«روبرت كوخ»... من أيدي النازيين إلى صدارة المواجهة مع «كورونا»

مدخل معهد «روبرت كوخ» الألماني في برلين (أ.ف.ب)
مدخل معهد «روبرت كوخ» الألماني في برلين (أ.ف.ب)
TT

«روبرت كوخ»... من أيدي النازيين إلى صدارة المواجهة مع «كورونا»

مدخل معهد «روبرت كوخ» الألماني في برلين (أ.ف.ب)
مدخل معهد «روبرت كوخ» الألماني في برلين (أ.ف.ب)

بات اسم معهد «روبرت كوخ» في ألمانيا مرتبطاً بوباء كورونا المستجد، لدرجة أن شباناً منزعجين من إجراءات منع التجمعات والإقفال شبه الكامل، كتبوا على حائط في ميونيخ عبارات مسيئة بحقّه. فالإجراءات جميعها التي اتخذتها الحكومات المحلية والحكومة الفيدرالية في ألمانيا مستندة منذ بدء الأزمة على هذا المعهد، الذي تحول رئيسه لوثر فيلر إلى نجم في أزمة «كورونا»، ينتظر الألمان الاستماع إليه أكثر مما ينتظرون الاستماع للمستشارة أنجيلا ميركل نفسها.
يرتبط «روبرت كوخ» مباشرة بوزارة الصحة، ومهمّته مراقبة الأمراض الوبائية والمعدية في كل ألمانيا والخروج بتوصيات لمكافحتها. وفي الأوقات العادية، يجري أبحاثاً تتعلق بالصحة العامة للسكان ويرسم مخططات تتعلق بالوضع الصحي بشكل عام. ورغم أن معهد روبرت كوخ الذي يأخذ من العاصمة برلين مقرّاً له، بات أساسياً في ألمانيا اليوم لمكافحة فيروس كورونا، وتستند الحكومة على توصياته للخروج بسياساتها حول الوباء، فإن تاريخه لم يكن دائماً بهذه الإيجابية.
تأسس المعهد عام 1891، وأخذ اسمه من الطبيب الألماني وعالم الأحياء الدقيقة (ميكروبيولوجيا) الذي طور علاجاً لمرض السل، وحاز عام 1905 على جائزة نوبل في الطب. وترأس هذا الطبيب المعهد حتى عام 1904.
ولكن سمعة المعهد تدهورت بعد وصول أدولف هتلر إلى الحكم عام 1933. حيث أجبر العلماء اليهود فيه على المغادرة والاختباء، وفقد ثلثي موظفيه الأكاديميين وأوقفت المشاريع التي كان يعمل عليها. وتحول المعهد إلى أداة بيد النازيين لإجراء اختبارات طبية على السجناء وداخل المعسكرات النازية. وانضم رئيس المعهد آنذاك ومديرو كل الأقسام إلى الحزب النازي، وباتوا أعضاء فاعلين فيه.
ومن بين الاختبارات التي أجراها المعهد، اختبار كان مسؤولاً عنه كلاوس تشيلينغ رئيس قسم الطب الاستوائي في المعهد، حقن خلاله 1200 معتقل في معسكر «داخاو» بالملاريا لكي يجرب عليهم لقاحاً للملاريا. وتوفي نتيجة الاختبار قرابة الـ400 معتقل. وأجرى المعهد كذلك بالتعاون مع الـ«إس إس»، قوات الأمن الخاصة بهتلر، اختبارات على مرضى في مصحات عقلية. ويعتقد أن الآلاف قتلوا بسبب اختبارات بشرية أجراها المعهد أيام النازية.
واليوم، لا يخفي المعهد تاريخه الأسود هذا. بل يذكره على موقعه الإلكتروني، إلى جانب دراسة أجريت عن دوره في ظل النازية. وكشفت الدراسة التي نشرت عام 2008 عمق اختراق المعهد آنذاك من قبل النازيين، وأشارت إلى أنه لم يتم العثور على حالة واحدة أظهرت مقاومة للاختبارات البشرية التي كانت تُجرى، وهو ما كان يأمل المعهد في أن يعثر عليه من خلال تلك الدراسة. ويقول موقع المعهد عن تاريخه هذا: «الأعمال الشريرة لا يجب أن تنسى أبداً».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.