تواريخ صلاحية الطعام لا تعني بالضرورة فساد المنتجات

أول ما تجب معرفته أنها مرتبطة بدرجة الجودة المثلى

بعض المواد الغذائية تعيش لفترات أطول بكثير من التاريخ المسجل
بعض المواد الغذائية تعيش لفترات أطول بكثير من التاريخ المسجل
TT

تواريخ صلاحية الطعام لا تعني بالضرورة فساد المنتجات

بعض المواد الغذائية تعيش لفترات أطول بكثير من التاريخ المسجل
بعض المواد الغذائية تعيش لفترات أطول بكثير من التاريخ المسجل

في ظل حالة الحجر الصحي التي حبستنا داخل منازلنا، تزيد احتمالات إعادة التعرف الذاتية على التوابل والبقوليات في أعماق مخزن مطبخك المنزلي. ولكن هل كل ما هو مختبئ من الأطعمة يمكن تناوله؟ ومتى هو الوقت المناسب للتخلص من الأشياء المخزنة؟ وماذا عن المكونات الطازجة؟ ومع جولات التسوق التي أصبحت وفق الضرورة القصوى فحسب، إلى متى يمكن الاحتفاظ بمختلف المنتجات والأطعمة في المنزل؟
إليكم أول ما يجب معرفته من إجابات: تواريخ الصلاحية لا تعني فساد المنتجات على وجه الحقيقة.
تقول وزارة الزراعة الأميركية بأن عملية «تأريخ» المنتجات الغذائية هي عملية طوعية تماما بالنسبة لكافة المنتجات (باستثناء الأغذية المخصصة للأطفال). ولا يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما لا علاقة تماما بين تواريخ الصلاحية وبين سلامة المنتجات الغذائية. وإنما تُلحق تلك التواريخ من واقع «غلبة ظن» الشركات المصنعة للمواد بشأن ميقات تراجع المنتج الغذائي عن درجة الجودة المُثلى ليس إلا، بصرف النظر عما يعينه ذلك لديهم. كما تميل شركات تصنيع المواد الغذائية إلى اعتماد قدر معتبر من التحفظ بشأن هذه التواريخ، مع العلم أننا لا نُبقي مخازن الطعام في منازلنا مغلقة طيلة الوقت ونداوم على فتح أبواب الثلاجات بالقدر الأدنى المطلوب يوميا. (لا يترك أحدنا باب ثلاجته مفتوحا لعدة دقائق يفكر فيها ما الذي سوف يتناوله منها على سبيل المثال).
دعونا نبدأ بالأشياء التي لا ضرورة للقلق منها. فإن الخل، والعسل، والفانيليا، أو غير ذلك من المستخلصات، مثل السكر، والملح، وشراب الذرة، ودبس السكر، يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية تقريبا مع تغيير طفيف يطرأ على جودتها. ويستمر الشوفان الملفوف أو المفروم لمدة عام تقريبا قبل أن يبدأ في التعفن، ولكن الشوفان المطهو جزئيا (أو الشوفان الفوري) يمكن أن يستمر إلى الأبد تقريبا. (ويسري نفس الشيء على القمح المطحون العادي مقابل القمح المطحون الفوري).
ومن شبه المؤكد إمكانية استخدام الدقيق الأبيض بصرف النظر تماما عن فترة صلاحيته. بيد أن دقيق القمح الكامل ودقيق الحبوب الكاملة تتغير رائحتهما بصورة ما بعد مرور بضعة شهور من التخزين. وتصح قاعدة «المنتجات البيضاء أطول عمرا» بالنسبة للحبوب غير القمحية كذلك. ويستمر الأرز الأبيض المكرر لمدة سنوات في حين أن الأرز البني لا يبقى إلا لعدة شهور فقط قيد التخزين.
ويرجع ذلك لاحتواء الحبوب غير المكررة على الدهون وهي أول المكونات التي يصيبها التعفن عندما يتعلق الأمر بتخزين المواد الجافة. ويتعفن جوز الشجر، الذي يحتوي في المعتاد على نسبة عالية من الدهون، في غضون بضعة شهور داخل مخزن الطعام. (ويُنصح بتخزينها في فريزر الثلاجة بهدف إطالة فترة الصلاحية إلى بضع سنوات).
أما بالنسبة للمنتجات سريعة التعفن، فإن الأمر هو على العكس تماما: فإن خبز السوبر ماركت والمصنوع باستخدام الزيوت (والمواد الحافظة) يمكن أن يستمر صالحا للاستخدام داخل الثلاجة لمدة أسابيع. لكن العجين المخمر واليابس، الذي تبتاعه من المخبز القريب من منزلك، يبدأ في التعفن صبيحة اليوم التالي وربما يكون فاسدا تماما بحلول نهاية الأسبوع. (وإنني أقوم بتقطيع وتجميد الخبز في الفريزر مع استعماله قطعة بقطعة وفق الحاجة فقط).
