آل باتشينو لـ«الشرق الأوسط»: ما زلت أمثل لأبدو جيداً في عيون أولادي

يحتفل بعيد ميلاده الثمانين بعد أيام

آل باتشينو مع روبرت دينيرو في «الآيرلندي»
آل باتشينو مع روبرت دينيرو في «الآيرلندي»
TT

آل باتشينو لـ«الشرق الأوسط»: ما زلت أمثل لأبدو جيداً في عيون أولادي

آل باتشينو مع روبرت دينيرو في «الآيرلندي»
آل باتشينو مع روبرت دينيرو في «الآيرلندي»

أول ما يجذب المتحدث إلى آل باتشينو هو أنه بقدر ما هو بعيد عن الصورة التي يوفرها على الشاشة، خصوصاً تلك الصور القاتمة التي وردت منذ فيلم «العراب» وحتى فيلمه الأخير «الآيرلندي»، بقدر ما لديه تلك الحركات والسمات التي يستخدمها في أداءه كأدوات تعبير.
خلال أكثر من نصف قرن من التمثيل والنجاح، لم يعد هناك من لا يعرف آل باتشينو إذا ما كان ملماً بالسينما أو شاهداً له واحداً من أفلامه الخمسين التي بدأت مرتين: الأولى بفيلم صغير لم يجد ما يذكر من الاهتمام عنوانه Me‪، ‬ Natalieسنة 1969 والثاني، فيلم رائع قاد بطولته تحت إدارة المخرج جيري تشاتزبيرغ (92 سنة) عنوانه «ذعر في نيدل بارك» سنة 1971.
سريعاً ما كوّن باتشينو المكانة التي صرف عليها آخرون سنوات عديدة قبل نيلها، ففي خلال عام واحد انتقل باتشينو إلى المصاف الأول عندما أصر المخرج فرنسيس فورد كوبولا على إسناد دور أمامي له في مواجهة محترفين كبار أمثال روبرت دوفال ومارلون براندو. الفيلم كان بالطبع «العرّاب» (1972).
مقابلته (حتى ولو كانت «أونلاين» التي وفرتها «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب») مصدر سعادة بالغة خصوصاً حين علم هذا الناقد أن باتشينو سيضع عصارة تجاربه في الحياة في كتاب بيوغرافي يعمل على إنجازه.
> سمعت عن كتاب تقوم بوضعه عن حياتك ومهنتك. هل هذا صحيح؟
- نعم. لم أبدأ عملياً به لكن هناك من تقدّم بالطلب إلى وسأنفذه.
> ما الذي ستوفره للقارئ مما لا يعرفه عنك؟
- (يضحك) هناك الكثير مما أستطيع توفيره والكثير مما لا يعرفه أحد عني. الكتاب لن يكون عن أفلامي فقط. ليس عن أدواري في السينما فقط، بل هناك الكثير مما سأكتبه مما لا علاقة له بالتمثيل. الواحد يتساءل كيف، في عالم السوشيال ميديا اليوم، أن يصل العالم إلى هذا القدر من سوء التواصل بين الناس وسوء التفاهم حيث المسائل تخرج عن نصوصها الحقيقية.
> هل تفكر في هذه الشؤون كثيراً؟
- نعم. أفكر دائماً بما يحدث لنا بسبب انعدام الرغبة في التواصل في كثير من الأحيان وفهم الآخر.
> لا بد أن شخصيتك الحقيقية تختلف عن شخصيتك كممثل، لكن إلى أي حد؟
- أعتقد أنها تختلف كثيراً. هذا سؤال جيد لأنّ المسألة بالنسبة لنا نحن الممثلين، أنّنا نمثل لكي نعيش. شخصياً أنا الآن أجري المقابلة لكنّي لا أدري ماذا سأكون عليه عندما أخرج من هذه الغرفة. كما يقول شكسبير، كلنا نمثل أدواراً كثيرة في الحياة. هذا فعل نقوم به جميعاً. التمثيل هو ترجمة شيء ما بالوعي أو بدونه.
> ما التحديات التي يواجهها الممثل المبتدئ حين يخطو خطواته الأولى في عالم التمثيل؟
- أتذكر جيداً ما قاله لي المعلّم حين كنت شاباً. نظر إلي وقرأ تماماً بخبرته الطويلة ما كنت أمر به وقال: «عليك أن تتكيف». كانت نصيحة بسيطة لكنّها عميقة المدلولات. سوف يكون هناك الكثير مما سيعترضه وهذا هو التحدي الذي سيواجهه.
> في 25 أبريل (نيسان) الجاري ستحتفل بعيد ميلادك الثمانين. كيف ستحتفل بهذه المناسبة؟
- لقد حاولت تفادي الوصول إلى هذا الوضع (يضحك). في الحقيقة بدأت التفكير قبل سنة بهذه المناسبة. فكرت مسبقاً حتى لا يشكل الحدث صدمة لي (يضحك). أعتقد أنّ المرء يبدأ بالشعور بالاختلاف عمّا كان عليه عندما يصل إلى منتصف السبعينات. ربما آخرون يسبقونه في ذلك، لكنّي بدأت ألاحظ متغيرات كثيرة في حياتي عند هذه السن. استقبالي لما يدور حولي اختلف عن ذي قبل. بدأت أتغير بنفسي. كثيرون سيحتفلون ببلوغي الثمانين لكني لا أعرف ما هو كنه ذلك. سأقوم بعمل تطوّعي للاحتفال بمسرحية اشتركت في تمثيلها عندما كان عمري 20 سنة. مسرحية «كينغ لير». لن أمثّل فيها مجدداً لكن ممثلي المسرحية في ذلك الحين يريدون إعادة تقديمها وسأكون أحد المساهمين في تمويلها.
