سودانيون يتخوفون من «قطع أرزاقهم» مع بدء حظر التجول الشامل

سودانيون يتخوفون من «قطع أرزاقهم»  مع بدء حظر التجول الشامل
TT

سودانيون يتخوفون من «قطع أرزاقهم» مع بدء حظر التجول الشامل

سودانيون يتخوفون من «قطع أرزاقهم»  مع بدء حظر التجول الشامل

ستجد آلاف الأسر ذات الدخل المحدود في السودان، نفسها بـ«دون دخل» صبيحة اليوم السبت، موعد تنفيذ قرار الحظر الشامل، و«إغلاق المدينة» ذات الثمانية ملايين نسمة، والذي قررته السلطات الصحية في البلاد لمواجهة جائحة فيروس «كورونا» المستجد، والحد من انتشاره.
وتقدر السلطات الحكومية أعداد عمال المياومة والباعة الجوالين بحوالي 140 ألف عامل، ونحو 40 ألف بائعة شاي، سيفقدون مصدر دخلهم اليومي مع بدء تنفيذ قرار الإغلاق.
وقال مواطنون بمدينة أم درمان، التقتهم «الشرق الأوسط»، إن تطبيق الحظر الشامل دون ترتيبات اقتصادية تراعي حاجة الأسر ذات الدخل اليومي، «يعد بمثابة كارثة»، وطالبوا الحكومة بدعم مباشر للأسر، التي سيتوقف دخلها اليومي بتنفيذ قرار الحظر الشامل، وتوفير السلع الاستهلاكية الأساسية للمواطنين في الأحياء أثناء ساعات الحظر.
ويتخوف جل السودانيين من أن تدفع تداعيات قرار الحظر الشامل لقطاعات من المواطنين إلى عدم الالتزام بالقرار، لأنه يوقف حياتهم ويشلها، وفي هذا السياق يقول المواطن عبد الله عثمان محمد، من أم درمان، إن الظروف الاقتصادية «صعبة للغاية، فنحن نكابد للحصول على احتياجاتنا بالعمل اليومي في الأسواق، فكيف سيكون حالنا مع تطبيق الحظر الشامل ومنع التحرك... فمن يعولنا؟»، مضيفا: «نحن نقدر الإجراءات الحكومية الصحية للحد من انتشار «كورونا»، لكن المعادلة تبدو صعبة بين الموت بـ«كورونا»، والموت جوعاً».
من جهته، قال مصطفى يعقوب، وهو صاحب بقالة بسوق أم درمان، إن أسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت كثيرا خلال الأسابيع الماضية، مشيرا إلى أن مصانع المواد الغذائية رفعت أسعارها، ما نجم عنه ارتفاع سعر الشاي والبن والزيت.
وعزا البقال ارتفاع الأسعار إلى انخفاض قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، الناتج عن الاعتماد على استيراد المواد الخام من الخارج، واستيراد الكثير من السلع، والإقبال الكبير على الشراء من قبل المواطنين مع اقتراب شهر رمضان، وفرض حظر التجوال الشامل بالخرطوم.
ويعاني السودانيون أزمة اقتصادية حادة تتمظهر في طول الصفوف أمام المخابز بسبب قلة دقيق الخبز، وارتفاع تكاليف إنتاجه. كما تزداد الصفوف يوميا أمام محطات التزود بالوقود، حيث تشهد البلاد شحا في المواد البترولية، نتيجة عدم توفر موارد النقد الأجنبي للاستيراد، وتراجع الإنتاج النفطي من (120) ألف برميل يوميا إلى نحو (70) ألف برميل يومياً. وشهدت الأسواق والمحلات التجارية بولاية الخرطوم، حركة تسوق نشطة من قبل المواطنين لاقتناء احتياجاتهم، بعد إعلان السلطات الحظر الشامل للتجوال اعتبار من يومه السبت. لكن جل المواطنين اشتكوا من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، إذ قالت سعاد محمد خير: «اشترينا احتياجاتنا من الأسواق بعد إعلان بدء الحظر الشامل» لكننا لاحظنا ارتفاعا جنونياً في أسعار السلع».
ورصدت «الشرق الأوسط» اكتظاظ محلات البقالة ومراكز التسوق، وأسواق الخضر والفواكه بالمواطنين الذين تدافعوا لشراء مستلزماتهم، رغم إعلان السلطات تحديد أعداد المتسوقين داخل مراكز التبضع، ومحلات البقالة الكبيرة في وقت واحد لتفادي الزحام.
في سياق ذلك، طالب مواطنون بإعلان مجانية الكهرباء لمدة شهر، والسماح لمحلات البقالة والخضار داخل الأحياء بالعمل، وحصر ذوي الدخل المحدود داخل كل حي، وتوفير دعم مادي لهم طيلة فترة الحظر.
وفرضت السلطات الصحية حظر تجول شامل في العاصمة الخرطوم، إثر ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى 32 حالة، بينها 6 وفيات وعشرات المشتبه بهم، وقالت السلطات إن الوضع وصل «حالة الانتشار المجتمعي»، وبموجبه أعلنت وقف صلاة الجمعة والصلوات في المساجد والكنائس ودور العبادة.
وكانت السلطات قد أغلقت مداخل البلاد الحوية البرية والمعابر، واشترطت إدخال كل العائدين للبلاد في الحجر الصحي، في وقت تعاني فيه القطاع الصحي من بنيات متداعية موروثة من النظام المعزول.


مقالات ذات صلة

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك جرعة من لقاح «كورونا» (رويترز)

رجل يتهم لقاح «فايزر» المضاد لـ«كورونا» بـ«تدمير حياته»

قال مواطن من آيرلندا الشمالية إن لقاح «فايزر» المضاد لفيروس كورونا دمر حياته، مشيراً إلى أنه كان لائقاً صحياً ونادراً ما يمرض قبل تلقي جرعة معززة من اللقاح.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.