وتعتبر الفاصوليا والعدس المجفف آمنين للتناول بعد سنوات من الشراء، ولكن تزيد صلابة قشرتها الخارجية بمرور الوقت ثم تستغرق وقتا أطول في الطهي. وإذا لم تكن متيقنا من فترة صلاحية الفاصوليا المجففة لديك، فمن الأفضل عدم استعمالها في الوصفات التي تحتوي على مكونات حمضية مثل دبس السكر أو الطماطم. فمن شأن الحمضيات أن تزيد من فترة الوقت المطلوبة في تليين الحبوب.
وطالما أن علامات التلف الخارجية غير بادية على المنتج (مثل الانتفاخ أو اللون الصدئ)، أو علامات التلف المرئية التي تظهر مع فتح العبوة (مثل الكدر، أو العفن، أو الرائحة الكريهة)، فإن الفواكه، والخضراوات، واللحوم المعبأة تبقى لذيذة، ومقبولة كمثل يوم شرائها وإن مرت عليه سنوات ولا يزال هناك الزر الصغير الموجود أعلى البضائع المعبأة الذي ينتفخ تلقائيا بسبب النشاط البكتيري في داخل القارورة (البرطمان)، وهو من أفضل الطرق في معرفة ما إذا كانت المحتويات على ما يرام وصالحة للتناول من عدمه. واستنادا إلى التخزين وطريقته، ربما تطول المدة إلى عام أو ربما عقد كامل. وعلى نحو مماثل، فإن علب الصودا تحافظ على لذوعتها المميزة لمدة عام أو نحوه، كما أن العبوات الزجاجية تحافظ على الأطعمة لبضعة أشهر. (غير أن أغلب العبوات البلاستيكية قابلة للاختراق ونفاذة للغازات).
حتى الزيوت، ومنها الزيوت غير المكررة القابلة للتلف، تكاد تكون صالحة لفترات طويلة شريطة التخزين السليم في العبوات المغلقة (مثالا بعبوة من 2 غالون من زيت السمسم المحمص التي استعملها منذ أكثر من 12 سنة). ويسري الأمر كذلك على الزيوت المعبأة في قوارير زجاجية. أما الزيوت في القوارير المفتوحة ربما تختلف اختلافا كبيرا في فترة التخزين، ولكنها تستمر لفترات أطول إذا لم تكن بالقرب من سطح الموقد أو أعلاه حيث يسهل وصول الحرارة المرتفعة إلى الزيوت.
كيف تعرف إذا ما كان الزيت لديك جيدا من عدمه؟ بنفس الطريقة التي تجربها مع بقية الأطعمة: استخدم أنفك. حيث إن الزيوت القديمة تبدأ في إطلاق روائح معدنية أو صابونية في بعض الحالات – كما هو الحال مع زيت الكانولا. فإن كنت غير معتاد على استخدام أنفك، قم بوضع قطرة زيت على أصبعك ثم اضغط عليها، فإن الزيت التالف يكون ملمسه شديد اللزوجة والالتصاق بعكس الزيت الطازج.
كذلك بالنسبة لإضافات السلطة فمن شأنها الاستمرار لعدة شهور أو عام على الأكثر داخل الثلاجة، سيما إذا كنت تشتريها في زجاجات ذات فتحات ضيقة (على العكس من القوارير ذات الفوهات الكبيرة).
يبقى الخردل إلى الأبد. ويبدأ لون الكاتشاب في التغير قبل مرور السنة، ولكنه يبقى مستساغا بدرجة ما. وخلافا للمعتقدات الشائعة، فإن المايونيز – سيما مع عدم احتوائه على مكونات مثل عصير الليمون الطازج أو الثوم – تطول فترة صلاحيته بصورة استثنائية. (والتركيزات العالية من الدهون، والأملاح، والأحماض كلها من ألد أعداء البكتريا والعفن).
ونعلم جميعا رائحة البيض الفاسد، ولكن لماذا يعد معيارا لوصف الكثير من الروائح الكريهة الأخرى؟ وكم من مرة شممت تلك الرائحة في منزلك بالفعل: مرة أم مرتين؟ ربما لم تفعل أبدا، وفق الاستطلاع المرتجل التي أجريته ذات مرة على «تويتر». وهذا بسبب أن البيض يستغرق وقتا طويلا حتى يفسد فعليا.
يمثل التاريخ المطبوع على كل عبوة كرتونية (وهو مكون من ثلاثة أرقام متتالية تتراوح من 001 للأول من يناير (كانون الثاني) وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) لمدة 365 يوما كاملة) تاريخ تعبئة البيض، والذي يمكن أن يصل إلى 30 يوما بعد فقس الدجاج للبيض فعليا. ويمكن أن يستمر ختم البيع لمدة 30 يوما آخرين بعد تاريخ التعبئة.
وهذه 60 يوما كاملة! ولكن الاحتمالات جيدة لأن يبقى البيض مستساغا لعدة أسابيع أطول من ذلك. ولسوف ينفد ورق التواليت قبل تلف البيض عندك بوقت طويل.
 بالاتفاق مع نيويورك تايمز


