موسم رمضاني خجول يحطّ رحاله على الشاشات اللبنانية

«بالقلب» يُعرض أيضاً على «إل بي سي آي» في الشهر الكريم
«بالقلب» يُعرض أيضاً على «إل بي سي آي» في الشهر الكريم
TT

موسم رمضاني خجول يحطّ رحاله على الشاشات اللبنانية

«بالقلب» يُعرض أيضاً على «إل بي سي آي» في الشهر الكريم
«بالقلب» يُعرض أيضاً على «إل بي سي آي» في الشهر الكريم

حالة من الارتباك تشهدها معظم محطات التلفزة المحلية فيما يخص خياراتها للشبكة الرمضانية. فالمسلسلات والبرامج التي ستعرض في لبنان بقيت حتى الساعة الأخيرة تتأرجح بين هذا العمل وذاك، كون المفاوضات مع شركات الإنتاج لم تشهد خواتيمها بعد. فوباء «كورونا» أخر هذه الشركات عن تسليم أعمالها الدرامية في الوقت المحدد، إثر إيقاف تصويرها تطبيقا لإجراءات الوقاية من انتشاره. ورغم أنّ هذا الإجراء لم يمنع عمليات التصوير من إكمال مجرياتها في القاهرة وأبوظبي إلّا أنّها توقفت تماما في بيروت. وهو ما أثّر على استكمال عدد كبير من المسلسلات لشركتي «الصبّاح إخوان» و«إيغل فيلمز» و«أي سي ميديا» التي كان يجري تصويرها في العاصمة اللبنانية، ومن بينها «الهيبة 4» و«2020» و«دفعة بيروت» و«دانتيل» و«من الآخر» وغيرها. هذا الأمر أدّى إلى لجوء بعض هذه المحطات لأعمال الدراما التركية لحفظ ماء الوجه.
وتسبب ذلك في انكماش ملحوظ بعدد الأعمال التي ستعرضها الشاشات اللبنانية ليصل موسم رمضان التلفزيوني خجولا لا يشبه أياً من المواسم السابقة لا بغنى روزناماته ولا بسرعة برمجته.
وتعاني محطات التلفزة في لبنان من شح في مداخيلها منذ فترة طويلة، كانت قد تأثرت سلباً أيضا بالثورة اللبنانية التي انطلقت في 17 أكتوبر (تشرين الأول).
«النحات» و«الساحر» و«بالقلب» هي أعمال الدراما التي أعلنت محطة «إل بي سي آي» عن عرضها في شهر رمضان، ولكن ضمن خطة مغايرة. فمن المقرر أن تُعرض 15 حلقة من الأول و20 حلقة من الثاني. فعملية توقيف تصويرهما بسبب وباء كورونا أدّى إلى تأخير شركة إنتاجهما «أي سي ميديا» بتسليمهما كاملين لشهر رمضان. وهو ما سيتأتى عنه تقسيمهما إلى جزأين. وعمليا سيتابع المشاهد في رمضان الجزء الأول منهما على أن يستكمل عرض الثاني لاحقا. أمّا «بالقلب» وهو عمل درامي لبناني فسيُعرض طيلة الشهر المبارك على مدى 30 حلقة متتالية.
ويتناول «بالقلب» موضوع الأحكام المسبقة التي يطلقها المجتمع على الآخر وكيف يواجهها كل إنسان، إضافة إلى مواضيع عديدة موجودة في الواقع اللبناني. ومن أبرز الموضوعات التي يتناولها كاتب العمل طارق سويد فيه، هي الرصاص الطائش.
وتجسد سارة أبي كنعان في المسلسل دور ديانا التي تنكب على إقامة محاضرات حول قضية (الرصاص الطائش) تتعرف خلالها على جواد، الذي يلعب دوره بديع أبو شقرا. يشارك في العمل دارينا الجندي وغابريال يمين وكارمن لبس ووسام فارس وغيرهم. ومن إخراج جوليان معلوف وإنتاج شركة (جي8 برو).
وفي مسلسل «الساحر» لعابد فهد وستيفاني صليبا سنتعرف على أحداث تدور في إطار الدراما الاجتماعية المشوقة؛ رجل له كاريزما مختلفة تقوده الصدفة إلى الدخول في عالم الكبار ليبدأ بإتقانه، والتّعامل معهم حتى يصبح متحكما فيه. فبعد ثنائية ناجحة حققها كل من الممثلين في مسلسل «دقيقة صمت» رمضان الفائت، يعودان اليوم بـ«الساحر» الذي يخرجه عامر فهد ويكتبه سلام كسيري.
وفي مسلسل «النحات» الذي تعرضه أيضا شاشة «إل بي سي آي»، سنتعرف على يمان (باسل خياط) الذي ينتقل للإقامة في بيت العائلة لدراسة النحت بإحدى الجامعات. ولكن والدته ترفض الفكرة، ويسيطر عليها الخوف من فتح باب أغلق منذ سنوات طويلة. يشاركه البطولة كل من أمل بوشوشة وليا بو شعيا. وهو من إخراج مجدي السميري. والعملان المذكوران من إنتاج شركة «أي سي ميديا».
وبالانتقال إلى شاشة «إم تي في» فقد أفرجت في الساعات الأخيرة وعشية بداية موسم رمضان عن شبكة برامجها المتعلقة به. فأولى خطواتها استهلتها ببثّ الإعلانات الترويجية لعرض مسلسل «بردانة أنا» في جزئه الثاني. وكانت قد بدأت عرضه في سبتمبر (أيلول)، وتوقف إثر اندلاع الثورة اللبنانية. وهو من بطولة كارين رزق الله وبديع أبو شقرا وكتابة كلوديا مرشيليان وإخراج نديم مهنا.
يتناول العمل موضوع العنف الأسري مستوحيا أحداثه من قصص واقعية. ولتحسم «إم تي في» قرارها فيما بعد حول اتفاق أجرته مع شركة «ايغل فيلمز» في اللحظات الأخيرة يقضي بعرضها مسلسل «أولاد آدم»، وهو من بطولة ماغي بو غصن وماكسيم خليل وإخراج الليث حجو. ويعالج قصصا اجتماعية مختلفة مع مقاربة جريئة للواقع كما أنّه سيضم مجموعة من الممثلين أبرزهم: رانيا عيسى، وندى بو فرحات، وطلال الجردي، وكارول عبود، ومجدي مشموشي، وفيفيان أنطونيوس وغيرهم. وحسب «إم تي في» فإن شبكتها الرمضانية تتضمن ثلاثة أعمال تركية هي «امرأة» و«حكايتنا» و«مرارة حب».
أمّا شاشة «نيو تي في» وفي اتصال معها فقد أكّدت أنّ خياراتها لموسم رمضان لم تحسم بعد. ويتردد أنّها ستركز على ثلاثة مسلسلات تركية وهي «البحر الأسود» و«أبيض وأسود» و«فضيلة خانم» إضافة إلى عمل لبناني سبق وأوقفت عرضه «موجة غضب».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».