غضب يمني عارم من خطف الحوثيين وزيراً سابقاً

الحكومة وصفت اقتياد الرويشان إلى مكان مجهول بـ«الجريمة الهمجية»

TT

غضب يمني عارم من خطف الحوثيين وزيراً سابقاً

فجرت الميليشيات الحوثية غضباً عارماً في الشارع اليمني عقب إقدام مسلحيها فجر أمس (الأحد) على اختطاف وزير الثقافة الأسبق وعضو مجلس الشورى خالد الرويشان واقتحام منزله في صنعاء واقتياده إلى مكان مجهول.
ويعد الرويشان الذي يحظى بتقدير واحترام يمني وعربي، بخاصة في أوساط الطبقة المثقفة من الأصوات اليمنية القليلة التي مكثت في صنعاء منذ الانقلاب الحوثي لمقارعة الجماعة بالنقد اللاذع، وهو الأمر الذي يرجح أنه الباعث الأساسي على اختطافه لإسكات صوته.
وفي حين أفادت مصادر قريبة من الوزير السابق لـ«الشرق الأوسط» بأن مسلحين حوثيين دهموا منزله في ساعات الصباح وقاموا بتفتيشه ومصادرة الهواتف المحمولة، أكد نجله في منشور مقتضب على «فيسبوك» اقتياد الجماعة لوالده إلى مكان مجهول.
على إثر ذلك ندد وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر بالواقعة وقال في تغريدة على «تويتر» إنه يدين «بأشد العبارات قيام الجماعة الحوثية باعتقال من وصفه بـ(المثقف الجمهوري) الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة الأسبق».
وقال عسكر في إشارة إلى الرويشان: «لقد كان البلبل المتبقي في صنعاء الأسيرة يغرد ليسمع العالم نواحها وصلواتها في كل مساء، علّه ينجلي ليل حزنها»، داعياً إلى الضغط على الميليشيات لإطلاق سراحه بلا قيد أو شرط.
إلى ذلك دان وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني حادثة اختطاف الرويشان الذي وصفه بـ«الأديب والكاتب والشخصية الوطنية الكبيرة» وقال في بيان رسمي: «إن جريمة اختطاف خالد الرويشان من منزله بصورة همجية يعكس مدى انحطاط هذه العصابة وتنصلها من كل القيم الإنسانية والاعتبارات الأخلاقية». في إشارة منه إلى الجماعة الحوثية.
وقال: «إن هذه الجريمة تعد امتداداً لآلاف من حالات الاختطاف التي طالت الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلاميين والصحافيين والناشطين، وتعكس العقلية الإجرامية للميليشيات الحوثية واستخفافها بحياة الناس وعدم قبولها بالرأي الآخر ورفضها أي صوت معارض يناهض ممارساتها، وحالة حقوق الإنسان في مناطق سيطرتها».
‏وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش ومبعوثه لليمن مارتن غريفيث بإدانة هذه الجريمة التي قال إنها «تكشف الموقف الحقيقي لمرتزقة إيران من السلام ومضيها في التصعيد السياسي والعسكري رداً على دعوات وجهود التهدئة وتنفيذ خطوات بناء الثقة وفي مقدمها إطلاق كافة المختطفين في سجون الميليشيات الحوثية».
وحظيت واقعة اختطاف الرويشان بغضب واسع وتفاعل غير مسبوق على مواقع التواصل الاجتماعي من آلاف الناشطين والمثقفين اليمنيين من شتى المشارب الحزبية والسياسية، ووقع المئات من الكتاب اليمنيين عقب اختطافه على بيان يندد بجريمة الجماعة الحوثية ويدعو إلى سرعة إطلاق سراحه.
من جهته، وصف مستشار الرئيس اليمني ورئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر اختطاف الرويشان بـ«الحماقة» وقال في تغريدة على «تويتر» يقارن فيها بين أفعال الحوثيين وسالفيهم من الأئمة الذين حكموا اليمن «لقد فعلها قبلهم يحيى حميد الدين ونجله أحمد بفتح السجون لأحرار اليمن، لكن سجون آل حميد الدين لم تمنع قيام الثورة، وحدوث التغيير، وانبلاج فجر جديد».
في السياق نفسه، وجه مستشار الرئيس اليمني ووزير الخارجية السابق عبد الملك المخلافي نداء إلى «المثقفين العرب وإلى كل الهيئات والمنظمات الدولية»، داعياً إياهم إلى التضامن مع الرويشان للإفراج عنه، مشيراً إلى أنه «يحظى بإجماع وطني يمني على نزاهة مواقفه».
ولم ينفك الرويشان الذي يتابعه على «فيسبوك» أكثر من 400 ألف شخص من توجيه الانتقادات الحادة للجماعة الحوثية خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي قابله شن حملات موجهة ضده من ناشطي الجماعة للمطالبة باعتقاله.
وكان آخر ما وجهه الرويشان على صفحته في «فيسبوك» من نقد للجماعة الحوثية يتعلق بموقفها السلبي من السيول التي اجتاحت أخيراً شوارع صنعاء التي وصفها بـ«اليتيمة» في زمن الحوثيين.
وقال: «عشرات الآلاف من المكافحين العظماء خسروا ما يملكون على قارعة أرصفة المدينة وأسواقها الشعبية كما لم يحدث من قبل (...) في الزمن الحوثي ماتت قلوب الناس وتحجرت، لم نسمع عن مبادرة واحدة لتاجر! أو تبرّع من جهة! أو مواساة عينية لأحد من حكومة الانقلابيين الحوثية»، واصفاً إياها بـ«حكومة الانكلابيين» وفق تعبيره.
وفي قضية أخرى، كان الرويشان أشار إلى معاناة سكان قرية في مديرية صعفان غرب صنعاء لجهة صعوبة حصولهم على المياه وقال: «بالطبع لن أناشد الحوثيين! هؤلاء عالم آخر! يأخذون ولا يعطون! ثم إنهم يحفرون قبوراً لا آباراً (...) بفضلهم أصبحت البلاد مقبرة كبرى تتسع وتتسع بلا نهاية وكأنها الكون».
في غضون ذلك، دعا ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي قبائل خولان التي ينتمي إليها الرويشان إلى التحرك لمواجهة الحوثيين والرد عليهم بقطع الطرق المؤدية من صنعاء إلى جبهات مأرب مروراً بمناطق خولان.
واستغرب الناشطون اليمنيون من سكوت القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضع للحوثيين في صنعاء جلال الرويشان على اختطاف ابن عمه من قبل الجماعة، رغم أن الأول يشغل منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن والدفاع وعلى صلة بمخابرات الميليشيات الحوثية.
يشار إلى الرويشان اكتسب صيته من خلال عمله الحكومي في البداية مسؤولاً عن الهيئة العامة للكتاب في اليمن قبل أن يمنحه منصبه وزيراً للثقافة عند تعيينه في 2003 فرصة كبيرة لإنعاش مجالات الثقافة في اليمن ورعاية المبدعين والفنانين والكتاب وإقامة المهرجانات الأدبية والثقافية والفنية المتنوعة في داخل اليمن وخارجه.
وبعد إزاحته من منصب وزير الثقافة تم تعيينه عضواً في مجلس الشورى اليمني، ومن ذلك الوقت لزم منزله في صنعاء حتى بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية، موجهاً انتقاداته للجماعة الحوثية وحتى للحكومة الشرعية والأطراف اليمنية المختلفة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.