> قرأت أنك ستؤدّي بطولة «الملك لير» في إنتاج جديد يخرجه مايكل رادفورد مخرج «تاجر البندقية».
- صحيح. لكن ليس في هذه الظروف (يضحك). أتطلع قدماً لتمثيل الدور وسأقوم بإنتاجه أيضاً. أتطلع كذلك للتعاون مع رادفورد الذي يعرف طريقه جيداً وسط عالم شكسبير.
> مثلت مسرحيات عديدة لشكسبير تم تفليمها، آخرها «تاجر البندقية»، لكنك لم تمثل «هاملت» على الشاشة ولا أدري إذا مثلت «هاملت» على المسرح…
- لا. لم أمثل «هاملت» مطلقاً مع أنّها المسرحية التي أفضلها لشكسبير. أحد الممثلين أخبرني عندما كنت في الثلاثينات من عمري «هذا وقتك. إمّا أن تمثل هاملت في هذه السّن أو لن تمثله مطلقاً». الآن أعرف قيمة تلك النصيحة. بعض الأدوار لا يمكن أن تؤديها جيداً عندما تجتاز عتبة سن معينة. لقد لعبت شخصية رتشارد الثالث عندما كنت في سن الثالثة والثلاثين من عمري. ما زلت أستطيع أن أؤدي هذا الدور حالياً. قبل «تاجر البندقية» أدّيت الدور على المسرح وأديته بعد الفيلم أيضاً. استمتعت بهذه التجربة… تجربة القيام بمسرحية بعد القيام بفيلم.
> أراك مشغولاً هذه الأيام كما كنت طوال حياتك. فيلم مع سكورسيزي، فيلم تلفزيوني عن الهولوكوست واشتراك في فيلم حول المخرجة الألمانية ليني رايفنستول وهناك الكتاب… هل كنت تعتقد قبل ثلاثين سنة مثلاً أنّك ستصل إلى مثل هذه السن وأنت ما زلت تعمل بنشاط؟
- لا أدري. كل ما عرفته آنذاك وما زلت، هو أنّني أريد الاستمرار في التمثيل طالما ما زلت قادراً على الوقوف على قدميّ. بعض الدافع يعود إلى أنني أريد أن أبدو جيداً في أعين أولادي (يضحك).
> هل من بينهم من يهوى التمثيل؟
- ابنتي الأكبر تصنع أفلاماً. تكتبها وتخرجها. بعضها قصير لكن لديها مشروع فيلم طويل مقبل. تعمل طوال الوقت وتريد الاستمرار في هذه المهنة. وابني مبرمج أفلام ويحقق فيديوهات. وابنتي الصغرى تفكر في اتّباع خطواتي. كانت معي في حفلة الأوسكار الأخيرة واستمتعت بها.
> ماذا عن فيلم «الآيرلندي»… هل كنت تتوقع يوماً أن تظهر في فيلم من إخراج سكورسيزي يجمعك مع دينيرو؟
- كنا نبحث، دينيرو وأنا، عن فيلم يجمعنا. أمضينا وقتاً طويلاً بالتفكير وسعدت كثيراً عندما أصبح مارتن سكورسيزي أحد الراغبين في تحقيق هذا اللقاء. ليس هو اللقاء الأول بين دينيرو وأنا لكنّه الأهم وجاء في الوقت المناسبة فعلاً.
> تؤدّي كذلك شخصية رئيسية في مسلسل تلفزيوني لحساب «أمازون» عنوانه «صيادون» يتناول مجموعة تريد الانتقام من النازيين الذين ما زالوا على قيد الحياة في سبعينات القرن الماضي. هناك الكثير من الأفلام حول النازية والهولوكوست. هل تعتقد أنّ هذا المسلسل لديه ما يضيفه لما سبق؟
- هذا صحيح، لكنّي أعتقد أنّ (الكاتب) ديفيد ويل كتب ما هو جديد في هذا الاتجاه ووفر له الحس المطلوب وحمّله بتنويع مختلف وبطرق غير تقليدية. لكن في نهاية المطاف استدعتني الشّخصية. وجدت أنّني أحب أن أقوم بها.
>كيف وجدت العمل التلفزيوني من حيث اختلافه عن العمل في تصوير فيلم سينمائي؟
- كان مريحاً أكثر. لم يكن علي الوجود خلال التصوير كثيراً. هذا منحني الفرصة لكي أغيب ثم أعود متى حان الوقت. بعض الزملاء كانوا أكثر وجوداً. اعتمد ذلك على حجم أدوارهم.
> في هذا العالم المعقّد الذي نعيش، هل لديك موقف سياسي تعلنه؟
- لدي موقف سياسي لا أعلنه (يضحك)، أحد أبطال الملاكمة قبل ثلاثين سنة أو أكثر قال «أقول ما أريد من خلال مبارياتي» وأنا كذلك، أعلن ما أريد عبر التمثيل وحده.


مقالات ذات صلة

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.