على الطريق مع {الفيلق الأجنبي} الفرنسي لمحاربة الإرهاب

قبل أيام من تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي

قوات فرنسية خلال مشاركتها في مناورات عسكرية في «عملية برخان» شمال بوركينا فاسو (أ.ف.ب)
قوات فرنسية خلال مشاركتها في مناورات عسكرية في «عملية برخان» شمال بوركينا فاسو (أ.ف.ب)
TT

على الطريق مع {الفيلق الأجنبي} الفرنسي لمحاربة الإرهاب

قوات فرنسية خلال مشاركتها في مناورات عسكرية في «عملية برخان» شمال بوركينا فاسو (أ.ف.ب)
قوات فرنسية خلال مشاركتها في مناورات عسكرية في «عملية برخان» شمال بوركينا فاسو (أ.ف.ب)

6 بنادق في مرمى البصر، مع 11 جسداً، وأنثى واحدة (هي أنا)، و11 سترة وخوذة واقية تمتص العرق الغزير ببطء شديد. فضلاً عن 11 سريراً محمولاً، وواقيات الناموس، وحقائب الظهر الثقيلة، مكدسة جميعها خلف مقاعد خضراء داكنة اللون، إلى جانب عدد من صناديق الذخيرة الخشبية، والآلاف من المناديل الورقية المبللة، حيث إن فرصة الاستحمام الوحيدة بيننا وبينها أيام طويلة.
كان ذلك وصف مجموعة القتال الصحراوية المخيفة التي تطوف عبر سهوب مالي من جنود الفيلق الأجنبي الفرنسي الشهير، الذي يرحب بالجنود من أي مكان حول العالم.
لقد كانوا يشكلون جزءاً صغيراً من عملية «بارخان» العسكرية، وهي المهمة الفرنسية لمحاربة الإرهاب المتمدد في المنطقة الصحراوية الشاسعة من جنوب الصحراء المعروفة باسم «الساحل»، في قلب مركبة القتال الأشبه بالدبابة.
وعن حالة النظافة البدائية، فحدث ولا حرج، فضلاً عن التقارب البشري العارض. كان ذلك فيما قبل انتشار وباء كورونا وتداعياته اللاحقة. وبعد رحلة طويلة لمراسلة صحافية مثلي، حيث بدأ الإبلاغ عن بعض حالات الإصابة بفيروس كورونا في مختلف البلدان الأفريقية من حولنا، وصلت إلى المنزل لكي أعمل على حاسوبي الشخصي.
كان هناك شاب برازيلي يمازح رفيقه النيبالي بلهجة فرنسية مشددة لعدم حلاقته ذقنه بصورة سليمة. وكان النيبالي يمسك بسلاح رفيقه البرازيلي حال جلوسه خلف مقعده يتناول قطعة من الشوكولاته. وكان هناك كوب ثمين للغاية من القهوة يشترك فيه أربعة رجال سوياً. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها هذه المجموعة إلى ميدان القتال سوياً، وأولئك كانوا جنود النخبة الذين يتبادلون الصداقة الحميمة من مختلف بلدان العالم.
وقال البرازيلي مخاطباً بندقيته: «تعالي يا حبيبتي»، ورفعها لأعلى عبر فتحة المركبة القتالية، ومصوباً بها في الأفق نحو ما يعرفونه هناك باسم «جاتس» - أو المختصر الفرنسي للجماعة الإرهابية المسلحة. وكان الرقيب المجري يمسك بقدمي الجندي البرازيلي ليمنعه من السقوط حال تحرك المركبة.
وكان الوقوف داخل فتحة المركبة هو الفرصة الوحيدة المتاحة في رحلتنا التي استمرت 4 أيام كاملة، للحصول على قدر ولو يسيراً من الخصوصية، أو ما يمكن أن نسميه الآن بالتباعد الاجتماعي. ولقد جاء دوري لأقف داخل الفتحة نفسها، مع بقاء ساقي في الأسفل، وتزامن ذلك مع الجندي النيبالي الذي كان مختفياً بالكامل خلف سترته القتالية الصحراوية، ويبحث عن عناصر «جاتس» من خلال منظار سلاحه.
وتبين أن هذا الجندي، الذي لا يمكن مناداته إلا بالجندي «بينو»، وفقاً لقواعد التعامل في تلك الرحلة العسكرية، يدين بالبوذية الهندوسية. وكان يفضل البوذية على أي شيء آخر، ولكنه كان يتناول الكثير من اللحوم، ولذلك لم يكن يرى نفسه من أتباع بوذا الخلصاء.
كان هذا هو الأسبوع الثاني من رحلة الجندي النيبالي الأولى إلى أفريقيا. وكانت تعليماته إذا اكتشف شخصاً يحمل سلاحاً أن يبلغ رقيب الوحدة فوراً، ويجري تمرير المعلومات عبر تسلسل القيادة، حتى يقرر شخص ما، بمعاونة اثنين من كشافة الجيش المالي، ما إذا كان العنصر المسلح من الأصدقاء أم الأعداء. وما إذا كان الجندي «بينو» سوف يصدر إليه الأمر بالقتل من عدمه.
وفي داخل المركبة، كان الجنود يتحدرون من 6 بلدان مختلفة، ولديهم نقاط قليلة من المرجعيات الثقافية المشتركة، والقليل للغاية من البرامج التلفزيونية التي يمكنهم أن يتذكروها معاً، ولا يفتقدون أياً من الأطباق الشهية التي اعتادوا عليها في أوطانهم.
كانت الأرضية المشتركة التي تجمع بينهم هي الفيلق الأجنبي، وتلك الرحلات الطويلة في المركبات الضخمة على الدواليب الكبيرة، يمرون بها عبر غابات الحشائش والشوك. وكانت تلك المركبة، التي تبلغ مساحتها 17 ياردة مربعة وملونة باللون الأخضر الداكن من الداخل، كمثل الملاذ الضيق من العالم الواسع في الخارج.
وبعد شهر من انتهاء الرحلة، وبعد التغيرات الجمة التي شهدها العالم، تساءلت مع نفسي: «كيف ينفذون مثل هذه الرحلات الاستطلاعية الآن؟».
لا بد وأن قلب المركبة لم يعد يصلح لنقل هذا العدد من الجنود، بل ربما تحول إلى سلاح في حد ذاته، بسبب الأسطح المتعددة التي لمستها العديد من الأيادي. وكانت حصص الوجبات الغذائية تبقى مكانها حتى يتجرأ أحدهم على تناولها طلباً لوجبة خفيفة تسد جوعه في تلك الرحلات الطويلة.
ومع انتقالنا بالمركبة عبر الأشجار، وتلال النمل الصغيرة، وأحواض الأنهار الجافة، حاولت أن أكون مهنية قدر الإمكان. ولقد سمعت أن رجال الفيلق الفرنسي الأجنبي يوصفون بالمرتزقة، في وقت من الأوقات، حيث إن الفيلق الفرنسي يشتهر بأنه المكان الذي يدخله كل من يعاني من مشكلات في حياته، حيث يمكنه الحصول على بداية جديدة، واسم جديد، وبعد 3 سنوات من الخدمة، يمكنه الحصول أيضاً على الجنسية الفرنسية.
لكن قبل أن أسأل عن ذلك، أكد لي المسؤول الإعلامي، الذي كان يراقبني عن كثب طيلة هذه الرحلة، أن فحوصات الخلفية صارمة للغاية لكل الملتحقين الجدد بالفيلق الفرنسي، وأن القوة لا تقبل مرتكبي الجرائم، أو القتلة، أو تجار المخدرات الخطرين كما يُشاع عنها.
وفي الآونة الأخيرة، أشار سفير مالي في باريس مؤخراً إلى أن عناصر الفيلق الفرنسي كانوا من مثيري الشغب، وكلهم يحمل الوشوم المختلفة على أجساده، ويسببون الشغب والخسائر في شوارع العاصمة المالية باماكو. وكانت تلك من الملاحظات الغريبة للغاية التي تقدم بها السفير المالي في فرنسا. لأنه كما أشار وزير الدفاع الفرنسي، لا توجد أي عناصر من الفيلق الأجنبي الفرنسي متمركزة على نحو دائم في العاصمة المالية باماكو.
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

أفريقيا مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

اندلعت، الخميس، معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد ينظمون مسيرة حاشدة احتفالاً بيوم الجمهورية التونسية إلى جانب احتجاج أنصار أحزاب المعارضة للمطالبة بالإفراج عن المعارضين السياسيين في البلاد (د.ب.أ)

تطورات جديدة في قضايا المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» في تونس

أعلنت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات مكافحة الإرهاب ووحدات أمنية من النخبة في محافظات عدة ألقت مؤخراً القبض على عدد من المتهمين في قضايا إرهاب وتهريب بشر.

كمال بن يونس (تونس)
آسيا قوات الأمن التركية ألقت القبض على سيريبرياكوف عقب وصوله بودروم الأربعاء (صورة موزعة من الداخلية التركية)

تركيا سلمت روسيا مُنفِّذ تفجير سيارة أحد العسكريين في موسكو

سلمت تركيا مواطناً روسياً مطلوباً دولياً إلى السلطات في موسكو بعد أن هرب إلى موغلا في ولاية بودروم الجنوبية الغربية عقب تفجيره سيارة ضابط.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة)
آسيا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

ألمانيا: إيداع اثنين السجن على ذمة التحقيق للاشتباه في دعمهما «داعش»

عقب إلقاء القبض على اثنين للاشتباه في تأييدهما لتنظيم «داعش» بولايتي هامبورغ وشليزفيج-هولشتاين، تم إيداعهما السجن على ذمة التحقيق.

