تفوّقت على سيارات السباق لهتلر ولكن من يملكها الآن؟

السيارة التي خاضت سباق «باو غراند بري» وفازت بالمليون فرنك فرنسي موجودة في إنغلوود بولاية نيو جيرسي (نيويورك تايمز)
السيارة التي خاضت سباق «باو غراند بري» وفازت بالمليون فرنك فرنسي موجودة في إنغلوود بولاية نيو جيرسي (نيويورك تايمز)
TT

تفوّقت على سيارات السباق لهتلر ولكن من يملكها الآن؟

السيارة التي خاضت سباق «باو غراند بري» وفازت بالمليون فرنك فرنسي موجودة في إنغلوود بولاية نيو جيرسي (نيويورك تايمز)
السيارة التي خاضت سباق «باو غراند بري» وفازت بالمليون فرنك فرنسي موجودة في إنغلوود بولاية نيو جيرسي (نيويورك تايمز)

تلطيفاً للقول، كان الثلاثة من المنهزمين!
كانت الأجواء كذلك في ثلاثينات القرن الماضي؛ حيث شركة صناعة السيارات الفرنسية «ديلاهاي» تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة. وعند المقارنة بفريق «مرسيدس بنز» وفريق «أوتو يونيون» الممولين بسخاء من حكومة الرايخ الثالث الألمانية، كانت مشاركات فريق «ديلاهاي» في منافسات السباق ينقصها التمويل الكافي والإمكانات اللازمة.
وبعد ذلك، وعلى غرار الأحوال الآن، لا يزال الرجال يهيمنون على مجريات سباقات السيارات، ولكن الوريثة الأميركية لوسي أوريلي شيل، يملكها شغف كبير حيالها، فضلاً عن حساب مصرفي ثقيل لدعمها.
وكان رينيه دريفوس، المتسابق الفرنسي اليهودي الذي حقق الانتصارات الكبيرة الباهرة، يفقد مزيداً من الفرص مع انتشار حملة معاداة السامية النازية في مختلف ربوع أوروبا.
بيد أن هذه العناصر غير المحتملة – والممولة من قبل السيدة شيل ذات العزم الشديد – قد شكلت فيما بينها فريقاً بارعاً لم يفز فقط بسباق المليون فرنك فرنسي لشركات صناعة السيارات الفرنسية في عام 1937، وإنما تغلب على سيارات أدولف هتلر الأكثر قوة وحداثة في سباق السيارات الكبير في العام التالي، الأمر الذي أعاد قدراً من الفخر الفرنسي ولو بصفة مؤقتة.
وجاء ذكر قصتهم في كتاب جديد بعنوان «الأسرع» من تأليف نيل باسكومب، الذي دلف فيه إلى حالة الغموض المستدامة: مَن يملك السيارة الفائزة اليوم من بين اثنين من كبار هواة الجمع الأميركيين؟
قال السيد باسكومب في مقابلة شخصية: «كانت لوسي شيل تعبر عن قوة من الطبيعة المطلقة، وكانت رفقة زوجها من أبرز وأفضل السائقين في رالي مونت كارلو. وكانت هي أول امرأة تمول تطوير فريق سباق الجائزة الكبرى الخاص بها في ثلاثينات القرن الماضي. وتصوروا ما الذي استلزمه ذلك الإنجاز الكبير».
واستعان فريق السباق الخاص بهما، وكان يُسمى فريق «إيكوري بلو»، بأربعة متسابقين فقط بسيارات طراز «ديلاهاي 145» في سباق الجائزة الكبرى. وكانت السيارات تعمل بمحرك «في 12» الجديد، سعة 4.5 لتر، وبقوة 245 حصاناً، وبهيكل من السبائك العملانية. تلك السيارة التي وصفها رينيه دريفوس في سيرته الذاتية بقوله: «إنها السيارة الأروع على الإطلاق التي رأيتها في حياتي».
ولم يكن من المتوقع لفريق «إيكوري بلو» الفوز في السباق، ولكنهم حققوا ذلك، وفازوا بجائزة المليون فرنك في عام 1937. وكانت شركات صناعة السيارات الفرنسية فقط هي المؤهلة، وفازت شركة «ديلاهاي» في تجارب السباق الموقوتة، بسيارة «145» الخفيفة، بتفوقها على «بوغاتي» (التي عانت من مشكلات ميكانيكية) وذلك في حلبة «أوتودروم دي ليناس مونتليري» خارج باريس.
وفي العام التالي، فاز الفريق نفسه، ومن المرجح بالسيارة نفسها، في سباق «باو غراند بري» على الحافة الشمالية لجبال البرانس، متغلباً في ذلك على المتسابقين الألمانيين المخضرمين: رودولف كاراتشيولا وهيرمان لانغ، في سيارة «مرسيدس بنز دبليو 154 سيلفر أرو» بقوة فاقت 400 حصان.
