رغم كل تأثيرات الحجر المنزلي السلبية على المستوى النفسي، لا يمكن تجاهل كم التأثيرات الإيجابية التي وُلدت من رحمه، أقلها أنه فجّر طاقات فنية وروح طرافة ونكتة كانت كامنة بسبب ضغوط الحياة ومتطلباتها. فجأة وجد العديد من الناس أنفسهم بلا عمل، وبلا فرصة للخروج والاستمتاع بالطبيعة أو حتى القيام بأبسط الأشياء. بات لزاماً عليهم إيجاد طرق جديدة للتعامل مع عُزلتهم القاتلة. كانت وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها وسيلتهم لكسر هذه العزلة، بحيث أصبحت منصات مثل «ويبو» و«تيك توك» و«يوتيوب» وغيرها تستقبل، وبشكل يومي، فيديوهات منزلية تضج بالفكاهة. تسخر تارةً من الوضع الحالي الذي يعاني منها الشباب والأزواج، وتقدم تارة أخرى تعليمات قيمة عن كيفية التعامل مع الوضع الحالي من خلال ممارسة الطبخ أو الرياضة. ويبقى القاسم المشترك بين أغلبها، بث طاقة إيجابية تساعدنا على مواجهة العزل والوحدة وتُذكرنا بأن الحياة مستمرة. صناع الموضة لم يتأخروا عن ركوب هذه الموجة لكن بطريقتهم. فبينما ركز المشاهير وأفراد عاديون على عنصر الفكاهة، وربما السخرية، ركزوا هم على تقديم دروس في فنون التصميم من خلال ورشات عمل، أو بفتح نقاشات مباشرة عبر الفيديو أو«إنستغرام» أو «فيسبوك» مع متابعيهم. محلات «إتش آند إم» السويدية مثلاً وضعت هاشتاغ #AtHomeWithHM يختار فيه المشاركون «تيمة» معينة يبنون عليها إطلالات متوفرة في خزاناتهم، وفي الوقت ذاته يسلطون الضوء على ما يقومون به في يومهم العادي مثل تحضير أطباق شهية أو تجديد ملابس وإكسسوارات قديمة. ساندرا تشوي، مصممة دار «جيمي شو» للأحذية أطلقت مبادرة طريفة شعارها «لست وحدك... نحن معاً» دعت فيها محبي العلامة لأن يرسموا «تصميمهم المفضل» وكما يتصورونه. وفي كل أسبوع تُنشر هذه التصاميم ليتم اختيار خمسة فائزين تُنفذ تصاميمهم في الواقع على أمل أن تُطرح بعد أن تعود الحياة إلى مجاريها في آخر العام. وأشارت المصممة إلى أن كل أرباح هذه المبادرة ستذهب لصالح مؤسسة «جيمي شو» الخيرية. من جهتها، دعت أنوشكا ديكاس صاحبة علامة المجوهرات «أنوشكا» متابعيها على «إنستغرام» على مشاركتها هواية القراءة. أطلقت هاشتاغ #annoushkabookclub وهو عبارة عن نادٍ للكتاب تدعمه دار «بينغوين» للنشر، وتقترح فيه المصممة ثلاثة كتب من الأدب النسوي على أن يتم بث مناقشتها عبر حسابها على «إنستغرام» بشكل مباشر. دار «ألكسندر ماكوين» أيضاً دعت متابعيها على صفحات «إنستغرام» المشاركة في مبادرات فنية متنوعة، مثل إعادة رسم قطع كلاسيكية من تشكيلة الدار الأخيرة ليستعرضوا قدرتها على الرسم، أو رسم أزهار وورود ثلاثية الأبعاد باستعمال مواد وأقمشة متوفرة لديهم في بيوتهم لتمضية الوقت وتعلم هواية جديدة. أما دار «مالبوري» البريطانية، فقد فعّلت مبادرة كانت قد أطلقتها قبل جائحة «كورونا» العام الماضي، لكن بشكل افتراضي حالياً. فقد سبق أن قامت بسلسلة من الفعاليات، أطلقت عليها «مكاني المحلي» حيث كانت تتنقل في كل فترة، من مقهى إلى آخر لتقديم موسيقى حية. بعد أن استحال التنقل والتجمعات، نقلت هذه المبادرة على «إنستغرام».
دار «ديور» من جهتها أرادت التخفيف من وحدة متابعيها، وبدأت تُذيع تدوينات صوتية تُشرف عليها مديرتها الفنية ماريا غراتزيا تشيوري، وتستضيفها الكاتبة والمؤرخة كايتي هيسيل، بعنوان «DiorTalk».
وتركز هذه التدوينات على الفن والموضة وعلى الحركات النسوية. وطبعاً لا يمكننا أن نتحدث عن بيوت الأزياء واستعمالاتها المتنوعة لمنصات التواصل الاجتماعي من دون الحديث عن دار «بالمان». فمديرها الفني أوليفييه روستينغ أكثر من استغل وسائل التواصل الاجتماعي واستفاد منها طوال سنواته فيها. لفترة الحجر، ابتدع مبادرة على «إنستغرام» بعنوان #balmainensemble تقوم على عرض صور من الأرشيف إضافةً إلى بث محادثات مع أصدقاء الدار مع وضع تحديات أسبوعية لخلق تفاعل مع المتابعين.
الموضة توظّف العزل «صحياً» لتفجير طاقات متابعيها
الموضة توظّف العزل «صحياً» لتفجير طاقات متابعيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة