المغاربة يبتكرون سبلاً للتّعبير عن تضامنهم خلال فترة الحجر

إحدى جمعيات المجتمع المدني بالدار البيضاء توفر المؤونة للمحتاجين خلال الحجر (أ.ف.ب)
إحدى جمعيات المجتمع المدني بالدار البيضاء توفر المؤونة للمحتاجين خلال الحجر (أ.ف.ب)
TT

المغاربة يبتكرون سبلاً للتّعبير عن تضامنهم خلال فترة الحجر

إحدى جمعيات المجتمع المدني بالدار البيضاء توفر المؤونة للمحتاجين خلال الحجر (أ.ف.ب)
إحدى جمعيات المجتمع المدني بالدار البيضاء توفر المؤونة للمحتاجين خلال الحجر (أ.ف.ب)

خلقت أزمة الطوارئ الصحية في المغرب حالة استثنائية بين أفراد المجتمع، فبينما كانت مظاهر التضامن تتجلى في المساعدات المادية، تطلبت المرحلة أيضاً احتياجات خاصة تلقاها الشباب المغاربة بذكاء وابتكروا لها طرقاً للتخفيف من معاناة بعض الفئات الاجتماعية، سواء على المستوى المادي أو المعنوي أو غيرها، التي طرأت فور تنفيذ قرار الحظر.
ولعل جولة صغيرة على بعض المجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي تبرز بشكل جلي مختلف أنواع التضامن، كون هذا المجال الافتراضي كان أفضل وسيلة للتواصل، لتقديم أو لطلب الدعم، من دون التعرض لخطر الإصابة بالمرض. وفور إعلان حال الطوارئ، كان المسافرون خارج المغرب أو داخله أول المتضررين المباشرين، وبعد ذلك تحوّلت المجموعات الخاصة بعشاق السفر من مشاركة تجاربهم وصورهم المميّزة خلال رحلاتهم إلى نشر إعلانات لطلب أو مدّ يد المساعدة، وانضم إليها المغاربة القاطنون في الخارج لإيواء العالقين في المدن الأوروبية وغيرها من مدن العالم.
عشاق كرة القدم أيضاً كانوا في الموعد، وتحت شعار؛ جميعنا ضد «كوفيد 19»، انضموا إلى حملة التضامن، فبادرت أكبر الفرق المغربية، خاصة الرجاء البيضاوي والوداد البيضاوي، بابتكار سبل تجعلهم يقدمون المساعدة، فنظّم فريق الوداد البيضاوي حملة لبيع قمصان رياضة إلكترونياً، بالإضافة إلى مباراة افتراضية خصّصوا إيراداتها لصندوق دعم ضد «كورونا»، أحدثه العاهل المغربي الملك محمد السادس لهذا الغرض. الشيء نفسه بادر به فريق الرجاء البيضاوي، حتى إن بعض لاعبي الفريق شاركوا في الترويج للعملية لتشجيع محبي الفريق على المساهمة.
من جهة ثانية، بادر بعض الشباب في كثير من المدن المغربية منذ انطلاق حال الطوارئ الصحية إلى تشكيل لجان صغيرة للتّطوع من أجل اقتناء الأغراض الضرورية لأسر الحي، خاصة المسنين والمرضى، سواء المواد الغذائية أو الأدوية وغيرها، ووزعوا أرقام هواتفهم حتى يتواصل معهم كل محتاج للمساعدة. كما دخل قطاع المطاعم والطّباخين المنافسة، ليعلن دعمه بطريقته الخاصة، وظهر تأثيره في الأيام الأولى من الجائحة عبر تحضير وجبات للأطباء والممرضين في المستشفيات.
في السياق ذاته، نُظّمت حملة لتوفير منازل للأطقم الطبية من قبل الأشخاص الذين يملكون منازل بالقرب من المستشفيات، وتكللت بالنجاح، خاصة بعد الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، والتفاعل الكبير معها من الناس لتخفيف الضغط على الأطقم الطبية.
في هذا الصدد، قالت الشيف آمال المدد، صاحبة مدونة طبخ تقدم مقاطع مصورة للأكلات بطرق سهلة، لـ«الشرق الأوسط»، إنّها حوّلت شغفها في الطبخ من أجل دعم الأطباء والممرضين في المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء. وأضافت أنّها تعتقد أنّ هذه الفترة استثنائية، وهي فرصة ذهبية للمجتمع المغربي لإظهار معدنه الأصيل وكرمه المعهود لتجاوز الأزمة يداً واحدة، كل حسب طاقته ومجاله.
وتابعت المدد قائلة، إنّ مسؤوليات الدولة تبقى جسيمة لمحاصرة الوباء، «لذا وجب علينا دعم هذه المبادرات بأخرى فردية للتّخفيف من حدة الأزمة، وإن طُبّقت بشكل موسّع يمكن أن تُحدث فرقا كبيراً نتجاوز بفضله هذه الجائحة بخسائر أقل».
ولم تلغِ هذه الطرق، الوسائل التقليدية التي عادة ما يستعين بها المواطن المغربي لمد يد العون، بل تواصل ذلك، وزادت كثافته في فترة الطوارئ، من خلال تنظيم حملة لإعفاء المتضررين من دفع إيجارات المنازل، التي لقيت ترحيباً من طرف كثير من المغاربة، فبادروا للقيام بهذا العمل، فيما بادر آخرون لجمع تبرعات لدفع إيجارات بعض المتضررين وتوفير المستلزمات الضرورية للأسر خلال فترة الحظر.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».