كانت الدورة الفرنسية ملتوية بدرجة تقاطعت مع ميزة القوة التي حظي بها الألمان. كذلك، كانت سيارتا «مرسيدس بنز» أقل كفاءة في استهلاك الوقود من سيارة «ديلاهاي»، الأمر الذي يعني التوقف المتكرر أثناء السباق. وعندما تعثر رودولف كاراتشيولا عند اللفة 52 من السباق، انتهز رينيه دريفوس زمام المبادرة، وفاز بالسباق بفارق دقيقتين تقريباً على السيارة «مرسيدس بنز».
وكتب السيد باسكومب عن الضجة العارمة التي انتابت فرنسا على الرغم من أنها كانت ضجة منقوصة لم يُكتب لها الاستمرار، إذ قال: «سيطرت السيارة (مرسيدس) على بقية الموسم في عام 1938 رغم كل شيء».
لكن دريفوس حاز لقب بطل سباق فرنسا. واستشاط هتلر غضباً لذلك، وأشيع وقتذاك أنه أرسل فريقاً إلى فرنسا للعثور على سيارة «ديلاهاي» الفائزة وتدميرها.
وجرى اختيار الكتاب ليتحول إلى فيلم، وهو من القراءات السينمائية الجديرة بالاستحقاق، ولقد جرى إنتاجه على هذا النحو بإضافة لمحات عصرية عليه. توجد سيارات «ديلاهاي 145» الأربع جميعها في الولايات المتحدة، ثلاث منها في ولاية كاليفورنيا مملوكة لبيتر مولين، وهو من أبرز هواة جمع السيارات الفرنسية القديمة؛ لكن السيارة الرابعة التي خاضت سباق «باو غراند بري» وفازت بالمليون فرنك فرنسي، موجودة في إنغلوود بولاية نيوجيرسي، وهي من ممتلكات جامع مماثل للسيارات الفرنسية يحظى بالاحترام والتقدير، يدعى سام مان.
من شأن تاريخ سباق السيارات، مع التبادلات المتكررة للأجزاء وحتى الأجساد، أن يثير كثيراً من الحيرة. والسيد مولين على قناعة بأنه يملك السيارة الفائزة، ولذلك فلقد جمع كثيراً من الوثائق. ولم يكن لدى السيد مان سيارة واحدة، وإنما اثنتان من الفئة نفسها، وهو يعتقد أن هيكل السيارة ينتمي إلى الفائز في السباق الفرنسي، ولكن بهيكل «كابريوليه» أنيق للغاية من طراز رفيع من تصميم «فراناي»، شركة صناعة هياكل السيارات الفرنسية المعروفة، وهيكل السيارة «ديلاهاي 135 إم» الحديث نسبياً الذي كان منتمياً إلى سيارة أخرى.
وليس هناك مجال للنزاع: ففي عام 1987، قاد رينيه دريفوس سيارته إلى حلبة «مونتليري» للاحتفال بالذكرى الخمسين للسباق الشهير. وتم نقل جسم السيارة المملوك لمالك سابق، إلى هيكل السيارة «135» بعد شراء السيد مان للسيارة في عام 1997. واستكمالاً لعملية التبادل، أعاد السيد مان هيكل السيارة «الكابريوليه» إلى الموديل «ديلاهاي 145».
وفي نيوجيرسي، رفع السيد مان غطاء السيارة الأمامي وأظهر المحرك «في 12» الذي يعتقد بأنه قاد رينيه دريفوس إلى الفوز بالسباق. ومع بدء تشغيل السيارة وإخراجها من مكانها القديم، لم تبدُ السيارة في أناقتها ورونقها القديم، مع كثير من الضجيج والفرقعة والدخان والرائحة المنبعثة منها.
تحدث السيد مولين عن أصل سيارته الأول، مع الهيكل الذي يحمل رقم 48.711، في مقابلة شخصية أخيرة. وهناك كثير في كتاب متحف مولين للسيارات الذي يحمل عنوان «المنحنيات الفرنسية»، وهو من تأليف ريتشارد أداتو، عضو مجلس إدارة المتحف.
ومن المفهوم أنها حكاية من الحكايات المعقدة، ولكن السيد مولين قال إن السيارة كانت مدفونة في فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية، ثم دخلت حلبة سباق «مونتليري» بعد ذلك، ثم انتقلت إلى قصر المالك. وكانت تلك هي السيارة التي فازت بسباق المليون فرنك فرنسي، مما جرى تأكيده بصورة لا لبس فيها من قبل وزارة المناجم في فرنسا بعد شرائها في عام 1987. وتفيد وثيقة مكتوبة بخط اليد من تلك الوزارة، بعد اختبار السيارة في حلبة «مونتليري» بأن السيارة التي خضعت للاختبار تحمل الهيكل والمحرك رقم 48.711.
دفع السيد مولين مبلغ 150 ألف دولار لشراء السيارة كاملة، مع فقدان الجزء الأمامي من هيكل السيارة، وتمكن من استعادته في المملكة المتحدة على مدى أربع سنوات كاملة، وقال عن ذلك: «إنها متوازنة للغاية الآن، وهي من أحلام القيادة لكل عشاق السيارات».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

الاقتصاد سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

قال نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي، وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة عالمية إستيبان أوكون (أ.ب)

«فورمولا 1»: أوكون سيقود فريق هاس الموسم المقبل

قال فريق هاس المنافس في بطولة العالم لسباقات «فورمولا 1» للسيارات، اليوم (الخميس)، إن الفرنسي استيبان أوكون سيقود له لعدة سنوات مقبلة، بداية من الموسم المقبل.

«الشرق الأوسط» (سبا فرانكورشان)
رياضة عالمية ماكس فيرستابن (أ.ب)

جائزة بلجيكا الكبرى: فيرستابن للعودة إلى سكة الانتصارات

يأمل الهولندي ماكس فيرستابن بطل العالم ثلاث مرات في وضع حد لإخفاقاته بالسباقات الثلاثة الماضية والعودة إلى سكة الانتصارات بمواجهة تهديد ماكلارين المتفوق.

«الشرق الأوسط» (سبا فرنكورشان)
الاقتصاد شركة «بي واي دي» الصينية للسيارات الكهربائية في تايلاند (رويترز)

«بي واي دي» تزيد هيمنتها على أسواق جنوب شرق آسيا

أظهرت بيانات حكومية أن شركة «بي واي دي» الصينية وسّعت الفارق في مبيعاتها عن «تسلا» في سنغافورة في النصف الأول من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق السيارات لا تحتوي في الواقع على موازين حرارة مدمجة فيها (رويترز)

لماذا يجب عليك عدم الوثوق بميزان حرارة سيارتك؟

إذا كنت في سيارتك وتريد أن تعرف مدى سخونة الجو فلا تعتمد على دقة ميزان الحرارة في المركبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».