مقالات ذات صلة

إندونيسيا تطلق برنامج وجبات مجانية للأطفال والحوامل لمكافحة سوء التغذية

آسيا طالبتان إندونيسيتان تبتسمان عقب تلقيهما وجبة غذائية مجانية في المدرسة (أ.ف.ب)

إندونيسيا تطلق برنامج وجبات مجانية للأطفال والحوامل لمكافحة سوء التغذية

أطلقت الحكومة الإندونيسية الجديدة مشروعاً طموحاً لمكافحة سوء التغذية، من خلال توفير الطعام لما يقرب من 90 مليون طفل وامرأة حامل.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
الاقتصاد فلسطينيون يتزاحمون للحصول على مساعدات غذائية في جنوب قطاع غزة (رويترز)

تراجع مؤشر أسعار الغذاء العالمي في ديسمبر بقيادة السكر

أظهرت بيانات يوم الجمعة أن مؤشر «الفاو» لأسعار الغذاء العالمي انخفض في ديسمبر بقيادة انخفاض أسعار السكر العالمية

«الشرق الأوسط» (روما)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
يوميات الشرق الروبوتات يمكن أن تسهم في تحسين جودة الأغذية والمنتجات الزراعية (جامعة لينكولن)

الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الطعام وتقليل الهدر

أظهرت دراسة مصرية أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في تحسين صناعة الأغذية من خلال تعزيز جودة المنتجات وضمان سلامتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد حصَّادة قمح تجمع الحبوب من حقل في روسيا (رويترز)

أسعار تصدير القمح الروسي ترتفع 3 دولارات للطن مع نهاية العام

ارتفعت أسعار تصدير القمح الروسي الأسبوع الماضي، لتقتفي أثر الأسعار العالمية، مع توقع المحللين تراجع الصادرات بسبب عطلة رأس السنة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».