لبنان: مهدئات الأعصاب «ضرورة» بعد التعافي من الفيروس

عامل يعقم أمتعة لبنانيين عائدين من الخارج في بيروت أمس (أ.ب)
عامل يعقم أمتعة لبنانيين عائدين من الخارج في بيروت أمس (أ.ب)
TT

لبنان: مهدئات الأعصاب «ضرورة» بعد التعافي من الفيروس

عامل يعقم أمتعة لبنانيين عائدين من الخارج في بيروت أمس (أ.ب)
عامل يعقم أمتعة لبنانيين عائدين من الخارج في بيروت أمس (أ.ب)

«قد أكون شفيت من إصابتي بفيروس كورونا، لكنني أصبحت مريضاً بالأعصاب، وأتناول أدوية المهدئات نتيجة ما أتعرض له أنا وعائلتي من المجتمع»، بهذه الجملة يختصر رجل لبناني أصيب بمرض كورونا وتم التناقل باسمه في وسائل الإعلام، وضعه الحالي مجرد محاولة الاستفسار أو سؤاله عن إصابته بالفيروس. يرفض إعطاء المزيد من التفاصيل، رغم أنه لم يكن يعاني من الأعراض، ولم يبق فترة طويلة في المستشفى قبل أن يتماثل للشفاء ويعود إلى منزله.
وضع هذا الرجل يتشابه مع حالة الكثير من مصابي فيروس كورونا المستجد الذين يتعرضون للتنمّر في لبنان. وهو ما يفسّر رفض معظمهم الحديث عن تجربتهم، باستثناء عدد قليل منهم استطاعوا تجاوز هذه المرحلة كما وأنهم على العكس، يبدون تجاوباً كاملاً في هذا الإطار، معتبرين أن كلامهم قد يشكّل نوعاً من التوعية والراحة النفسية لكل مريض أو من يخاف الإصابة بالفيروس.
ويشكل غصوب فرنجية، (50 عاماً) من زغرتا، شمال لبنان، مثالاً على هذا النموذج، من دون أن ينفي أنه تعرض لمضايقات من المجتمع عند الإعلان عن إصابته وعائلته بالفيروس، لكنه استطاع تجاوزها، بل لم يكترث لها، بحسب ما يقول لـ«الشرق الأوسط».
ويعتبر أن المشكلة تكمن في من ينظر إليه نظرة خاطئة وليس في مرضه الذي شفي منه، ويشدد في الوقت عينه أن تعاطي المريض نفسه مع وضعه ينعكس أيضاً على كيفية تعامل المجتمع معه.
ويوضح «في البداية لاحظنا أن هناك حذراً في التعامل معنا، أنا وعائلتي، وبدأ تناقل الأخبار الصحيحة وغير الصحيحة المتعلقة بصحتنا، علماً بأنني تلقيت العلاج في المستشفى، لكن أفراد عائلتي الذين تبين أنهم يحملون الفيروس من دون أعراض أمضوا أسبوعين في الحجر المنزلي مع متابعة ومراقبة صحية».
ويضيف «لكن ومن خلال مقاربتي أنا لهذا المرض وبعد الصور والفيديو التي كنت أحرص على نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي لأؤكد للجميع أنني بصحة جيدة ووضع نفسي جيّد، لاحظت أن هذا الأمر انعكس إيجاباً على تعامل المجتمع معي بحيث بدأ الناس يتصلون بي للاطمئنان عني ويتواصلون معي بشكل طبيعي، باستثناء البعض الذين لم يبدلوا سلوكهم وانطباعهم الأول، وهؤلاء أعتبر أن المشكلة تكمن فيهم وليس بمن أصيب بالمرض وشفي».
وبين هذا وذاك، يشرح الأستاذ الجامعي في علم الاجتماع، عبدو قاعي، سلوك التنمّر وأسبابه، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا السلوك الذي يمارسه المجتمع على مريض «كورونا» يعود إلى الخوف في الطبيعة الإنسانية، خاصة أنه من المعروف أن هذا الفيروس ينتقل بالعدوى. لكنه في المقابل، يحمّل قاعي الإعلام ليس فقط في لبنان إنما في مختلف أنحاء العالم المسؤولية نتيجة مقاربته لهذا الموضوع.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».