة كانت هي الدورية الثالثة والأربعين التي يسيرها الجانبان منذ اتفاق سوتشي المتعلق بشرق الفرات والموقع في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».