قطع نادرة وأدوات طبية بدائية يعود عمر بعضها إلى القرن الأول الهجري، وتماثيل ولوحات تشكيلية وجداريات، يؤرخ بعضها لتاريخ الأوبئة في العالم والوطن العربي، يضمها متحف كلية طب القصر العيني، أو كما يطلق عليه أحياناً «متحف الطب المصري»، بجامعة القاهرة. ويضم المتحف 3 قاعات تؤرخ للطب بشكل عام، والأوبئة الفتاكة التي أصابت البشرية خلال القرون الماضية بشكل خاص، من بينها لوحة زيتية تصور الدكتور كلوت بك الطبيب الفرنسي المصري وهو يحقن نفسه بمصل الطاعون الذي ظل يصيب مناطق عديدة من العالم لنحو ثلاثة قرون، إذ كان يختفي ثم يعاود الظهور بمناطق متفرقة من العالم.
ويعود الفضل إلى كلوت بك في تأسيس أول مدرسة حديثة للطب في مصر عام 1827 ميلادية، حيث استقدمه محمد علي باشا حاكم مصر وقتها من فرنسا ومنحه الجنسية المصرية، ولقب «البكاوية»، تقديراً لجهوده العلمية، ويضم المتحف العديد من المقتنيات الخاصة به، من بينها تماثيل، ولوحة زيتية لدرس من دروس التشريح تعود إلى 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1827، ويظهر فيها كلوت بك، وهو يقدم دروس التشريح بين 100 من طلبة الطب وعدد من شيوخ الأزهر والمترجمين، كما يضم المتحف عدداً من اللوحات الزينية والتماثيل البرونزية للطبيب البلجيكي الدكتور تيودور بلهارس، الذي اكتشف مرض البلهارسيا عام 1850.
وتُعِدّ إدارة المتحف حالياً خطة لتوسعته بالتزامن مع الاستعدادات المبكرة التي بدأها المتحف للاحتفال بمرور 200 عام على افتتاح مدرسة الطب المصري، وهي الذكرى التي تحل في 18 مارس (آذار) 2027.
الدكتور هشام المناوي، أستاذ الجراحة بكلية طب القصر العيني، مقرر لجنة الإعداد للاحتفال بمرور 200 عام على تأسيس مدرسة الطب المصري ونجل مؤسس المتحف، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطط توسعة المتحف وضم مُقتنيات جديدة تهدف إلى توثيق وتأريخ التطورات الطبية الحديثة، بجانب الأوبئة القديمة التي شكلت تحدياً علمياً قبل الوصول إلى أمصال لها، كما يحتفي المتحف ويخلد أسماء أطباء تصدروا الصفوف الأولى في مكافحة هذه الأوبئة».
وتؤرخ بعض المقتنيات للعديد من الأوبئة والأمراض المعدية الشهيرة، التي ضربت بعض البلاد العربية، منها مرض الكوليرا الذي انتشر في مصر، وعدد من دول العالم في الفترة من 1817 حتى 1902 ميلادية، وتوضح إحدى لوحات الغرافيك معدلات انتشار «الكوليرا» في مصر وقتئذ، بجانب لوحات زيتية وجداريات توثق انتشار العديد من الأمراض مثل الجدري والأنفلونزا الإسبانية، وتماثيل للعديد من الأطباء الذين تصدوا لهذه الأوبئة.
«متحف قصر العيني»، الذي تعود فكرة تأسيسه إلى الدكتور محمود المناوي أستاذ النساء والتوليد، افتتح عام 1998، ويضم بين مُقتنياته العديد من الأدوات الطبية البدائية وقطعاً نادرة، من بينها سرنجات معدنية، وأدوات جراحية قديمة، وأجزخانة كانت تستخدم في حفظ الأدوية أثناء السفر، تعود ملكيتها إلى خورشيد باشا والي مصر من عام 1797 - 1805، وأخرى خاصة بالخديوي إسماعيل الذي أهداها إلى مدرسة طب القصر العيني.
ويمتلك المتحف كتباً ووثائق طبية نادرة ونشرات طبية يعود بعضها إلى القرن الأول الهجري، بجانب «تذكرة داود» الخاصة ببعض الوصفات الطبية في 380 ورقة تعود إلى سنة 976 هجرية، ونسخة خطية لـ«تذكرة الكحالين» تأليف عيسي بن علي، تعود إلى سنة 941 هجرية، ونسخة نادرة لمجلة «يعسوب الطب»، وهي عبارة عن ورقتين من المجلة في عددها الصادر 9 ربيع الآخر 1282 هجرية وتشمل وصفات طبية لبعض الأمراض.
وتضاف إلى ذلك نسخة أصلية لكتاب «تشريح العين» للعالم شمس الدين محمد بن الحسن الكحال ونسخته باللغة الفارسية لصدر الدين بن أحمد بن محمود الحسين التي تعود إلى سنة 861 هجرية.
وتمتلك جامعة القاهرة متحفين آخرين... الأول متحف «جامعة القاهرة»، الذي أطلق عليه اسم «الدكتور محمود المناوي» تقديراً لجهوده العلمية، والمتحف الثاني هو متحف «الدكتور نجيب محفوظ» أستاذ النساء والتوليد، وافتُتح المتحف عام 1929 وهو متخصص في عينات النساء والتوليد، ويضم أكثر من 1300 عينة من حالات نادرة وغامضة.
متحف «قصر العيني» يوثق تاريخ الأوبئة عربياً
متحف «قصر العيني» يوثق تاريخ الأوبئة عربياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة