كابوس نفطي أميركي... خام بأسعار سلبية وبلا مشترين

«غرب تكساس» يشهد تراجعاً تاريخياً... والخسائر تطال الشركات و«الصخري»

حلت أمس الذكرى العاشرة لأسوأ كارثة تسرب نفطي عالمياً في خليج المكسيك متزامنة مع انهيار أسعار الخام الأميركي (أ.ب)
حلت أمس الذكرى العاشرة لأسوأ كارثة تسرب نفطي عالمياً في خليج المكسيك متزامنة مع انهيار أسعار الخام الأميركي (أ.ب)
TT

كابوس نفطي أميركي... خام بأسعار سلبية وبلا مشترين

حلت أمس الذكرى العاشرة لأسوأ كارثة تسرب نفطي عالمياً في خليج المكسيك متزامنة مع انهيار أسعار الخام الأميركي (أ.ب)
حلت أمس الذكرى العاشرة لأسوأ كارثة تسرب نفطي عالمياً في خليج المكسيك متزامنة مع انهيار أسعار الخام الأميركي (أ.ب)

في وضع كابوسي، يتزامن مع حلول الذكرى العاشرة لكارثة «ديب ووتر هورايزون» النفطية في خليج المكسيك، شهدت أسواق النفط الأميركية، أمس، عرضاً اضطرارياً غير مسبوق لخام غرب تكساس، هبط بالأسعار للمرة الأولى في التاريخ إلى مستويات سلبية.
ومع انتهاء مهلة عرض العقود الآجلة لشهر مايو بالنسبة للخام الأميركي، مع شح بالغ بأماكن التخزين الممتلئة تقريباً عن آخرها، هوت الأسعار لتصل إلى مستوى سالب 8 دولارات للبرميل، وتوقّع كثير من الخبراء مواصلة الانهيار لبعض الوقت.
والغريب في الأمر أن هذه الأحداث المأساوية، تتزامن مع ذكرى أخرى لا تقل سوءاً في عالم النفط. إذ شهد العالم حادثة تسرب نفطي هائلة في خليج المكسيك بدأت يوم 20 أبريل (نيسان) 2010 بعد انفجار وغرق «منصة بحرية لاستخراج النفط» تابعة لشركة «بريتش بيتروليوم». ويعتبر أكبر تسرب نفطي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية والعالم.
وتراجعت أسواق النفط، في الأسابيع الأخيرة، لأدنى مستوياتها منذ نحو 20 عاماً، وسط عمليات الإغلاق ومنع السفر في العالم أجمع، التي تؤثر بشدة على الطلب مع شلل الاقتصادات العالمية.
وفق مذكرة صادرة عن مصرف «إيه إن زد»، فقد «بقيت أسعار النفط الخام تحت الضغط، لأن توقعات انخفاض الطلب تلقي بثقلها على الجو العام»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وأضافت المذكرة أنه «رغم أن (أوبك) قبلت بخفض غير مسبوق للإنتاج، لا تزال سوق النفط غارقة بالطلب». وأعرب المصرف عن خشيته «من نفاد القدرة الاستيعابية في منشآت التخزين في الولايات المتحدة»، وهو عامل أثر على وجه خاص على سعر البرميل الأميركي.
ولفت مايكل ماكارثي المسؤول عن الاستراتيجية في شركة «سي إم سي ماركت» إلى أن انخفاض سعر خام غرب تكساس الوسيط «ترجمة للفائض» في مخزونات الخام في منشأة كوشينغ في ولاية أوكلاهوما.
وأوضح ماكارثي، في مذكرة، أن هذا المؤشر المرجعي الأميركي «انفصل» الآن عن مؤشر «برنت» المرجعي الأوروبي، مشيراً إلى أن «الهوة بينهما بلغت أعلى مستوى لها منذ عقد».
وأوشكت مهلة عقود برميل خام غرب تكساس الوسيط تسليم مايو (أيار) على الانقضاء، ما يعني أن على حامليها العثور على مشترين فعليين. بيد أن المخزونات قد تضخمت أصلاً بشدة في الولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية، وسيجبر حاملو العقود لذلك على البيع بأدنى الأسعار. وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، الأسبوع الماضي، أن مخزوناتها من الخام ارتفعت بـ19.5 مليون برميل، ما يضفي المزيد من الصعوبات على سوق عالمية فائضة.
ويشير سوكريت فيجاياكار، المحلل في مؤسسة «تريفيكتا كونسولتانتس»، إلى أن معامل التكرير الأميركية غير قادرة على معالجة النفط الخام بالسرعة المطلوبة، ما يفسر تدني المشترين وامتلاء المخزونات. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هناك تدفقاً للتسليمات من الشرق الأوسط، ولا يوجد من يشتريها، «لأن أسعار النقل باهظة».
وبالتزامن مع الصدمة السوقية، أعلنت شركة «هاليبورتون» الأميركية، عملاق خدمات حقول النفط، الاثنين، عن خسارة قدرها مليار دور في الربع الأول ومخصصات لانخفاض القيمة 1.1 مليار دولار، بينما قدمت توقعات قاتمة بشأن حقول النفط الصخري في أميركا الشمالية بعد تراجع الأسعار. وانهارت الأسعار نحو 80 في المائة إلى مستويات أقل من تكلفة الكثير من منتجي النفط الصخري مع انتشار فيروس كورونا، وما صاحبه من إجراءات عزل هوت بالطلب على الخام.
وقالت «هاليبورتون»، ومعظم أنشطتها في أميركا الشمالية، إنها جنبت مخصصات انخفاض القيمة ورسوم أخرى قبل الضرائب 1.1 مليار دولار. وأعلنت عن انخفاض الإيرادات من المنطقة بنسبة 25 في المائة إلى 2.46 مليار دولار، بينما ارتفعت الإيرادات الدولية 5 في المائة إلى 2.59 مليار دولار.
وقال الرئيس التنفيذي لـ«هاليبورتون»، جيف ميلر، «بالنسبة للفترة المتبقية من العام تتوقع الشركة مزيداً من التراجع للإيرادات والربحية، لا سيما في أميركا الشمالية». وقالت الشركة إنها ستخفض الإنفاق الرأسمالي هذا العام إلى 800 مليون دولار، وستخفض التكاليف بنحو مليار دولار. واستغنت الشركة عن مئات العاملين، ومنحت إجازات لبضعة آلاف، بينما أعلن فريقها التنفيذي عن خفض طوعي للأجر.
وأعلنت الشركة عن خسائر صافية 1.02 مليار دولار، أو 1.16 دولار للسهم، في الربع الأول مقارنة مع أرباح 152 مليون دولار، أو 17 سنتاً للسهم، قبل عام.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.