غيّب الموت؛ فجر أمس، رجل الأعمال السعودي سلطان بن محمد العذل، بعد معاناة طويلة مع المرض. وبرحيله تنطوي صفحات قصة طويلة أشبه «بالتراجيديا». التحمت شخصيته بما يشبه الأسطورة، بيد أنّها حقيقية نسجها هو بنفسه، ليقدمها للأجيال عن معاني الكفاح والجدية وتفرُّد الذات، وكيفية الجمع بين معنى الحياة ولذة المغامرة والتفاؤل، واضعاً اسمه في سجل المشاهير على المستويين المحلي والعالمي.
ولعلها مصادفة غريبة أن يكون سلطان العذل «حفيد الباشا»، قد اختار أولى خطواته للتّعلم في هذه الحياة بأن التحق بمدرسة في عاصمة بلاده الرياض، حملت اسم «معهد الأنجال»، لينهي دراسته بها حتى المرحلة الثانوية، وكأن الحفيد يستذكر جده صالح الذي كان له حضور في عهد الملك عبد العزيز أثناء مراحل تأسيس الدولة، وساهم في تقريب وجهات النظر وتوطيد العلاقات بين الملك عبد العزيز والسلطان عبد الحميد الثاني، وبسببه منح رتبة «أمير الأمراء (باشا)»، و«وسام الشرف السلطاني الرفيع من الدرجة الرابعة» في عام 1907.
أصيب العذل قبل ربع قرن بمرض التصلب اللويحي العضلي الجانبي، ففقد القدرة على الحركة والنطق، وبات يعتمد على جهاز تنفس صناعي، وأنبوب للتغذية موصول بالمعدة، ورغم ذلك، فإنه عمل بجد وكفاح، وأكمل ما بدأه في رحلة الدخول إلى عالم الأعمال والمال، فتمكن من بناء قاعدة استثمارية كبرى وأشرف على شركات عدة تمارس نشاطات متعددة رغم مرضه.
درس العذل حتى المرحلة الثانوية في معهد العاصمة بالرياض، وكان يسمَّى «معهد الأنجال»، وأكمل دراسته في جامعة بورتلاند بكلية هندسة ملتنوما، بالولايات المتحدة، وتخرج بدرجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية، وكانت رسالته الجامعية عن المفاعلات الذرية، وحصل على تقدير «امتياز»، كما حصل على شهادة في «تنظيم الوقت... الأهم ثمّ المهم»، في «مركز كوفي لتنمية المهارات القيادية»، ثم شهادة في «المتغيّرات والمبادئ المحورية القيادية في القرن الحادي والعشرين»، في «مركز فرنكلن كوفي»، ومن اللافت أنّه لم تكن لدراسته علاقة مباشرة بتوجهه الاستثماري والتّجاري، وإنّما وجود فرص استثمارية في السعودية في ذلك الوقت والتوجُّه العام ببناء ودفع العجلة الاقتصادية، كان له بالغ الأثر في توجهه التجاري آنذاك.
وفي لقاء أجرته مجلة «الرجل» قبل سنوات، قال العذل إنّ ما يشغل تفكيره هو «إيجاد سُبل لتطوير القطاع الصحي (الخاص) في السعودية، وتوفير الخدمات الصحية اللازمة لمحتاجيها في جميع أنحاء المملكة، وتحديداً الأمراض التي تحتاج إلى عناية خاصة»، مثل المرض الذي أصيب به (التصلب اللويحي العضلي الجانبي)، موجّهاً نصيحة للشباب في أولى درجات العمل بـ«الاستفادة من كل التسهيلات المقدمة لهم في بلادهم، والاجتهاد والمثابرة في العمل وتطوير أنفسهم، والاستفادة من كل السّبل المتاحة للإبداع، وأن يتحلّوا بالصبر، وألّا توقفهم الكبوات، بل يجب أن تكون حافزاً ودرساً يقوّيهم على النهوض مرة أخرى».
سلطان العذل نثر بذور الأمل... ورحل
«حفيد الباشا» وحّد بين معنى الحياة ولذّة المغامرة
سلطان العذل نثر بذور الأمل... ورحل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة