أب يحمل طفله فوق كتفه، وعائلة يمسك بعضها بيد بعض وهي تعبر الشارع في اتجاه بوابة الدخول الرئيسية التي يتزاحم حولها الزائرون والباعة المتجولون، وفي الداخل طرقات مزدحمة بآلاف المصريين الذين اعتادوا الاحتفال بعيد «شم النسيم» كل عام مع حيوانات نادرة، لا توجد إلا في حديقة حيوانات الجيزة العتيقة؛ لكن هذا العام تسبب فيروس «كورونا» في إغلاق الحديقة أمام عشرات الآلاف ممن كانوا يقصدونها من كل أنحاء القاهرة الكبرى.
وفي محاولة للتخفيف من الأزمة، وتعويض المصريين عن نزهتهم الرئيسية في «شم النسيم» غداً الاثنين، تعرض وزارة الزراعة المصرية المشرِفة على حديقة الحيوانات، فيلماً قصيراً عن الحديقة، وأشهر مزاراتها، من المتوقع عرضه على شاشة التلفزيون المصري ومنصات وزارة الزراعة الإلكترونية، بحسب الدكتور محمد رجائي، رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان بوزارة الزراعة، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الحديقة واحدة من المزارات الرئيسية في شم النسيم، إذ زارها العام الماضي نحو 120 ألف زائر في هذا اليوم فقط».
ويتزامن إغلاق حديقة الحيوان مع إغلاق السلطات المصرية لكافة الحدائق والمتنزهات والشواطئ في كل أنحاء البلاد، مع تعطيل حركة النقل العامة في عيد «شم النسيم» خوفاً من عدوى «كورونا».
ويعود تاريخ حديقة حيوانات الجيزة إلى عهد الخديو إسماعيل؛ حيث كانت أرضها في الأساس تابعة للقصور الملكية في عهد الملكية في مصر، وأنشأ الخديو إسماعيل بها «سرايا الجيزة» لتكون مقراً لاستقبال ضيوف مصر في افتتاح قناة السويس عام 1869. وبعد ذلك قرر إسماعيل تخصيص الأرض لإقامة أول حديقة حيوانات في مصر، واستكمل الفكرة خلفه الخديو توفيق الذي افتتح الحديقة في عام 1891.
وكانت الحديقة تعتبر جوهرة التاج لحدائق الحيوانات في أفريقيا، وهي ثاني حديقة حيوانات في العالم بعد حديقة حيوانات لندن المنشأة عام 1828، بحسب رجائي الذي أوضح أن «الحديقة تحتوي على أماكن أثرية وأشجار نادرة، تم إحضارها من خارج مصر، وضمت مجموعة من الحيوانات والطيور النادرة عند إنشائها».
ويعكف مسؤولو الحديقة حالياً على تطهيرها وتحصين الحيوانات الموجودة بها، مستغلين فترة الإغلاق التي بدأت في 17 مارس (آذار) الماضي، بسبب وباء «كورونا».
وتضم الحديقة مجموعة من الحيوانات والطيور المميزة، على غرار الشمبانزي، وإنسان الغابة، إضافة إلى الزرافة، والسباع والنمور والتماسيح، كما تتميز الحديقة بمجموعة من المعالم الأثرية، أشهرها الكوبري المعلق، أو الكوبري الهزاز، الذي تم إنشاؤه قبل إنشاء الحديقة على يد المهندس جوستاف إيفل، مصمم برج إيفل بباريس، وفق رجائي الذي أوضح أن «الكوبري بُني ليربط بين قصر الخديو وقصر الحرملك المخصص للأميرات».
ولأن الحديقة كانت مزاراً مهماً منذ إنشائها، فقد عمد الملك فاروق إلى إنشاء استراحة ملكية بها عام 1949، لتكون مقراً لاستقبال زوار الحديقة وضيوفها المهمين، ومن بينهم الملك عبد العزيز آل سعود، الذي تزين صورته الاستراحة كواحدة من مقتنياتها التي تضم أيضاً معدات الصيد الخاصة بالملك فاروق، والذي أهدى للحديقة مجموعة من الطيور التي اصطادها، وتم تحنيطها ووضعها بالمتحف الحيواني، وهو أحد المزارات المهمة بالحديقة، بحسب رجائي.
وبسبب شهرتها الواسعة، كانت الحديقة حاضرة في بعض الأفلام السينمائية المصرية القديمة، ومن أبرزها فيلم «موعد غرام» إنتاج عام 1956، من بطولة الفنانَين الراحلَين عبد الحليم حافظ وفاتن حمامة.
وتضم الحديقة مجموعة من الجبلايات تم إنشاؤها عام 1867. وهي عبارة عن كهوف من الصخور النادرة والشعاب المرجانية، من بينها: الجبلاية الملكية، وجبلاية الشمعدان، وجبلاية الرخام، كما تضم شلالات وتماثيل لحيوانات منقرضة.
وتسعى حديقة الحيوانات لاستعادة مكانتها الدولية، والعودة للاتحاد الدولي لحدائق الحيوانات الذي خرجت منه عام 2004، بسبب الانتقادات التي تعرضت لها حول سوء معاملة الحيوانات، إضافة إلى انتقادات أخرى حول سوء الإدارة وقلة النظافة.
زيارة حديقة حيوان الجيزة افتراضياً في «شم النسيم»
عبر فيلم تسجيلي يتيح مشاهدة كل أركانها
زيارة حديقة حيوان الجيزة افتراضياً في «شم النسيم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة