دور رعاية المسنين تحت رحمة الوباء

ممرضة تفحص أحد نزلاء دار مسنين في بروكسل أول من أمس (أ.ف.ب)
ممرضة تفحص أحد نزلاء دار مسنين في بروكسل أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

دور رعاية المسنين تحت رحمة الوباء

ممرضة تفحص أحد نزلاء دار مسنين في بروكسل أول من أمس (أ.ف.ب)
ممرضة تفحص أحد نزلاء دار مسنين في بروكسل أول من أمس (أ.ف.ب)

يعاني نزلاء دور رعاية المسنين من وباء «كوفيد - 19» بشكل مضاعف، فهم أكثر عرضة للإصابة والمعاناة جرّاء المرض من غيرهم، كما أنهم حُرموا من الزيارات العائلية الأسبوعية وحتى أبسط مستلزمات الرعاية أحيانا في ظل إجراءات العزل الصارمة. وأثارت تقديرات عن وفاة آلاف المسنين في هذه المؤسسات جراء التعرض لفيروس كورونا صدمة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، فيما فتحت كندا تحقيقا في «حادث إهمال جسيم» أدى إلى تردي صحة نزلاء دار رعاية ووفاة آخرين جراء انتشار الفيروس فيها.

- آلاف الوفيات في بريطانيا
توفي آلاف المسنين في دور الرعاية في بريطانيا، في حصيلة هي أعلى من الأرقام الرسمية، كما أعلنت هيئة «كير إنغلاند» التي تمثل هذا القطاع، مرجحة أن يبلغ العدد 7500 وفاة. وأحصت بريطانيا 15464 وفاة بوباء «كوفيد - 19» بحسب الحصيلة الأخيرة التي نشرت أمس، لكنها لا تشمل سوى وفيات مصابين أدخلوا المستشفيات. وأحصى مكتب الإحصاء الوطني الذي يقوم بتعداد الوفيات لكن بفارق 10 أيام، 217 وفاة حتى الثالث من أبريل (نيسان) في دور المسنين في إنكلترا وويلز بحسب آخر حصيلة أسبوعية.
وبعد جمع أرقامها، تقدّر «كير إنغلاند» التي تمثل دور المسنين المستقلة، بأن العدد الحقيقي للوفيات أعلى بكثير. وقال مديرها العام مارتن غرين لصحيفة «التلغراف»: «لو درسنا معدلات الوفيات منذ الأول من أبريل وقارناها بمعدلات السنوات الماضية، نقدّر وفاة نحو 7500 شخص جراء وباء كوفيد - 19». وأوضح «أنه في غياب فحوص لكشف الإصابة، من الصعب تقديم عدد دقيق» للوفيات.
وردا على سؤال للجنة برلمانية أمس حول أرقام مكتب الإحصاء الوطني، أقر وزير الصحة مات هانكوك بأن العدد الفعلي للوفيات في دور المسنين «أعلى بكثير»، مؤكدا أن أرقاما رسمية «ستنشر قريبا جدا».
وسجلت بريطانيا إصابات بـ«كوفيد - 19» في 3084 داراً للمسنين حتى 15 أبريل، بحسب السلطات الصحية المحلية. والاثنين، كتبت جمعيات إلى وزير الصحة للمطالبة بمزيد من فحوص الكشف ومعدات حماية للعاملين في دور المسنين. ووعد الوزير بعد يومين بأنه سيقترح على المقيمين والعاملين في دور المسنين الذين ظهرت عليهم عوارض أو عادوا من المستشفى، الخضوع لفحوص وهو أمر لم يكن يحدث تلقائيا.
ويقلق العاملون الصحيون أيضا إزاء النقص في الملابس الواقية الذي قد تواجهه مستشفيات اعتبارا من نهاية الأسبوع.
والجمعة، أعلن النظام الصحي الوطني أنه قد يطلب من الأطباء والممرضين إعادة استخدام بعض ألبستهم الطبية «لأنه من الضروري حسن استخدام الألبسة الواقية في زمن (نعاني فيه من) شح كبير»، ما أثار موجة انتقادات واسعة. ولم يؤكد وزير الصحة أمام لجنة برلمانية أنه سيؤمن للطاقم الطبي الملابس الواقية اللازمة في نهاية الأسبوع، موضحا أن الأمر معقد بسبب الطلب الكبير عليها عالمياً.
والخميس قررت الحكومة البريطانية أن تمدد لثلاثة أسابيع على الأقل تدابير العزل المفروضة منذ 23 مارس (آذار)، وأعلنت في اليوم التالي تسريع جهودها لتطوير لقاح بكميات كبيرة لاستخدامه في أسرع وقت.
فيما صرح البروفسور جون بيل، العضو في اللجنة الحكومية المكلفة تطوير لقاحات، أمس لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن التجارب على البشر بدأت الخميس في جامعة أكسفورد. ورأى أن الباحثين سينهون مرحلة اختبار هذه اللقاحات «بحلول منتصف أغسطس (آب)».

