ارتفاع درجات الحرارة في النرويج يكشف عن بقايا طريق تجارة «الفايكنغ»

سترات وقفازات من الصوف وأحذية جلدية وسهام مزيّنة بالريش

بعض القطع التي عثر عليها بعد ذوبان الجليد في الجبال بالنرويج (نيويورك تايمز)
بعض القطع التي عثر عليها بعد ذوبان الجليد في الجبال بالنرويج (نيويورك تايمز)
TT

ارتفاع درجات الحرارة في النرويج يكشف عن بقايا طريق تجارة «الفايكنغ»

بعض القطع التي عثر عليها بعد ذوبان الجليد في الجبال بالنرويج (نيويورك تايمز)
بعض القطع التي عثر عليها بعد ذوبان الجليد في الجبال بالنرويج (نيويورك تايمز)

كشف علماء آثار الشهر الجاري أن بقعاً جليدية ذابت من منحدرات ممر جبلي ناء في النرويج كشفت عن قطع أثرية توفر منظوراً جديداً لسبل عيش الصيادين والتجار والمسافرين عبر طريق يعود عمره إلى آلاف السنين.
تتضمن بقايا هذا الماضي البعيد سترات وقفازات منسوجة من الصوف وأحذية جلدية وسهاماً لا تزال مزيّنة بالريش، وأحذية الثلج التي كانت تُصنع للخيول. وتشير أكوام الأحجار العملاقة إلى المسارات القديمة التي كان التجار يستخدمونها كعلامات لمعرفة طريقهم عبر الضباب والثلوج الكثيفة. وأضاف علماء الآثار المشاركون في المشروع أنهم عثروا أيضاً على قرون وعظام وروث حيواني.
وذكرت مجلة «أنتيكويتي» التي أوردت تفاصيل النبأ أن الاكتشافات جرت في سلسلة الجبال المركزية في مقاطعة «أنلاندت» النرويجية في إطار برنامج «علم الآثار الجليدي»، وهو واحد من العديد من البرامج التي تُنفذ في مختلف أنحاء العالم لدراسة مواقع الأنهار الجليدية والبقع الجليدية القديمة بعد ذوبانها بسبب تغير المناخ.
وذكر علماء الآثار أن الاكتشافات ساهمت في إثبات أن ممراً جبلياً في منطقة «لينبرين» عبر سلسلة جبال «لومسغين» في شمال وسط النرويج كان جزءاً من شبكة أكبر تربطه بعالم الفايكنغ الأوسع، ليصبح بذلك «أول موقع جليدي تم اكتشافه في شمال أوروبا». في الماضي، كان علماء الآثار يعتقدون أن علم دراسة الممرات الجبلية المتجمدة قد اشتُق من البحث في جبال الألب.
وفي هذا الإطار، ذكر لارس هولغر بيلو، عالم الآثار النرويجي الذي يعمل في المشروع، أن «النتائج ثرية ومن الواضح أن الجبال كانت تُستخدم بشكل أكثر نشاطاً مما كان يعتقد في السابق. فعلى الرغم من أنها مغطاة بالجليد، فقد استُخدمت في المرور عبر المزارع في المنطقة أو من جانب في الجبال إلى الجانب الآخر».
بدأ البرنامج في العمل على الرقعة الجليدية في منطقة «ليندبرين» عام 2006، لكن الاهتمام ازداد بعد العثور عام 2011 على سترة صوف يعود تاريخها إلى العصر البرونزي. وقد أدى ذلك إلى عمليات مسح واكتشافات لاحقة للقطع الأثرية مثل الزلاجات، وبقايا الخيول وأواني المطبخ، مما يشير إلى استخدام الطريق للتجارة والصيد والزراعة.
وتشير النتائج إلى أن ذلك الطريق قد جرى استخدامه في الفترة ما بين 300 بعد الميلاد حتى عام 1500 بعد الميلاد، وهي الفترة التي تخللتها ذروة النشاط في عصر الفايكنغ عام 1000، مما يعكس أهمية الطريق خلال فترة من التجارة بعيدة المدى والتجارة في الدول الاسكندنافية.
تحكي العناصر المكتشفة قصة استخدام ذلك الطريق وتعكس الأولويات المحلية، مثل كيفية انتقال الزراعة من أسفل الوادي إلى ارتفاعات أعلى في الصيف للاستفادة من ساعات النهار الطويلة وأنها سارت بشكل جيد، وارتبطت بأجزاء أخرى من البلاد وصولاً في النهاية إلى موانئ للتصدير.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور جيمس باريت، عالم الآثار في العصور الوسطى والبيئية بجامعة كامبريدج والذي يعمل مع علماء الآثار النرويجيين في المشروع منذ عام 2012، إن «أهم ما في هذا الاكتشاف هو بيان التسلسل الزمني للقطع الأثرية».
وقد ساهم البحث في النرويج في إثراء مجموعة الدراسات الأثرية التي تتمحور حول العناصر الموجودة تحت الجليد، إما في الأنهار الجليدية التي تتخلل الأرض الوعرة والتضاريس الصعبة وإما في بقع الجليد الأكثر ثباتاً والتي عادةً ما تُنتج قطعاً سليمة.
وساهمت الاكتشافات في إثراء مستوى فهم العلماء للعلاقة العابرة التي تصف كيف وأين ولماذا ينتقل الناس من مكان إلى آخر للتجارة أو لجلب الطعام أو للتزاوج، في بعض الأحيان عبر ممرات جبلية جليدية بدلاً من سلك الطرق الوعرة، وإن كانت لمسافات أطول وعبر وديان.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.