لبنان: الحكومة تفرض «التعبئة العامة» بمحاضر المخالفات وتقنيات التحقق من الحجر المنزلي

أكثر من 11 ألف ضبط خلال شهر من بدء الإجراءات

من أمام مستشفى رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
من أمام مستشفى رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان: الحكومة تفرض «التعبئة العامة» بمحاضر المخالفات وتقنيات التحقق من الحجر المنزلي

من أمام مستشفى رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)
من أمام مستشفى رفيق الحريري في بيروت (أرشيفية - رويترز)

سطّرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أكثر من 11600 محاضر مكتوبة بحق مخالفي قرار التعبئة العامة وحظر التجول في لبنان، خلال شهر من الإجراءات المفروضة لمنع انتشار فيروس «كورونا»، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن نسبة الالتزام بالحجر بشكل عام وفاعلية هذه التدابير في احتواء انتشار الفيروس.
وبدأت الحكومة اللبنانية في الشهر الماضي تطبيق الإجراءات والتدابير الوقائية في محاولة لاحتواء انتشار فيروس كورونا، بدءاً من حال التعبئة العامة التي فُرضت منذ شهر، مروراً بتحديد أوقات عمل المحال التجارية وفرض حظر تجول ليلي، وصولاً إلى قرار تنظيم سير المركبات على أساس رقم اللوحة (مفرد - مجوز) وقرار منع سير المركبات الخاصة يومي الأحد 12 و19 أبريل (نيسان) الجاري.
وحتى 13 نيسان، بلغ عدد المخالفات 11604. واعتبر مصدر أمني أن عدد المخالفات التي سطّرت منذ 21 مارس (آذار) الماضي حتى اليوم ليس مفاجئاً، ولا يعني أبداً عدم التزام المواطنين بالحجر الصحي، فعدد المخالفات يرتفع عادة مع بداية فرض أي إجراء جديد، وهذا ما حصل مثلاً مع بدء تطبيق قرار سير المركبات على أساس رقم اللوحات مفرد ومجوز. ويضيف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ تلك المخالفات موزعة بين محاضر سطرت بحق مؤسسات ومحال وبين أفراد ومركبات.
يوم الاثنين الماضي مثلاً سطّرت عناصر قوى الأمن 5 محاضر بحق المؤسسات المخالفة لقرار التعبئة العامة، و45 محضراً بحق أفراد مخالفين، بينما قام الجيش بإقفال 103 محال تجارية وتفريق 35 تجمعاً في مختلف المناطق، حسب ما نشر في التقرير اليومي لغرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث.
بينما كان عدد المحاضر أكبر يوم الأحد الماضي مع دخول قرار عدم السماح للمركبات الخاصة بالسير هذا اليوم، إذ سطرت قوى الأمن الداخلي 674 محضراً مكتوباً، منها 456 بحق السيارات المخالفة لقرار السير و33 محضراً بحق مؤسسات و185 محضراً بحق أفراد مخالفين في مختلف المناطق.
ويرى المصدر أنه حتى الآن «يمكن القول إنّ التزام الناس بالحجر الصحي يتحسن يوماً بعد يوم، ووصل إلى مرحلة يمكن وصفها بالجيدة، ولا سيما أن المواطنين باتوا يعرفون خطورة هذه الفيروس وتفاصيل التدابير التي فرضتها الحكومة».
ويلفت المصدر إلى أنّ قوى الأمن تتلقى بشكل مستمر، وعلى رقم الهاتف 112. العديد من الاتصالات التي تبلغ عن مؤسسات مخالفة، وتقوم بمتابعة الأمر فوراً.
وانعكست الإجراءات والتدابير الوقائية التي فرضتها الحكومة، بشكل إيجابي على المواطنين، وساعدت على احتواء انتشار «كورونا» إلى حد كبير، بحسب ما يقول مستشار وزير الصحة رياض فضل الله، الذي أوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّ لبنان حالياً في النصف الثاني من مرحلة انتشار الفيروس وهدف الوزارة حالياً إطالة مدة هذه المرحلة حتى يكون الانتشار خفيفاً ومسيطراً عليه.
ويشرح فضل الله أنّه عندما نتحدث عن الحجر لا نعني فقط حال «التعبئة العامة» التي تعمل وزارة الداخلية على التأكد من الالتزام بها، بل عن ثلاث فئات منها حال التعبئة.
وفي حين يعتبر فضل الله أن «التعبئة العامة» تسير بشكل جيّد، يشدد على ضرورة عدم الاطمئنان الكلي ولا سيما أنّ شخصاً واحداً لا يلتزم بالتدابير الوقائية قد يعرض حياته وحياة من حوله للخطر، لذلك لا بدّ من رفع مستوى التخوف بشكل دائم: «فنحن لا نزال في مرحلة حساسة جداً لا تتحمّل الاستهتار».
ويشرح فضل الله أنّ الفئة الثانية من الحجر هي تلك المطبقة على الأشخاص المسجلين لدى وزارة الصحة كأشخاص مشتبه في إصابتهم، أي فئة المخالطين لأناس مصابين بفيروس «كورونا». وتخضع هذه الفئة للحجر المنزلي الإلزامي، وتقوم وزارة الصحة بالتعاون مع الهيئات الأهلية المحلية والقوى الأمنية بمتابعتها ومراقبتها بشكل مستمر.
ورغم الالتزام الكبير من قبل هذه الفئة بالحجر المنزلي الإلزامي، يتحدث فضل الله عن حالات قليلة جدا اضطرت معها وزارة الصحة إلى استدعاء عناصر من وزارة الداخلية لضبط الأمر، إذ يرفض بعض الأشخاص هذا الحجر، ويحاولون خرقه من خلال خروجهم من المنزل.
أما الفئة الثالثة من الحجر الصحي فهي للأشخاص المصابين بفيروس «كورونا»، وتنقسم هذه الفئة إلى قسمين.
القسم الأول يضم المصابين بالفيروس ممن لم تظهر عليهم عوارض تستدعي بقاءهم في المستشفى، واللافت أنّ هؤلاء يشكلون 80 في المائة من المصابين كما يشير فضل الله، وهم يخضعون لحجر منزلي إلزامي ولمراقبة مشددة.
وفي هذا الإطار يتحدث فضل الله عن آلية تقنية حديثة تمكّن وزارة الصحة من التأكد من التزام هؤلاء بالحجر المنزلي، شارحاً أن هذه التقنية التي تقوم على آليات حديثة جداً تطبق منذ فترة بشكل تجريبي، وسيتم اعتمادها قريباً بعد الإعلان عن تفاصيلها بشكل رسمي.
بالإضافة إلى هذه التقنية يؤكد فضل الله أنّ الوزارة تتواصل مع هؤلاء بشكل مستمر عبر تقنية «الفيديو كول» وتتأكد من التزامهم منازلهم وعدم مغادرتها أبداً، فضلاً عن متابعتهم صحياً ونفسياً لتقديم الدعم المناسب لهم، ونقلهم إلى المستشفى في حال ظهور أي عوارض تستدعي ذلك.
أما القسم الثاني من فئة المصابين فيضمّ الأشخاص الذين أظهروا عوارض استدعت بقاءهم في المستشفى أو من يعانون من أمراض مزمنة تتطلّب إخضاعهم لمراقبة طبية لا يمكن توفرها في المنزل، وهم يشكلون 20 في المائة من عدد المصابين بشكل عام، وهؤلاء بطبيعة الحال ملتزمون في الحجر داخل المستشفى، ولا سيما مستشفى رفيق الحريري الجامعي الذي ينسق بدوه وبشكل دائم مع وزارة الصحة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».