بعد «كورونا»... هل يحل الروبوت مكان البشر؟

روبوت من متجر «برود برانش» للبقالة لتوصيل طلبات في أحد شوارع واشنطن (أ.ف.ب)
روبوت من متجر «برود برانش» للبقالة لتوصيل طلبات في أحد شوارع واشنطن (أ.ف.ب)
TT

بعد «كورونا»... هل يحل الروبوت مكان البشر؟

روبوت من متجر «برود برانش» للبقالة لتوصيل طلبات في أحد شوارع واشنطن (أ.ف.ب)
روبوت من متجر «برود برانش» للبقالة لتوصيل طلبات في أحد شوارع واشنطن (أ.ف.ب)

هل سيؤدي تفشي وباء «كورونا» إلى أن يحل الروبوت محل البشر؟ سؤال طُرح على خبراء اعتقدوا أن تفشي فيروس «كورونا» قد يسرع من وتيرة الاستعانة بالروبوت.
وعدّ خبراء أن انتشار الوباء يغيّر تفضيلات الناس وخياراتهم ويفتح المجال لفرص استخدام أكبر للآلات، «فإذا كان الناس يقولون إنهم يريدون عنصراً بشرياً ليخدمهم ويتفاعل معهم، فإن ذلك تغير الآن»، كما يقول مارتن فورد، وهو خبير في شؤون المستقبل كتب عن كيفية استخدام الإنسان الآلي في مناحي الاقتصاد المختلفة في العقود القادمة.
وتقوم عدة شركات بتوسيع مجالات استخدامها للإنسان الآلي لتجنب احتكاك البشر وتقليل عدد الموظفين الذي يجب حضورهم للعمل في المكتب، حسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وقد يُستخدم الروبوت كذلك لإنجاز أعمال لا يستطيع الموظفون إنجازها من منازلهم، فعلى سبيل المثال تستخدم سلسلة «وولمارت» التجارية الأميركية إنساناً آلياً لمسح البلاط، وفي كوريا الجنوبية استخدمت روبوتات لقياس الحرارة وتوزيع المواد المعقمة.
وحسبت تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد تم استخدام الروبوت في توصيل الطعام في أحد المتاجر بالعاصمة الأميركية واشنطن، وهو متجر «برود برانش»، وسط تفشي جائحة «كورونا».
وقامت مطاعم الوجبات السريعة مثل «ماكدونالدز» باختبار استخدام الآلات في الطبخ والخدمة.
واستُخدم الإنسان الآلي في مخازن تابعة لشركات مثل «أمازون» و«وولمارت»، من أجل تحسين كفاءة الخدمة. وأدى انتشار فيروس «كورونا» إلى تحفيز الشركتين على التفكير بزيادة استخدام الإنسان الآلي لمهام أخرى، كالتصنيف والنقل والتوزيع.
وشهدت الشركات التي تنتج مواد التنظيف والتعقيم ازدياد الطلب على منتجاتها بشكل كبير. وشحنت شركة «UDV Robots» الدنماركية، التي تقوم بتصنيع الروبوتات التي تقوم بالتعقيم باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، المئات من منتجاتها إلى مستشفيات في الصين وأوروبا.
ويزداد استخدام المطاعم التي تعرض بيع الوجبات لأخذها للبيت لهذه الآلات. ويقول الخبراء إنه «كلما زاد عدد المصالح التجارية التي تعود إلى العمل ستتضح رؤيتنا لاستخدام هذه الآلات، وقد نرى إنساناً آلياً ينظّف مدرستنا أو مكتبنا».
إلى ذلك، فقد حذر خبراء في الصحة من أن التباعد الاجتماعي الناشئ مع جائحة «كورونا» قد يمتد إلى عام 2021، لذا تصبح الحاجة إلى الإنسان الآلي أكثر إلحاحاً.
«يهتم الزبائن أكثر بسلامتهم وسلامة وصحة العاملين الصحيين»، كما يقول بليك مورغان مؤلف كتاب «زبون المستقبل»، ويضيف أن الانتقال إلى استخدام الآلات سيجعل حياتنا أكثر صحية، وسيكافئ الزبائن الشركات التي تهتم بذلك.
ورغم ذلك، لا يزال هناك بعض القيود والعوائق أمام استخدام الروبوت، فيقول مورغان إن استخدام الماكينات في البقالات يقلل الاحتكاك بالبشر، لكن هذه الماكينات لا تعمل بشكل جيد دائماً وكثيراً ما تتعطل، لذلك يتجنبها الزبائن ويفضلون الذهاب لموظفي المحاسبة.
وحذر خبراء في التكنولوجيا من أن استخدام الإنسان الآلي سيُفقد بعض العاملين وظائفهم، فمثلاً إذا استخدمت شركة إنساناً آلياً ليحل محل الموظف فمن غير المحتمل أن تعود لاستخدام موظفين من البشر.
وحسب التقرير، تعد تكلفة بناء الإنسان الآلي وتشغيله مرتفعة، لكن بمجرد وصوله إلى الخدمة يصبح أرخص من استخدام العنصر البشري.
ويقول مارتن فورد خبير شؤون المستقبل، إن استخدام الإنسان الآلي في مرحلة ما بعد «كورونا» سيعطي امتيازات تسويقية، ويوضح أن الناس سيفضلون الذهاب إلى مكان يستعين بعدد أقل من البشر وعدد أكبر من الماكينات لأنهم يعتقدون أن ذلك يقلل من المخاطر.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.