واشنطن تتقصّى حقيقة نشأة «كورونا»... والصين ترفض نظرية تصنيعه مخبرياً

آلاف المتظاهرين المسلّحين يطالبون بـ«إعادة فتح» ميتشيغان

عامل يعيد ترتيب أسرّة مستشفى بعد تعقيمها في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
عامل يعيد ترتيب أسرّة مستشفى بعد تعقيمها في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تتقصّى حقيقة نشأة «كورونا»... والصين ترفض نظرية تصنيعه مخبرياً

عامل يعيد ترتيب أسرّة مستشفى بعد تعقيمها في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
عامل يعيد ترتيب أسرّة مستشفى بعد تعقيمها في نيويورك أمس (أ.ف.ب)

حفل المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقده الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع فريق العمل الخاص لمواجهة فيروس «كورونا»، بسلسلة من المواقف والتصريحات، تناولت الشأنين الداخلي والخارجي مساء الأربعاء.
فقد واصل ترمب هجومه وأعضاء إدارته على الصين المتّهمة بإخفاء معلومات حول الوباء، ملمحا إلى احتمال نشأته في أحد المختبرات بووهان. ودعا ترمب إلى فتح تحقيق حول «سوء تعامل» منظمة الصحة العالمية مع الأزمة، مشيرا إلى أن إرشاداتها كانت «خاطئة» ورفضت قراره تعليق الرحلات من الصين.
كما أعلن ترمب أن إدارته تحاول تحديد ما إذا كان الفيروس قد خرج من معمل في مدينة ووهان الصينية. وسئل ترمب عن التقارير التي تتحدث عن تسرب الفيروس من معمل ووهان، فقال إنه على علم بتلك التقارير، مضيفا «نحن نجري تحقيقا شاملا بشأن الوضع المروع الذي حدث». بدوره، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إنه يعتقد أن قادة الصين كانوا يمارسون التضليل والتعتيم فيما يتعلق بتفشي الوباء الذي نشأ هناك، مضيفا أنه لا يثق بهم حتى الآن. وأضاف في برنامج تلفزيوني أمس أنه يجد من الصعب تصديق معلومات الحزب الشيوعي الصيني. وقال: «إنهم يضللوننا، تكتموا عن الأمر في البداية، لذلك ليس لدي ثقة كبيرة حتى في أنهم يخبروننا الحقيقة الآن».
من جهته قال وزير الخارجية مايك بومبيو إنه ينبغي للصين أن تفصح عما تعلمه، في تصريحات متتالية مع محطات أميركية بعد المؤتمر الصحافي لترمب مساء الأربعاء. وقال: «نعلم أن هذا الفيروس قد نشأ في ووهان بالصين»، ومعهد علم الفيروسات على بعد بضعة أميال من السوق. وأضاف «نريد من الحكومة الصينية أن تتحلى بالوضوح وتساعد في تفسير دقيق لكيفية انتشار الفيروس». وتابع: «ينبغي للحكومة الصينية أن تعترف».
وذكرت محطة «فوكس نيوز» التي استضافت بومبيو في تقرير لها مساء الأربعاء، أن الفيروس نشأ في معمل في ووهان، ليس كسلاح بيولوجي وإنما كجزء من سعي الصين لإظهار أن جهودها لرصد ومكافحة الفيروسات تكافئ أو تفوق قدرات الولايات المتحدة. وأشار هذا التقرير وتقارير إعلامية أخرى إلى أن ضعف معايير السلامة في المعمل الذي تتم فيه التجارب المتعلقة بالفيروسات في ووهان تسبب في إصابة شخص ما بالعدوى، وظهورها في سوق حيث بدأ الفيروس الانتشار. وكان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال مارك ميلي، قد قال الثلاثاء إن تقارير استخباراتية تشير إلى أن الفيروس نشأ على الأرجح بشكل طبيعي ولم يتم تخليقه في معمل بالصين، لكن لا يوجد ما يؤكد أياً من الاحتمالين.
وكان معهد ووهان لعلم الفيروسات المدعوم من الدولة قد نفى في فبراير (شباط) شائعات عن أن الفيروس ربما تم تخليقه في أحد معامله، أو أنه تسرب من أحد المعامل. ويشير التوافق العلمي الواسع إلى أن فيروس «كورونا» قد نشأ بشكل طبيعي.
وسارعت الصين إلى نفي صحة التلميحات الأميركية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، أمس، إنه بينما هناك حاجة إلى المزيد من البحث لمعرفة أصل الفيروس، فإنه لا يوجد دليل على أنه من تطوير الإنسان أو أنه نشأ في مختبر. وأشار إلى أن «منظمة الصحة العالمية قالت إنه لا يوجد دليل على أنه تم تخليق الفيروس في مختبر... كما أكد العديد من أبرز الخبراء الطبيين قالوا إنه لا أساس علمي للادعاء بأن الفيروس خرج من مختبر».