- «إهمال صادم» في كندا
تُرك مسنّون في حالة يرثى لها بفضلاتهم ومن دون طعام، بعدما هرب القائمون على رعايتهم من دار توفي فيها 31 شخصا في غضون بضعة أسابيع، لتصبح دار المسنّين في مونتريال رمزا لتداعيات فيروس كورونا المستجد على مؤسسات الرعاية في كندا. فُتح تحقيق بشأن الوضع في مركز «هيرون» في ضاحية دورفال في مونتريال جراء «الإهمال الجسيم» الأمر الذي أدى إلى المطالبة بالمحاسبة على المستوى الوطني حيال الظروف التي تمر بها دور الرعاية، حيث سُجل أكثر من نصف إجمالي وفيات البلاد بكوفيد - 19 التي بلغت أكثر من 1250.
وقالت موريا ديفيس التي توفي والدها ستانلي بينيل في منشأة «هيرون» في الثامن من أبريل (نيسان) لوكالة الصحافة الفرنسية: «شعرت حقاً بحالة غثيان». وأضافت: «بدأت فجأة أسئلة كثيرة تدور في ذهني: ما الذي كان بإمكاننا القيام به بشكل مختلف؟ لماذا لم يبلغنا أحد؟ لماذا... لماذا؟».
ولدى إبلاغ السلطات الصحية بعدما ترك معظم الموظفين المنشأة، عثر المسؤولون على نزلاء الدار وهم يعانون من الجفاف وبلا طعام منذ أيام بينما استلقوا في أسرّتهم غير قادرين على التحرك، وقد غطت الفضلات أجساد بعضهم فيما سقط آخرون أرضا وتوفي شخصان لم يعلم أحد بأمرهما. ونسبت خمس من 31 من الوفيات الأخيرة في الدار رسميا إلى فيروس كورونا المستجد، بينما ما زال الطبيب الشرعي يعمل على الكشف عن أسباب باقي الوفيات.
وقالت ديفيس من منزلها الواقع في كريتون بمقاطعة «ساسكاتشوان» إنها بدأت تشعر بالقلق على والدها الذي توفي عن 86 عاما ويعتقد أنه أصيب بالفيروس قبل أسبوع على وفاته، عندما أصبح صوته أضعف في كل مرة تحدثا فيها هاتفيا. ورأت ديفيس أن دار «هيرون» هي «رمز للمشكلة التي يعاني منها نظام الرعاية بالمسنّين لدينا»، لكنها شددت على أنها ليست استثناء. وقالت «إني متأكدة أن هناك دوراً أخرى في كل بلد في العالم حيث واجهت العائلات وضعا مشابها». وأضافت «الأمر مخيف. يرعبني لأنني الآن في الستين من عمري، وقد ينتهي الأمر بي في إحدى هذه الدور».
ولدى إعلانه عن الوفيات هذا الأسبوع، قال رئيس وزراء كيبك فرنسوا ليغو إن القضية على ما يبدو تتعلق بـ«إهمال جسيم»، إذ لم يتبق سوى ممرضتين للاعتناء بـ130 مسنّا. وكشفت وسائل الإعلام الكندية كذلك أن مالك الدار أدين في الماضي بتهريب المخدرات والاحتيال والتهرّب الضريبي، ما أثار المزيد من الغضب الشعبي.

- حصيلة قاسية في نيويورك
توفي سبعة آلاف شخص على الأقل في دور رعاية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة جراء إصابتهم بمرض «كوفيد - 19» الناجم عن فيروس كورونا، أكثر من ألف منهم في مدنية نيويورك وحدها وفق إحصائيات نشرت الأربعاء. وقال أندرو كومو، حاكم ولاية نيويورك، أمس إن إدارته حذّرت أكثر من 175 مرة من أن «دور رعاية المسنين من أكثر الأماكن المعرضة للوباء».
وطبقا لحصيلة شاملة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» أمس شملت مختلف أنحاء البلاد، فقد انتشر الفيروس في أكثر من 4100 من دور الرعاية في الولايات المتحدة ومنشآت أخرى. وتتصدر الولايات المتحدة دول العالم في حالات الإصابة المسجلة بفيروس كورونا، حيث بلغت حالات الإصابة أكثر من 700 ألف حالة إصابة، بينما تجاوز عدد الوفيات 37 ألف حالة، طبقا لأحدث أرقام صادرة عن جامعة «جونز هوبكنز» الجمعة.
ووفقا للتقرير، تعد منشآت الرعاية الأكثر تضررا بشكل خاص من الوباء، لأن المسنّين والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، هم الأكثر عرضة للمخاطر، وبسبب زيادة خطورة الإصابة عندما يعيش الكثير من الأشخاص، على مقربة من بعضهم البعض.
وكانت السلطات الأميركية قد أصدرت في وقت سابق من مارس الماضي إجراءات إرشادية جديدة لأكثر من 15 ألف دار رعاية في مختلف أنحاء البلاد. وتشمل هذه الإجراءات الصارمة فرض قيود على غرف الطعام، وإلغاء التجمعات الاجتماعية، ومطالبة الموظفين بفحص الأشخاص الذين يدخلون دور الرعاية لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بالحمى، طبقا لمراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية.
غير أن صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت أنه لم يتم تطبيق القيود، وحتى إذا تم تطبيقها، ربما يجلب العمال المعنيون برعاية المسنين بدون قصد الفيروس لدور الرعاية. ويعاني موظفو هذه المؤسسات بدورهم من شح مستلزمات الوقاية الشخصية، واختبارات الكشف عن الفيروس، ما يعرضهم ويعرّض النزلاء إلى الخطر.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.