«الشرق الأوسط» (كارلسروه )
أوروبا حالة استنفار في العاصمة بروكسل إثر إنذار إرهابي (متداولة)

بلجيكا تفتش 14 منزلاً في تحقيق لمكافحة الإرهاب وتحتجز 7 لاستجوابهم

قال مكتب المدعي العام الاتحادي في بلجيكا، الخميس، إن الشرطة فتشت 14 منزلاً في إطار تحقيق يتعلق بالإرهاب، مضيفاً أن 7 أشخاص احتُجزوا بغرض استجوابهم.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

دوريات جوية «روسية - صينية» مشتركة قرب ألاسكا الأميركية

صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)
صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)
TT

دوريات جوية «روسية - صينية» مشتركة قرب ألاسكا الأميركية

صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)
صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية يعاد تزويدها بالوقود في الجو خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)

أعلنت روسيا والصين أنهما نفذتا دوريات مشتركة بقاذفات استراتيجية قادرة على حمل رؤوس نووية، قرب ولاية ألاسكا الأميركية، في شمال المحيط الهادي والقطب الشمالي، الخميس، وهو تحرك دفع الولايات المتحدة وكندا إلى إرسال طائرات مقاتلة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية: إن قاذفات استراتيجية روسية من طراز «تو-95 إم إس» (بير) وقاذفات استراتيجية صينية من طراز «شيان إتش-6» شاركت في دوريات فوق بحري تشوكشي وبيرنع وشمال المحيط الهادي.

وأضافت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «خلال الطلعة، تعاونت الطواقم الروسية والصينية في المنطقة الجديدة للعمليات المشتركة خلال كافة مراحلها... في بعض مراحل الدورية، رافقت القاذفات مقاتلات من دول أجنبية».

صورة من شريط فيديو لمقاتلات أميركية وروسية قرب قاذفة روسية على حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)

وفي الطلعة، التي استغرقت خمس ساعات، رافقت مقاتلات روسية من طراز «سوخوي سو-30 إس إم» و«سو-35 إس» القاذفات الروسية والصينية. وأوضحت روسيا أن القاذفات لم تنتهك المجال الجوي لدول أخرى.

وقالت قيادة دفاع الفضاء الجوي الأميركية الشمالية، التابعة للجيش الأميركي: «إن طائرات مقاتلة أميركية وكندية اعترضت طائرات روسية، وأخرى تابعة للصين، في منطقة تحديد الدفاع الجوي في ألاسكا».

وقالت القيادة الأميركية: «الطائرات الروسية والصينية ظلت في المجال الجوي الدولي، ولم تدخل المجال الجوي السيادي الأمريكي أو الكندي». وأضافت: «لا ينظر إلى هذا النشاط الروسي والصيني في منطقة التحديد الجوي الدفاعي لألاسكا على أنه تهديد، وستواصل قيادة دفاع الفضاء الجوي الأميركية الشمالية مراقبة نشاط القوى المنافسة بالقرب من أميركا الشمالية والتصدي لها بالوجود العسكري».

صورة من شريط فيديو لقاذفة روسية ترافقها مقاتلة روسية خلال التدريبات قرب حدود ألاسكا الأميركية الخميس (رويترز)

وقال تشانغ شياو قانغ، المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، إن الدوريات أدت إلى تعزيز الثقة والتنسيق الاستراتيجيين المتبادلين بين جيشي البلدين. وأضاف أن هذه العملية لا تستهدف طرفاً ثالثاً، وتتوافق مع القانون الدولي، وليست مرتبطة بالوضع الدولي والإقليمي الحالي. مشيراً إلى أن الدورية «تختبر مستوى التعاون بين القوات الجوية للبلدين وتحسنه».

وقالت روسيا: «جاء الحدث في إطار تنفيذ خطة التعاون العسكري لعام 2024 وهو غير موجه لأطراف ثالثة».

وكثيراً ما يجري اعتراض طائرات روسية في هذه المنطقة. وتجري موسكو وبكين، المتحالفتان في وجه الغرب، بانتظام تدريبات مماثلة في مناطق أخرى من المحيط الهادي.

ويمكن للقاذفات الاستراتيجية تنفيذ ضربات نووية وتقليدية على مسافات بعيدة.

وحذّرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الاثنين الماضي، من زيادة التعاون بين روسيا والصين في القطب الشمالي، مع فتح تغيّر المناخ بالمنطقة منافسة متزايدة على الطرق والموارد البحرية.