في سياق آخر، قال ترمب إن آخر البيانات تشير إلى أن الولايات المتحدة «تجاوزت مرحلة الذروة»، مشيرا إلى خطط لإنهاء الإغلاق المفروض حاليا في البلاد. وأوضح أن استراتيجية إدارته «نجحت إلى حد كبير» في احتواء المرض الناتج عن فيروس «كورونا» المستجد، مضيفا أن الحالات بدأت في التراجع في نيويورك وبالتيمور وديترويت ومدن أخرى. وأوضح ترمب: «تظهر المعلومات أننا تخطينا الذروة فيما يتعلق بالحالات الجديدة، وهذه التطورات المشجعة وضعتنا في موقع يؤهلنا لفتح الاقتصاد»، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان عن خطط بهذا الشأن. وتابع ترمب أنه سيتم فتح بعض الولايات قبل الأول من مايو، مشيرا إلى أن الحكام يتطلعون إلى ذلك. وقال: «نريد أن نستعيد الاقتصاد. نريد أن نستعيد بلادنا. سيكون ذلك قريبا».
غير أن حصيلة عدد الوفيات اليومية سجلت رقما قياسيا مساء الأربعاء، بلغ 2569 خلال 24 ساعة، ليتجاوز العدد الإجمالي 30 ألفا، والإصابات نحو 640 ألفا.
وقال ترمب إن الولايات المتحدة لديها «أفضل» نظام فحص للفيروس في العالم، مشيرا إلى إجراء نحو 3.3 مليون فحص حتى الآن. وردا على سؤال عن توقيت تعميم فحوص الاختبارات، قال إن الشركات وحكام الولايات والحكومة الفيدرالية سيحددون ذلك. وأعرب عن أمله في التوصل إلى لقاح آمن، لكنه قال: «يمكننا البدء في العلاجات الكثيرة المتوافرة»، مشيرا إلى أنه خلال أسبوعين «سنصل إلى نتائج مهمة» بشأن هذه العلاجات، لافتا إلى أنه يوجد حاليا نحو 35 اختبارا على أدوية تجريها شركات رائدة وجدت علاجات لأمراض أخرى. وأشار في هذا الصدد إلى الأدوية المضادة للفيروسات، وعلاجات المناعة، وعلاجات البلازما، والتي تتم عن طريق استخلاص الأجسام المضادة من أجسام المتعافين من المرض لعلاج المصابين.
بدوره، أعلن نائب الرئيس مايك بنس في المؤتمر شفاء نحو 45 ألف شخص، وحثهم على التبرع بالدم في المراكز المخصصة، مشيرا إلى أن عشرات الآلاف يرغبون في فعل ذلك. وقال ترمب إنه تم إنتاج الكثير من أجهزة التنفس الصناعي بفضل قانون الإنتاج الدفاعي، وتوزيع نحو 39 مليون كمامة وغيرها من المستلزمات الطبية الأخرى. وأضاف أن بلاده تعمل مع دول أخرى ليستعيد العالم عافيته من المرض، وتوقع أن تكون كندا من أوائل الدول التي سيتم فتح حدود الولايات المتحدة معها.
من جهتها، قالت الدكتورة ديبوراه بيركس، منسقة الاستجابة للفيروسات التاجية في فريق عمل البيت الأبيض، إن هناك تراجعا للحالات الجديدة في الأيام الستة الماضية، لأن «الشعب الأميركي يطبق الإرشادات».
وذكرت أن تسع ولايات لديها أقل من ألف حالة، وبعض الولايات لم تصل إلى الذروة «بفضل سلوك السكان» وأكدت الطبيبة أهمية الحفاظ على التباعد الاجتماعي في الوقت الحالي، محذرة من التجمعات، لأن بعض الأشخاص قد يصابون بالمرض دون أن تظهر عليهم الأعراض وينقلون العدوى للآخرين. لكن المفارقة أن توجيهات الطبيبة قوبلت بالنقيض، حيث خرج آلاف المتظاهرين بعضهم يحمل السلاح في السيارات وسيرا على الأقدام للاحتجاج على أوامر البقاء في المنزل في ولاية ميشيغان وطالبوا بإعادة فتح الولاية.
وفي مقطع فيديو نقلته محطات أميركية قالت إحدى المتظاهرات في سيارتها: «حان الوقت لفتح ولايتنا. لقد سئمنا من عدم القدرة على شراء الأشياء التي نحتاجها، والذهاب إلى مصفف الشعر». واستهدفت المظاهرة المسلحة حاكمة الولاية الديمقراطية غريتشن، حيث ردد بعضهم على درج مبنى بلدية لانسينغ هتاف «احبسوها» الذي أطلق ضد هيلاري كلينتون. وردت الحاكمة بعد ساعات من الاحتجاج، قائلة إنها تتفهم الإحباط ولكن «المفارقة المحزنة» أن التظاهرة من الممكن أن تنشر الفيروس أكثر، وبالتالي تفرض الحاجة إلى تمديد أمر البقاء في المنزل في ميشيغان. وتوفي حتى الآن 1900 من سكان الولاية فيما سجلت أكثر من 28 ألف إصابة.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.