على غرار مئات من اللبنانيين، اختار الشاب حسن حسين علي، اليوم (الثلاثاء)، العودة إلى الشارع احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية، لكنه بخلاف المرات السابقة ارتدى قناعاً طبياً ولازم ورفاقه سياراتهم احتراماً للتباعد الاجتماعي في زمن فيروس «كورونا المستجد».
وتزامنت مسيرات المتظاهرين مع بدء البرلمان جلسة تشريعية تمتد ثلاثة أيام على جدول أعمالها اقتراحات ومشاريع قوانين مثيرة للجدل، وسط تدابير أمنية ووقائية مشددة، بعدما أجبر تفشي الفيروس النواب على نقل اجتماعهم إلى قاعة مؤتمرات في بيروت.
وتجمّعت السيارات التي رفع معظمها العلم اللبناني تدريجياً في ساحة الشهداء، التي شكلت إحدى أبرز ساحات التظاهر إثر اندلاع حركة احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في 17 أكتوبر (تشرين الأول).
وقال حسن حسين علي (22 عاماً) بينما يمسك بمكبر صوت ويرتدي قناعاً واقياً لوكالة الصحافة الفرنسية: «من الجيد العودة إلى الشارع، ما من شعور أفضل من ذلك». وأضاف: «قضى فيروس (كورونا) على كل شيء إلا أنه لم يوقف فساد السياسيين لدينا، وبالتالي فهو لن يتمكن من وقف تحركنا أيضاً».
وسجّل لبنان رسمياً 677 إصابة، بينها 21 وفاة، بينما تفرض السلطات منذ منتصف الشهر الماضي تدابير إغلاق مشددة وحظر تجول ليلياً وتوقف حركة النقل البري والبحري والجوي.
وجاب موكب السيارات شوارع عدة من وسط بيروت مروراً بالطريق البحرية وصولاً إلى محيط قصر الأونيسكو، حيث عقد البرلمان جلسته التشريعية. ورافقهم عدد من المتظاهرين على دراجاتهم النارية.
وأطلق السائقون العنان لأبواق سيّاراتهم. وخرج عدد من المتظاهرين عبر النوافذ وهم يرتدون قفازات وأقنعة ملونة بعضها بألوان العلم اللبناني. ورفع بعضهم الأعلام اللبنانية وشارات النصر.
وأعادت المسيرة التي واكبتها مسيرات مماثلة في مناطق عدة، بينها مدينة طرابلس شمالاً، إلى الأذهان مشهد المظاهرات التي عمّت لبنان ولم تهدأ إلا بعد تشكيل حكومة جديدة مطلع العام الحالي.
وباتت التحركات رمزية مذاك، قبل أن تتوقف كلياً مع بدء انتشار فيروس «كورونا المستجد» بدءاً من شهر فبراير (شباط).
وطوال الأشهر الماضية، ازدادت حدّة الأزمة الاقتصادية. وفاقم انتشار الفيروس وخطة التعبئة العامة التي تلت الوضع سوءاً في ظل أزمة سيولة حادة وتراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار. وأعلن لبنان للمرة الأولى الشهر الماضي وقف سداد ديونه الخارجية مع تراجع احتياطيات المصرف المركزي بالدولار.
متكئة على سيارتها في وسط بيروت، أوضحت لينا العدوي (34 عاماً) أنها تشارك في المظاهرات احتجاجاً على تردي الظروف المعيشية.
وأوضحت لوكالة الصحافة الفرنسية، مرتدية قناعاً طبياً: «قررت النزول إلى الشارع لأن الدولة تفعل ما تريده، لم نر أي إصلاحات بعد والفساد والتعيينات والمحاصصات قائمة».
وأضافت: «نحن الثوار تركنا الشارع بسبب وباء (كورونا)، لكن الثورة لم تنتهِ ولا تزال لدينا مطالب»، لافتة إلى ازدياد سوء «الحالة الاقتصادية والبطالة وارتفاع الدولار في ظل الفقر والجوع».
وعلى غرار العديد من المتظاهرين، أعربت لينا عن اقتناعها بأن المتظاهرين سيعودون إلى الشارع عاجلاً أم آجلاً، وقالت: «من لم يشارك سابقاً سينزل إلى الشارع بعد زوال (كورونا)».
وحسب تقديرات رسمية، يرزح 45% من اللبنانيين تحت خط الفقر، بعدما خسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية.
وحمل المتظاهرون على مجلس النواب عدم تضمين بنود جدول أعماله أي مقاربة للتحديات والهموم المعيشية، في وقت لم تتمكن الحكومة بعد من اتخاذ أي خطوات جذرية على طريق حل الأزمتين المالية والاقتصادية.
وقالت رانيا التي شاركت بدورها في المسيرة: «في هذه المحنة يجب أن يكون مجلس النواب بصدد إقرار قوانين من شأنها إحداث نهضة وتجد حلاً للشعب المتعب الذي خسر عمله وليس لديه ما يأكله».
ويدرس مجلس النواب 66 بنداً بينها عفو عام يستفيد منه الآلاف من الموقوفين والمطلوبين بمذكرات توقيف في جرائم عدة. ويثير هذا الاقتراح الذي تدعمه كتل رئيسية أبرزها «حزب الله» و«تيار المستقبل» غضب المتظاهرين.
وقال المتظاهر جاد عسيلي لوكالة الصحافة الفرنسية: «بدل أن يقروا قانون العفو العام، من الأفضل لهم أن يقروا قانون استقلالية القضاء»، معتبراً أن «العفو العام استثناء وليس قاعدة».
في زمن «كورونا»... لبنانيون يعودون إلى التظاهر في سياراتهم (صور)
في زمن «كورونا»... لبنانيون يعودون إلى التظاهر في سياراتهم (صور)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة